الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ختم الكتاب بجمع الألفاظ الواردة في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ذكر قبل ذلك بعدة أوراق كلاماً يشير به إلى التشنيع على شيخ الإسلام وهو قوله: "ولا شك أن من قال: لا يزار أو لا يسافر لزيارته، ولا يستغاث به بعيد من الأدب معه. نسأل الله العافية".
لم يحرم شيخ الإسلام ابن تيمية زيارة القبور على الوجه المشروع بل منع تعظيمها وشد الرحال إليها اتباعا للسنة
…
وليعلم قبل الشروع في الكلام مع هذا المعترض: أن شيخ الإسلام لم يحرم زيارة القبور على الوجه المشروع في شيء من كتبه، ولم ينه عنها ولم يكرهها، بل استحبها، وحض عليها. ومناسكه ومصنفاته طافحة بذكر استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسائر القبور.
ثم ذكر طرفاً من نصوص كلام شيخ الإسلام في مناسكه باستحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها. قال في آخره: هذا كلام الشيخ بحروفه وكذلك سائر كتبه، ذكر فيها استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم القبور وإنما تكلم على مسألة شد الرجال وإعمال المطي إلى مجرد زيارة القبور، وذكر في ذلك قولين للعلماء المتقدمين والمتأخرين:
أحدهما: القول بإباحة ذلك، كما يقوله بعض أصحاب الشافعي وأحمد.
الثاني: أنه منهى عنه، كما نص إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى.
ولم ينقل عن الأئمة الثلاثة خلافه وإليه ذهب جماعة من أصحاب الشافعي وأحمد. هكذا ذكر الشيخ الخلاف في شد الرحل، وإعمال المطي إلى القبور، ولم يذكر في الزيارة الخالية عن شد رحل وإعمال مطي والسفر إلى زيارة القبور. ومسألة زيارتها من غير سفر مسألة أخرى. ومن خلط هذه المسألة بهذه المسألة وجعلهما مسألة واحدة، وحكم عليهما بحكم واحد، وأخذ في التشنيع على من فرق بينهما، وبالغ في التنفير عنه فقد حرم التوفيق، وحاد عن سواء الطريق
واحتج الشيخ لمن قال بمنع شد الرحال وإعمال المطي إلى القبور بالحديث المشهور المتفق على صحته وثبوته، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى" هكذا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما بصيغة الخبر "لا تشد الرحال" ومعنى الخبر في هذا معنى النهي، يبين ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تشدوا الرحال إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى" هكذا رواه مسلم بصيغة النهي ورواه الإمام إسحاق بن راهويه في مسنده بصيغة الحصر: "إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد: مسجد إبراهيم، ومسجد محمد، ومسجد بيت المقدس". وقد روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة النهي: "لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس" هذا هو الذي فعل الشيخ، حكى الخلاف في المسألة بين العلماء واحتج لأحد القولين بحديث متفق على صحته. فأي عتب عليه في ذلك؟ ولكن نعوذ بالله من الحسد والبغي، وإتباع الهوى. والله سبحانه المسؤول أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه، من العمل الصالح، والقول الجميل، فإنه يقول الحق وهو يهدي السبيل.
انتهى المقصود من نقل ما أردنا نقله من مقدمة كتاب "الصارم المنكي في الرد على السبكي" لبيان طريقة هؤلاء الوثنيين وأئمتهم الضالين، وما يموهون به على الجهال من ذكر الأسماء مع تغيير الحقائق والادعاءات الكاذبة.
وأما قول الملحد: "فلما قام محمد عبده إلى آخر ما قاله في حقه من الافتراء، مستنداً إليه أنه هو الذي طبع كتاب "الصارم المنكي في الرد على السبكي" وأنه بطبع هذا الكتاب أحيا هذه الضلالة" ويعني بهذه الضلالة: تحقيق التوحيد لله تعالى وحده لا شريك له، والرد على عباد القبور وأمثاله.