الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسؤالهم ما لا يجيب فيه المضطر إلا رب العالمين، إلا كل جاهل أحمق، ضال مضل عن سبيل المؤمنين. فإن هذا الحديث يخبر عن يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع فيه كل ذات حمل حملها. وترى الناس فيه سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد، يوم تشخص فيه الأبصار إلى العزيز الجبار وحده، يوم يفزع العباد فيه جميعاً إلى ربهم الواحد الأحد، مخلصين له الدعاء مقدمين فيه إمامهم محمداً المصطفى عليه وعلى جميع الأنبياء والرسل صلاة وسلامه، طالبين منه رفع هذا الدعاء إلى ربهم أرحم الراحمين، راجين منه كشف هول هذا الموقف العظيم، الذي تبيضّ فيه وجوه الموحدين، وتسودّ فيه وجوه دعاة الأموات والغائبين. موقف الفصل والجزاء، إما نعيم مقيم أو عذاب أليم. فأين حجة دعاة الأموات في هذا اليوم العظيم؟ فقد خاب تضليلهم وتحريفهم الكلم عن مواضعه.
هذا هو جوابنا على استدلالهم بهذا الحديث على جواز دعاء الأموات والغائبين.
أقوال علماء السلف في حديث الشفاعة
…
وأما ما أجاب به بعض العلماء المحققين: فقد قال الشيخ الجليل محمد بشير الهندي في كتابه "صيانة الإنسان، عن وسوسة دحلان"- لما ساق حديث الشفاعة- أقول: هذا ليس مما نحن فيه، فإن الاستغاثة بالمخلوق على نوعين:
أحدهما: أن يستغاث بالمخلوق الحي فيما يقدر على الغوث فيه، مثل أن يستغيث المخلوق بالمخلوق ليعينه على حمل حجر، أو يحول بينه وبين عدوه الكافر، أو يدفع عنه سبعاً صائلاً، أو لصاً أو نحو ذلك. ومن ذلك: طلب الدعاء لله تعالى من بعض عباده لبعض. وهذا لا خلاف في جوازه. والاستغاثة الواردة في حديث المحشر: من هذا القبيل. فإن الأنبياء الذين تستغيث العباد بهم يوم القيامة يكونون أحياء، وهذه الاستغاثة إنما تكون بأن يأتي أهل المحشر هؤلاء الأنبياء يطلبون منهم: أن يشفعوا لهم إلى الله سبحانه، ويدعوا لهم بفصل الحساب، والإراحة من ذلك الموقف، ولا ريب أن الأنبياء قادرون على
الدعاء، فهذه الاستغاثة تكون بالمخلوق الحي فيما يقدر على الغوث فيه.
والثاني: أن يستغاث بمخلوق ميت أو حي فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى. وهذا هو الذي يقول فيه أهل التحقيق: إنه منكر غير جائز. انتهى.
وقال الشيخ الجليل محمود شكري الألوسي في كتابه "فتح المنان" لما ساق حديث الشفاعة:
والجواب: أن استغاثة الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآدم ثم بنوح، ثم بموسى- إلى آخر الحديث- فهذه شفاعة بالدعاء واستغاثة بما يقدر عليه المستغاث، مستحسنة عقلاً وشرعاً. ومن ذلك: الرفقة يستغيث بعضهم بعضاً، أي في مهماتهم التي يقدرون عليها. وكذلك ما طلب الناس من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم التي هي الدعاء. ولذلك يقول سيد الشفعاء صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث:"فأجيء فأسجد" وأن الله تعال يلهمه من الثناء والدعاء شيئاً لم يفتحه لغيره صلى الله عليه وسلم. فعند ذلك يأذن الله له في الشفاعة. ويقول له كما ورد في الحديث: "يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع" وهذا ظاهر جداً. انتهى.
وأما قول الملحد: "وقد سلم ابن تيمية بهذا الحديث وما كابر بإنكاره".
فنقول لهذا الملحد: إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يكابر بإنكار الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل يحميها عن تحريف المحرفين، وتأويل المبطلين أمثالك، وأمثال من قلدتهم على عمى، دحلان والنبهاني ويكابر أشد المكابرة في إنكار أحاديثكم الموضوعة التي لا أصل لها عن الله ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم. بل هي دعاية شيطانية، لتشريك المخلوق مع الخالق دل جلاله في خالص عبادته. الذي هو الدعاء، ألست أيها الملحد العدو الألد لسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحًملتها، إذ تحرم العلم بنصوصها؟ هل ترمي من يدعو إليها بالزندقة، ألست القائل في رسالتك هذه الضالة: "وأما قولكم: إنكم ما خرجتم عن الإجماع فهذا هو المغالطة. لأنا بينما كنا نباحثكم على إجماع الفقهاء والتعامل، التجأتم إلى الإجماع على كتب الحديث. ومع هذا فأخبرونا متى أجمعت الأمة