الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما قوله: "إن الشيطان أغوانا، وإننا نزعم أن زيارة قبور الرسل والأنبياء والتوسل بجاههم شرك بالله تعالى".
فهذا كذب، والذي ننكره من ذلك هو ما صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه وكل ما فيه صرف حق الله تعالى لغيره كما تقدم ذكره آنفاً.
وأما قوله: "أننا نتزلف للأمراء، وأن هذا التزلف منا أقبح من عبادة الأوثان والأصنام".
فهذا القول من هذا الملحد من هذر المجانين، ونزغات الشياطين، التي تحلى بها وبأمثالها من الأقوال الباطلة هذا الأحمق.
إقامة المواليد بدعة وضلالة
…
وأما قوله: "زعموا أن القيام في المولد الشريف بدعة.
فالجواب: أن القيام والقعود وإقامة الموالد كله بدعة، إذا يقترن بها ما هو واقع فيها اليوم من المفاسد وأنواع الفسوق. فإذا انضمت إليها هذه المنكرات التي يجب أن صان عنها جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم ويطهر ذكره عن أوساخها، فلا يشك عاقل- فضلاًً عن عالم- في أنها من البدع المحرمة التي لم تكن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه ولا القرون المفضلة من بعدهم. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية: " من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد".
فهل لهذا الملحد أن يأتينا بدليل عن الله تعالى أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم في إقامة هذه الموالد، أو عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، أو أحد من التابعين، أو أحد من الأئمة الأربعة؟ وإذا كان هذا ليس معروفاً من أقوال وأفعال من ذكرناهم فلا شك ولا ريب في أنه مردود على قائله، مأزور فاعله بنص حديث عائشة رضي الله عنها الذي قدمناه آنفاً.
قال الملحد: "تتبعت المظان من الكتب لأعرف أول قائل بهذه الضلالة،
وداع إليها. فما وجدت لها أثراً عن أحد من علماء أهل السنّة قبل الشيخ أحمد بن تيمية، فتعقبت ما عرفت من مؤلفاته، لأقف على نص صريح له فوجدته ذكر هذه المسألة في موضعين من كتابه "الجواب الصحيح" الأول في صحيفة (121) من الجزء الأول، والثاني في صحيفة (55) من الجزء الثاني. نقل في الأول حديث:"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وحديث: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك" وحديث:"لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". ثم قال: إلى أمثال ذلك مما فيه تجريد التوحيد لله رب العالمين، صم استطرد في تشبيه ما جاء في هذه الأحاديث بعبادة الشمس والقمر والأوثان والصور والسجود لها والاستشفاع بها وبأصحابها- إلى أن قال-: وإن كان يذكر عن بعض الأنبياء تصوير صورة لمصلحة فإن هذه من الأمور التي قد تنوعت فيها الشرائع بخلاف السدود لها، والاستشفاع بأصحابها. فإن هذا لم يشرعه نبي من الأنبياء ولا أمر أحد قط من الأنبياء أن يدعي غير الله عز وجل، لا عند قبره ولا في مغبيه، ولا يتشفع به في مغيبه بعد موته، بخلاف الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، ويوم القيامة وبالتوسل به بدعائه والإيمان به، فهذا من شرع الأنبياء عليهم السلام، وانتهى. فانظر ما في هذا الكلام من التلاعب والتقلب، والقياس الفاسد، والتهور الذي أدخله في زمرة محرفي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مواضعه، فالأحاديث التي استدل بها وحرفها صريحة في النهي عن الجلوس على القبور، كما يفعله أهل زماننا نساء ورجالاً والصلاة إليها، كما يفعله الوثنيون. ليس فيها نهي عن الزيارة، ولا تشبيه من يزور قبر نبي أو غيره بعابد الشمس والقمر وغيرهما. وسيأتي حيث النهي عن الزيارة ثم إباحتها، وأنه عليه الصلاة والسلام كان يزور أهل البيقع، ويستغفر لهم. ونعوذ بالله من الغلو المؤدي إلى خرق إجماع الأمة من عهد الرسول إلى اليوم، وتشبيه كافة المسلمين بعبادة الشمس والقمر والأوثان. ولا يغرنك ما رأيته من استثناء الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنه حصر الاستثناء في حياته ويوم القيامة ومن هذا الحصر تفهم
اعتقاده بتحريم زيارة القبر الشريف، والتمويه بعدم إنكاره ما جاء في كلام الله، وإنكاره الأحاديث الواردة بحق الزيارة والتوسل والاستشفاع. فهل بعد هذا الضلال ضلال؟ والعياذ بالله.
وأما كلامه الثاني: فإنه بعدما نقل آيات في حق المشركين قال: وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء، الآية:25] فالمسيح صلوات الله وسلامه عليه ومن قبله من الرسل إنما دعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له. وفي التوراة من ذلك ما يعظم وصفه، لم يأمر أحد من الأنبياء بأن يعبد ملك، ولا نبي، ولا كوكب، ولا وثن. ولا تسأل الشفاعة إلى الله من ميت ولا غائب ولا نبي ولا ملك فلم يأمر أحد من الرسل بأن يدعو الملائكة ويقول: اشفعوا لنا إلى الله. انتهى.
فانظر ما في هذا الكلام من الخلط والضلال:
أولاً: قياسه التوسل والاستشفاع على عبادة النصارى والوثنيين للصور والأوثان.
ثانياً: جعل الاستشفاع والتوسل بهذا القياس من المكفرات.
ثالثاً: استثناء الأحياء والحاضرين وحصر التحريم بالأموات والغائبين، وإدخال الملائكة مع الأموات والغائبين. مع أن الملائكة ليسوا أمواتاً ولا غائبين والتوسل والاستشفاع بالحي أقرب لمظنة الشرك من الميت، وجميع الفرق المشركة ما قالوا بألوهية حدثت لميت بعد موته، بل كلهم قالوا بألوهية أحياء وكلهم ينكرون موت آلهتهم، وسيأتي في البحث الثالث إن شاء الله من كلام الله تعالى رسوله ما يثبت به ضلال هذا المضلّ ويدحض افتراءه على الله وأنبيائه، فلعمر الحق إن كلام هذا الرجل إن لم يكن عن فسق وزيغ فهو أجدر بالجنون واختلال العقل".
والجواب أن نقول: سبحانك هذا بهتان عظيم. إن هذا الملحد الدجال بعدما افترى ما افتراه على الوهابيين من الكذب: بأنهم يقولون: "إن التوسل