الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعُبَّادِهم وَأَعيَانهِم، شَيَّعَ جِنَازَته خلقٌ عَظِيْم.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة بِبَغْدَادَ.
فَأَمَّا مَا زَعمه مِنْ حَدَثِ القُرْآن، فَإِن عَنَى بِهِ خَلْقَ القُرْآن، فَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ جَهْمِيٌّ، وَإِن عَنَى بِحُدُوثِهِ إِنزَاله إِلَى الأُمَّة عَلَى لِسَانِ نَبيِّهَا صلى الله عليه وسلم وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَلَامُ الله لَيْسَ بِمَخْلُوْق، فَلَابَأْس بِقَوْله، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{مَا يَأْتيهم مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبّهم مُحْدَثٍ إِلَاّ اسْتمعُوْهُ وَهُمْ يَلعبُوْنَ} [الأَنْبِيَاء:2] .
أَي مُحْدث الإِنزَال إِلَيْهِم.
77 - البسْطَامِيُّ أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ وَمُحتشِمُهُم، أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ ابْنُ الإِمَامِ جَمَالِ الإِسْلَامِ المُوَفْقِ هِبَةِ اللهِ ابْنِ العَلَاّمَةِ المُصَنِّفِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ البِسْطَامِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، زَينُ أَهْلِ الحَدِيْثِ.
انْتَهَت إِلَيْهِ زعَامَةُ الشَّافِعِيَّة بَعْد أَبِيْهِ، وَكَانَ مدرساً رَئِيْساً، ذكيّاً، وَقُوْراً، قَلِيْلَ الكَلَام، مَاتَ شَابّاً عَنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِيْنَ سَنَةً.
سَمِعَ مِنَ: النَّصْرويِي، وَأَبِي حَسَّانٍ المُزَكِّي.
وَكَانَتْ دَارُه مجمعَ العُلَمَاء، وَاحتفَّ بِهِ الفُقَهَاء رعَايَةً لأُبُوَّته، وَظهر لَهُ القبولُ، وَشدّ مِنْهُ القُشَيْرِيّ (1) ، وَظهر لَهُ خصومٌ وَحُسَّاد، وحرَّفُوا عَنْهُ
(*) منتخب السياق: 19، طبقات السبكي 4 / 208 - 210 و3 / 390 - 393، طبقات الاسنوي 1 / 226، والبسطامي: بفتح الباء كما في الأصل و" الأنساب " نسبة إلى بسطام: بلدة بقومس.
وأما البسطامي، بكسر الباء فهي نسبة إلى الجد بسطام كما في " الأنساب " و" المشتبة " وجزم ابن الأثير بأن الصواب الكسر مطلقا سواء أكان نسبة إلى البلد أم إلى الجد.
انظر " اللباب " 1 / 152 - 153.
(1)
هو أبو القاسم القشيري، وسترد ترجمته برقم (109) .
السُّلْطَان، وَنِيلَ مِنَ الأَشعرِيَّة، وَمُنِعُوا مِنَ الْوَعْظ، وَعُزِلُوا مِنْ خَطَابَة نَيْسَابُوْر، وَقَوِيَتِ المُعْتَزِلَةُ وَالشِّيْعَةُ، وَآل الأَمْرُ إِلَى تَوظيف اللَّعْنِ فِي الجُمَعِ، ثُمَّ تَعدَى اللَّعْنُ إِلَى طوَائِفَ، وَهَاجتْ فِتْنَةٌ بِخُرَاسَانَ حَتَّى سُجِنَ القُشَيْرِيّ، وَالرَئِيْسُ الفُرَاتِي، وَإِمَامُ الحَرَمَيْنِ، وَأَبُو سَهْلٍ هَذَا، وَأُمِرَ بِنَفْيِهِمْ، فَاخْتَفَى الجُوَيْنِيّ، وَفَرَّ إِلَى الحِجَاز مِنْ طرِيقِ كَرْمَان، فَتَهَيَّأَ أَبُو سَهْلٍ، وَجَمَعَ أَعْوَاناً وَمُقَاتلَةً، وَالتقَى فِي البَلَد هُوَ وأَمِيْرُ البَلَد، فَانْتصر أَبُو سَهْلٍ، وَجُرِحَ الأَمِيْرُ، وَعَظُمَتِ المِحنَةُ، وَبَادر أَبُو سَهْلٍ إِلَى السُّلْطَانِ، فَأُخِذَ، وَحُبس أَشْهُراً، وَصُودر، وَأُخِذَت ضيَاعُه، ثُمَّ أُطلق، فَحَجَّ، ثُمَّ عَظُمَ بَعْد عِنْد أَلب آرسلَان (1) ، وَهَمَّ بِأَنْ يَسْتَوزره، فَقُصِدَ وَاغتِيل إِلَى رَحْمَة الله فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، وَأَظهر عَلَيْهِ أَهْلُ نَيْسَابُوْر مِنَ الْجزع مَا لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَنَدَبَتْهُ النَّوَائِحُ مُدَّة، وَأُنشدت مرَاثيه فِي الأَسواقِ (2) .
وَقِيْلَ: بَلْ بعثَه السُّلْطَانُ رَسُوْلاً إِلَى بَغْدَادَ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيْق، وَخلَّفَ دُنْيَا وَاسِعَة.
(1) سترد ترجمته برقم (210) في هذا الجزء.
(2)
انظر خبر هذه الفتنة في " طبقات " السبكي 3 / 389 - 393 و4 / 209 - 210.