المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التكاتف في سبيل التبشير: - التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

[مصطفى الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌إِهْدَاءُ الكِتَابِ:

- ‌مُقَدِّمَةُ الطَّبْعَةِ الثَّالِثَةِ:

- ‌الكَلِمَةُ الأُولَى: مِنْهَاجُ هَذَا الكِتَابِ:

- ‌‌‌الكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ: رِسَالَةُ هَذَا الكِتَابِ:

- ‌الكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ: رِسَالَةُ هَذَا الكِتَابِ:

- ‌مَصَادِرُ هَذَا الكِتَابِ:

- ‌تَوْطِئَةٌ: وَجْهُ الحَاجَةِ إِلَى هَذَا الكِتَابِ:

- ‌وفيما يلي موجز الاتهام والحكم

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: بَوَاعِثُ التَّبْشِيرِ الحَقِيقِيَّةِ:

- ‌أَثَرُ الحُرُوبِ الصَّلِيبِيَّةِ:

- ‌خَطَرُ الوَحْدَةِ الإِسْلَامِيَّةِ عَلَى الغَرْبِ:

- ‌افْتِرَاءَاتُ المُبَشِّرِينَ:

- ‌الإِسْلَامُ وَالسَّيْفُ:

- ‌طَرِيقُ الاِسْتِعْمَارِ:

- ‌إِعْدَادُ المُبَشِّرِينَ:

- ‌الغَايَةُ تُبَرِّرُ الوَاسِطَةَ عِنْدَهُمْ:

- ‌جَنِينَةُ رَسْلَانْ:

- ‌تَنَافُسُ المُبَشِّرِينَ:

- ‌المُبَشِّرُونَ يَحْتَالُونَ عَلَى النِّظَامِ الجُمْرُكِيِّ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: التَّطْبِيبُ حِيلَةٌ لِلْتَّبْشِيرِ:

- ‌اِسْتِغْلَالُ آلَامِ البَشَرِ:

- ‌أَهَمِّيَّةُ المُسْتَوْصَفَاتِ وَالمُسْتَشْفَيَاتِ:

- ‌كِبَارُ أَطِبَّائِهِمْ مُبَشِّرُونَ:

- ‌اِعْتِرَافُهُمْ بِخِدَاعِ المَرْضَى:

- ‌جَهْلُهُمْ وَكُرْهُهُمْ لِلْعِلْمِ:

- ‌العُنْصُرُ النِّسَائِيُّ فِي التَّبْشِيرِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: التَّعْلِيمُ مَيْدَانٌ فَسِيحٌ لِلْتَّبْشِيرِ:

- ‌لَيْسَ لِلْتَّعْلِيمِ عِنْدَهُمْ غَايَةُ سِوَى التَّبْشِيرُ:

- ‌كَيْفَ تَخْتَارُ هَذِهِ المَدَارِسُ أَسَاتِذَتَهَا

- ‌وَسَائِلُ التَّبْشِيرِ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيمِ:

- ‌إِنَّ المُبَشِّرَ الأَوَّلَ هُوَ المَدْرَسَةُ

- ‌الكُتُبُ المَدْرَسِيَّةُ خَاصَّةً وَالطَّعْنُ عَلَى الإِسْلَامِ:

- ‌وَاجِبُ الحُكُومَاتِ الوَطَنِيَّةِ:

- ‌نَشَاطُ المُبَشِّرِينَ مِنْ طَرِيقِ التَّعْلِيمِ:

- ‌التَّبْشِيرُ وِفَادَةُ البِلَادِ فِي المُسْتَقْبَلِ:

- ‌نَشَاطُ المُبَشِّرِينَ فِي إِنْشَاءِ المَدَارِسِ:

- ‌إِجْبَارُ المُسْلِمِينَ عَلَى دُخُولِ الكَنِيسَةِ فِي مَدَارِسِ التَّبْشِيرِ:

- ‌التَّبْشِيرُ بَيْنَ الأُمِّيِّينَ:

- ‌التَّعْلِيمُ الرَّسْمِيُّ وَالتَّبْشِيرُ:

- ‌التَّعْلِيمُ النِّسَائِيُّ خَاصَّةً:

- ‌التَّبْشِيرُ بَيْنَ الدَّارِسِينَ فِي الخَارِجِ:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: التَّعْلِيمُ مَيْدَانٌ فَسِيحٌ لِلْتَّبْشِيرِ:

- ‌1 - " مَدْرَسَةُ عَبِيهْ " (لُبْنَانُ):

- ‌2 - " كُلَّيَّةُ رُوبَرْتْ " فِي اسْتَانْبُولْ:

- ‌3 - " الجَامِعَةُ الأَمِرِيكِيَّةُ " فِي بَيْرُوتْ:

- ‌(هوارد بلس)

- ‌بْيَارْدْ ضُودْجْ:

- ‌سْتِيفَنْ بَنْرُوزْ:

- ‌4 - سَائِرُ المَدَرِاسِ الأَمِرِيكِيَّةِ:

- ‌6 - المُؤَسَّسَاتُ الفِرَنْسِيَّةِ:

- ‌الفَصْلُ الخَامِسُ: السِّيَاسَةُ طَرِيقُ التَّبْشِيرِ:

- ‌1 - تَعَاوُنُ التَّبْشِيرِ وَالسِّيَاسَةِ:

- ‌الحُرُوبُ الصَّلِيبِيَّةُ:

- ‌التَّبْشِيرُ وَالنُّفُوذُ الأَجْنَبِيُّ:

- ‌السِّلْكُ السِّيَاسِيُّ الأَجْنَبِيُّ يَحْمِي المُبَشِّرِينَ:

- ‌الجِنْسِيَّةُ الأَجْنَبِيَّةُ:

- ‌اليَسُوعِيُّونَ أَيْضًا:

- ‌اليَسُوعِيُّونَ وَالمُفَوِّضْ السَّامِي الفِرَنْسِيُّ:

- ‌سِيَاسَةُ الجِزْوِيتْ:

- ‌الفَصْلُ السَّادِسُ: السِّيَاسَةُ طَرِيقُ التَّبْشِيرِ:

- ‌2 - الفِتَنُ وَالحُرُوبُ فِي الشَّرْقِ:

- ‌إِثَارَةُ الحُرُوبِ:

- ‌الحِصَارُ العَسْكَرِيُّ عَلَى المُسْلِمِينَ وَإِبْعَادُهُمْ عَنْ الشَّوَاطِئِ:

- ‌الاِمْتِيَازَاتُ الأَجْنَبِيَّةُ:

- ‌إِثَارَةُ الاِضْطِرَابَاتِ ثُمَّ اِسْتِغْلَالُهَا:

- ‌فِتْنَةُ عَامِ 1860:

- ‌تَقْسِيمُ جَبَلِ لُبْنَانْ فِي القَرْنِ المَاضِي وَتَقْسِيمُ فِلِسْطِينَ اليَوْمَ:

- ‌الفَصْلُ السَّابِعُ: السِّيَاسَةُ طَرِيقُ التَّبْشِيرِ:

- ‌3 - الإِدَرَاةُ الأَجْنَبِيَّةُ فِي خِدْمَةِ التَّبْشِيرِ:

- ‌فِي صَمِيمِ التَّدَخُّلِ السِّيَاسِيِّ:

- ‌كَيْفَ دَخَلَ الإِنْجِلِيزُ إِلَى السُّودَانِ

- ‌فِرَنْسَا خَاصَّةً:

- ‌تَهَكُّمٌ وَاِسْتِهْزَاءٌ:

- ‌اِسْتِفْزَازٌ وَقِلَّةُ ذَوْقٍ:

- ‌التَّوْظِيفُ وَالطَّائِفِيَّةُ:

- ‌4 - الحَيَاةُ القَوْمِيَّةُ وَالاِقْتِصَادِيَّةُ:

- ‌الدَّعَوَاتُ الإِقْلِيمِيَّةُ وَالصُّهْيُونِيَّةُ:

