الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمام منهم، فليس لنا اعتراض عليها ونحن أعلم بها منه فإليها نرجع، وهي الحكم بيننا وبين هذا المفتري الضال، والله خير الحاكمين.
وأما إن كان يريد الفلاسفة والحكماء ودحلان وأمثالهم: فلا نلتفت إليه ولا ننظر في كتبهم إلا لرد باطلهم، وتفنيد أكاذبيبهم.
الملحد ليس على مذهب من المذاهب الأربعة
…
وأما قوله: "أرأيتم أم سمعتم – إلى أخره" فالجواب أننا قد رأينا وسمعنا: أن هذا المعترض ليس على مذهب من المذاهب الأربعة، بل هو من المفترين عليهم وهو أيضاً من المفترين على الأحياء والأموات، وهو الذي يدعي لنفسه ما ليس لها. وعند الامتحان يوم القيامة: سوف ينكشف جهله ويظهر الحق على باطله، فيكبه الله على وجهه مسوداً يوم تبيض وجوه أهل السنة والجماعة. وسيأتي هو إن شاء الله تحت لواء مسيلمة الكذاب. لأنه قد وافق مسيلمة بالكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم. أما شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: فسيأتي إن شاء الله تعالى تحت لواء سيد المسلمين لأنه من أنصاره والمجدد لما اندرس من ملته الحنيفية. فهو أحق بها وأهلها: {إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة، الآية: 120] .
عقيدة الملحد في التوسل والرد عليها
…
قال المعترض: "المسألة الثانية في التوسل والزيارة إذا سبق القضاء بشقاء إنسان، تنوعت عليه أساليب إغواء الشيطان، وتفتحت له أبواب الشقاء، فيدخل الشيطان الكفر عليه والعياذ بالله تعالى من باب العبادة، من حيث يرى فيه ميلاً إليه. وقد دخل علي في واقعة حال وقعت لي وأنا في المدينة، فالتزمت التوسل ونذرت صدقه فأتاني من حيث يميل طبعي، فقال: إذا كان القضاء مبرماً والقدر مقدراً، فما فائدة التوسل والصدقة؟ فاتركهما والزم التوكل والتسليم فوقع في نفسي هذا الكلام وملت إليه لكن الله اللطيف أراني في تلك الليلة رؤيا عصمني بها من شر هذا الخبيث".
أقول: إنه مما يجب التنبيه عليه ههنا:
أولاً: هو بيان معنى التوسل والزيارة في عرف ومذهب هذا المعترض لئلا
يلتبس الحق بالباطل. فإن التوسل والزيادة عنده هما: دعاء الأموات استقلالاً من دون الله تعالى، والغلو بالقبور وأصحابها وجعلهما أوثاناً تعبد من دون الله تعالى. وهكذا يتذرع أعداء الله وأعداء رسول الله – لستر ضلالهم – بذكر الأسماء فقط، وقلب الحقائق. فيصادمون نصوص الكتاب والسنة، ويحرفونها عن مواضعها، وقد مهد هذا المعترض لما يسميه مسألة "التوسل والزيادة" بكلام هو أحق به. لأنه ينطبق على قوله وعمله وقد شهد بذلك على نفسه فقال:"وقد دخل علي الشيطان في واقعة حال وقعت لي وأنا في المدينة" إلى آخر القصة. فرجل – كهذا الأحمق – ينزل نفسه منزلة العلماء بل منزلة من يزعم أنه من الأولياء، يقر على نفسه بأن الشيطان دخل عليه فشككه في مسألة من الدين، لا تخفى إلا على الجهلة الطغام أمثاله. وهي أن التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة – من الدعاء ونذر الصدقات لوجه الله تعالى – ينافي التوكل على الله، والتسليم لقضائه وقدره، وأنه أيضاً أتاه الشيطان من حيث يميل طبعه، وهذه شهادة أخرى على جهله وأنه يميل إلى التشكك في أمور دينه. ولم يجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يدفع به شر هذا الخبيث. حتى رأى رؤيا في المنام عصمه الله تعالى بها – بزعمه – من شر هذا الخبيث، والواقع أنه زاد استخذاءً له، وازداد تمكن الشيطان منه بزيادة غفلته وعماه عن هدى الله في كتابه وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
نقول: إن هذا رجل أجنبي عن دين الإسلام، فما هو دخل الرؤيا في الأحكام – نفياً أو إثباتاً – ثم ما غرض هذا المشعوذ من إيراد هذه القصة الزائفة، إلا ليزكي بها نفسه، ويعلن أنه من الأولياء الذين يزعم أنهم يأخذون الأحكام من ذات النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مشافهة. وذلك إما بطريق الرؤيا، أو بكشف الحجاب، وأن ذلك يغنيهم عن النظر في الكتاب والسنة؟ هذا ما يقوله فيما تقدم من رسالته هذه. ولولا تزكية هذا الأحمق لنفسه ما كان لإيراد هذه القصة معنى ولا فائدة، إلا فضيحة نفسه، والله تعالى لا يصلح عمل المفسدين.
وأما قول المعترض: "وقد يرمي الإنسان في شرك الشرك من طريق الطاعة
كما رمى الوهابيين وإخوانهم بإغواهئم على أن التوسل بجاه الرسول عليه الصلاة والسلام وزيارة قبره الشريف: شرك بالله ومناف للتوحيد، وأغواهم بما جاء في القرآن العظيم بحق المشركين. فذهب بإيمانهم تحت ستار العبادة، وغرس في قلوبهم بغض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاداته بتعليل الطاعة، ففسروا الزيارة بمعاني عبادة الأوثان، وشبهوا التوسل بما يفعله مشركو العرب وغيرهم فانظر ما أشقاهم وأحمقهم وأبعدهم عن الحق".
فنقول: إن دعوى المعترض على الوهابيين وإخوانهم بأنهم يقولون: إن التوسل بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره الشريف: شرك بالله ومناف للتوحيد، كذب وافتراء من المعترض، بل إن الوهابيين وإخوانهم يقولون: إن التوسل بجاه المخلوقين كافة لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا فعله أصحابه، ولا التابعون من بعدهم، ولا قال به الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى. وإذا كان ذلك كذلك فهو خلاف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه رضي الله عنهم. وكذلك التابعون من بعدهم فيكون ذلك مردوداً على من جاء به بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية: "من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد" هذا ولو لم يكن في هذا الحدّث إلا مخالفة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام ومخالفة عمله وعمل أصحابه رضي الله عنهم والتابعين من بعدهم، لكفى في رده. فضلاً عن أنه من أعظم وسائل الشرك في عبادة الله تعالى، كما هو معروف اليوم من أعمال الجهلة الغلاة بالقبور والمقبورين.
وأما زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فإنها عند الوهابيين من أفضل الأعمال، وكذا زيارة المسلمين فإنها سنّة، وذلك على ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته فيما علمه لأصحابه. وأما شد الرحال لزيارة القبور كافة: ففيها خلاف بين العلماء وحجة المانعين لشد الرحال إليها أقوى.