المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث علل الإمام أحمد بن حنبل - شرح علل الترمذي - جـ ١

[ابن رجب الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الأول: مقدمة شرح علل الترمذي للدكتور همام عبد الرحيم سعيد

- ‌الباب الأول شرح علل الترمذي لابن رجب الحنبلي

- ‌الفصل الأول مقدمة في العلة وميدانها وأشهر علماء العلل

- ‌المطلب الثاني العلة في اصطلاح المحدثين

- ‌المطلب الثاني أهميته واتساعه

- ‌المطلب الثالث أشهر علماء هذا الفن

- ‌الفصل الثاني في التعريف بأصل كتاب شرح علل الترمذي ومنهج ابن رجب فيه وأشهر

- ‌المبحث الأول التعريف بأصل الكتاب وصاحبه

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول التعريف بكتاب العلل الصغير

- ‌المطلب الثاني التعريف بالإمام الترمذي (209 - 279ه

- ‌المبحث الثاني نظرة في مناهج كتب العلل المتقدمة

- ‌المبحث الثالث منهج ابن رجب في شرح علل الترمذي

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول "شرح علل الترمذي

- ‌المطلب الثاني القواعد والفوائد

- ‌المطلب الثالث ملاحظات عامة على منهج ابن رجب في الكتاب

- ‌المبحث الرابع دراسة أشهر مصادر ابن رجب في العلل

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول العلل، لعلي بن المديني

- ‌المطلب الثاني التاريخ والعلل، ليحيى بن معين

- ‌علل أحاديث من التاريخ والعلل:

- ‌الجرح والتعديل في التاريخ والعلل:

- ‌اختلاف الأقوال في الجرح والتعديل عند يحيى:

- ‌المطلب الثالث علل الإمام أحمد بن حنبل

- ‌المطلب الرابع علل الترمذي الكبير

- ‌المطلب الخامس علل الحديث: لعبد الرحمن بن أبي حاتم (ت 327ه

- ‌المطلب السادس العلل الواردة في الأحاديث النبوية

- ‌الفصل الثالث دراسة حول علم العلل من خلال كتاب ابن رجب "شرح علل الترمذي

- ‌المبحث الأول في أسباب العلة من خلال كتاب ابن رجب

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الثاني معرفة العلل والكشف عنها من خلال كتاب ابن رجب

- ‌المطلب الأول: معرفة العلة

- ‌المطلب الثاني وسائل الكشف عن العلة

- ‌المبحث الثالث في أنواع العلل من خلال كتاب ابن رجب

- ‌المطلب الأول علل الإسناد

- ‌إبطال السماع الصريح أو نفي السماع المتوهم بالعنعنة

- ‌ثانيا - علة موضوعها:

- ‌‌‌ قاعدة

- ‌ قاعدة

- ‌ثالثا - علة موضوعها:

- ‌رابعا - علة موضوعها:

- ‌خامسا - علة موضوعها:

- ‌قاعدة:

- ‌المطلب الثاني العلة في متن الحديث

- ‌قاعدة: في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه

- ‌المبحث الرابع الأشباه في العلل

- ‌تمهيد:

- ‌(قاعدة مهمة) :

- ‌الفصل الرابع دراسة لمباحث في مصطلح الحديث من كتاب شرح علل الترمذي

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول في المرسل عند ابن رجب مقارنا بآراء غيره من العلماء

- ‌المبحث الثاني في العنعنة عند ابن رجب مقارنا بآراء غيره من العلماء

- ‌دخول الوهم على الصيغ الصريحة يجعل التفتيش عن السماع في غير الصريحة أولى:

- ‌خلاصة رد ابن رجب على الإمام مسلم:

- ‌كلام ابن رجب في رده على مسلم:

- ‌كلام ابن رجب على الأسانيد التي وصفها والإمام مسلم بالصحة ولم يثبت اللقاء فيها:

- ‌المبحث الثالث في زيادة الثقة عند ابن رجب مقارنا بآراء غيره من العلماء

- ‌الباب الثاني: ترجمة ابن رجب عصره - حياته - جهوده في الحديث

- ‌الفصل الأول عصر ابن رجب

- ‌تمهيد:

- ‌تمهيد

- ‌(أ) الحالة السياسية

- ‌(ب) الحالة الاجتماعية

- ‌(ج) الحالة العلمية

- ‌الفصل الثاني حياة ابن رجب وشيوخه وتلاميذه وآثاره

- ‌المبحث الأول حياة ابن رجب

- ‌1 - اسمه ونسبه ولقبه وكنيته

- ‌ 2 - مولده

- ‌ 3 - أسرة ابن رجب

- ‌ 4 - نشأته ورحلته

- ‌ 5 - وفاته

- ‌ 6 - عقيدة ابن رجب

- ‌ 7 - تأثر ابن رجب بابن تيمية وبابن القيم ومخالفته لهما في بعض المسائل

- ‌ 8 - أخلاقه

- ‌ 9 - ثناء العلماء عليه

- ‌المبحث الثاني شيوخ ابن رجب الحنبلي

- ‌المطلب الأول شيوخ ابن رجب

- ‌المطلب الثاني ترجمة لأشهر شيوخ ابن رجب

- ‌المبحث الثالث تلاميذه وآثاره

- ‌المطلب الأول: تلاميذ ابن رجب

- ‌المطلب الثاني التعريف بأشهر تلاميذ ابن رجب

- ‌المطلب الثالث آثاره العلمية

- ‌الفصل الثالث جهود ابن رجب في الحديث رواية ودراية

- ‌تمهيد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول الرواية عند ابن رجب

- ‌المبحث الثاني دراية ابن رجب في الحديث

- ‌المطلب الأول شرح الترمذي لابن رجب

- ‌باب ما جاء في كراهة خاتم الذهب

- ‌طريق آخر:

- ‌‌‌طريق آخر:

- ‌طريق آخر:

- ‌‌‌‌‌‌‌طريق آخر:

- ‌‌‌‌‌طريق آخر:

- ‌‌‌طريق آخر:

- ‌طريق آخر:

- ‌المطلب الثاني شرح البخاري المسمى "فتح الباري" لابن رجب

- ‌نسخ الكتاب:

- ‌منهج ابن رجب في كتابه فتح الباري:

- ‌المطلب الثالث جامع العلوم والحكم

- ‌المطلب الرابع رسائل ابن رجب التي تضمنت شرح حديث واحد

- ‌الخاتمة في نتائج البحث

- ‌القسم الثاني التحقيق

- ‌وصف لنسخ كتاب "شرح علل الترمذي المخطوطة

- ‌رموز واصطلاحات التحقيق

- ‌الباب الأول" "شرح علل الترمذي" لابن رجب الحنبلي

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم وبع ثقتي وعليه توكلي

- ‌كتاب العلل

- ‌أسانيد أقوال الفقهاء عند الترمذي

- ‌كتاب العلل والرجال

- ‌أهمية علم العلل

- ‌كتاب الحديث والتصنيف فيه

- ‌أبو عيسى أول من تكلم على الصحيح والضعيف في جامعه، وأول من علل الأبواب

- ‌موقف الإمام أحمد من ذكر كلام الفقهاء مع الحديث، ورأي ابن رجب في ذلك

- ‌تدوين الكلام في العلل والتواريخ وأهميته

- ‌وجوب الكلام في الجرح والتعديل

- ‌الكلام في معبد الجهني

- ‌الكلام في طلق بن حبيب

- ‌الكلام في الحارث الأعور

- ‌ابن سيرين أول من انتقد الرجال وفتش عن الإسناد

- ‌بدء السؤال عن الإسناد

- ‌الرواية عن أهل الأهواء والبدع

- ‌من منع مطلقا

- ‌ومن قبل حديثهم

- ‌من فرق بين الداعية وغيره

- ‌حجة المانعين مطلقا

- ‌الرأي المختار

- ‌الإسناد وأهميته

- ‌جواز الرواية عن الضعفاء في الرقائق وضابط ذلك

- ‌المسألة الأولى: "رواية الثقة عن رجل هل ترفع جهالته ومتى ترتفع الجهالة

- ‌من روى عنه واحد ولكنه معروف

- ‌رأى ابن عبد البر فيما يرفع الجهالة

- ‌المسألة الثانية: الرواية عن الضعفاء أهل التهمة بالكذب (والغلط) والغفلة وكثرة الخطأ

- ‌التفريق بين الكتابة عن الضعفاء والرواية عنهم

- ‌المسألة الثالثة

- ‌أبان بن أبي عياش

- ‌أبو مقاتل السمرقندي

- ‌أهل الصدق غير الحفاظ

- ‌أقسام الرواة

- ‌رأي الجمهور جواز الرواية عن هؤلاء

- ‌من لا يحتج بحديث غير الحفاظ المتقنين

- ‌رأي ابن مهدي يوافق رأي الجمهور

- ‌محمد بن عمرو بن علقمة

- ‌عبد الرحمن بن حرملة

- ‌شريك بن عبد الله النخعي

- ‌أبو بكر بن عياش

- ‌الربيع بن صبيح ومبارك بن فضالة

- ‌محمد بن عجلان

- ‌محمد بن إسحاق بن يسار

- ‌حماد بن سلمة

- ‌ ابن أبي ليلى

- ‌مجاهد بن سعيد الهمذاني

- ‌عبد الله بن لهيعة

- ‌الرواية باللفظ والمعنى

- ‌أمثلة لرواية بالمعنى أحالت الحديث عن أصلة

- ‌جواز الرواية بالمعنى وأدلة ذلك من قال به

- ‌اتباع اللفظ ومن قال به

- ‌رأي في جواز النقص دون الزيادة

- ‌رأى ابن حبان اتباع اللفظ لمن ليس بفقيه

- ‌اعتراض على ابن حبان

- ‌الحفاظ المتقنون

- ‌أقسام الرواة

- ‌أخطاء الحفاظ

- ‌تراجم أعيان الحفاظ

- ‌15 - عبد الرحمن بن مهدي، ت 198

- ‌16 - وكيع بن الجراح مليح، ت 196

- ‌الأعلام الذين لم يترجم لهم الترمذي

- ‌17 - عبد الله بن المبارك

- ‌18 - الإمام أحمد بن حنبل، ت 241

- ‌19 - علي بن المديني، ت234

- ‌20 - يحيى بن معين، ت 233

- ‌21 - أبو زرعة، ت 264

- ‌22 - محمد بن إسماعيل البخاري

- ‌23 - عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ت 255

- ‌صيغ الأداء

- ‌أنواع التحمل

- ‌المسألة الأولى: مسألة العرض

- ‌من روى عنه الرخصة في العرض من التابعين

- ‌من كره العرض

- ‌الرواية عن الضرير والأمي إذا لم يحفظا

- ‌حكم التحديث من الكتاب إذا كان المحدث لا يحفظ ما فيه

- ‌المسألة الثانية: فيما يقول من عرض الحديث إذا حدث به

- ‌التفريق بين حدثني وحدثنا، وأخبرني وأخبرنا

- ‌المسألة الثالثة: الرواية بالمناوبة

- ‌قبول حديث أبي اليمان وتخريجه

- ‌المناولة بالكتابة

- ‌الشهادة على الكتاب المختوم

- ‌من فرق بين الرواية والشهادة

- ‌العمل بالوصية المختومة وعمل القاضي بكتاب القاضي

- ‌المسألة الرابعة: الرواية بالإجازة من غير مناولة

- ‌المرسل

- ‌الكلام ههنا في حكم الحديث المرسل

- ‌مرسل الزهري ومنزلته

- ‌مراسيل الحسن

- ‌القول الثاني في المسألة: الاحتجاج بالمرسل

- ‌مضمون كلام الشافعي

- ‌1" في نفس المرسل، وهي ثلاثة:

- ‌وأما مراسيل ابن المسيب

الفصل: ‌المطلب الثالث علل الإمام أحمد بن حنبل

ومع أن هذه الدراسة ليست موجهة للجرح والتعديل، إلا أن الكلام عن منهج الكتاب لا يكتمل إلا بهذا، بالإضافة إلى أن من العلل ما يرتبط بالجرح، كأن يروي الثقة عن ضعيف أو مجهول وغير ذلك.