- ‌حَذَارِ اليَسُوعِيِّينَ:

- ‌الحُرُوبُ وَالتَّبْشِيرُ:

- ‌التَّعَاوُنُ بَيْنَ التَّبْشِيرِ وَالسِّيَاسَةِ:

- ‌الحَرَكَةُ القَوْمِيَّة فِي الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ العُثْمَانِيَّةِ:

- ‌التَّبْشِيرُ وَالوَطَنِيَّةُ:

- ‌الفَصْلُ الثَّامِنُ:‌‌ التَّبْشِيرُ وَالحَرَكَاتُ القَوْمِيَّةُ:

- ‌ التَّبْشِيرُ وَالحَرَكَاتُ القَوْمِيَّةُ:

- ‌التَّبْشِيرُ يَتَعَاوَنُ مَعَ الصُّهْيُونِيَّةِ:

- ‌الفَصْلُ التَّاسِعُ: الأَعْمَالُ الاِجْتِمَاعِيَّةُ طَرِيقُ التَّبْشِيرِ:

- ‌الإِحْسَانُ طَرِيقُ التَّبْشِيرِ:

- ‌أَيْنَ يَذْهَبُ مُعْظَمُ أَمْوَالُ الإِحْسَانِ

- ‌نَشْرُ الفَسَادِ:

- ‌ جَمْعِيَّةُ الشُّبَّانِ المَسِيحِيِّينَ " وَ " جَمْعِيَّةُ الشَّابَّاتِ المَسِيحِيَّاتِ

- ‌المَرْأَةُ فَتَاةً وَأُمًّا:

- ‌مَاذَا تَضُمُّ هَذِهِ الأَنْدِيَةُ

- ‌مَا الهَدَفُ الصَّحِيحُ لِهَذِهِ الأَبْنِيَةِ

- ‌التَّعْلِيمُ المَجَّانِيُّ:

- ‌المَكْتَبَاتُ وَالتَّصْوِيرُ وَالاِسْتِكْشَافُ وَالنَّشْرُ:

- ‌الصَّحَافَةُ خَاصَّةٌ:

- ‌الكَشْفِيَّةُ وَالمُخَيَّمَاتُ:

- ‌اِنْتِعَاشُ القُرَى وَالصِّنَاعَةِ وَالزِّرَاعَةِ:

- ‌الفَصْلُ العَاشِرُ: تَشْوِيهُ الثَّقَافَةِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ:

- ‌اللُّغَةُ العَامِّيَّةُ:

- ‌الفَصْلُ الحَادِي عَشَرَ: حَقَائِقُ عَنْ أَفْرِيقْيَا

- ‌فِي المَغْرِبِ:

- ‌فِي السُّودَانِ:

- ‌فِي السُّودَانِ الشَّرْقِيِّ:

- ‌الاِضْطِرَابُ فِي السُّودَانِ:

- ‌التَّكَاتُفُ فِي سَبِيلِ التَّبْشِيرِ:

- ‌التَّعْلِيمُ فِي أَفْرِيقْيَا:

- ‌العَامِلُ السِّيَاسِيُّ:

- ‌حَالُ السُّودِ فِي الإِسْلَامِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ:

- ‌المُسْلِمُونَ فِي الحَبَشَةِ:

- ‌ثَلَاثَةُ مَلَاحِقَ:

- ‌المُلْحَقُ الأَوَّلُ: حِزْبُ البَعْثِ (1): المَارْكْسِيَّةُ وَالقَوْمِيَّةُ العَرَبِيَّةُ:

- ‌المُلْحَقُ الثَّانِي: زِيَارَةُ البَابَا لِفَلَسْطِينَ:

- ‌المُلْحَقُ الثَّالِثُ: مِنَ الحَمَلَاتِ عَلَى الثَّقَافَةِ العَرَبِيَّةِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ: نَتَائِجُ التَّبْشِيرِ - الحِوَارُ - التَّبْشِيرُ وَإِسْرَائِيلُ:

- ‌1 - نَتَائِجُ التَّبْشِيرِ:

