الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
مراسيل الحسن
"
وأما مراسيل الحسن البصري ففي كلام الترمذي ما يقتضي تضعيفها مع مراسيل الشعبي، فإنه ذكر أن الحسن ضعف معبدا ثم روى عنه، وأن الشعبي كذب جابرا الجعفي ثم روى عنه، فتضعف مراسيلهما حينئذ، وما ذكره عن يحيى القطان أن مراسيل الحسن وجد لها أصلا إلا حديثا أو حديثين يدل على أن مراسيله جيدة.
وقال ابن عدي: سمعت الحسن بن عثمان يقول: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: كل شيء يقول الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث.
وخرج عبد الغني بن سعيد من طريق نصر بن مر زوق وسلمة بن مكتل، قالا: سمعنا الخصيب بن ناصح يقول: كان الحسن إذا حدثه رجل واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث ذكره. فإذا حدثه أربعة بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ألقاهم، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمة بن مكتل مصري، ذكره ابن يونس.
والخصيب بن ناصح مصري - أيضا - متأخر، لم يدرك الحسن، إنما يروي عن خالد بن خداش ونحوه، ويروي عنه أيضا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم.
قال محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي: سمعت علي بن المديني يقول: مرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات صحاح، ما أقل ما يسقط منها.
وقال ابن عبد البر: روى عباد بن منصور: سمعت الحسن، قال: ما حدثني به رجلان قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى محمد بن موسى الحرشي عن ثمامة بن عبيدة (ثنا) عطية بن محارب عن يونس، قال: سالت الحسن قلت: يا أبا سعيد انك تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تدركه.
قال: كل شيء سمعتني أقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عن علي بن أبي طالب - رضي الله عن هـ - غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا، وكان في عمل الحجاج.
وهذا إسناد ضعيف، ولم يثبت للحسن سماع من علي.
وذكر البخاري في تاريخه، قال: قال الهيثم بن عبيد (الصيد)
حدثني أبي، قال: قال رجل للحسن: انك لتحدثنا: قال النبي صلى الله عليه وسلم فلو كنت تسند لنا؟
قال: والله ما كذبناك ولا كذبنا، لقد غزوت إلى خراسان غزوة معنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا يدل على أن مراسيل الحسن، أو أكثرها عن الصحابة.
وضعف آخرون مراسيل الحسن:
روى حماد عن ابن عون، عن ابن سيرين، قال: كان ههنا ثلاثة يصدقون كل من حدثهم، وذكر الحسن وأبا العالية ورجلا آخر.
وروى جرير عن رجل عن عاصم الأحول، عن ابن سيرين قال: لا تحدثنا عن الحسن، ولا عن أبي العالية فانهما لا يباليان عمن أخذا الحديث.
وروى داود بن أبي هند عن الشعبي، قال: لو لقيت هذا يعني الحسن لنهيته عن قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صحبت ابن عمر ستة أشهر فما سمعته قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في حديث واحد.
وروى شعبة عن عبد الله بن صبيح عن محمد بن سيرين قال: ثلاثة كانوا يصدقون من حديثهم أنس، وأبو العالية، والحسن البصري.
قال الخطيب أراد أنس بن سيرين وفيه نظر.
وقال الإمام أحمد: (ثنا) أبو أسامة عن وهيب بن خالد، عن خالد
الحذاء، قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: كان أربعة يصدقون من حديثهم، أبو العالية والحسن وحمدي بن هلال، ورجل آخر سماه.
وقد كان ابن سيرين يقول: سلوا الحسن ممن سمع "حديث العقيقة". وسلوا الحسن ممن سمع "عمار تقتله الفئة الباغية".
وقال أحمد في رواية الفضل بن زياد: مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات، ومرسلات إبراهيم لا بأس بها. وليس في المرسلات أضعف من مراسيل الحسن وعطاء بن أبي رباح، فانهما يأخذان عن كل.
وقال أحمد في رواية الميموني وحنبل عنه: مرسلات سعيد بن المسيب صحاح لا نرى أصح من مرسلاته.
زاد الميموني: وأما الحسن وعطاء فليس هي بذاك. هي أضعف المراسيل كلها فإنهما كانا يأخذان عن كل.
وقال ابن سعد: قالوا ما أرسل الحسن ولم يسنده فليس بحجة.
وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله: ابن جريج كان لا يبالي من أين يأخذ، وبعض أحاديثه التي يرسلها، يقول: أخبرت عن فلان، موضوعه.
وممن تكلم من السلف في المراسيل ابن سيرين، وقد تقدم قوله: كانوا
لا يسألون عن (الإسناد) حتى وقعت الفتنة، وقوله لما حدث عن أبي قلابة: أبو قلابة رجل صالح، ولكن عمن أخذه أبو قلابة.
وكذلك تقدم قول ابن المبارك، لما روي له حديث عن الحجاج بن دينار عن النبي صلى الله عليه وسلم: بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع فيها أعناق الإبل.
وقد سبق كلام شعبة ويحيى القطان.
وكذلك ذكر أصحاب الشافعي أن مذهبه أن المراسيل ليست حجة، واستثنى بعضهم مراسيل سعيد بن المسيب، وقال: هي حجة عنده.
قال أبو الطيب الطبري: وعلى ذلك يدل كلام الشافعي. ومن أصحابه من قال: إنما تصلح للترجيح لا غير.
وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: ليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب.
خرجه ابن أبي حاتم في أول كتاب المراسيل عن أبيه عن يونس. وتأوله على أن مراده أن يعتبر بمراسيل سعيد بن المسيب.
وخرجه عبد الغني بن سعيد من طريق محمد بن (سفيان) بن سعيد المؤذن عن يونس به.
قال ابن أبي حاتم: وسمعت أبي وأبا زرعة يقولا: لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحاح. وكذلك قال الدارقطني: المرسل لا تقوم به حجة.
وخرج مسلم في مقدمة كتابه من طريق قيس بن سعد عن مجاهد، قال: جاء بشير بن كعب العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ابن عباس لا يأذن بحديثه ولا ينظر إليه. فقال: يا ابن عباس، ما لي أراك لا تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع؟
فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعبة والذلول لم نأخذ من الناس إلا بما نعرف.
ثم قال مسلم في أثناء كلامه: المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالإخبار ليس بحجة.