الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ:
أَنَّ أَبَا حَليمَة مُعَاذاً كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي القُنُوت (1) .
260 - شَيْخُ الإِسْلَامِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَرَوِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ جَعْفَرِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ متّ الأَنْصَارِيُّ الهَرَوِيُّ، مصَنِّفُ كِتَاب (ذَمِّ الكَلَامِ) ، وَشيخُ خُرَاسَان مِنْ ذُرِّيَّة صَاحِب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَبِي أَيُّوْبُ الأَنْصَارِيِّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ (2) وَتِسْعِيْنَ وَثَلَاثِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: عبدِ الجَبَّار بنِ مُحَمَّدٍ الجَرَّاحِيّ (جَامِع أَبِي عِيْسَى) كُلَّه أَوْ
(1) إسناده صحيح، عبد الله بن الحارث: هو الأنصاري البصري أبو الوليد نسيب ابن سيرين روى حديثه الستة، وأبو حليمة: هو معاذ بن الحارث الأنصاري المزني المعروف بالقارئ له صحبة شهد غزوة الخندق، وقيل: إنه لم يدرك من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ست سنين وهو الذي أقامه عمر بن الخطاب فيمن أقام في شهر رمضان ليصلي بالناس التراويح، وكان ممن شهد الجسر مع أبي عبيد الثقفي، ففر حين فروا، فقال عمر: أنا لهم فئة، والخبر في فضل الصلاة على النبي رقم (107) لاسماعيل القاضي، وهو في " قيام الليل " ص 36 لابن نصر.
وقوله: " في القوت " أي: في قنوت الوتر.
(*) دمية القصر 2 / 888، طبقات الحنابلة 2 / 247 - 248، المنتظم 9 / 44 - 45، الكامل 10 / 168 - 169، دول الإسلام 2 / 10، العبر 3 / 297 - 298، تذكرة الحفاظ 3 / 1183 - 1191، البداية والنهاية 12 / 135، النجوم الزاهرة 5 / 127، طبقات الحفاظ: 441 - 442، طبقات المفسرين للسيوطي: 25، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 249 - 250، طبقات المفسرين للادنه وي 35 / ب، تاريخ الخميس 2 / 360، كشف الظنون 1 / 56، 420، 828، و2 / 1828، 1836، شذرات الذهب 3 / 365 - 366، إيضاح المكنون 1 / 310 و2 / 118، هدية العارفين 1 / 452 - 453، الرسالة المستطرفة: 45، وانظر طبقات السبكي 4 / 272 - 273 حيث ذكره في ترجمة أبي عثمان الصابوني.
(2)
في " المنتظم ": سنة خمس وتسعين.
أَكْثَره، وَالقَاضِي أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الجَارُوْديّ الحَافِظ، وَأَبِي سَعِيْدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ السَّرْخَسِيّ، خَاتمَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ القُرَشِيّ، وَأَبِي الفوَارس أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحُويِّص البُوْشَنْجِيّ الوَاعِظ، وَأَبِي الطَّاهِر أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ الضَّبِّيّ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ البَزَّاز - لقِي أَبَا بَحْرٍ البَرْبَهَارِيّ - وَأَبِي عَاصِمٍ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدٍ المَزِيْدِيّ (1) ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ مَنْجُوَيْه الأَصْبَهَانِيّ الحَافِظ، وَأَبِي سَعِيْدٍ مُحَمَّدِ بن مُوْسَى الصَّيْرَفِيّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ مَنْصُوْرِ بن الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المفسّر، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ السَّلِيْطِي وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن الحَسَنِ الحِيْرِيّ لَكنه لَمْ يَرْوِ عَنْهُ، وَمُحَمَّدِ بنِ جبرَائِيْلَ بن مَاحِي، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ العَالِي، وَعُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الهَرَوِيّ، وَعَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، وَالحُسَيْنِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ، وَيَحْيَى بن عَمَّارٍ بن يَحْيَى الوَاعِظ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الشيرَازِيّ لَقِيَهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ القَرَّابِ الحَافِظ إِسْحَاقَ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاق، وَسَعِيْدِ بن العَبَّاسِ القُرَشِيّ، وَغَالِبِ بنِ عَلِيِّ بنِ
مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بن المُنْتَصِر البَاهِلِيّ المُعَدَّل، وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيّ الصَّغِيْر، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البَاشَانِيّ، صَاحِبِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسين، وَمَنْصُوْرِ بنِ رَامشٍ - قَدِمَ عَلَيْنَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة - وَأَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمْدِين، وَالحُسَيْنِ بن إِسْحَاقَ الصَّائِغ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المُزَكِّي، وَعَلِيِّ بن بُشرَى اللَّيْثِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بن يَزِيْدَ، وَأَبِي صَادِقٍ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ
(1) بفتح الميم وكسر الزاي نسبة إلى مزيد جده. انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1355.
مَحْمُوْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَمِيَرْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُجَاشِع، وَمُحَمَّدِ بن الفَضْلِ الطَّاقِي الزَّاهِد، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ، وَمِنْ أَقدَمِ شَيْخٍ لَهُ الجَرَّاحِيّ، سَمِعَ مِنْهُ فِي حُدُوْدِ سَنَة عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيّ بِالإِجَازَة.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ أَكْثَر مِنْ أَصْحَابِ أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُؤْتَمَنُ السَّاجِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَطَاءٍ الإِبْرَاهِيْمِيُّ، وَعبدُ الصّبور بنُ عَبْدِ السَّلَام الهَرَوِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الْملك الكَرُوخِيّ، وَحَنْبَلُ بنُ عَلِيٍّ البُخَارِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفَامِيّ، وَعبدُ الجَلِيْل بنُ أَبِي سَعْدٍ المُعَدَّل، وَأَبُو الوَقْتِ عبدُ الأَوّل السِّجْزِيّ خَادِمُه، وَآخَرُوْنَ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ سَيَّار، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَة.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ المُؤتَمَنَ السَّاجِيَّ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيّ، فَقَالَ:
كَانَ آيَةً فِي لِسَانِ التذكيرِ وَالتَّصُوْف، مِنْ سلَاطين العُلَمَاء، سَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بن مُحَمَّدٍ الخَلَاّل، وَغَيْرهُ.
