الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول في المرسل عند ابن رجب مقارنا بآراء غيره من العلماء
تعريف المرسل في الاصطلاح:
يطلق المرسل عند علماء المصطلح على قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما اختاره الحاكم في معرفة علوم الحديث، وسار عليه أبو عمرو بن الصلاح في مقدمته، تابعه على ذلك شراح المقدمة ومختصروها.
أما الخطيب البغدادي فقد أطلق المرسل على ما انقطع إسناده مطلقا، وعليه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان،والدارقطني وهو المشهور عند الفقهاء والأصوليين.
ورغم هذا الاختلاف الظاهر في الاصطلاح إلا أن الحقيقة المختلف عليها واحدة، وبيان ذلك: أن المرسل عند أهل المصطلح نوع خاص من المنقطع، وهو ما انقطع بعد التابعي، وقول الخطيب ومن سبقه أو لحقه عام في كل منقطع، يضاف إلى هذا أن المرسل الذي دار حوله الخلاف، بين التصحيح والتضعيف والقبول والرد، هو مرسل التابعي، وأما المنقطع دون التابعي فهذا لا جدال في ضعفه، وأهل الاصطلاح وغيرهم يقرون بضعفه.
ولما كانت صورة الخلاف الحقيقي هي مرسل التابعي كانت صور الانقطاع الأخرى محل نزاع لفظي لا نزاع حقيقي.
المرسل عند ابن رجب:
أما ابن رجب فإنه لم يتعرض لتعريف المرسل كما فعل سلفه وخلفه من أهل المصطلح، وإنما اكتفى بالأمثلة التطبيقية تحدد مفهومه عن المرسل، وفي شرح العلل له تبعا لأصله، صور من المرسل، هاك أمثلتها:
1 -
أن يقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يفعل سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن أبي كثير. وهذا هو الأعم الأغلب في المرسلات.
2 -
أن يسقط التابعي راويا بينه وبين الصحابي: كرواية مجاهد عن علي، وبينهما ابن أبي ليلى. أو يقال: سعيد بن المسيب عن عمر حجة، رغم انه لم يسمع من عمر كثيرا، ولكنه أرسل عنه كثيرا.
3 -
أن يقول تابع التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمالك مثلا، ومن في طبقته جاء في علل الترمذي قوله: قال علي: قلت ليحيى: فمرسلات مالك؟ قال: هي أحب إلي. ثم قال يحيى: ليس في القوم أحد أصح حديثا من مالك.
عرض الترمذي لمذاهب العلماء في المرسل / واعتراضات ابن رجب عليه:
المذهب الأول - تضعيف المراسيل:
وفي ذلك يقول الترمذي: "والحديث إذا كان مرسلا فإنه لا يصح عند أكثر أهل الحديث". ومن أهل الحديث الذين استدل الترمذي بقولهم الإمام الزهري الذي قال لإسحاق بن أبي فروة، وكان يرسل الحديث مالك - قاتلك الله - تجيئنا بأسانيد لا خطم لها ولا أزمة، فرأى الإمام الترمذي أن هذا دليل على تضعيف الزهري لمطلق المراسيل، وانه لا يحتج بها.
ولكن ابن رجب اعترض في الشرح على هذا الاستدلال، وقال: ليس هذا دليلا على رد الزهري للمراسيل عموما، وإنما هو تضعيف خاص لمراسيل ابن أبي فروة الذي عرف أن الإرسال عادة له، ويضاف هذا إلى ما كان عليه هذا الرجل من الضعف، إذ أن كتب الجرح طافحة بكلام العلماء في جرحه.
وأما بيان المحدثين الذين قالوا بتضعيف المرسل فلم يرد على لسان الترمذي، وإنما ذكر على سبيل الإجمال أن هذا مذهب أكثر أهل الحديث، ولقد ذكر الحاكم أبو عبد الله أسماء عدد من هؤلاء المحدثين. وفي هذا يقول ابن رجب: وحكاه الحاكم عن جماعة من أهل الحديث من فقهاء الحجاز وسمى منهم: سعيد بن المسيب، والزهري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، والشافعي وأحمد، فمن بعدهم من فقهاء المدينة.
وبعد إجمال الترمذي وبيان الحاكم قال ابن رجب: وفي حكايته عن أكثر من سماهم نظر، ولا يصح عن أحدهم الطعن في المراسيل عموما، ولكن في بعضها.
وهذا اعتراض وجيه من ابن رجب على الترمذي والحاكم، لأن لكل واحد من أهل الحديث كلاما طويلا في المراسيل، وهو كلام يدل على تفاوتها في الاحتجاج والرتبة، حتى يصل بعضها إلى منتهى درجات الضعف، فيقال:
مرسلات فلان رياح. وفي الوقت نفسه يقول نفس القائل ومرسلات فلان أحب إلي، أو يقول: ومرسلات فلان صحاح.
