الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يرى أحدا ممن هو دونه في الحفظ أنه أعرف منه، وكان قد جمع حفظ الأبواب، والشيوخ، والتفسير، وغير ذلك.
قال يحيى بن مندة: قيل أحفظ الأمة أبو هريرة، ثم أبو زرعة الرازي.
وقيل ما ولدت حوافظ أحفظ من أبي زرعة.
قال: وبلغني بإسناد هو لي مسموع أن أبا زرعة قال: أنا أحفظ ستمائة ألف حديث صحيح وأربعة عشر ألف إسناد في التفسير والقراءات، وعشرة آلاف حديث مزورة. قيل له: ما بال المزورة تحفظ؟ قال: إذا مر بي (منها) حديث عرفته.
"
22 - محمد بن إسماعيل البخاري
":
ومنهم محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي، مولاهم البخاري، الإمام أبو عبد الله، صاحب الصحيح وإمام المحدثين في وقته وأستاذ هذه الصناعة، وعنه أخذها كثير من الأئمة، منهم: مسلم بن الحجاج وسماه أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله، وأبو عيسى الترمذي، وقد ذكر أبو عيسى في أول كتاب العلل، أنه لم ير بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد، كبير أحد أعلم من محمد بن إسماعيل رحمه الله.
وقال ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم هذه السماء أعلم بالحديث ولا أحفظ له من محمد بن إسماعيل البخاري.
ولما سأل مسلم البخاري عن حديث سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة في كفارة المجلس، فبين له علته، قال مسلم: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أن ليس في الدنيا مثلك.
وروى عن محمد بن الأزهر السجزي قال: كنت بالبصرة في مجلس سليمان بن حرب والبخاري جالس لا يكتب، فقلت: ما لأبي عبد الله لا يكتب؟ قال: يرجع إلى بخارى فيكتب من حفظه.
وقال محمد بن حمدويه سمعت البخاري يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأعرف مائتي ألف حديث غير صحيح.
وقال أحمد بن حمدون: رأيت البخاري ومحمد بن يحيى يسأله عن الأسامي والكنى والعلل، ومحمد بن إسماعيل يمر فيه مثل السهم، كأنه يقرأ (قل هو الله أحد) .
وقال عبد الله الدارمي، قد رأيت العلماء بالحجاز والعراق فما رأيت فيهم أجمع من محمد بن إسماعيل.
وقال ابن المديني في البخاري: ما رأى مثل نفسه.
وقال الفلاس: حديث ليس يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث، وسئل صالح بن محمد الحافظ عن البخاري وأبي زرعة، فقال: أعلمهم بالحديث البخاري وأبو زرعة أحفظهم وأكثرهم حديثا.
وعن أبي حاتم الرازي، قال: محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق.
وقال علي بن حجر: أخرجت خراسان ثلاثة: أبا زرعة بالري، ومحمد بن إسماعيل ببخارى، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل - عندي - أبصرهم وأعلمهم وأفقههم.
وعن إسحاق بن راهويه، قال: لو كان محمد بن إسماعيل في زمن الحسن بن أبي الحسن لاحتاج الناس إليه، لمعرفته بالحديث وفقهه.
وفضائل البخاري كثيرة جدا، وامتحن في آخر عمره بمسألة اللفظ بالقرآن، فإنه قال: أفعال العباد مخلوقة، فنسبه محمد بن يحيى الذهلي إلى القول بأن اللفظ بالقرآن مخلوق، وأمر بهجره وضيق عليه فخرج البخاري من نيسابور إلى بخارى، فكتب محمد بن يحيى إلى والي بخارى في أخره فنفاه من بخارى فتوفي بقرية من قراها.
وقد روي عنه أنه قال: من زعم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقل هذه المقالة، إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
وروى عنه أنه قال: هذه مسألة مشؤومة، يعني مسألة اللفظ، رأيت أحمد بن حنبل وما ناله في هذه المسألة، جعلت على نفسي ألا أتكلم فيها.
وللبخاري تصانيف كثيرة، وقد سبق الناس إلى تصنيف الصحيح والتاريخ، والناس بعده تبع له في هذين الكتابين. إذ كل من صنف في هذين العلمين يحتاج إلى كتابه، وقد كان أبو أحمد الحاكم يعيب من صنف فيهما.