يَرْوِي فِي مَجَالِس وَعظِهِ الأَحَادِيْثَ بِالإِسْنَادِ، وَيَنَهَى عَنْ تَعليقهَا عَنْهُ.
قَالَ: وَكَانَ بارعاً فِي اللُّغَة، حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ كِتَاب (ذَمِّ الكَلَامِ) ، رَوَى فِيْهِ حَدِيْثاً، عَنْ عَلِيّ بن بُشرَى، عَنِ ابْنِ مَنْدَة، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَرْزُوْق.
فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا هَكَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ، وَابْن مَرْزُوْق هُوَ شَيْخُ الأَصَمِّ وَطَبَقَتِهِ، وَهُوَ إِلَى الآنَ فِي كِتَابِهِ عَلَى الخطَأَ.
قُلْتُ: نَعم: وَكَذَا أَسقط رَجُلَيْنِ مِنْ حَدِيْثَيْنِ خَرَّجهُمَا مِنْ (جَامِع
التِّرْمِذِيّ) ، نبَّهتُ عَلَيْهِمَا فِي نسختِي، وَهِيَ عَلَى الخطَأَ فِي غَيْر نسخَة (1) .
قَالَ المُؤتمن: كَانَ يَدخلُ عَلَى الأُمَرَاء وَالجبَابرَة، فَمَا يُبالِي، وَيَرَى الغَرِيْبَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ، فَيُبَالِغُ فِي إِكرَامه، قَالَ لِي مرَّةً:
هَذَا الشَّأْنُ شَأْنُ منْ لَيْسَ لَهُ شَأْنٌ سِوَى هَذَا الشَّأْنِ - يَعْنِي: طلب الحَدِيْث - وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: تركتُ الحِيْرِيَّ (2) للهِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا تَركه، لأَنَّه سَمِعَ مِنْهُ شَيْئاً يُخَالِف السُّنَّة (3) .
قُلْتُ: كَانَ يَدْرِي الكَلَام عَلَى رَأْي الأَشْعَرِيِّ، وَكَانَ شَيْخُ الإِسْلَامِ أَثرِيّاً قُحّاً، يَنَالُ مِنَ المُتَكَلِّمَة، فَلِهَذَا أَعرضَ عَنِ الحِيْرِيِّ، وَالحِيْرِيُّ: فَثِقَةٌ عَالِم، أَكْثَر عَنْهُ البَيْهَقِيّ وَالنَّاس.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الكُتُبِيّ: خَرَجَ شَيْخُ الإِسْلَامِ لجَمَاعَةٍ الفَوَائِدَ بخطِّه إِلَى أَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكَانَ يَأْمرُ فِيمَا يُخْرِّجه لمَنْ يَكتب، وَيَصحِّحُ هُوَ، وَقَدْ تَوَاضع بِأَنَّ خَرَّجَ لِي فَوَائِد، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ خَرَّج لَهُ سوَاي (4) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيْل الأَنْصَارِيّ يَقُوْلُ:
إِذَا ذكرتُ التَّفْسِيْر، فَإِنَّمَا أَذْكُره مِنْ مائَة وَسَبْعَةِ تَفَاسير.
وَسَمِعته يُنشِدُ عَلَى مِنْبَره:
أَنَا حَنْبَلِي مَا حَييْتُ وَإِنْ أَمُتْ
…
فَوَصِيَّتِي لِلنَّاسِ أَنْ يَتَحَنْبَلُوا (5)
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1185، 1186.
(2)
يعني أبا بكر أحمد بن الحسن الحيري، وقد ذكره المؤلف في عداد من سمع منهم، وقال: لكنه لم يرو عنه.
(3)
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1186.
(4)
الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186، وفيه: ولم يبق أحد ممن خرج لي سواه. وهو خطأ واضح.
(5)
البيت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186.