- ‌2 - الحِوَارُ وَغَايَتُهُ الحَقِيقِيَّةُ:

- ‌3 - التَّبْشِيرُ وَالاِسْتِعْمَارُ فِي فَلَسْطِينَ:

- ‌وُجُودُ إِسْرَائِيلَ:

- ‌مَوْقِفُ البَابَوِيَّةِ مِنَ اليَهُودِ وَإِسْرَائِيلَ:

- ‌إِذَاعَةُ الوَثِيقَةِ فِي الصُّحُفِ العَالَمِيَّةِ:

- ‌وَثِيقَةٌ أَقَرَّهَا الفَاتِيكَانْ تَطْلُبُ مِنَ الكَاثُولِيكْ الاِعْتِرَافَ بِالمَعْنَى الدِّينِي لِدَوْلَةِ إِسْرَائِيلَ:

- ‌فهرس هجائي لأعلام الناس

- ‌ آ، أ

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ث

- ‌ح

- ‌ ج

- ‌س

- ‌ص

- ‌ر

- ‌د

- ‌ خ

- ‌ش

- ‌ ز

- ‌ف

- ‌ ض

- ‌ط

- ‌ع

- ‌ ظ

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ غ

- ‌ل

- ‌ م

- ‌ن

- ‌ ه

- ‌ي

- ‌و

الفصل: ‌التكاتف في سبيل التبشير:

‌التَّكَاتُفُ فِي سَبِيلِ التَّبْشِيرِ:

ولقد انكشف العنصر السياسي في التبشير انكشافًا ظاهرًا لما وقعت الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة (1929 - 1930) ثم في بريطانيا (عام 1931)، فقلت المبالغ التي كانت تتدفق على الإرساليات التبشيرية من تينك الدولتين وبردت حركة التبشير حينًا (1).

على أن أغرب ما في هذه الصورة السياسية التبشيرية أن (هيلاسلاسي) إمبراطور الحبشة الأرثوذكسي كان يساعد الإرساليات الأجنبية التي هي بروتستانتية أو كاثوليكية على التبشير في السودان (2).

ودخل على هذه الصورة الغربية عنصر أشد غرابة هو التمييز العنصري (3). والواقع أن السود الصابئين إلى النصرانية لم يتمتعوا بشيء من المساواة مع إخوانهم البيض الأوروبيين، لا في الدولة ولا في الكنيسة. ومع أن عددًا من الإرساليات احتجت (فقط) على سياسة التمييز العنصري، فإن نفرًا من رؤساء الإرساليات الهولندية خاصة وقفوا (نَظَرِيًّا) من هذه القضية على الحياد (4). ولكنهم أغلقوا أبواب الكنائس الكبرى في أفريقيا في وجه النصارى السود.

وقد كان من الطبيعي أن يؤدي هذا المسلك إلى ردة فعل بين النصارى السود ضد النصارى البيض، وخصوصًا في المدن التي تنهض فيها كنائس عظيمة البنيان (5). ولكن بما أن هذا النزاع كان نزاعًا داخليًا في النصرانية نفسها فإننا نكتفي هنا بالإشارة إليه فقط. أما النزاع السياسي فنخصه بكلمة موجزة.

ظن المبشرون أن التبشير سيجعل من الأفريقيين غربيين في كل شيء حتى في الشعور السياسي. ولكن ذلك لم يتفق دائمًا. إن الأفريقيين الذين تلقوا العلم الغربي على يد المبشرين أصبحوا هم أنفسهم كارهين للتبشير وللصلة التي يريد المبشرون أن ينشؤوها بين الدين وبين السياسة. ففي كل مكان وصل إليه الوعي الوطني ظهر الكره للتبشير حتى قال (غروف): «إِنَّنَا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُخْفِي عَنْ أَنْفُسِنَا وَلَا عَنْ غَيْرِنَا أَنَّ نَفَرًا كَثِيرِينَ يُمَثِّلُونَ

(1) Grove 137 راجع 64 - 65. والحواشي التالية غير المنسوبة كلها من Grove .