‌المطلب الثالث علل الإمام أحمد بن حنبل

اعتمد ابن رجب اعتمادا كبيرا على أقوال الإمام أحمد في العلل، وهذا أمر لا بد منه لأن الإمام أحمد يعتبر بحق أستاذ فن العلل، وقد شاعت أقواله فيه وذاعت حتى استعصت على الإحاطة والحصر، ومرجع ذلك علمه الوفير، وشخصيته الفذة يضاف إليه ما امتاز به الإمام أحمد إذ أقبل عليه كثرة من التلاميذ الأوفياء الأذكياء العلماء، فسألوا الكثير، وكتبوا عنه الكثير. وقد كان بعض هؤلاء التلاميذ ممن يشار إليه بالفضل والفقه قبل التحاقه بصحبة الإمام أحمد. وقد اشتهر من هؤلاء عدد تناقل الناس مسائلهم، وجاء ذكرهم كثيرا في "شرح علل الترمذي" لابن رجب، منهم:

- مهنا بن يحيى الشامي، كتب عن أحمد بضعة عشر جزءا من المسائل، ولزمه ثلاثا وأربعين سنة، وأول لقيه له في مجلس سفيان بن عيينة.

- عبد الملك بن عبد الحميد الميموني، صحب الإمام أحمد من (سنة 202 - 227هـ) وكان في أحمد مثل ابن جريح في عطاء لكثرة مسائله.

- أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروزي (ت 275هـ) .

- أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم، نقل عن الإمام أحمد مسائل وصنفها ورتبها أبوابا.

- أبو طالب، أحمد بن حميد، المتخصص بصحبة الإمام أحمد ومسائله (ت 244هـ) .

ص: 70

- الحربي أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق (ت 285هـ) .

- حنبل بن هاني (ت 265هـ) .

- إسماعيل بن سعيد الشالنجي، وله مسائل كثيرة عن أحمد.

- أحمد بن محمد أبو الحارث الصائغ، روى عن أحمد بضعة عشر جزءا من المسائل.

- صالح بن الإمام أحمد بن حنبل، ومسائله كثيرة ومشهورة، (ت 266هـ) .

- عبد الله بن الإمام أحمد، ومسائله مشهورة، وأكثرها وصل إلينا (ت 290هـ) .

- أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، (ت 265هـ) وهو الإمام المشهور.

وأما ما وصلنا من هذه المسائل فقليل، وما وصل لم يسلم منه إلا أجزاء يسيرة، فيما عدا كتاب العلل ومعرفة الرجال، وكتاب مسائل الإمام أحمد فقد وصلا كاملين. وأما المسائل الأخرى فقد سلم منها:

(أ) جزء من مسائل الميموني.

(ب) جزء من مسائل صالح بن الإمام أحمد.

(ج) جزء من مسائل المروزي، في العلل.

(د) جزء من مسائل الأثرم في العلل.

والجدير بالذكر أن هذه الكتب متشابهة في طريقة العرض، وهي غير مرتبة ولا مبوبة بينما نجد المسائل الفقهية قد دخل عليها التبويب والترتيب كمسائل

ص: 71

المروذي في الفقه والجزء الأول من مسائل أحمد، لأبي داود السجستاني. ولمعرفة محتويات هذه الكتب وبيان منهج الإمام أحمد فيها نختار منها كتابا كاملا هو "العلل ومعرفة الرجال". وهو نموذج يمثل كل ما ورد عن الإمام أحمد في العلل.

وهذا الكتاب يرويه عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه، وتوجد منه نسخة كاملة في مكتبة أيا صوفيا تحت (رقم 3380) ، وهذه النسخة يرويها أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف (ت 359هـ) عن عبد الله بن الإمام أحمد، وقد قام الدكتور طلعت فوج بيكيت والدكتور إسماعيل جراح أوغلي بتحقيق الجزء الأول من هذا الكتاب، وقد وجدت في خزانة المكتبة الظاهرية بدمشق الجزء الثاني عشر من العلل ومعرفة الرجال، ولكنه من رواية أبي بكر مكرم بن أحمد بن مكرم عن عبد الله، وعلى هذا الجزء سماع ابن أبي يعلى الفراء.