وأبو عبد الله البوشنجي قال في الشافعي كما ورد في ترجمته في الجزء العاشر ص 73: وإني حياتي شافعي وإن أمت * فتوصيتي بعدي بأن يتشفعوا =
قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ فِي قَصِيدَته النونِيَّة الَّتِي أَوَّلهَا:
نَزَلَ المَشِيْبُ بِلَمَّتِي فَأَرَانِي
…
نُقْصَانَ دَهْرٍ طَالَما أَرْهَانِي (1)
أَنَا حَنْبَلِيٌّ مَا حَييتُ وَإِنْ أَمُتْ
…
فَوَصِيَّتِي ذَاكُمْ إِلَى الإِخْوَانِ (2)
إِذْ دِيْنُهُ دِيْنِي وَدِيْنِي دِيْنُهُ
…
مَا كُنْتُ إِمَّعَةً لَهُ دِيْنَانِ (3)
قَالَ ابْنُ طَاهِر: وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: قصدتُ أَبَا الحَسَنِ الخَرَقَانِيّ الصُّوْفِيّ، ثُمَّ عزمتُ عَلَى الرُّجُوْع، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ أَقصدَ أَبَا حَاتِمٍ بنَ خَاموش الحَافِظَ بِالرَّيّ، وَأَلتقيه - وَكَانَ مُقَدَّم أَهْلِ السّنَّة بِالرَّيّ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَان مَحْمُوْدَ بنَ سُبُكْتِكِينَ لَمَّا دَخَلَ الرَّيّ، وَقُتِلَ بِهَا البَاطِنِيَّة، منعَ الكُلَّ مِنَ الْوَعْظ غَيْرَ أَبِي حَاتِمٍ، وَكَانَ مَنْ دَخَلَ الرَّيّ يَعرضُ عَلَيْهِ اعْتِقَادَه، فَإِنَّ رضيَه، أَذن لَهُ فِي الكَلَام عَلَى النَّاسِ، وَإِلَاّ فَمنعه - قَالَ: فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنَ الرَّيّ؛ كَانَ مَعِي رَجُلٌ فِي الطَّرِيْق مِنْ أَهْلهَا، فَسَأَلنِي عَنْ مَذْهَبِي، فَقُلْتُ: حَنْبَلِيّ، فَقَالَ: مَذْهَبٌ مَا سَمِعْتُ بِهِ! وَهَذِهِ بِدعَة.
وَأَخَذَ بِثَوْبِي، وَقَالَ: لَا أَفَارقُك إِلَى الشَّيْخ أَبِي حَاتِمٍ.
فَقُلْتُ: خِيْرَة (4) ، فَذَهَبَ بِي إِلَى دَارِهِ، وَكَانَ لَهُ ذَلِكَ
= وأما القاضي عياض، فيقول في الامام مالك بن أنس كما في ترجمته، في الجزء الثامن رقم (10) :
ومالك المرتضى لا شك أفضلهم * إمام دار الهدى والوحي والسنن
وأما أبو حنيفة فقد قال بعضهم في مذهبه:
فلعنة ربنا أعداد رمل * على من رد قول أبي حنيفة
فانظر ما يقوله كل تابع لامام من الأئمة في حق إمامه! ! والحق الذي يجب أن يكون عليه المسلم أن يوالي الجميع، ويشيد بفضلهم، ولا يعتقد العصمة فيهم، ولا يتخذ من تقليده لواحد منهم وسيلة للتعصب، أو الإفراط في الحب الذي ينحرف به عن الصواب.
(1)
قال في " اللسان ": أرهى على نفسه: رفق بها وسكنها، والامر منه: أره على نفسك، أي أرفق بها.
(2)
في " طبقات الحنابلة ": إلى إخواني.
(3)
البيتان الاخيران من هذه الثلاثة في " طبقات الحنابلة " 2 / 248.
(4)
تصحفت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187 إلى " حيرة " بالحاء المهملة.
اليَوْم مَجْلِسٌ عَظِيْم، فَقَالَ: هَذَا سَأَلتُه عَنْ مَذْهَبه، فَذَكَر مَذْهَباً لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَطُّ.
قَالَ: وَمَا قَالَ؟
فَقَالَ: قَالَ: أَنَا حَنْبَلِيّ.
فَقَالَ: دَعْهُ، فُكُلُّ مِنْ لَمْ يَكُنْ حَنْبَليّاً، فَلَيْسَ بِمُسْلِم.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: الرَّجُل كَمَا وُصِفَ لِي.
وَلزمتُه أَيَّاماً، وَانْصَرَفتُ (1) .
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ فِي (ذَمِّ الكَلَامِ) ، فِي أَوله عقيبَ حَدِيْث {اليَوْمَ
(1) في حاشية الأصل بخط مغاير ما نصه: أخطأ هذا القائل قطعا، والمقول له في تصويبه ذلك.
وكذلك المادح له، بل لو قيل: إن قائل هذه المقالة يكفر بها لم يبعد، لأنه نفى الإسلام عن عالم عظيم من هذه الأمة، ليسوا بحنابلة، بل هم الجمهور الأعظم، ولقد بالغ المصنف في هذا الكتاب في تعظيم رؤوس التجسيم، وسياق مناقبهم، والتغافل عن بدعهم، بل يعدها سنة، ويهضم جانب أهل التنزيه، ويعرض بهم أو يصرح، ويتغافل عن محاسنهم العظيمة، وآثارهم في الدين، كما فعل في ترجمة إمام الحرمين والغزالي، والله حسيبه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال شعيب: يلمح القارئ من سطور هذا التعليق أن قائله أشعري جلد حاقد على الامام الذهبي رحمه الله فإنه ينعته بما هو برئ منه ويقوله ما لم يقل: فالخبر الذي أورده رحمه الله في هذه الترجمة لم يمر عليه دون أن ينتقد قائله ويبين وهاءه فقد وصف قائله فيما بعد باليبس وزعارة العجم ثم قال: وما قاله فمحل نظر.
أما قوله: إنه يبالغ في تعظيم رؤوس المجسمة ويكثر من سرد مناقبهم ويتغافل عن بدعهم ويعتدها سنة
…
فقول في غاية السقوط وجرأة بالغة في تزوير الحقائق، فالذهبي رحمه الله إنما يعظم رؤوس أهل السنة والجماعة الذين اتخذوا مذهب السلف الصالح المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق والمصدوق قدوة في صفات الله سبحانه فآمنوا بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وأجروا تلك الصفات على ظاهرها اللائقة بجلال الله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل كما نطق بذلك القرآن (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فهؤلاء هم الذين يمتدحهم المؤلف رحمه الله ويسرد مناقبهم ويعدد مآثرهم ويشيد بفضلهم ليتخذهم أهل العلم قدوة.
