الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإلهية ورفضوا جميع تفاسير القرآن الخرافية المكذوبة وقرروا أحاديث أهل السنة والجماعة وبما أنهم يرون أن عموم الناس مستوون، وأن ليس لهم من العبادة والأمر شيء، وأن الأمر كله لله والعبادة بجميع أنواعها لله وحده لا شريك له، رأوا أن الاستمداد والاستغاثة بشفاعة الذين توفوا من الأولياء والصلحاء والأنبياء وطلبها منهم بعد الموت: إثم وخطيئة. ورأوا أن احترام وتعظيم رممهم البالية وعظامهم الخالية بأي نوع من العبادة زيادة عن احترام أي بشر، من الأمور المبتدعة. ومن أجل هذا رأوا أن الشواهد والقباب والأبنية المصنوعة على مقابرهم هي رجس من عمل الشيطان، وأمور مبتدعة من بني الإنسان. وأما في الآداب: فهم على نقاء وصفاء وصلابة فإنهم يحرمون الموائع الطيارة، وجميع المواد المخدرة، ويحرمون كافة أنواع الخمور والفسق، والعدول عن العدل والإنصاف، ومنع الصدقات، والعمل بالحيل والخداع والاغتصاب، ولعب الشطرنج والنرد والعيوب الأخرى المتسلطنة في المدائن المقدسة، وأما في شهامة التعصب الحقيقي للدين: فإنهم يغيرون على كل مادة صغيرة مخلة بالدين الحق، ويجعلونها مادة كبيرة في الشرع. انتهى ما أردت نقله متوخياً الاختصار.
(1) صحة ولادته عام 1163هـ الموافق 1750م.
كلام العلامة محمد بن علي الشوكاني في مدح الإمام عبد العزيز بن سعود
…
وقال الإمام الشيخ المجتهد، قاضي قضاة القطر اليماني محمد بن علي بن محمد الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه "البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود. ولد تقريباً سنة ألف ومائة وستين، أو قبلها بقليل، أو بعدها بقليل (1) ، في وطنه ووطن أهله القرية المعروفة "بالدرعية" من البلاد النجدية. وكان قائد جيوش أبيه عبد العزيز وكان جده محمد شيخاً لقريته التي هي فيها، فوصل إليه الشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب الداعي إلى الوحيد، المنكر على المعتقدين في الأموات. فأجابه وقام بنصره، وما زال يجاهد من يخالفه. وكانت تلك البلاد قد غلبت عليها أمور الجاهلية وصار الإسلام فيها غريباً، ثم مات محمد بن سعود، وقد دخل في الدين بعض البلاد النجدية وقام ولده العزيز مقامه فافتتح جميع الديار
(1) صحة ولادته عام 1163هـ الموافق 1750م.
النجدية والبلاد العارضية والأحساء والقطيف، وجاوزها إلى فتح كثير من البلاد الحجازية، ثم استولى على الطائف ومكة والمدينة وغالب جزيرة العرب وغالب هذه الفتوح على يد ولده سعود ثم قام بعده سعود فتكاثرت جنوده واتسعت فتوحه ووصلت جنوده إلى اليمن، بلاد أبي عريش وما يتصل بها، ثم تابعهم الشريف حمود بن محمد شريف أبي عريش – وقد تقدمت ترجمته – وأمدوه بالجنود ففتح البلاد التهامية كاللحية والحديدة وبيت الفقيه وزبيد وما يتصل بهذه البلاد. وما زال الوافدون من سعود يفدون إلينا، إلى صنعاء، إلى حضرة الإمام المنصور وإلى حضرة ولده الإمام المتوكل بمكاتيب إليهما بالدعوة إلى التوحيد، وهدم القباب المشيدة والقبور المرتفعة، ويكتب إلي أيضاً مع ما يصل من الكتب إلى الإمامين ثم وقع الهدم للقباب والقبور المشيدة في صنعاء وفي كثير من الأمكنة المجاورة لها، وفي جهة ذمار وما يتصل بها. ثم خرج باشة مصر إلى مكة بعد إرساله بجنود افتتحوا مكة والمدينة والطائف وغلبوا عليها. وهو الآن في مكة، والحرب بينه وبين سعود مستمر ومات سعود في هذه السنة سنة ألف ومائتين وتسع وعشرين وقام بالأمر ولده عبد الله بن سعود وقد أفردت هذه الحوادث العظيمة بمصنف مستقل، وسيأتي في ترجمة الشريف غالب شريف مكة إشارة إلى طرف من هذه الحوادث، انتهى.