وفي هذا الكتاب أسئلة وسماعات يقول فيها عبد الله: سألت أبي، وسمعت أبي وحدثني أبي، ومادة الكتاب عرضت بلا ترتيب ولا تصنيف. وحتى الخطوط الرئيسة والأقسام الكبيرة، التي رأيناها في علل ابن معين وابن المديني، حتى هذه معدومة في كتاب "العلل ومعرفة الرجال"، ولكن هذا ليس عيبا في الكتاب لأنه إجابات وأخبار عن القضايا اليومية التي تعترض الإمام وتلاميذه، وغزارة المادة والانشغال بالمتابعة والسماع يجعل مهمة التصنيف والترتيب عسيرة.

وقد استفاد كل من جاء بعد الإمام أحمد من هذا الكتاب، وكل أخذ منه

ص: 72

ما يدخل في اهتمامه، ومن أكثر الكتب اعتمادا عليه:"كتاب الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم وكتاب "الضعفاء" للعقيلي.

أما موضوعات الكتاب فإنها متنوعة، وأستطيع أن أجزم بأن مادته اشتملت على كل أبواب علوم الحديث، ففيه الكلام عن الثقات والرواة عنهم، والضعفاء، والمبتدعة، والمتروكين والمجاهيل، وفيه أخبار المدلسين، والكلام عمن أرسل الحديث، وكثير من تراجم رجال الأخبار فيذكر وفياتهم ومواطنهم، والقسم الأعظم والأكبر هو الكلام عن الأسانيد والمتون المعلة. ولهذا حق لنا أن نقول: إن كتب العلل هي الكتب الأولى لعلوم الحديث.

وكما سبق القول، فإن القسم الأعظم من هذا الكتاب يتعلق بروايات الثقات، سواء بذكر علل حديثهم، أو بذكر مراتب الرواة عنهم، أو ما يتعلق بتراجمهم مما له علاقة بحديثهم من رحلة أو اختلاط أو تدليس أو إرسال. والجدير بالذكر أنه يسوق مجموعة كبيرة من الأخبار محورها أحاديث شيخ واحد ويطيل في ذلك فهو يذكر علل أحاديث هشيم بن بشير، شيخه، في قرابة العشرين صفحة من صفحات الكتاب وفيها يلي بعض هذه الأحاديث التي ذكر علتها.

قال عبد الله:

"حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، عن سيار عن أبي وائل، قال: "لا يقرأ القرآن جنب ولا حائض".

قال أبي: لم يسمعه هشيم من سيار.

"سمعت أبي يقول: حدثنا هشيم قال: أخبرنا منصور، يعني ابن زاذان عن نافع أن امرأة صبحت قوما في سفر.. سمعت أبي يقول: لم يسمع منصور من نافع شيئا".

ص: 73

"حدثني أبي: قال، حدثنا هشيم عن مغيرة عن سماك - يعني ابن سلمة - قال: "رأيت ابن عمرو وابن عباس يتربعان في الصلاة" سمعت أبي يقول: لم يسمعه هشيم من مغيرة".

وهكذا فإن الإمام أحمد يستعرض الكثير من حديث هشيم ويكشف عن انقطاع أو تدليس فيه، وقد يثبت السماع النادر له، كأن يقول: هذان الحديثان سمعهما هشيم من جابر الجعفي، وكل شيء حدث عن جابر مدلس إلا هذين: عن أبي جعفر عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقدر يغلي فأخذ منها عرقا أو كتفا فأكله، ثم صلى ولم يتوضأ". وذكر حديثا آخر.

وفي موضع آخر نجد ذكرا مستفيضا لحصين بن عبد الرحمن المديني ويميزه عن حصين بن عبد الرحمن الحارثي الكوفي. وفي موضع ثالث نجده يستعرض حديث وكيع بن الجراح، من ذلك:

"حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن أبي كثير، عن أبي المنهال عن ابن عباس، قال أبي: كذا قال وكيع، وهو خطأ: إنما هو عبد الله بن كثير".