فهل يعد هؤلاء من رؤوس المجسمة سبحانك هذا بهتان عظيم.
وفي مواضع كثيرة من كتابه تجد النقد القوي الرصين المقرون بقوة الحجاج وملازمة الإنصاف لكل قول يتبين له خطؤه ومجافاته لمذهب السلف كائنا من كان ذلك القائل من غير محاباة ولا مواربة، ففي هذه الترجمة ينتقد أبا إسماعيل فيذكر أن في كتابه منازل السائرين أشياء مشكلة مع أنه من مثبتي
الصفات وانظر ص 286، 287 من ترجمة الامام أحمد في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب، ويغلب على ظني أن صاحب هذا التعليق يخيل إليه أن مذهب السلف في الصفات يفضي إلى التجسيم وهذا ما دعاه إلى كتابة هذا التعليق الاثيم.
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُم} [المَائِدَة:3]، وَنزولهَا بِعَرَفَةَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّاز الفَقِيْه الحَنْبَلِيّ الرَّازِيّ فِي دَارِهِ بِالرَّيّ يَقُوْلُ:
كُلُّ مَا أُحْدِثَ بَعْد نُزول هَذِهِ الآيَة فَهُوَ فَضْلَةٌ وَزِيَادَة وَبِدْعَة.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ خَاموش صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاع، وَفِيْهِ يُبس وَزعَارَة العَجَم، وَمَا قَالَهُ، فَمحَلُّ نَظَرٍ.
وَلَقَدْ بِالغ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ فِي (ذَمِّ الكَلَامِ) عَلَى الَاتِّبَاع فَأَجَاد، وَلَكِنَّهُ لَهُ نَفْس عَجِيْب لَا يُشْبِهُ نَفَسَ أَئِمَّة السَّلَف فِي كِتَابِهِ (مَنَازِل السَّائِرِيْنَ (1)) ، فَفِيْهِ أَشيَاءُ مُطْرِبَة، وَفِيْهِ أَشيَاءُ مُشكلَة، وَمَنْ تَأَمَّلَه لَاح لَهُ مَا أَشرتُ إِلَيْهِ، وَالسُّنَّة المحمديَّة صَلِفَة، وَلَا يَنْهَضُ الذّوقُ وَالوَجْدُ إِلَاّ عَلَى تَأَسيسِ الكِتَاب وَالسّنَّة.
وَقَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ سَيْفاً مسلَوْلاً عَلَى المُتَكَلِّمِين، لَهُ صَوْلَةٌ وَهَيْبَةٌ وَاسْتيلَاءٌ عَلَى النُّفُوْس بِبلده، يُعظّمونه، وَيَتغَالَوْنَ فِيْهِ، وَيبذلُوْنَ أَرْوَاحهم فِيمَا يَأْمر بِهِ.
كَانَ عِنْدَهم أَطوعَ وَأَرْفَعَ مِنَ السُّلْطَان بكَثِيْرٍ، وَكَانَ طَوْداً رَاسياً فِي السّنَّةِ لَا يَتزلزلُ وَلَا يَلين، لَوْلَا مَا كَدَّر كِتَابهُ (الفَارُوْق فِي الصِّفَات) بِذكر أَحَادِيْث بَاطِلَةٍ يَجِبُ بيَانُهَا وَهَتْكُهَا، وَاللهُ يغفِرُ لَهُ بحُسْنِ قصدهُ، وَصَنَّفَ (الأَرْبَعِيْنَ) فِي التَّوحيد، وَ (أَرْبَعِيْنَ) فِي السُّنَّةِ، وَقَدِ امتُحِنَ مَرَّات، وَأُوذِي، وَنُفِي مِنْ بَلَده.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: عُرضتُ عَلَى السَّيْف خَمْسَ مَرَّات، لَا يُقَالَ لِي: ارْجِع عَنْ مَذْهَبك.
لَكِن يُقَالَ لِي: اسْكُتْ عَمَّنْ خَالفك.
فَأَقُوْلُ: لَا أَسكُتُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَحْفَظُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلف حَدِيْثٍ أَسرُدهَا سرداً (2) .
(1) وقد طبع كتاب " منازل السائرين " مع شرحه " مدراج السالكين " للعلامة ابن القيم بمطبعة السعادة بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، وقد تعقب الامام ابن القيم رحمه الله في شرحه هذا الاشياء المشكلة، وانتقدها انتقادا جيدا رصينا كما هو دأبه رحمه الله في كل تواليفه.
(2)
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1184.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيّ: كَانَ شَيْخُ الإِسْلَامِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ بِكْر الزَّمَان، وَوَاسطَةَ عِقد المَعَانِي، وَصُوْرَةَ الإِقبال فِي فُنُوْن الفضَائِل وَأَنْوَاعِ المَحَاسِن، مِنْهَا نُصْرَةُ الدِّيْنِ وَالسُّنَّة، مِنْ غَيْرِ مُدَاهنَة وَلَا مرَاقبَةٍ لسُلْطَان وَلَا وَزِيْر، وَقَدْ قَاسَى بِذَلِكَ قصدَ الحُسَّاد فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَسعُوا فِي رُوحه مِرَاراً، وَعمدُوا إِلَى إِهَلَاكه أَطوَاراً، فَوْقَاهُ اللهُ شَرَّهُم، وَجَعَلَ قَصدهمْ أَقوَى سَبَبٍ لارتفَاع شَأْنه (1) .
