الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذا المنوال نسج أبو داود والنسائي والترمذي، مع أنه خرج لبعض من هو دون هؤلاء، وبين ذلك لم يسكت عنه.
"
من لا يحتج بحديث غير الحفاظ المتقنين
"
وإلى طريقة يحيى بن سعيد يميل علي بن المديني (وصاحبته) . البخاري.
وكان علي بن المديني فيما نقله عنه يعقوب بن شيبة لا يترك حديث رجل حتى يجتمع على تركه ابن مهدي، ويحيى القطان، فإن حدث عنه أحدهما (وتركه الآخر) حدث عنه.
"
رأي ابن مهدي يوافق رأي الجمهور
"
قال أحمد بن سنان: كان ابن مهدي لا يترك حديث رجل إلا رجلا متهما بالكذب، أو رجلا الغالب عليه الغلط.
وقال أبو موسى، محمد بن المثنى: سمعت ابن مهدي يقول: الناس
ثلاثة: رجل حافظ متقن، فهذا لا يختلف فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة، فهذا لا يترك حديثه، وآخر يهم والغالب في حديثه الوهم، لهذا يترك حديثه.
وقال أبو بكر بن خلاد: سمعت ابن مهدي يقول:
ثلاثة لا يؤخذ عنهم: المتهم بالكذب، وصاحب بدعة إلى بدعته، والرجل الغالب عليه الوهم والغلط. وقال إسحاق بن عيسى: سمعت ابن المبارك يقول:
يكتب الحديث إلا عن أربعة: غلاط لا يرجع، وكذاب، وصاحب هوى يدعو إلى بدعته، ورجل لا يحفظ فيحدث من حفظه.
وقال الوليد بن شجاع: سمعت الأشجعي يذكر عن سفيان الثوري. قال: ليس يكاد يفلت من الغلط أحد، إذا كان الغالب على الرجل الحفظ فهو حافظ وإن غلط، وإذا كان الغالب عليه الغلط ترك.
وقال الحسين بن منصور، أبو علي السلمي النيسابوري: سئل أحمد
عمن يكتب حديثه، فقال: عن الناس كلهم إلا عن ثلاثة: صاحب هوى يدعو إليه، أو كذاب، أو رجل يغلط في الحديث، فيرد عليه، فلا يقبل.
وقال الربيع بن سليمان: قال الشافعي:
من كثر غلطه من المحدثين، ولم يكن له أصل كتاب صحيح لم يقبل حديثه، كما يكون من أكثر الغلط في الشهادة، لم تقبل شهادته.
وكذا ذكر الحميدي، وهذا قد يكون موافقا لقول يحيى بن سعيد ومن تابعه.
وروى نعيم بن حماد، حدثني ابن مهدي، قال: سئل شعبة: حديث من يترك؟.
قال: من يكذب في الحديث، ومن يكثر الغلط، ومن يخطئ في حديث مجتمع عليه، فيقيم على غلطه ولا يرجع، ومن روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون.
وذكر أبو حاتم الرازي: (ثنا) سليمان بن أحمد الدمشقي، قال: قلت لعبد الرحمن بن مهدي: اكتب عمن يغلط في عشرة؟ قال: نعم. قيل له: يغلط في عشرين؟ قال: نعم، قيل له: فثلاثين؟ قال: نعم. قيل له: فخمسين؟ قال: نعم.
وقال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عمن يكون كثير الخطأ. قال
أن نبهوه عليه ورجع عنه فلا يسقطن وإن لم يرجع سقط.
خرج ذلك كله أبو بكر الخطيب في كتابه الكفاية.
وقال ابن أبي حاتم: حدثني أبي، عن أحمد الدروقي، (ثنا) ابن مهدي، قال: قيل لشعبة: متى يترك حديث الرجل؟ قال: إذا حدث عن المعروفين بما لا يعرف المعروفين، وإذا أكثر الغلط، وإذا روى حديثا غلطا مجتمعا عليه، فلم يتهم نفسه فيتركه، طرح حديثه. وما كان غير ذلك فارووا عنه.
قال: و (ثنا) أبي، (أنا) سليمان بن أحمد الدمشقي، قال: قلت لابن مهدي: اكتب عمن يغلط في مائة؟.
قال: لا، مائة كثير، وهذه الرواية عن ابن مهدي توافق قول شعبة، ويحيى والشافعي: إن كثرة الغلط ترد به الرواية، وتخالف رواية ابن المثنى وأحمد بن سنان عنه أن الاعتبار في ذلك بالأغلب.
وكلام الإمام أحمد يدل على مثل قول ابن المبارك ومن وافقه، فإنه حديث عن أبي سعيد مولى بني هاشم. وقد قال فيه: كان كثير الخطأ، ولم يترك حديثه. وحدث عن زيد بن الحباب وقال فيه: كان كثير الخطأ.
وقال أبو عثمان البرذعي: (ثنا) محمد بن يحيى النيسابوري، قال: قلت لأحمد بن حنبل في علي بن عاصم، وذكرت له خطأ، فقال لي أحمد:
كان حماد بن سلمة يخطئ، وأومأ أحمد بن حنبل بيده، خطأ كثير. ولم ير بالرواية عنه بأسا.
وقال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: متى يترك حديث الرجل؟ قال: إذا كان الغالب عليه الخطأ.
وكلام الترمذي ههنا يحتمل مثل قول شعبة، ويحيى، ومن وفقهما، حيث ذكر أن من كان مغفلا يخطئ الكثير، فإنه لا يشتغل بالرواية عنه، عند أكثر أهل الحديث.
وذكر أيضا قبل ذلك أن من ضعف لغفلته وكثرة خطئه لا يحتج بحديثه. فلم يعتبر إلا كثرة الخطأ.
ويحتمل أن يكون مراده سقوط حديث من جمع بين الوصفين معا: الغفلة وكثرة الخطأ، دون من كان فيه أحدهما.
أما الغفلة المجردة مع قلة الخطأ، أو كثرة الخطأ لسوء الحفظ دون الغفلة فهذا قول ثالث في المسألة - الله أعلم -.