وكلام يحيى بن سعيد القطان الذي ذكره الترمذي يبين قدر التفاوت بين المرسلات. قال ابن رجب: وذكر الترمذي - أيضا - كلام يحيى بن سعيد القطان في أن بعض المرسلات أضعف من بعض. ومضمون ما ذكره عنه تضعيف مرسلات عطاء، وأبي إسحاق والأعمش، والتيمي، ويحيى بن أبي كثير والثوري، وابن عيينة، وأن مرسلات مجاهد، وطاوس، وسعيد بن المسيب، ومالك أحب إليه منها.
ضابط التفاوت بين المراسيل:
وهذا التفاوت الكبير بين المراسيل يحتاج إلى ضابط يحكم هذه المرسلات ويحدد قيمتها العلمية، وهذا ما استدركه ابن رجب على الترمذي عندما عرض آراء يحيى بن سعيد القطان الكثيرة، فقال ابن رجب:
وكلام يحيى بن سعيد في تفاوت مراتب المرسلات بعضها على بعض يدور على أربعة أسباب:
أحدهما: أن من عرف بروايته عن الضعفاء ضعف مرسله بخلاف غيره.
الثاني: أن من عرف له إسناد صحيح إلى من أرسل عنه فإرساله خير ممن لم يعرف له ذلك. وهذا معنى قوله: مجاهد، عن علي ليس به بأس، قد أسند عن ابن أبي ليلى عن علي.
الثالث: إن من قوي حفظه يحفظ كل ما يسمعه، ويثبت في قلبه، ويكون فيه ما لا يجوز الاعتماد عليه، بخلاف من لم يكن له قوة الحفظ ولهذا كان سفيان إذا مر بأحد يتغنى يسد أذنيه حتى لا يدخل إلى قلبه ما يسمعه منه، فيقر فيه، وقد أنكر مرة يحيى بن معين على علي بن عاصم حديثا، وقال: ليس هو من
حديثك إنما ذوكرت به فوقع في قلبك، فظننت أنك سمعته ولم تسمعه، وليس هو من حديثك.
الرابع: إن الحافظ إذا روى عن ثقة لا يكاد يترك اسمه، بل يسميه، فإذا ترك اسم الراوي دل إبهامه على أنه غير مرضي، وقد كان يفعل ذلك الثوري وغيره، يكتبون عن الضعيف ولا يسمعونه، بل يقولون، عن رجل وهذا معنى قول القطان: لو كان فيه إسناد صاح به، يعني: لو كان أخذه عن ثقة لسماه.
وبناء على هذه الضوابط التي قعدها ابن رجب نحكم على مرسلات الزهرى والشعبي بالضعف، كما نحكم على مرسلات كل من عرفنا له رواية عن الضعفاء. ولا يفوتني هنا أن أنوه بعقلية ابن رجب العلمية القادرة على جمع نثار المتفرقات ضمن قواعد وضوابط.
ورغم هذا التفاوت في المراسيل، ورغم الضوابط التي وضعها ابن رجب لكلام يحيى القطان إلا أن المراسيل تبقى في دائرة الضعيف، وقد ذكر ابن رجب كلاما لابن المبارك، وابن سيرين، وأبي حاتم، وأبي زرعة والدارقطني، يشهد بضعف المراسيل.
المذهب الثاني - الاحتجاج بالمرسل:
قال ابن رجب، وحكاه الترمذي عن بعض أهل العلم، وذكر كلام النخعي أنه كان إذا أرسل فقد حدثه به غير واحد.
قال ابن رجب: "وقد استدل كثير من الفقهاء بالمرسل، وهو الذي ذكره أصحابنا أنه الصحيح عن الإمام أحمد، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وأصحاب مالك وحكى الاحتجاج بالمرسل عن أهل الكوفة وعن أهل العراق جملة، وحكاه الحاكم عن إبراهيم النخعي، وحماد بن أبي سليمان وأبي حنيفة".
رأي ابن رجب في الاحتجاج بالمرسل:
بعد أن ذكر ابن رجب هذين المذهبين حاول التوفيق بينهما فقال: "واعلم انه لا تنافي بين كلام الحفاظ وكلام الفقهاء في هذا الباب، فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعين إذا كان مرسلا، وهو ليس بصحيح على طريقتهم، لانقطاعه وعدم اتصال إسناده.
وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دل عليه الحديث فإذا عضد ذلك المرسل قرائن تدل على أنه له أصلا قوي الظن بصحة ما دل عليه فاحتج به مع ما احتف به من القرائن.
قال ابن رجب: "وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة، كالشافعي وأحمد وغيرهما مع أن في كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل حينئذ".
القول الثالث في المرسل:
وهو تصحيح المرسل بشروط: وهذا ما عليه الشافعي - رحمه الله تعالى - ولقد عرض ابن رجب مضمون كلام الشافعي عرضا غير مسبوق إليه - فيما أعلم - فقال بعد أن ساق كلامه في الرسالة: وهو كلام حسن جدا، ومضمونه: إن الحديث المرسل يكون صحيحا ويقبل بشروط منها.
1 -
في نفس المرسل، وهي ثلاثة:
أحدهما: أن لا يعرف له رواية عن غير مقبول الرواية.
ثانيهما: أن لا يكون ممن يخالف الحفاظ إذا أسند الحديث فيما أسندوه.
ثالثهما: أن يكون من كبار التابعين فإنهم لا يروون غالبا إلا عن صحابي، أو تابعي كبير.
2 -
وأما الخبر الذي يرسله:
فيشترط لصحة مخرجه وقبوله أن يعضده ما يدل على صحته، وأن له أصلا والعاضد له أشياء.
أحدهما: وهو أقوها، أن يسنده الحفاظ المأمونون، من وجه آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى ذلك المرسل، فيكون ذلك دليلا على صحة المرسل، وأن الذي أرسل عنه ثقة".
وقد تنبه ابن رجب إلى ظاهر كلام الشافعي: "فيكون ذلك دليلا على صحة المرسل"، فرد قول من زعم أن العمل يكون عند الاعتضاد بالمسند، لا بالمرسل وذلك لتصريح الشافعي رحمه الله بكون المسند دليلا على صحة المرسل.
اعتراض ابن رجب على أبي العباس بن سريج:
ذكر ابن رجب أن أبا العباس بن سريج يرى أن مراد الشافعي أن المرسل للحديث ينظر في مراسيله هل توافق ما أسنده الحفاظ المأمونون، فإن وجد ذلك كذلك فإن أي مرسل له بعد ذلك يقبل وإن لم يسنده الحفاظ.
واعتراض ابن رجب على ابن سريج من وجهين:
الوجه الأول: أنه مخالف لما فهم من كلام الشافعي وان العبرة في البحث عن عاضد لكل مرسل على حدة.
الوجه الثاني: أن هذا الكلام قد يؤدي إلى خلاف المطلوب وذلك إذا وجدنا أن المرسلات الأولى، التي بحثنا عن عاضد لها، ليس لها ما يؤيدها، فنحكم على بقية مرسلاته بالضعف، وتكون النتيجة عكس ذلك إذا عثرنا على ما يعضد هذه المرسلات أولا، فنمد الأمر إلى باقي المرسلات ونحكم لها بالصحة.
والثاني: أن يوجد مرسل آخر موافق له عن عالم يروي عن غير من يروي
عنه المرسل الأول، فيكون ذلك دليلا على تعدد مخرجه، وهذا الثاني أضعف من الأول.
والثالث: أن لا يوجد شيء مرفوع يوفقه، لا مسند ولا مرسل، لكن يوجد ما يوافقه من كلام بعض الصحابة فيستدل به على أن للمرسل أصلا صحيحا أيضا، لأن الظاهر أن الصحابي إنما أخذ قوله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والرابع: أن لا يوجد للمرسل ما يوافقه، لا مسند، ولا مرسل، ولا قول صحابي، لكنه يوجد عامة أهل العلم على القول به، فإنه يدل على أن له أصلا.
المرسل المعتضد بالقرائن دون المتصل الصحيح:
وبالرغم من صحة المرسل إذا وجدت معه بعض هذه القرائن، إلا أن الشافعي رحمه الله لا يجعله في منزله المتصل، وذلك لورود بعض الاحتمالات عليه كأن يكون أصل المرسل ضعيفا، ولو وجد حديث صحيح بمعناه، وإن عضده مرسل فيحتمل أن يكون أصلهما واحد
…
وهكذا.
موقف الشافعي من مراسيل ابن المسيب:
ظاهر كلام الشافعي انه يقبل مراسيل ابن المسيب جميعها، ونجد هذا في قوله: لا نحفظ لابن المسيب منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده، وكلام الشافعي رحمه الله ليس على إطلاقه إذ أنه يقول بمرسل ابن المسيب إذا احتفت به القرائن التي سبق ذكرها واشتراطها لقبول المرسل، ولذلك فإن الشافعي لم يقبل مرسل ابن المسيب في زكاة الفطر "مدين من حنطه" ولا بمرسله في التولية في الطعام ولا بمرسله في دية المعاهد، ولا بمرسله "من ضرب أباه فاقتلوه". وبذلك يكون كلام الشافعي محمولا على المراسيل المؤيدة بالقرائن أو التي لا معارض لها.