ثم قال في ترجمة الشريف غالب – بعد ما ذكر من حروبه مع الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، وذكر فشله فيها وما لحقه من الهزائم والقتل. ناقماً على الشريف غالب تحرشه بقتال ابن سعود – قال: ولو ترك ذلك واشتغل بغيره لكان أولى له. فإن من حارب من لا يقوى لحربه جر إليه البلوى، فإن صاحب نجد تبلغنا عنه قوة عظيمة لا يقوم لمثلها صاحب الترجمة. فقد سمعنا أنه استولى على بلاد الحسا والقطيف وبلاد الدواسر وغالب بلاد الحجاز، ومن دخل تحت حوزته أقام الصلاة والزكاة والصيام، وسائر شعائر الإسلام. ودخل في طاعته من عرب الشام الساكنين ما بين الحجاز وصعدة غالبهم إما رغبة وإما رهبة. وصاروا مقيمين لفرائض الدين بعد أن كانوا لا يعرفون من الإسلام شيئاً،
ولا يقومون بشيء من واجباته إلا مجرد التكلم بلفظ الشهادتين على ما في لفظهم بهما من عوج.
وبالجملة: فكانوا جاهلية جهلاء، كما تواترت بذلك الأخبار إلينا، ثم صاروا الآن يصلون الصلوات لأوقاتها، ويأتون بسائر الأركان الإسلامية على أبلغ صفاتها – إلى أن قال – فإن صاحب نجد وجميع أتباعه يعملون بما تعلموه من الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كان حنبلياً، ثم طلب الحديث بالمدينة المشرفة، فعاد إلى نجد، وصار يعمل باجتهادات جماعة من متأخري الحنابلة، كابن تيمية وابن القيم وأضرابهما وهما من أشد الناس على معتقدي الأموات.
وقد رأيت كتاباً من صاحب نجد – الذي هو الآن صاحب تلك الجهات – أجاب به على بعض أهل العلم، وقد كاتبه وسأله بيان ما يعتقده. فرأيت جوابه مشتملاً على اعتقاد حسن، موافق للكتاب والسنة: فالله أعلم بحقيقة الحال.
وأما أهل مكة فصاروا يكفرونه ويطلقون عليه اسم الكافر. وبلغنا أنه وصل إلى مكة بعض علماء نجد لقصد المناظرة، فناظر علماء مكة بحضرة الشريف في مسائل تدل على ثبات قدمه وقدم صاحبه في الدين.
وفي سنة ألف ومائتين وخمسة عشر: وصل من صاحب نجد المذكور مجلدان لطيفان أرسل بهما إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله. أحدهما يشتمل على رسائل للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كلها في الإرشاد إلى إخلاص التوحيد والتنفير من الشرك الذي يفعله المعتقدون في القبور، وهي رسائل جيدة مشحونة بأدلة الكتاب والسنة، والمجلد الآخر يتضمن الرد على جماعة من المقصرين من فقهاء صنعاء وصعدة، ثم ذاكروه في مسائل متعلقة بأصول الدين وبجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، فأجاب عليهم جوابات محررة مقررة محققة، تدل على أن المجيب من العلماء المحققين العارفين بالكتاب والسنة. وقد هدم عليهم جميع ما بنوه، وأبطل جميع ما دونوه لأنهم مقصرون متعصبون فصار ما فعلوه خزياً عليهم وعلى أهل صنعاء وصعدة. وهكذا من تصدر ولم يعرف مقدار نفسه. وأرسل صاحب نجد مع الكتابين