الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال - أي الدارقطني - يرويه هشام بن حسان، اختلف عليه فيه.
فرواه الحكم بن عبده، وهو بصري سكن مصر، عن هشام، عن ابن سيرين عن أبي هريرة، ووهم فيه على هشام بن حسان، وروي هذا الحديث عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم" وبهذا يكون الدارقطني قد كشف علة هذا الإسناد وهي تغيير فاحش أصابه، ومصدر هذا الوهم هو الحكم بن عبده، الراوي عن هشام بن حسان.
وقد تكون العلة تغييرا أو تصحيفا طرأ على الاسم، ومثال ذلك ما ذكره ابن رجب في شرح علل الترمذي قال:"روى زهير بن معاوية عن واصل بن حبان، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث منها "حديث الكمأة وحديث الحبة السوداء و"حديث عرضت على الجنة".
قال أحمد وأبو داود: انقلب على زهير اسم صالح بن حيان، فقال واصل ابن حبان، يعني إنما يروي عن صالح بن حيان فسماه واصلا. وقال ابن معين: سمع منهما معا فجعلهما واحدا، وسماه واصل ابن حبان، قال أبو حاتم زهير مع اتقانه أخطأ في هذا ولم يسمع من واصل بن حبان ولم يدركه، إنما سمع من صالح بن حيان".
والذي أخطأ في هذا الإسناد رجل كبير من الأعلام الثقات، ولولا فطنة أحمد وأبي حاتم وأبي داود لكان من العسير كشف مثل هذا الوهم لا سيما وأن في الرواة الثقات. واصل بن حبان الأسدي، المتوفى سنة 129، وهو ثقة، وصالح بن حيان القرشي، المتوفى سنة 140هـ.
هذه بعض أمثلة من الأوهام الواقعة في حديث الثقات والتي نشا عنها تغيير في الإسناد كله أو بعضه، أو قلب للأسماء والكنى، وسنختم هذا النوع بأمثلة تبين أن العلة تغيير في أسماء الرواة لعيب في نطق الراوي عنهم، كما جاء في علل الإمام أحمد، قال:
"ابن الثلب إنما هو ابن التلب، ولكن شعبة كان في لسانه شيء. ولعل غندرا لم يفهم عنه".
وقد وقع في مثل هذا أبو يوسف القاضي تلميذ أبي حنيفة، قال أحمد:"كانت فيه لثغة فكان يقول: مطيف بن طييف الحايثي، بدل من مطرف بن طريف الحارثي".
ثالثا - علة موضوعها:
الوهم في رفع الوقوف، أو وصل المرسل أو ما فيه انقطاع
وهذا النوع من العلة هو ميدان العلل الأوسع والأكبر، والذي لا تكاد تخلو منه صفحة من كتب هذا الفن، ولذا فقد نص ابن رجب على الاختلاف في الوصل والإرسال والوقف والرفع فقال: والوجه الثاني، "من وجوه معرفة صحة الحديث وسقمه" معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع".
فقد يروى الحديث مرفوعا ولكن النقاد يكشفون عن وهم في رفعه ويثبتون أن وقفه أصح، وقد يروى الحديث متصلا، وإرساله أثبت وآكد. أو قد يروى متصلا وهو في الحقيقة معضل أو منقطع.
مثال:
وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في شرح علل الترمذي أحاديث رفعها
سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ووقفها نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، عن عمر. ورجح ابن رجب وقف هذه الأحاديث.
قال ابن رجب:
"وسئل أحمد إذا اختلفا فلأيهما يقضي؟ فقال: كلاهما ثبت. ولم ير أن يقضي لأحدهما على الآخر، نقله عنه المروذي، ونقل عثمان الدارمي عن ابن معين نحوه، مع أن المروذي نقل عن أحمد أنه مال إلى قول نافع في حديث "من باع عبدا له مال"، وهو وقفه. وكذلك نقل غيره عن أحمد أنه رجح قول نافع في وقف حديث "فيما سقت السماء العشر" ورجح النسائي والدارقطني قول نافع في وقف ثلاثة أحاديث: "فيما سقت السماء العشر" وحديث: "تخرج نار من قبل اليمن" وكذا حكى الأثرم عن غير أحمد أنه رجح قول نافع في هذه الأحاديث وفي حديث: "الناس كابل مائة".
مثال:
وتوضيحا لهذه العلة، وهي الوهم في رفع الموقوف، نسوق مثالا من علل الدارقطني جاء فيه
"وسئل عن حديث محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أحبب حبيبك هونا،
…
الحديث" فقال: يرويه الحسن بن دينار، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم واختلف عنه:
- فرواه سويد بن عمرو، عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة.
- وخالفه الحسن بن أبي جعفر، رواه عن أيوب، عن حميد الحميري، عن علي بن أبي طالب.
- وقال هارون بن إبراهيم الأهوازي: عن ابن سيرين عن حميد الحميري، عن علي يرفعه.
- قال الدارقطني: والصحيح عن علي موقوف".
مثال:
ومن الأمثلة على ما كان الإرسال هو أولى والأرجح من الاتصال ما ذكره ابن رجب في شرح علل الترمذي، في معرض الكلام عن هشام بن عروة، وأن الإمام أحمد قال:"إن عيسى بن يونس أسند عنه ما كان يرسله الناس، كحديث الهدية".
وحديث الهدية هذا ما روي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها، فهذا الحديث رواه عيسى بن يونس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وعلق البخاري على هذا الإسناد بقوله: لم يذكر وكيع ومحاضر عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.
مثال:
ومثال آخر ذكره ابن رجب في شرح علل الترمذي، قال:
ومنهم حمد بن يحيى الأبح، له أوهام عن ثابت منها حديثه عن أنس مرفوعا مثل أمتي مثل المطر. والصواب: عن ثابت عن الحسن مرسلا.
ومما كان موقوفا، والمرفوع أولى وأصح، ما ذكره ابن رجب في اختلاط ابن علية وحماد بن زيد في أيوب.
قال ابن رجب: "ورجحت طائفة ابن علية على حماد. قال البرذيجي: