الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورغم هذا الخطأ بقي الإسناد المعل يحمل السلامة الظاهرة حتى كشف النقاد عن علته وعرفوا وجه التغيير الذي طرأ على الأصل. وقد يكون هذا الوهم ناشئا عن ملابسات خاصة بالإسناد، وقد يكون ناشئا عن الوهم المجرد، دون ملابسات خاصة ومثال الملابسات الخاصة أن يشتهر إسناد معين على لسان راو معين، كمالك، عن نافع، عن ابن عمر، أو كسعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أو كأبي بردة عن أبيه.
فكل حديث يروى عن مالك قد يسبق اللسان إلى: نافع عن ابن عمر، وفي واقع الأمر يكون مالك قد رواه عن غير نافع.
وقد أفرد ابن رجب رحمه الله في "شرح علل الترمذي"
قاعدة
لهذا النوع من العلة، وكأنها إشارة منه رحمه الله للباحثين أن يحصروا الأسانيد المشهورة، ثم يفتشوا عن كل إسناد خرج عن طريق المشهور.
(قاعدة) :
قال ابن رجب: "قال أحمد، في رواية ابنه عبد الله: ثنا محمد بن فضيل، ثنا عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر بضعة عشر حديثا كلها بهذا الإسناد إلا حديث "أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر" فإنه قال: عن عمارة بن القعقاع عن أبي صالح، عن أبي هريرة".
وفي قاعدة أخرى من قواعد ابن رجب هذه يقول رحمه الله:
(قاعدة) :
قال العجلي: "كل شيء روي عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني سوى رأيه فهو عن علي، وكل شيء روى إبراهيم النخعي عن عبيدة سوى رأيه فإنه عن عبد الله إلا حديثا واحدا".
مثال:
وقد مثل ابن رجب رحمه الله لهذا النوع فذكر حديثنا "في رفع اليدين في الصلاة""رواه حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن مرة، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن عبد الرحمن اليحصبي، عن وائل بن حجر، عن النبي صلى الله عليه وسلم."
وسئل عن ذلك أحمد: فقال: شعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين، القول قول شعبة، من أين يقع شعبة، عن أبي البختري، عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل؟.
قال ابن رجب "يشير إلى أن هذا إسناد غريب لا يحفظه إلا حافظ بخلاف علقمه بن وائل عن أبيه فإنه طريق مشهور"
مثال:
ومن الأمثلة التي ذكرها ابن رجب لمثل هذا النوع قوله:
"روى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن حبيب، عن أبي سبيعة الضبعي، عن الحارث، أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أحب فلانا. قال: "أعلمته"؟ قال: لا
…
الحديث، قال ابن رجب: هكذا رواه حماد بن سلمة، وهو أحفظ أصحاب ثابت، وأثبتهم في حديثه. وخالفه من لم يكن في حفظه بذاك من الشيوخ فرووه عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم وحكم الحفاظ هنا بصحة قول حماد، وخطأ من خالفه، منهم أبو حاتم، والنسائي، والدارقطني.
قال أبو حاتم: مبارك لزم الطريق. يعني أن رواية ثابت، عن أنس سلسلة معروفة، مشهورة، تسبق إليها الألسنة والأوهام، فيسلكها من قل حفظه بخلاف ما قاله حماد بن سلمة، فإن في إسناد ما يستغرب فلا يحفظه إلا حافظ وأبو حاتم كثيرا ما يعلل الأحاديث بمثل هذا".
وقد تكون علة الإسناد إبدال صحابي بآخر، ومثاله فيما يلي:
مثال:
أخرج الترمذي في العلل الكبير، قال: "حدثنا أحمد بن مبيع، نا يزيد بن هارون أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن سالم البراد، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى يفرغ منها: فله قيراطان، أحدهما، أو أصغرهما مثل أحد". سألت محمدا عن هذا الحديث سالم البراد، عن ابن عمر، فقال: رواه عبد الملك بن عمير، عن سالم البراد، عن أبي هريرة، وهو الصحيح، وحديث ابن عمر ليس بشيء، ابن عمر أنكر على أبي هريرة، حديثه" ومحمد في هذا المثال هو البخاري. ويقصد بقوله وحديث ابن عمر ليس بشيء أي هذا الإسناد الذي فيه ابن عمر لا يثبت. وقد استدل البخاري على علة الحديث بأن ابن عمر أخذ على أبي هريرة روايته مثل هذا الحديث، واستنكر.
أما الدارقطني فقد ذكر في علله أسانيد كثيرة دخل الوهم على بعض رواتها فغيروا فيها:
مثال:
"وسئل، أي الدارقطني، عن حديث محمد بن سيرين، عن أبي هريرة صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فلما انصرف رأى رجلين لم يصليا، فقال: علي بهما: ما لكما لم تصليا معنا؟ قالا: كنا في منازلنا، فظننا أنك قد صليت فصلينا، قال: لا تفعلا، إذا جئتما مسجدا والناس يصلون، فصليا معهم".