ثم نجده يعود فيتكلم عن حديث وكيع، رواية ونقدا، في موضع آخر ويفيض في ذلك.

ولو قدر لهذا الكتاب أن ترتب مادته، بحيث يجمع ما يتعلق بوكيع، وما يتعلق بشعبة، وما يتعلق بهشيم وغيرهم، لو قدر له ذلك، لكان على غاية من الفائدة لما يذكره من دقائق المعارف عن هؤلاء، وما يعالجه من أحاديثهم رواية ونقدا. وهو ما لا يوجد في كتاب من كتب التراجم المعروفة.

ص: 74

ومن القضايا المهمة في هذا الكتاب حصر الرواة عن شيخ ما، كأن يقول:

"هذه تسمية من روى عن عمر بن الخطاب - رضي الله عن هـ - من أهل مكة، روى عن عمر بن الخطاب من أهل مكة: يعلى بن أمية، وعبد الله بن الزبير، وأبو الطفيل، وعبد الله بن صفوان، وعبيد بن عمير. وأملى علي أبي: ومن أهل المدينة: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

" ويذكر عشرات الأسماء.

وخلال ذكره لهذه الأسماء يقف عند من اختلفت الأقوال في سماعه عن عمر، فيقول مثلا: وحميد روى عن عمر فلا أدري سمع منه أم لا، وقال ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن حميد: رأيت عمر.

ثم يواصل ذكر الرواة عن عمر - رضي الله عن هـ - من أهل البصرة، ثم من روى عن علي - رضي الله عن هـ - من أهل البصرة، ثم من روى عن عثمان من أهل المدينة، ثم من روى عن عمر من أهل الكوفة.

وهذا اللون من فنون الحديث نجده عند الإمام أحمد في علله يرتقي إلى أسلوب يدل على معرفته الواسعة، فهو يقول:

"هؤلاء الرجال من روى عنهم مسعر من أهل الكوفة وغيرهم، لم يسمع منهم شعبة: عمير بن سعد، وعبد الرحمن بن الأسود، وأبو بكر بن عمرو بن عتبة

" وهكذا.

وفي موضع آخر يقول:

"وهؤلاء من روى عنهم شعبة، ولم يسمع منهم سفيان: المنهال بن عمرو، وطلحة بن مصرف، والحكم بن عتبة وأبو عمرو يحيى بن عبيد

" وهكذا.

ص: 75

وفي موضع ثالث يقول:

حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو عن شعبة قال:

رأيت محمد بن المنتشر، وحبيب بن سالم والحسن بن أبي الحسن البصري

ويذكر ما يزيد على المائتين.

وفي موضع رابع يقول:

"هؤلاء من روى عنهم سفيان ولم يحدث عنه شعبة

" ويذكر ما يزيد على المائة.

وأما الجزء الثاني عشر الذي وجدته في الظاهرية بدمشق فهو من رواية القاضي أبي بكر مكرم بن أحمد بن مكرم البزاز عن عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل.

ومادة هذا الجزء تشبه مادة النسخة الأولى، فهي مسائل وسماعات متفرقة غير منتظمة بترتيب معين. وتجمع بين التضعيف والتوثيق وذكر العلل، والكنى.

وفيما يلي مثال من هذا الجزء يدور حول علة حديث:

قال أبي كنا عند سليمان بن حرب، فذكرنا المسح على الخفين، فذكرنا أحاديث، فجعل سليمان يقول: ذا لا يحتمل، وذا ما أدري. قلنا إيش عندك؟ قال: خالد عن أبي عثمان عن عمر، قال:"يمسح حتى يأوي إلى فراشه". قلنا: قال بعض الناس خالد لم يسمع من أبي عثمان شيئا، يقول ذلك بعض الناس، "ويروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يوقت". ويقول: خالد عن أبي عثمان! كأنه لم يرض منه بذلك".

ونلاحظ في هذا النص النقد الذي وجهه الإمام أحمد لرواية سليمان بن حرب هذه، وسليمان بن حرب من الثقات الحفاظ.

ص: 76