الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلاميذه، فعلا، ومن تلاميذه الذين أكدت المراجع أستاذيته لهم شمس الدين يوسف بن سيف الدين بن نجم الحنبلي الشيرازي (ت 751هـ) وعبد الله بن محمد بن قيم الضيائية.
-
4 - نشأته ورحلته
قيض الله - تعالى - لابن رجب عوامل كثيرة أسهمت في تكوين شخصيته العلمية الفذة، منها استعداده الفطري الموهوب، وأسرته الكريمة التي توارثت العلم كابرا عن كابر، وعصره المزدحم بالثقافة الموسوعية، والمعرفة المتنوعة، ونوابغ العلماء في كل مضمار.
هذه العوامل وجهت ابن رجب في مرحلة مبكرة نحو الطلب. وقبل سن التمييز أحضر مجالس العلم والعلماء، ولقد سجل هذا في طبقاته، فيقول أثناء ترجمة شيخه عبد الرحيم بن عبد الله الزريراتي (ت 741هـ) : درس بالمجاهدية ببغداد، وحضرت درسه، وأنا إذ ذاك صغير لا أحقه. ويبدو أن هذا كان قبل الثالثة من عمره، لأنه يصرح بالتمييز بعد الثالثة، فيقول: قرئ على جدي أبي أحمد وأنا حاضر، في الثالثة، والرابعة، والخامسة وما يهمنا من هذا أنه أحضر مجالس العلم وهو صغير لا يكاد يحق شيئا.
أما في الخامسة من عمره فقد فصل سماعاته بكل وعي ودقة وثقة، فنجده يقول: أخبرنا أبو الربيع علي بن عبد الصمد بن أحمد البغدادي، قرأت عليه وأنا في الخامسة. أو يحدد السنة التي سمع فيها فيقول: قرئ على أبي الربيع على ابن عبد الصمد، وأنا أسمع سنة 741هـ ببغداد.
وقد تلقى في هذا السن المبكر إجازات كبار العلماء في بغداد ودمشق، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مكانة أسرته العلمية، وأنها من الشهرة بحيث تكتب الإجازات إلى أبنائها، ويصرح ابن رجب بأنه تلقى الإجازات في طفولته المبكرة فيقول: وذكر شيخنا بالإجازة الإمام صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغديدي (ت 739هـ) - كما ذكر بعض علماء الشام الذين أجازوه، كالقاسم بن محمد البرزالي (ت 739هـ) ، ومحمد بن أحمد بن حسان التلي الدمشقي (ت 741هـ) . وقد ذكرنا سني الوفاة لهؤلاء الشيوخ للدلالة على أن الاجازات كانت وابن رجب في الثالثة أو الخامسة، وأن بعضها تلقاها ابن رجب وهو في بغداد من كبار علماء الشام.
هذه بدايات الطلب كما سجلتها بعض المراجع وأهمها كتاب ابن رجب نفسه الذيل على طبقات الحنابلة، ولكن أسرة ابن رجب، بما عرفت من مذاق العلم والرحلة فيه، لم تقف عند هذا الحد، بل حمل أحمد بن رجب أبناءه، ومنهم صحابنا، وتوجه بهم نحو مركز الثقل، ومجتمع العلم والعلماء، فدخل بهم دمشق سنة 744هـ، وبها سمع الوالد والولد كبار المسندين والمحدثين، وأدركا البقية الباقية من علماء القرن السابع، مثل شمس الدين محمد بن أبي بكر بن النقيب (ت 745 هـ) والإمام علاء الدين أحمد بن عبد المؤمن السبكي ثم النووي (ت 749هـ) . وفي دمشق سمع ابن رجب محمد بن إسماعيل الخباز
(ت 756هـ) ومحمد بن إسماعيل الحموي الدمشقي (ت 757هـ) ، ورحل إلى نابلس ليلتقي بجماعة من أصحاب عبد الحافظ بن بدران، ثم إلى القدس فسمع الحافظ أبا سعيد العلائي.
ورجع ابن رجب مع والده إلى بغداد سنة 748هـ، وقد ذكر هذا في طبقاته أثناء ترجمته لسليمان بن أحمد النهرماري البغدادي، فقال: وتوفي في جمادى الآخرة سنة 748هـ، وصلي عليه بجامع قصر الخلافة، وحضرت الصلاة عليه، ودفن بمقبرة الإمام أحمد بباب حرب، وفي بغداد قرأ على الشيخ أبي المعالي محمد بن عبد الرزاق الشيباني، وفي ذلك يقول: أخبرنا أبو المعالي محمد بن عبد الرزاق الشيباني بقراءتي عليه سنة 749هـ. ويحدد مكان هذه القراءة في موضع آخر فيقول: ببغداد.
ومن بغداد يتوجه مع والده إلى الحج، وبمكة يسمع ثلاثيات البخاري من الشيخ أبي حفص عمر بن علي بن الخليل البغدادي (ت 759هـ) - عاد بعد ذلك إلى دمشق حيث لزم شيخه ابن قيم الجوزية إلى أن مات سنة 751هـ.
وأما رحلته إلى مصر فقد كانت قبل سنة 754هـ وهي السنة التي توفي بها شيخه أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي، وقد أكثر عنه، ونص على ذلك بقوله: قرأت على أبي الفتح محمد بن محمد الميدومي المصري بها. كما لقي بالقاهرة محمد بن إسماعيل الصوفي المعروف بابن الملوك (ت 756هـ) وفي ذلك يقول: أخبرنا محمد بن إسماعيل الصوفي بالقاهرة والجدير بالذكر أن والده كان يرافقه في هذه الرحلة، فسمعا معا أبا الحرم القلانسي (ت 765هـ) .