الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر عبد الغني بن سعيد، قال: سمعت الوليد بن القاسم، يقول: سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول: كان إسحاق بن راهويه، يقول: إذا قرأت فقل: قرأت، وإذا قرئ عليك فقل: قرئ وإذا حدثك فقل: حدثني، وإذا حدثكم فقل: حدثنا، قل كما كان.
قال عبد الغني: وبلغني عن أحمد بن حنبل نحوه.
وروي بإسناده عن أبي نعيم، قال: أتينا موسى بن علي بمكة، فقلت: حدثك أبوك؟ قال: لا، حدث القوم وأنا فيهم. فقلت: كيف تقول؟ قال: أقول: سمعت أبي.
المسألة الثالثة: الرواية بالمناوبة
وقد أسند الترمذي عن منصور بن المعتمر، أنه رخص في الرواية بها.
والمناولة نوع من أنواع الإجازة، إلا أنها أرفع أنواعها، وصورتها أن يدفع العالم كتابه إلى رجل، ويقول له: هذا حدثني أو كتابي، فاروه عني، أو نحو ذلك.
وممن رأى الرواية بها أيضا: الزهري، ومالك، والأوزاعي، في المشهور عنه، والليث وأحمد.
قال المروذي: قال أبو عبد الله: إذا أعطيتك كتابي، فقلت لك: اروه عني وهو من حدثني فما تبالي أسمعته أم لم تسمعه.
قال: فأعطاني المسند ولأبي طالب مناولة.
وقول يحيى بن سعيد، في رواية ابن جريج عن عطاء الخراساني: إنها ضعيفة لا شيء، إنما هي كتاب دفعه إليه، يدل على أنه كان لا يرى الرواية بالمناولة، إلا أن يحمل على أنه لم يأذن له في روايته عنه.
وفي جواز الرواية بذلك في هذه الحال خلاف بين أهل العلم ذكره أبو بكر الخطيب وغيره.
وروى الوليد عن الأوزاعي أن المناولة يعمل بها، ولا يحدث.
ومن أنواع المناولة أن يأتي الطالب إلى العالم بجزء من حديثه قد كتبه من أصل صحيح. فيدفعه إلى العالم، ويستجيزه إياه، فيجيز له، ويرده إليه، إلا أنهم اشترطوا أن ينظر فيه العالم ويصححه إن كان يحفظ ما فيه، وأن يقابل به أصله، إن كان لا يحفظه. وقد فعل ذلك مالك وأحمد ومحمد بن يحيى الذهلي، واشترطه أحمد بن صالح المصري.
وقال أحمد في رواية حنبل: المناولة لا أدري ما هي، حتى يعرف المحدث حديثه، وما يدريه ما في الكتاب؟.
قال: (وأهل مصر يذهبون إلى هذا، وأنا لا يعجبني.
قال أبو بكر الخطيب: أراه أراد أن) أهل مصر يذهبون إلى المناولة من غير أن يعلم الراوي هل ما في الجزء حديثه أم لا - والله أعلم -.
وهذا الذي ذكر الخطيب صحيح، وقد اعتمد أحمد في ذلك على حكاية حكاها له ابن معين، عن ابن وهب، أنه طلب من سفيان بن عيينة (أن يجيز
له رواية جزء) أتاه به في يده، فأنكر ذلك ابن معين، وقال لابن وهب: هذا والريح بمنزلة، ادفع إليه الجزء حتى ينظر في حديثه.
وقد روي عن ابن شهاب جواز ذلك أيضا، إلا أن الخطيب تأوله على أنه كان سبق علمه بما فيه، وفيه بعد.
وظاهر ما أسند الترمذي عن ابن جريج، وهشام بن عروة يدل على جواز ذلك أيضا.
وروى عن مالك ما يدل عليه.
وإن قال العالم: إن كانت هذه من حديثي، فحدث بها جاز، ومقالة مالك - رضي الله عن هـ - وظاهر الكلام أحمد يدل على أنه لا بد أن يكون المناول حاضرا، فإن أذن له في رواية شيء غائب لم يجز، فإنه قال في رواية الأثرم:
كان شعيب بن أبي حمزة عسرا في الحديث، فسألوه أن يأذن لهم أن يرووا عنه، فقال: لا ترووا هذه الأحاديث عني، ثم كلموه، وحضر ذلك أبو اليمان، فقال لهم: ارووا تلك الأحاديث عني.