الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسوله، ويعرض القرآن والسنة عليه، ويجعل معياراً عليهما – من أعظم المحدثات والبدع التي بدأ الله سبحانه منها القرون التي فضلها وخيرها على غيرها. قال: ومن أظهر الحجج على بطلان التقليد: ما كتبه عمر إلى شريح "أن اقض بما في كتاب الله. فإن لم يكن في كتاب الله فبما في سنة رسول الله. فإن لم يكن في سنة رسول الله فبما قضى به الصالحون" وهكذا كان سير السلف المستقيم، وهداهم القويم، فلما انتهت النوبة إلى المتأخرين ساروا عكس هذا السير. قال: وقد صح عن ابن مسعود النهي عن التقليد وأن لا يكون الرجل إمعة، انتهى ما نقله من كتاب الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى.
هل على العامي أن يتمذهب بمذهب معين؟ رأي الإمام ابن القيم في ذلك
…
وقال الإمام أبو عبد الله شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى في "أعلام الموقعين" وهل يلزم العامي أن يتمذهب ببعض المذاهب المعروفة أم لا؟ فيه مذهبان:
أحدهما: لا يلزمه وهو الصواب المقطوع به، إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يوجب الله ورسوله على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب رجل من الأمة، فيقلده دينه دون غيره. وقد انطوت القرون الفاضلة مبرأة أهلها من هذه النسبة. بل لا يصح للعامي مذهب، ولو تمذهب به فالعامي لا مذهب له لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال، ويكون بصيراً بالمذاهب على حسبه. أو لمن قرأ كتاباً في فروع ذلك المذهب وعرف فتوى إمامه وأقواله. وأما من لم يتأهل لذلك البتة، بل قال: أنا شافعي، أو حنبلي، أو غير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول. كما لو قال: أنا فقيه أو نحوي أو كاتب لم يكن كذلك بمجرد قوله. يوضحه: أن القائل إنه شافعي أو مالكي أو حنبلي يزعم أنه متبع لذلك الإمام سالك طريقه. وهذا إنما يصح إذا سلك سيبله في العلم والمعرفة والاستدلال. فأما مع جهله وبعده جداً عن سيرة الإمام، وعلمه وطريقه فكيف يصح له الانتساب إليه بالدعوى المجردة والقول الفارغ من كل معنى؟ والعامي لا يتصور أن يصح له مذهب ولو تصور له ذلك لم يلزمه ولا غيره ولا يلزم أحداً قط أن يتمذهب بمذهب رجل بعينه من الأمة، بحيث يأخذ
أقواله كلها، ويدع أقوال غيره. وهذه بدعة قبيحة حدثت في الأمة لم يقل بها أحد من أئمة الإسلام وهم أعلى رتبة وأجل قدراً وأعلم بالله ورسوله من أن يلزموا الناس بذلك، وأبعد منه قول من قال يلزمه أن يتمذهب بمذهب عالم من العلماء. وأبعد منه قول من قال: يلزمه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة، فيالله العجب! ماتت مذاهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الإسلام، وبطلت جملة إلا مذاهب أربعة أنفس من بين سائر الأئمة والفقهاء. وهل قال ذلك أحد من الأئمة أو دعا إليه أو دلت عليه لفظة واحدة من كلامه عليه؟ والذي أوجبه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الذي أوجبه على من بعدهم إلى يوم القيامة، لا يختلف الواجب ولا يتبدل. وإن اختلفت كيفيته أو قدره باختلاف القدرة والعجز، والزمان والمكان والحال، فذلك أيضاً تابع لما أوجبه الله ورسوله.
ومن صحح للعامي مذهباً قال: هو قد اعتقد أن هذا المذهب الذي انتسب إليه هو الحق، فعليه الوفاء بموجب اعتقاده. وهذا الذي قاله هؤلاء – لو صح – للزمه تحريم استفتاء أهل غير هذا المذهب الذي انتسب إليه. وتحريم تمذهبه بمذهب نظير إمامه أو أرجح منه أو غير ذلك من اللوازم التي يدل فسادها على فساد ملزوماتها بل يلزم منه أنه إذا رأى نص رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قول خلفائه الأربعة مع غير إمامه أن يترك النص وأقوال الصحابة ويقدم عليها قول من انتسب إليه.
وعلى هذا فله أن يستفتي من شاء من أتباع الأئمة وغيرهم. ولا يجب عليه ولا على المفتي أن يتقيد بأحد من الأئمة الأربعة بإجماع الأمة. كما لا يجب على العالم أن يتقيد بحديث أهل بلده أو غيره من البلاد، بل إذا صح الحديث وجب عليه العمل به حجازياً كان أو عراقياً أو شامياً أو مصرياً أو يمنياً. انتهى.
وقال العالم الأصولي الفقيه الشيخ محمد بن عبد العظيم المكي الحنفي
في كتابه "القول السديد" الفصل الأول: اعلم أنه لم يكلف الله أحداً من عباده بأن يكون حنفياً أو مالكياً أو شافعياً أو حنبلياً بل أوجب عليهم الإيمان بما بعث به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم والعمل بشريعته. انتهى.
فهذا ما وسع المقام نقله من كلام الأئمة المقتدى بهم في كل زمان ولو أردت استقصاء كلامهم في هذه المسألة لاحتمل مجلداً ضخماً. وفيما نقلته كفاية لبيان جهل هذا الملحد وتوغله في الضلالة. فقد رمى أئمة المسلمين من السلف والخلف بالإفك والضلالة. فقد رمى أئمة المسلمين من السلف والخلف بالإفك والضلال لأنهم لم يتقيدوا – على زعمه – بتقليد أحد الأئمة الأربعة، ولكنهم تقيدوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولم يتبعوا إلا من قال بهما لأنهم يعلمون أن ما وسع الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من القرون المفضلة – وفيهم الأئمة الأربعة وسائر أئمة الدين المقتدى بهم، وما جاز في حقهم من عدم تقليدهم لأحد غير من فرض الله عليهم طاعته واتباعه – يسع غيرهم ممن جاءوا من بعدهم إلى يوم القيامة. ومن لم يسعه ما وسع أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم من القرون المفضلة من بعدهم فلا وسع الله عليه.
وهذا الملحد يكفر من قلد محمد بن عبد الله الذي أرسله الله تعالى ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وكذا من قلد أصحابه رضي الله عنهم ومن رد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ويدعي أن الأمة أجمعت – أولها عن آخرها – على تقليد الأئمة الأربعة والرد عند التنازع إلى أقوالهم. أن كتب الحديث "ليس فيها بيان ولا إشارة تهدي إلى الصواب" وقد أوردنا من أقوال أئمة المسلمين من جميع المذاهب سلفاً وخلفاً ما يبطل دعوى هذا الملحد، ويدرأ في نحره. وها هي بين يديك ومن أقربها إليك ما نقلناه عن الإمام ابن القيم رحمه الله حيث يقول: ولا يلزم أحد أن يتمذهب بمذهب رجل معين من الأمة بحيث يأخذ أقواله كلها ويدع أقوال غيره. وهذه بدعة قبيحة حدثت في الأمة لم يقل بها أحد من أئمة المسلمين.
وقال الإمام أبو شامة في كتابه "المؤمل": وسئل بعض العارفين عن معنى