الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني دراية ابن رجب في الحديث
ونعني بالدراية: "معرفة حقيقة الرواية وشروطها، وأنواعها، وأحكامها، وحال الرواة وشروطهم وأصناف المرويات، وما يتعلق بها".
فكل ما عدا نقل الحديث بسنده ومتنه يدخل في الدراية: كالجرح والتعديل، والجمع بين المتعارض والشرح والبيان والاستنباط.
ولابن رجب جهوده الجليلة في هذا الجانب، وقد طوت يد الحدثان الكثير من مصنفات هذا الرجل. وما بقي من آثاره شاهد على فهم دقيق، وقدره على الاستقصاء والبحث. وسندرس جانب الدراية عنده في أربعة مطالب هي:
1 -
شرح الترمذي بما فيه شرح علل الترمذي.
2 -
فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
3 -
جامع العلوم والحكم.
4 -
رسائل حديثية، تشرح كل واحدة منها حديثا أو أكثر.
المطلب الأول شرح الترمذي لابن رجب
ذكرت المراجع التي ترجمت لابن رجب أنه صنف شرحا للترمذي أتمه في
عشرين مجلدا. وفي ذلك يقول ابن حجر في إنبائه عنه: صنف وشرح الترمذي فأجاد فيه في نحو عشرين مجلدة.
وقد سبق ابن رجب في شرح هذا الكتاب أبو بكر محمد بن العربي المعافري (ت 543هـ) في كتاب سماه "عارضة الأحوذي"، وشرحه كذلك البغوي المتوفى سنة 510هـ. أما أبو الفتوح محمد بن محمد بن سيد الناس (ت 734هـ) فقد شرح منه جزءا، ثم جاء زين الدين عبد الرحيم العراقي فأتم ما شرع فيه ابن سيد الناس، ويبدو لي أن ابن رجب شرع في شرح الترمذي قبل أن يبدأ العراقي في شرح هذا الكتاب، إذ وفاة ابن رجب متقدمة على وفاة العراقي بإحدى عشرة سنة. وشرح ابن رجب شرح كامل للترمذي من أوله إلى آخره بينما نجد شرح العراقي تكملة لما بدأ به ابن سيد الناس، وهذه التكملة لم تنته كما صرح بذلك ابن فهد والسخاوي وابن حجر، ونص ابن فهد على أن هذا الشرح يبدأ من "باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" إلى قوله في أثناء كتاب البر والصلة "باب ما جاء في الستر على المسلمين" وفي ذلك يقول السخاوي: أكمل شرح الترمذي لابن سيد الناس فكتب منه تسع مجلدات.
ومما يؤكد أن ابن رجب سبق العراقي في هذا ما ذكره السخاوي في ترجمة علاء الدين علي بن محمد بن علي الطرسوسي المزي فقال: كان يعيش حتى سنة 850هـ وحضر على ابن رجب، وقال أنه سمعه يقول: أرسل إلي الزين العراقي يستعين بي في شرح الترمذي.
البحث عن الكتاب:
ولقد حاولت جاهدا العثور على شرح الترمذي لابن رجب فلم أجد منه إلا قطعة من كتاب اللباس لا تزيد على عشر ورقات، وذلك علاوة على شرح
العلل الذي هو الجزء الأخير من جامع الترمذي، وبعد بحث طويل عن هذا الكتاب رجعت إلى قول صاحب كشف الظنون الذي يقول: شرح الترمذي في عشرين مجلدا إلا أنه احترق في الفتنة. ويؤكد هذا أن القطعة الباقية حملت في الورقة الأولى منها عبارة: (ملك يوسف بن عبد الهادي وهي بخط ابن رجب نفسه) ، فلو كان عند يوسف بن عبد الهادي جميع هذا الكتاب لما وجدنا ذكر الملكية والاسم على أول هذه الصفحات.
منهج ابن رجب في شرح الترمذي:
ولقد وجدت من خلال استعراض هذه القطعة الباقية من شرح الترمذي أن منهج ابن رجب يتلخص بما يلي:
1 -
يذكر ابن رجب الباب كما هو عند الترمذي.
2 -
ثم يخرج أحاديث الباب من كل الطرق والكتب.
3 -
يتكلم على هذه الطرق جرحا وتعديلا، ويكشف عما فيها من مسائل مشكلة، كرفع الإبهام في الأسماء، ويتكلم عن العلل.
4 -
يفصل ما أجمله الترمذي بقوله: وفي الباب عن علي، وابن عمر وأبي هريرة، ومعاوية، ويذكر حديث كل واحد من هؤلاء، ويفصل الطرق ويذكر ما فيها من علل أو جرح.
5 -
يضيف إلى ما ذكره الترمذي بقوله: وفي الباب عن علي، وابن عمر، وأبي هريرة، فيقول: وفي الباب - أيضا - ما لم يذكره الترمذي عن عمر، وأبي سعيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر، وبريدة، وأبي ثعلبة الحشني، وابن مسعود، وابن عباس، ورجل من الصحابة.
6 -
يفصل ابن رجب هذه الاستدراكات التي استدرك بها على الترمذي فيقول: وأما حديث عمر: فمن طريق حماد بن سلمة (أنا) عمار بن