الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتهى ما أردت نقله لتكذيب دعوى هذا المفتري ففيما أشرت إليه من بيان علماء مصر واليمن والهند كفاية لطالب الحق.
نقض ما زعمه الملحد من طغيان الوهابيين وبغيهم بالحجاز
…
وأما قول المعترض: "حتى طغوا وبغوا وتغلبوا على الحجاز وناظرهم العلماء، فكشف الله الستر عنهم".
فنقول: هذا محض افتراء من المعترض، وقلب للحقائق. بل هذا من جملة بهته وادعاءاته الباطلة. ونحن نورد من كلام العلماء المحققين والأئمة المؤرخين ما يكذب دعواه هذه. وأن الوهابيين لم يبدأوا أحداً بالقتال ولم يعتدوا على جيرانهم بالحجاز والعراق حتى غزاهم جيرانهم في عقر دارهم ومنعوهم من حج بيت الله الحرام حتى آل الأمر إلى تجذيب النساء مع النساء من تحت أستار الكعبة في وقت الشريف مسعود وبعده، فلما حيل بينهم وبين أداء ركن من أركان الإسلام تعين عليهم الجهاد فلما مكن الله لهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر لا كما يقول المعترض المفتري.
كلام المؤرخ المصري في أن الوهابيين طهروا الحجاز من الشرك والفساد
…
وهذا ما ذكره العلامة محمود فهمي المصري في كتابه البحر الزاخر: قال رحمه الله تعالى: ومع ما كان عليه الوهابيون من الحروب والمبارزات في بلاد العرب لم يعتدوا على حقوق الحكومتين المجاورتين لهم، وهما حكومة بغداد والحجاز، وكانت قوافل الحجاج تمر من وسط أراضيهم من غير أن يحصل لأي قافلة ضرر أو انزعاج وكانوا في أحوال أخوية ودية مع الشريف سرور شريف مكة. وفي سنة 1781 (1) بعد الميلاد استحصلوا على رخصة منه في أداء حجهم وطوافهم بالكعبة فتولد من زيادة قوتهم ونفوذ شوكتهم اشتعال نار الغيرة والحسد في قلب الشريف غالب. وفي ظرف بضع سنين من تقلده الحكومة وتوظفه شريف بعد الشريف سرور أعلن حرباً على الوهابية. وكانت طرائق هذا الحرب مثل طرائق حرب البدو متقطعة بهدنات صغيرة قصيرة المدة. ولما انتظمت مخابرات الشريف غالب مع الدولة التركية العثمانية لم يهمل أدنى طريقة
(1) هذا التاريخ يوافق بالهجري 1196هـ.
يمكنه إجراؤها في تمكين الدولة العثمانية من إدخال عساكرها في بلاد العرب لأجل الوقوع بالوهابيين إلا وأجراها وادعى أنهم من الملحدين الكافرين، وأن معاملتهم مع قوافل الحجاج التركية من أقبح الأعمال الفاسدة المضرة بالدين. وبمثل هذه الأقوال عرض للدولة العثمانية بعض ولاة بغداد من الباشوات الحكام بما أنهم يشاهدون في كل سنة غارة وهجوماً على الأراضي المجاورة لبغداد من هؤلاء الثائرين، وكونهم ضربوا سنوياً ضرائب وعوائد يجمعونها من قوافل الأعجام الذين يتوجهون إلى الحج نظير مرورهم من أرضهم وخفارتهم في الصحارى – ثم ذكر تجهيز سليمان باشا والي بغداد حملة للهجوم على الدرعية ورجوعها بالفشل والتعاسة. ثم ذكر غزوة سعود لكربلاء ومحاصرته للطائف واستيلاءه على جميع أرض الحجاز، ومن بعد عدة وقائع مع الشريف غالب وحصاره في مكة – قال: وكانت مخازن المأكولات تحت يد الشريف غالب وعساكره فقط، ولما فرغت هذه المأكولات تقهقر إلى جدة مع جميع عائلته وأتباعه ومتاعه، وقبل خروجه من سرايته أضرم النار فيها لأجل حرق ما فيها من الأدوات والأمتعة التي ما أمكنه حملها معه. وبهذه الحالة خلصت مكة من شره وعاقبة أمره. وفي اليوم الثاني خرج وجوه أهل مكة وعمدها لملاقاة الوهابي والخضوع إليه، وتسليمه مكة لما يعلمون فيه جيداً من حسن النظام واعتمدوا على عدله في عدم ضررهم وخراب أملاكهم. وصدرت الأوامر في الحال من رئيس هؤلاء المنصورين للأهالي والسكان بفتح دكاكينهم، وكل شيء يطلبه العساكر يباع لهم، ويدفع ثمنه في الحال نقداً. ولا ريب أن هذه الحركة هي رأس الإدارة والسياسة – ثم ذكر هدمه لجميع القباب المبنية على القبور وإبطاله جميع القهاوي والخمارات وجميع محال المشروبات والمسكرات، وكسر أوانيها وإراقة مائعاتها، وأمر بجمع الشيش والجوز وعيدان الدخان وأحرقها بحضوره وحرم شرب الدخان والتنباك وجازى شاربهما بأشد العقاب. فانجبر الأهالي رغم أنفهم على الانقياد لهذا الأمر من دون حصول أدنى مجاملة وقلد زمام حكومة مكة إلى عبد المعين أخي الشريف غالب، وأرسل بهذا الفتح