قُلْتُ: قَدِ انْتفع بِهِ خَلْقٌ، وَجَهِلَ آخرُوْنَ، فَإِنَّ طَائِفَةً مِنْ صُوْفَة الفلسفَة وَالَاتحَاد يَخضعُوْنَ لَكَلَامه فِي (مَنَازِل السَّائِرِيْنَ) ، وَيَنْتَحِلُونه، وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ مُوَافِقهم.
كلَا، بَلْ هُوَ رَجُلٌ أَثرِيٌّ، لَهِجٌ بِإِثْبَات نُصوص الصِّفَات، مُنَافِرٌ لِلْكَلَامِ وَأَهْلِهِ جِدّاً (2) ، وَفِي (مَنَازِله (3)) إِشَارَاتٌ إِلَى الْمَحْو وَالفنَاء، وَإِنَّمَا مُرَادُه بِذَلِكَ الفَنَاءِ هُوَ الغَيْبَةُ عَنْ شُهُوْد السِّوَى، وَلَمْ يُرِدْ مَحْوَ السِّوَى فِي الخَارِج، وَيَا ليتَه لَا صَنَّف ذَلِكَ، فَمَا أَحلَى تَصُوفَ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِيْنَ! مَا خَاضُوا فِي هَذِهِ الخَطَرَاتِ وَالوسَاوِسِ، بَلْ عبدُوا اللهَ، وَذَلُّوا لَهُ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ، وَهم مِنْ خَشيته مُشفقُوْنَ، وَلأَعدَائِهِ مُجَاهِدُوْنَ، وَفِي الطَّاعَة مُسَارعُوْنَ، وَعَنِ اللَّغو مُعرضون، وَاللهُ يَهدي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صرَاط مُسْتَقِيْم.
وَقَدْ جمع هَذَا سيرَةً لِلإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مُجَلَّد، سمِعنَاهَا مِنْ أَبِي حَفْصٍ ابْنِ القوَّاس بِإِجَازته مِنَ الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا الكَرُوخِيّ، أَخْبَرَنَا المُؤَلّف.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: حَكَى لِي أَصْحَابُنَا أَنَّ السُّلْطَان أَلب آرسلَان قَدِمَ هَرَاةَ
(1) المصدر السابق.
(2)
جاء في الحاشية بخط مغاير ما نصه: بل في كلامه صريح الاتحاد، لا سيما في الابيات الثلاثة التي ختم بها الكتاب، والرجل منحرف عن السنة في الطرفين عفا الله عنه.
(3)
إي كتابه: " منازل السائرين ".
وَمَعَهُ وَزِيْرُهُ نِظَامُ المُلك، فَاجتمع إِلَيْهِ أَئِمَّةُ الحَنَفِيَّة وَأَئِمَّةُ الشَّافِعِيَّة لِلشكوَى مِنَ الأَنْصَارِيّ، وَمُطَالبَتِه، بِالمُنَاظرَة، فَاسْتدَعَاهُ الوَزِيْرُ، فَلَمَّا حضَر، قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدِ اجْتَمَعُوا لمنَاظرتك، فَإِنْ يَكُنِ الحَقُّ مَعَكَ؛ رَجَعُوا إِلَى مَذْهَبِكَ، وَإِنْ يَكُن الحَقُّ مَعَهم؛ رَجَعتَ أَوْ تسكتَ عَنْهُم.
فَوَثَبَ الأَنْصَارِيّ، وَقَالَ: أُنَاظِرُ عَلَى مَا فِي كُمِّي.
قَالَ: وَمَا فِي كُمِّكَ؟
قَالَ: كِتَابُ اللهِ.
- وَأَشَارَ إِلَى كُمِّهِ اليَمِين - وَسُنَّةُ رَسُوْلِ اللهِ - وَأَشَارَ إِلَى كَمّه اليَسَار - وَكَانَ فِيْهِ (الصَّحيحَان) .
فَنَظَرَ الوَزِيْرُ إِلَيْهِم مُسْتفهمَاتهم (1) ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِم مِنْ نَاظَرَهُ مِنْ هَذَا الطَّرِيْق (2) .
وَسَمِعْتُ خَادِمَه أَحْمَد بن أَمِيْرجه يَقُوْلُ: حضَرتُ مَعَ الشَّيْخ لِلسّلَام عَلَى الوَزِيْر نِظَام المُلك، وَكَانَ أَصْحَابُنَا كلَّفُوهُ الخُرُوجَ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ بَعْد المِحنَة وَرُجُوْعِهِ إِلَى وَطَنه مِنْ بَلْخ - يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ قَدْ غُرِّبَ - قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ؛ أَكرمه وَبجَّلَهُ، وَكَانَ هُنَاكَ أَئِمَّةٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَسْأَلُوْهُ بَيْنَ يَدي الوَزِيْر، فَقَالَ العَلَوِيُّ الدبوسِيّ: يَأْذنُ الشَّيْخ الإِمَامُ أَنْ أَسَأَل؟
قَالَ: سَلْ.
قَالَ: لَمْ تَلْعَن أَبَا الحَسَنِ الأَشْعَرِيَّ؟
فَسَكَتَ الشَّيْخُ، وَأَطرق الوَزِيْرُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْد سَاعَة؛ قَالَ الوَزِيْر: أَجِبْهُ.
فَقَالَ: لَا أَعْرفُ أَبَا الحَسَنِ، وَإِنَّمَا أَلعنُ مَنْ لَمْ يَعتقد أَنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ، وَأَنَّ القُرْآن فِي المُصْحَف، وَيَقُوْلُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اليَوْمَ لَيْسَ بِنَبِيّ.