(2)

143 س.

(3)

راجع فوق ص.

(4)

105، 135.

(5)

77.

ص: 241

الجَمَاعَاتِ الأَفْرِيقِيَّةِ أَظْهَرُوا اِمْتِعَاضًا شَدِيدًا مِنَ التَّبْشِيرِ وَأَخْبَرُونَا أَنَّ الصِّلَةَ بَيْنَ الكَنَائِسِ وَالتَّبْشِيرِ وَبَيْنَ التَّعْلِيمِ يَجِبُ، فِي رَأْيِهِمْ، أَنْ تَنْتَهِيَ بِسُرْعَةٍ. وَكَانَ هَؤُلَاءِ إذَا تَكَلَّمُوا فِي التَّعْلِيمِ يَقُولُونَ:" مَدَارِسُكُمْ وَمَدَارِسُنَا "، يُحَدِّدُونَ بِذَلِكَ الفَرْقَ بَيْنَ مَدَارِسِ الإِرْسَالِيَّاتِ وَبَيْنَ المَدَارِسِ التِي تُدِيرُهَا السُّلُطَاتُ الأَفْرِيقِيَّةُ المَحَلِّيَّةُ» (1). ومنهم من جعل يقتل المبشرين في الكونغو (2) وفي غير الكونغو.

والواضح أن هذا الخلاف في الرأي يرجع إلى عامل وراء التبشير ووراء التعليم؛ إن هذا العامل كان «الاستعمار» . يرى (غروف) أن السنوات العشر التي تلت الحرب العالمية الأولى قد خلقت نُضْجًا وَوَعْيًا بَيْنَ الشُّعُوبِ الأَفْرِيقِيَّةِ. ومع أن الإرساليات التبشيرية كانت منذ أيامها الأولى ترى أن تبلغ الشعوب الأفريقية رشدها بين شعوب العالم المتطورة وأن يصبح الجميع أبناء متساويين للهِ الواحد، فإن تلك الإرساليات كانت ترى أن يتم هذا في مدى طويل. إلا أن هذه التطورات قد جلبت معها مضايقات للإرساليات المسيحية ينبع معظمها من إلحاح الأفريقيين على العمل السياسي السريع بالإضافة إلى عمل مواز لذلك في سائر الميادين (3).

إن التعبير في المقطع السابق غامض في شكله الراهن، مع أن المؤلف (غروف) يدور حوله في صفحتين. إن المقصود من هذا المقطع أن الأفريقيين لما تعلموا في مدارس التبشير ووصلوا إلى شيء من النضج بدأوا يطالبون باستقلال صحيح في السياسة والاقتصاد والاجتماع، بينما كان المبشرون يعتقدون أن التعليم تحت إشراف المبشرين سيجعل الأفريقيين يطمئنون إلى الحكم الأجنبي وقتًا طويلاً على الأقل.

وهذا الذي كان يجري في أواسط أفريقيا وفي شرقها، في أراضي النفوذ البريطاني، كان يجري مثله في غربي أفريقيا. إن نيجيريا بلاد واسعة كثيرة السكان. غير أن السكان في نيجيريا يتفاوتون في الحياة الدينية: فالغالب على القسم الشمالي من نيجيريا الإسلام، بينما الأكثرون في الجنوب من الوثنيين. فلما ملكت بريطانيا هذا الجزء من القارة الأفريقية منعت السكان المسلمين أن يدخلوا إلى القسم الجنوبي الوثني ثم أطلقت للمبشرين حرية العمل فيه. إن الحكومة البريطانية لم تسمح بحرية مماثلة للمبشرين في القسم الشمالي لأن الإسلام فيه قوة عظيمة، ولم تكن إنجلترا راغبة في إغضاب المسلمين حرصًا على مصالحها الاقتصادية والسياسية أولاً. ولكن منذ عام 1927 أخذت الحكومة البريطانية

(1) 282، 283.

(2)

. (Life Magazine N. Y، Feb. 14، 1964 (Editorial

(3)

280 .

ص: 242