موقف الشافعي من مراسيل غير ابن المسيب:
ولا يقتصر الشافعي على تصحيح مرسل ابن المسيب إذا احتفت به القرائن بل يحكم كذلك بصحة غيره من مراسيل كبار التابعين إذا وجدت الشروط المطلوبة. وقد نقل ابن رجب كلاما للبيهقي في هذا "أنكر فيه البيهقي على أبي محمد الجويني قوله: لا تقوم الحجة بسوى مرسل ابن المسيب، وأنكر البيهقي صحة ذلك عن الشافعي، قال ابن رجب، وكأنه لم يطلع على رواية الربيع عنه التي قدمنا ذكرها.
ورواية الربيع عنه قوله في الرهن الصغير: كيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا ولم تقبلوه عن غيره؟ قال: لا نحفظ لابن المسيب منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده ولا أثر عن أحد عرفناه عنه إلا عن ثقة معروف، فمن كان مثل حاله قبلنا منقطعه".
وفي رواية الربيع هذه لا يعتد الشافعي بمرسل ابن المسيب فقط، بل يؤكد على قبول مرسل من كانت حاله كحال ابن المسيب، وهذا يجعل قول الجويني مردودا قال البيهقي: وليس الحسن، وابن سيرين، بدون كثير من التابعين وإن كان بعضهم أقوى مرسلا منهما، أو من أحدهما، وقد قال الشافعي بمرسل الحسن حين اقترن به ما يعضده في مواضع منها:"النكاح بلا ولي"، وفي "النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان"، وقال بمرسل طاوس، وعروة، وأبي أمامة بن سهل، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، وغيرهم من كبار التابعين، حين اقترن به ما أكده.
وبهذا يكون المرسل عند الشافعي قسمين:
1 -
صحيح محتج به، وهو مراسيل كبار التابعين بشرائط مخصوصة، ومرسل ابن المسيب وغيره في ذلك سواء.
2 -
ضعيف غير محتج به: وهو كل مرسل فقد الشرائط المذكورة، ومرسل ابن المسيب وغيره في ذلك سواء.
اتفاق الإمام أحمد مع الشافعي في هذا المذهب:
الشائع والمعروف عند أهل المصطلح أن الشافعي انفرد بهذا المذهب في المراسيل، ولكن ابن رجب يثبت في شرح الترمذي أن الإمام أحمد يشارك الشافعي في هذا، فنجده يقول:
"وهذا المعنى الذي ذكره الشافعي من تقسيم المراسيل إلى صحيح محتج به، وغير محتج به، يؤخذ من كلام غيره من العلماء، كما تقدم عن أحمد وغيره تقسيم المراسيل إلى صحيح وضعف، ولم يصحح أحمد المرسل مطلقا، ولا ضعفه مطلقا، وإنما ضعف مرسل من يأخذ عن غير ثقة، كما قال في مراسيل الحسن وعطاء، وهي أضعف المراسيل، لأنهما يأخذان عن كل أحد. وقال أيضا: لا تعجبني مراسيل يحيى بن أبي كثير لأنه يروي عن رجال ضعاف صغار. وقال مهنا: قلت لأحمد: لم كرهت مرسلات الأعمش؟ وقال: كان الأعمش لا يبالي عمن حدث".
"قال أبو طالب: قلت لأحمد: سعيد بن المسيب عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر، وسمع منه".
الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد احتجاجه بالمرسل:
عرفنا ان الأصل الذي بنى عليه الشافعي احتجاجه بالمرسل هو إلحاق المرسل بالصحيح إذا احتفت به القرائن. أما الإمام أحمد فقد بنى احتجاجه بالمراسيل على قاعدة معروفة عنه وهي:
العمل بالحديث الضعيف ما لم يرد خلافه:
قال الأثرم: كان أبو عبد الله ربما كان الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
وفي إسناده شيء، فيأخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت منه مثل حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالحديث المرسل إذا لم يجئ خلافه.
وقال أحمد في رواية مهنا، في حديث معمر عن سالم، عن ابن عمر:"إن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة". قال أحمد: ليس بصحيح والعمل عليه، ويعني أن الحديث لم يصح، مع أن العمل عليه، بأن يطلق ما عدا أربع نسوة.
وكلام أحمد هذا ينطبق على المرسل الذي احتفت به القرائن، قال الإمام أحمد في حديث عراك، عن عائشة، تروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"حولوا مقعدتي إلى القبلة" هو أحسن ما روي في الرخصة وإن كان مرسلا فإن مخرجه حسن، ويعنى بإرساله أن عراكا لم يسمع من عائشة، وقال: إنما يروى عن عروة عن عائشة. فلعله حسنه لأن عراكا قد عرف أنه يروي حديث عائشة، عن عروة عنها.
قال ابن رجب:
"وظاهر كلام أحمد أن المرسل عنده من نوع الضعيف، ولكنه يأخذ بالحديث إذا كان فيه ضعف، ما لم يجئ عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه خلافه".