ثُمَّ قَامَ وَانْصَرَفَ (3) ، فَلَمْ يُمَكِّن أَحَداً أَنْ يَتَكَلَّم مِنْ هَيبته، فَقَالَ الوَزِيْر لِلسَائِل: هَذَا أَرَدْتُمْ! أَن نَسْمَع مَا كَانَ يذكرهُ بهَرَاة بآذَانِنَا، وَمَا
(1) في تذكرة الحفاظ: مستفهما لهم.
(2)
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1187.
(3)
في حاشية الأصل ما نصه: الذي يصف الله سبحانه وتعالى بصفات المحدثين من التحيز ونحوه أحق باللعن من الأشعري، والله يعفو عن الجميع.
عَسَى أَنْ أَفْعَلَ بِهِ؟ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ بِصِلَةٍ وَخِلَع، فَلَمْ يَقْبَلهَا، وَسَافَرَ مِنْ فَوره إِلَى هَرَاة (1) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَصْحَابَنَا بهَرَاة يَقُوْلُوْنَ: لَمَّا قَدِمَ السُّلْطَانُ أَلب آرسلَان هَرَاة فِي بَعْض قَدَمَاتِهِ، اجْتَمَع مَشَايِخُ البَلَد وَرُؤِسَاؤُه، وَدخلُوا عَلَى أَبِي إِسْمَاعِيْلَ، وَسلَّمُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: وَرَدَ السُّلْطَانُ وَنَحْنُ عَلَى عزمِ أَن نَخْرُج، وَنُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَأَحْبَبْنَا أَن نبدَأَ بِالسَّلَامِ عَلَيْكَ، وَكَانُوا قَدْ تَوَاطؤُوا عَلَى أَنَّ حملُوا مَعَهم صَنَماً مِنْ نُحَاسٍ صغِيراً، وَجَعَلُوْهُ فِي المِحْرَاب تَحْتَ سَجَّادَة الشَّيْخ، وَخَرَجُوا، وَقَامَ الشَّيْخُ إِلَى خَلوته، وَدخلُوا عَلَى السُّلْطَان، وَاسْتغَاثُوا مِنَ الأَنْصَارِيّ، وَأَنَّهُ مُجَسِّمٌ، وَأَنَّهُ يَتركُ فِي مِحْرَابه صَنَماً يَزْعمُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَلَى صُوْرته، وَإِن بَعَثَ السُّلْطَانُ الآنَ يَجِدْهُ.
فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى السُّلْطَان، وَبَعَثَ غُلَاماً وَجَمَاعَة، فَدَخَلُوا، وَقصدُوا المِحْرَاب، فَأَخذُوا الصّنم، فَأَلقَى الغُلَامُ الصَّنَمَ، فَبَعَثَ السُّلْطَانُ مَنْ أَحضر الأَنْصَارِيَّ، فَأَتَى فَرَأَى الصّنمَ وَالعُلَمَاء، وَقَدِ اشتدَّ غَضَبُ السُّلْطَانِ، فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان: مَا هَذَا؟
قَالَ: صَنَمٌ يُعْمَلُ مِنَ الصُّفْرِ شِبْه اللُّعبَة.
قَالَ: لَسْتُ عَنْ ذَا أَسَأَلُكَ.
قَالَ: فَعَمَّ يَسْأَلُنِي السُّلْطَان؟
قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُوْنَ أَنَّك تَعبُدُ هَذَا، وَأَنَّك تَقُوْلُ: إِنَّ اللهَ عَلَى صُوْرته.
فَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ بصولَةٍ وَصَوْتٍ جَهْوَرِيٍّ: سُبْحَانَكَ! هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيْم.
فَوَقَعَ فِي قَلْب السُّلْطَان أَنَّهم كَذَبُوا عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ إِلَى دَارِهِ مُكَرَّماً.
وَقَالَ لَهُم: اصدقُونِي.
وَهَدَّدَهم فَقَالُوا: نَحْنُ فِي يَد هَذَا فِي بَلِيَّةٍ مِنِ اسْتيلَائِه عَلَيْنَا بِالعَامَّة، فَأَردنَا أَن نَقطع شَرَّهُ عَنَّا.
فَأَمَرَ بِهِم، وَوَكَّل بِهِم، وَصَادَرَهُم، وَأَخَذَ مِنْهم وَأَهَانَهُم (2) .
(1)" تذكرة الحفاظ " 3 / 1187 - 1188.
(2)
" تذكره الحفاظ " 3 / 1188 - 1189.
قَالَ أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ: دَخَلْتُ نَيْسَابُوْر، وَحَضَرتُ عِنْد الأُسْتَاذِ أَبِي المَعَالِي الجُوَيْنِيّ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: خَادمُ الشَّيْخ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيّ.
فَقَالَ: رضي الله عنه (1) .
قُلْتُ: اسْمَع إِلَى عقلِ هَذَا الإِمَام، وَدَعْ سَبَّ الطَّغَام، إِنْ هُم إِلَاّ كَالأَنعَام.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: كِتَابُ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيّ عِنْدِي أَفْيَدُ مِنْ كِتَاب البُخَارِيّ وَمُسْلِم.
قُلْتُ: وَلِمَ؟
قَالَ: لأَنَّهُمَا لَا يَصلُ إِلَى الفَائِدَة مِنْهُمَا إِلَاّ مَنْ يَكُوْنُ مِنْ أَهْلِ المَعْرِفَة التَّامة، وَهَذَا كِتَابٌ قَدْ شَرَح أَحَادِيْثَه، وَبيَّنهَا، فِيَصِلُ إِلَى فَائِدته كُلُّ فَقِيْهٍ وَكُلُّ مُحَدِّثٍ (2) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيّ: سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيّ، فَقَالَ: إِمَامٌ حَافظ (3) .
وَقَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كَانَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ عَلَى حَظٍّ تَامٍّ مِنْ مَعْرِفَة العَرَبِيَّة وَالحَدِيْثِ وَالتَّوَارِيخِ وَالأَنسَابِ، إِمَاماً كَامِلاً فِي التَّفْسِيْر، حَسْنَ السِّيْرَةِ فِي التَّصُوُّف، غَيْرَ مُشْتَغِلٍ بِكَسْبٍ، مُكْتَفِياً بِمَا يُبَاسِطُ بِهِ المرِيْدينَ وَالأَتْبَاع مِنْ أَهْلِ مَجْلِسه فِي العَامِ مَرَّةً أَوْ مرَّتين عَلَى رَأْس الملأِ، فِيحصل عَلَى أُلوفٍ مِنَ الدَّنَانِيْر وَأَعدَادٍ مِنَ الثِّيَاب وَالحُلِيِّ، فَيَأْخذُهَا، وَيُفَرِّقهَا عَلَى اللَّحَام وَالخَبَّاز، وَيُنفق مِنْهَا، وَلَا يَأْخذُ مِنَ السُّلْطَان وَلَا مِنْ أَركَانِ الدَّوْلَة شَيْئاً، وَقلَّ مَا يُرَاعِيْهُم (4) ، وَلَا يَدخُل عَلَيْهِم، وَلَا يُبَالِي بِهِم، فَبقِيَ عَزِيزاً
(1) المصدر السابق: 1189.
(2)
المصدر نفسه.
(3)
المصدر نفسه.
(4)
تحرفت في " التذكرة " إلى: يرى عنهم.
مقبولاً قَبولاً أَتمَّ مِنَ المَلِك، مُطَاعَ الأَمْر نَحْواً مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً مِنْ غَيْرِ مُزَاحمَة، وَكَانَ إِذَا حضَرَ المَجْلِسَ لَبِسَ الثِّيَاب الفَاخِرَة، وَركب الدَّوَابّ الثّمِينَة، وَيَقُوْلُ: إِنَّمَا أَفْعَلُ هَذَا إِعزَازاً لِلدِّين، وَرَغْماً لأَعدَائِهِ، حَتَّى يَنظرُوا إِلَى عِزِّي وَتَجَمُّلِي، فِيرغبُوا فِي الإِسْلَامِ.
ثُمَّ إِذَا انْصرف إِلَى بَيْته؛ عَادَ إِلَى المُرَقَّعَةِ (1) وَالقعُوْدِ مَعَ الصُّوْفِيَّة فِي الخَانقَاه يَأْكُلُ مَعَهُم، وَلَا يَتَمَيَّزُ بحَالٍ، وَعَنْهُ أَخَذَ أَهْلُ هَرَاةَ التبكيرَ بِالفَجْر، وَتسمِيَةَ الأَوْلَاد غَالِباً بِعَبْدِ المضَافِ إِلَى أَسْمَاء الله - تَعَالَى - (2) .
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ السَّمْعَانِيّ: كَانَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ مُظْهِراً لِلسُّنَّة، دَاعِياً إِلَيْهَا، مُحَرِّضاً عَلَيْهَا، وَكَانَ مُكتفِياً بِمَا يُبَاسِط بِهِ المردينَ، مَا كَانَ يَأْخذُ مِنَ الظَّلَمَةِ شَيْئاً، وَمَا كَانَ يَتَعَدَّى إِطلَاق مَا وَرد فِي الظوَاهر مِنَ الكِتَاب وَالسّنَّة، مُعْتَقداً مَا صَحَّ، غَيْر مُصَرِّحٍ بِمَا يَقتضيه تَشبيهٌ، وَقَالَ مرَّة: مِنْ لَمْ يَرَ مجلسِي وَتذكيرِي، وَطَعَنَ فِيَّ، فَهُوَ مِنِّي فِي حِلٍّ (3) .
قُلْتُ: غَالِبُ مَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ (الفَارُوْق) صِحَاح وَحِسَان، وَفِيْهِ بَابُ إِثْبَاتِ اسْتوَاءِ اللهِ عَلَى عَرْشه فَوْقَ السَّمَاء السَّابِعَة بَائِناً مِنْ خَلقه مِنَ الكِتَاب وَالسّنَّة، فَسَاقَ دلَائِل ذَلِكَ مِنَ الآيَات وَالأَحَادِيْث
…
، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَفِي أَخْبَارٍ شَتَّى أَنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَة عَلَى الْعَرْش، وَعِلْمُهُ وَقُدْرَتُه وَاسْتمَاعُه وَنَظَرُه وَرَحمتُه فِي كُلِّ مَكَان.
قِيْلَ: إِنَّ شَيْخ الإِسْلَامِ عَقد عَلَى تَفْسِيْر قَوْله: {إِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الحُسْنَى} [الأَنْبِيَاء:101] ثَلَاثَ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ مَجْلِساً.
(1) المرقعة: من لباس الصوفية، لما فيها من الرقع. " المعجم الوسيط ".
(2)
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1189 - 1190.
(3)
المصدر السابق: 1190.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيّ: تُوُفِّيَ شَيْخُ الإِسْلَامِ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً وَأَشهرٍ (1) .
