الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحافظ في الفتح: وقد بين الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة، والوقت الذي وقع فيه ذلك. فأخرج بإسناد له:"أن العباس لما استسقى به عمر قال: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة. وقد توجه القوم بي لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة، فاستقنا الغيث، فأرخت السماء مثل الحبال، حتى أخصبت الأرض وعاش الناس" انتهى.
وأما ما ذكره عن القسطلاني فمردود عليه، إذ لم يذكره بسند يرجع إليه، ولم يذكره أيضاً عن أحد من المحققين يعتمد عليه، فلا يلتفت إليه.
كذب حديث توسل آدم برسول الله
…
قال الملحد: "الثامن: حديث استغائة آدم بالرسول صلى الله عليه وسلم" وهذا الحديث من نوع المتواتر عند جمهور المفسرين والمحدثين بطرق عديدة عن عمر رضي الله عنه، والحجة البالغة في هذا الحديث: هي أن الرسول عليه الصلاة السلام كان في عالم الغيب، فهذا أبلغ في الحجة مما كان بعد وفاته".
والجواب: أن هذا الحديث وحديث قول الله تعالى لآدم: "لولا محمد ما خلقتك" وما في معناهما من هذه الروايات، كلها كذب موضوعة. ما أنزل الله بها من سلطان. فحقيقة الاستغاثة: هي الدعاء الذي هو مخ العبادة. وأما أصل خلق هذا العالم: ففي قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات، الآية:56] والله تعالى يقول في كتابه الكريم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران، الآية:144] .
وأما قول الملحد في هذا الحديث: "إنه من نوع المتواتر عند جمهور المفسرين والمحدثين بطرق عديدة عن عمر رضي الله عنه".
فهو قول لا أصل له يرجع إليه. فلذلك لم يذكر الملحد سند هذا الحديث، ولا واحداً من رواته عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فلو أفصح عن رواة هذا الحديث وطرقه- كما يقول- لنكص على عقبه. ولعرف أن له حظاً وافراً من قوله صلى الله عليه وسلم: من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب، فهو أحد
الكاذبين". فهذا الحديث وطرقه ورواته قد قابله أئمة أهل السنّة وأئمة أهل الحديث بالنبذ والسخرية كما ذكر ذلك الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله تعالى عن الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه قال: "اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يحدثك عن أبيه عن نوح" وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: سأل رجل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك عن أبيه عن جده: أن سفينة نوح طافت بالبيت وصلت ركعتين؟ قال: نعم، فهذا عبد الرحمن بن زيد هو راوي حديث استغاثة آدم بمحمد، وحديث "لولا محمد ما خلقتك".
وأما ما قاله أئمة أهل الحديث في هذا الحديث أيضاً: فقد قال الشيخ محمد بشير الهندي في كتابه "صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان" جواباً على هذا الحديث، أقول: العجب من المؤلف أنه ينقل عن الذهبي ما قال في وصف كتاب "دلائل النبوة" ولم يذكر ما قاله في حق هذا الحديث بالخصوص. قال الذهبي في الميزان: عبد الله بن مسلم أبو الحارث الفهري عن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم خبراً باطلاً. فيه: "يا آدم لولا محمد ما خلقتك" رواه البيهقي في دلائل النبوة. قال في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وفيه من لم أعرفهم. وقال أيضاً في " الصارم المنكي" وإني لأتعجب منه، كيف قلد الحاكم فيما صححه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الذي رواه في التوسل. وفيه قول الله لأدم:"لولا محمد ما خلقتك" مع أنه حديث غير صحيح ولا ثابت، بل حديث ضعيف الإسناد جداً. وقد حكم عليه بعض الأئمة بالوضع. وليس إسناده من الحاكم إلى عبد الرحمن بن زيد بصحيح، بل مفتعل على عبد الرحمن كما سنبينه. ولو كان صحيحاً إلى عبد الرحمن لكان ضعيفاً غير محتج به، لأن عبد الرحمن في طريقه، وقد أخطأ الحاكم في تصحيحه، وتناقض تناقضاً فاحشاً، كما عرف له ذلك في غير موضع. فأنه قال في كتاب الضعفاء- بعد أن ذكر عبد الرحمن منهم- وقال: ما حكتيه عنه فيما تقدم: أنه روى عن أبيه أحاديث موضوعة، لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه. وقال في آخر هذا