الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معجزة المصطفى المخصصة بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة" فهدموه وأعدموه وقرروا التوحيد في تبالة وبينوه، فحقيق لمن هذا حالهم وفعالهم أن يتشرف القرطاس والمداد بنشر فضائلهم في البلاد وبين العباد، انتهى.
وفيما ذكرته كفاية لرد كيد هؤلاء الملحدين، وبيان ضلالهم وتعمدهم البهت والافتراء على أهل العلم والفضل، الداعين إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل على كل ظالم.
طعنه في آل الشيخ والرد عليه
…
قال المعترض: "فرحل اللعين من بلده ونزل على ابن مسعود (1) في الدرعية، وما زال نسله فيها إلى الآن ويلقبون بأولاد الشيخ وكان يسمي جماعته من أهل بلده الأنصار ويسمي من يتبعه من غيرهم المهاجرين".
أقول: قد تكرر من هذا الزنديق نعته للشيخ محمد "باللعين" وسواء وجه اللعن إلى الشيخ رحمه الله تعالى بهذه الصيغة أو لعنه مباشرة فإن قصده واحد وهو استحلال لعن العلماء الذي منعه جمهور علماء أهل السنة، لكن هذا الملحد ليس منهم وليس له أصل يقف عنده، ولا رب يخشاه فيقف عند حده. وقد قدمنا قول من لا نشك في صدقه، وهو أن دحلان هذا رافضي خبيث قد أخفى أمره، فإنهم يستحلون لعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم. وقد اشتهرت هذه الطائفة الملعونة بافتراء الكذب وبهت الأبرياء، فكان لهذا الملحد الزنذيق منهم الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر الأخسر، وقد قلده فرخ زندقته "الحاج مختار"المقلد الأعمى الذي قد غرق في لجة من الجهل والعجب بنفسه، حتى ألقياه في الحضيض الأسفل من الردى.
وأما قوله: "ونزل على ابن مسعود" فهذا المعترض لا يحسن حتى ضبط الأسماء المشهورة المعروفة لكل أحد، فكيف به في غيرها؟ فإن الفرق بين ابن
(1) الصواب على ابن سعود.
سعود وبين ابن مسعود ظاهر وقد يحيل المعنى، فقس على ذلك أمانته في النقل والإسناد، فإنه ليس محلاً للضبط والأمانة بل هو من أهل الخطأ والخيانة كما سنبين ذلك في محله من ردنا هذا على هذا النوع من هفواته.
وأما قوله: "وما زال نسله فيها إلى الآن ويلقبون بأولاد الشيخ" فنقول: إنه ليس في الدرعية "أحد" من أولاد الشيخ، بل قد تركوها من وقت دخول إبراهيم باشا إليها. فنزلوا في بلد "الرياض" عاصمة نجد كلها الآن وهي اليوم خير من "الدرعية" في هذه الدنيا وهم في الآخرة إلى رحمة أرحم الراحمين في جنات النعيم. قال تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص، الآية: 83] وأما تلقيبهم "بأولاد الشيخ" فهو كذلك وكفى بهذا اللقب شرفاً لمن انحدر منه، وسلك طريقته في اتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما.
وأما قوله:"وكان يسمي جماعته من أهل بلده: الأنصار، ومن يتبعه من غيرهم المهاجرين".
فأقول: ليس لهذا المعترض زمام ولا خطام، يردعه عن الكذب وقول الزور. فإنه يدعي أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يسمي جماعته بالمهاجرين والأنصار وهذا كذب محض لم يسمع به، ولا قاله غير هذا المفتري. ومع ذلك فنحن – على سبيل التنزل مع هذا الملحد لتفنيد مفترياته – نقول له: إذا كان الشيخ رحمه الله تعالى يسمي من نصر دين الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن جاء مهاجراً لذلك: بالمهاجرين والأنصار، مع علم الشيخ بأن الشرع إنما أطلق اسم "المهاجرين والأنصار"على من هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة، فما على الشيخ بهذه التسمية إذا كانت على الحق مطابقة لحقيقة الحال؟ وإن أنكرها من أعماه الهوى عن الهدى.
والظاهر: أن هذا المعترض قد قاس بفهمه الفاسد، أن التسمية بالمهاجرين والأنصار كالتسمية باسم "النبوة أول الرسالة" فلا يجوز عنده لمن
اقتدى بالمهاجرين والأنصار وعمل عملهم في نصر دين الله ورسوله والهجرة في سبيله أن ينسب إليهم أو أن يسمى باسمهم مع أن التسمي بأسماء الأنبياء والتكني بكناهم جائز لما رواه الترمذي من حديث محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله، إن ولد لي ولد من بعدك، أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم" قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفي سنن أبي داود عن عائشة قالت: "جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني ولدت غلاماً فسميته محمداً وكنيته أبا القاسم، فذكر لي أنك تكره ذلك. فقال: ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي؟ أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي؟ ". وعلى هذا فجواز التسمية بالمهاجرين والأنصار أولى وأحرى لمن اقتدى بهم حقيقة. كيف؟ والعمل الذي تتحقق به النسبة إليهم محبوب على الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم بل واجب على كل مسلم قادر يؤمن بالله واليوم الآخر أن يهاجر من البلد الذي لا يتمكن فيه من إقامة دينه إلى بلد يتمكن فيه من إقامته وإظهاره. وهذا المعترض يزعم أن الهجرة قد انقطعت ومضى وقتها، فلا ناصر للدين، ولا مهاجر إليه، حتى يقتدي بمن قبله وينسب إليهم. وما هذا من هذا المعترض وأمثاله إلا من غلبة الجهل وغربة الدين. وقد قال الإمام المحدث أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله المخثعمي السهيلي في كتابه "الروض الأنف" في تفسير ما اشتمل عليه حديث السيرة النبوة لابن هشام فصل – وذكر حديث أصحاب الهجرة مع النجاشي، وما قاله جعفر، إلى آخر القصة – وليس فيها إشكال. وفيه من الفقه: الخروج عن الوطن، وإن كان الوطن مكة على فضلها إذا كان الخروج فراراً بالدين، وإن لم يكن إلى إسلام. فإن الحبشة كانوا نصارى يعبدون المسيح ولا يقولون: هو عبد الله. وقد تبين ذلك في هذا الحديث، وسموا بهذه "المهاجرين" وهم أصحاب الهجرتين الذين أثنى عليهم بالسبق، فقال:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} [التوبة، الآية:100] وجاء في التفسير: أنهم الذين صلوا القبلتين وهاجروا الهجرتين. وقد قيل أيضاً: هم الذين شهدوا بيعة الرضوان، فانظر كيف أثنى الله عليهم بهذه الهجرة، وهم قد خرجوا من بيت الله الحرام إلى دار كفر،