وَفِيْهَا مَاتَ: مُسْنِدُ أَصْبَهَان أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ ابْن مَاجَه الأَبْهَرِيّ (2) ، وَمُسْنِدُ نَيْسَابُوْر أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد اللهِ المَحْمِيّ المُزكِّي (3) ، وَرَاوِي (جَامِعِ التِّرْمِذِيّ) أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الصَّمد الغُوْرَجِي (4) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ رُوزبه بِبَغْدَادَ، وَكَتَبَ إِلَيَّ غَيْرُ وَاحِد، مِنْهم إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَزَكَرِيَّا العُلبِيّ، وَابْنُ صيلَا قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ عبدُ الأَوّل بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرِ بن الحُسَيْنِ وَقَالَ:
هُوَ أَعْلَى حَدِيْثٍ عِنْدِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرِ بنِ دَيْسم أَبُو سَعِيْدٍ بهَرَاة، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المِقْدَام، حَدَّثَنَا الفَضْل بن دُكَيْن، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ وَرْدَانَ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَايْمَازَ الدَّقِيْقِيّ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ اللَّتِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا عبدُ الجَبَّار بن الجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْبُوْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بنُ مُكْرَم، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْك، أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بنُ وَرْدَانَ اللَّيْثِيّ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ، بُنِيَ لَهُ فِي
(1)" تذكرة الحفاظ " 3 / 1190. وفي " البداية ": توفي عن ست وثمانين سنة، وفي " تاريخ الخميس ": أنه توفي سنة (480) .
(2)
سترد ترجمته برقم (302) .
(3)
سترد ترجمته برقم (300) .
(4)
سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (3) .
رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ، بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا) (1) .
سلمَة سَيِّئُ الحِفْظ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ وَالقَعْنَبِيّ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَمِنْ مَنَاكِيْرِهِ مَا رَوَاهُ سُرَيْج بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْك، عَنْ سلمَة، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: (هَلْ تَزَوَّجتَ) ؟
قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي مَا أَتزوَّجُ.
قَالَ: (أَلَيْسَ مَعَكَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد} ؟)
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: (ربع القُرْآن، أَلَيْسَ مَعَكَ {قُلْ يَا أَيُّهَا} ؟)
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: (ربع القُرْآن، أَلَيْسَ مَعَكَ إِذَا زُلْزِلَت؟)
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: (ربع القُرْآن، تَزَوَّجَ تَزَوَّجَ (2)) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: خَرَجَ عَنْ حدِّ الاحْتِجَاج بِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الغَرَّافِيّ (3) ، أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي رُوزْبه، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا حَامِدٌ الرَّفَّاء، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
(1) إسناده ضعيف لضعف سلمة بن وردان، وهو في " سنن ابن ماجه "(51) والترمذي (1994) وحسنه، وله شاهد عند أبي داود (4800) من حديث أبي أمامة ولفظه " أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " وسنده حسن، وآخر من حديث ابن عباس عند الطبراني في " معجمه " الكبير (11290) وثالث عن معاذ بن جبل عند الطبراني في الصغير ص 166، فالحديث صحيح.
(2)
هو في سنن الترمذي (2895) في فضائل القرآن من طريق عقبة بن مكرم العمي البصري عن ابن أبي فديك بهذا الإسناد، ومع وجود سلمة بن وردان في السند، فقد حسنه الترمذي.
(3)
العرافي: نسبة إلى الغراف، قال ياقوت: على وزن فعال بالتشديد، من الغرف، وهو نهر كبير تحت واسط بينها وبين البصرة، وعليه كورة فيها قرى كثيرة وهي بطائح.
الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
(أَهدَى رَسُوْل اللهِ صلى الله عليه وسلم مرَّة غنماً) .
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَهُوَ مِنْ نَمط الثُّلَاثيَات.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ عَلِيِّ بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَمُحَمَّدِ بن قَايْمَازَ، وَجَمَاعَةٍ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عبدُ الأَوّل بن عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عبدُ الجَبَّار، أَخْبَرْنَا ابْنُ مَحْبُوْب، حَدَّثَنَا أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار (2) ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ - هُوَ الخَزَّاز - عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
تَلَا رَسُوْل اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَة: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ} [آل عِمْرَان:7] .
فَقَالَ: (إِذَا رَأَيتُم الَّذِيْنَ يَتَّبِعُوْنَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، أَولئك الَّذِيْنَ سَمَّى الله فَاحْذَرُوهُمْ (3)) .
وَبِهِ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَة، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ هَذِهِ الآيَة: {فَأَمَّا الَّذِيْنَ فِي قُلُوْبِهمْ زَيْغٌ} [آل عِمْرَان:7] .
قَالَ: (هُمُ الَّذِيْنَ سَمَّى اللهُ فَاحذَرُوهُم (4)) هَذَا أَوْ قَرِيْبٌ مِنْهُ.
(1) رقم (1701) في الحج: باب تقليد الغنم، وأخرجه مسلم (1321) (367) في الحج: باب استحباب الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب لنفسه من طريق يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، عن الأعمش بهذا الإسناد.
(2)
في الأصل، فوق كلمة بشار: علامة سقط ح، وسيذكر المؤلف هذا السقط قريبا.
(3)
هو في سنن الترمذي (2993) و (2994) في التفسير، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
هو في سنن الترمذي (2993) وأخرجه البخاري (4547) ومسلم (2665) وأبو داود (4598) وابن حبان (72) والطبري (6610) والطيالسي (1433) كلهم من طريق يزيد ابن إبراهيم، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة، ولم ينفرد يزيد بن إبراهيم بزيادة القاسم ابن أبي مليكة وعائشة، بل تابعه عليه حماد بن سلمة عند الطبري (6615) والطيالسي (1432) ورواه عن ابن أبي مليكة، عن عائشة ليس بينهما القاسم، الطبري (6605) و (6606) =