الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما فيما يتعلق بالمسلمين خاصة فهم يقولون (2/ 204، 205): «بَيْنَ (المُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى) رَوَابِطُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَمِنَ المَسِيحِ الذِي يَعُدُّونَهُ نَبِيًّا وَمِنْ أُمِّهِ مَرْيَمَ. فَالمَجْمَعُ المَسْكُونِيُّ يَحُضُّ الكَاثُولِيكَ عَلَى أَنْ يُحَاوِلُوا نِسْيَانَ العَدَاوَةِ التِي كَانَتْ بَيْنَ الدِّينَيْنِ وَبَيْنَ الثَّقَافَتَيْنِ وَأَنْ يَعُوا وَاجِبَهُمْ العَامَّ - فِي احْتِرَامٍ مُتَبَادَلٍ - فِي سَبِيلِ خَيْرِ الإِنْسَانِيَّةِ» .
وفي " موجز نصوص المجمع المسكوني "(1) يقولون في هذا الحوار: «وَالكَاثُولِيكُ يَأْخُذُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنْ يَتَعَاوَنُوا مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ
…
وَيُحَاوِرُوهُمْ - مُتَوَجِّهِينَ إِلَيْهِمْ بِذَكَاءٍ وَلُطْفٍ - فِي كَيْفِيَّةِ تَحْسِينِ حَالِ المُؤَسَّسَاتِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ وَالعَامَّةِ بِمَا يَتَّفِقُ وَرُوحَ " الإِنْجِيلِ "» (ص 323). وفيه: «أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّبْشِيرِ لِلْتَّنْصِيرِ وَبِتَكْرِيسِ المَدَنِيِّينَ (تَعْيِينُ نَفَرٍ مِنْ غَيْرِ رِجَالِ الدِّينِ لِلْقِيَامِ بِالتَّبْشِيرِ) فَيَجِبُ إِعْدَادُ غَيْرَ رِجَالِ الدِّينِ إِعْدَادًا خَاصًّا لِلْقِيَامِ بِالحِوَارِ مَعَ الآخَرِينَ، مِنَ المُؤْمِنِينَ (الكَاثُولِيكَ) وَمِنْ غَيْرِ المُؤْمِنِينَ حَتَّى يُبَيِّنُوا لِلْجَمِيعِ رِسَالَةَ المَسِيحِ» .
3 - التَّبْشِيرُ وَالاِسْتِعْمَارُ فِي فَلَسْطِينَ:
سبق في هذا الكتاب حديث على التعاون بين التبشير والاستعمار وبين الصهيونية لانتزاع فلسطين من العرب ومن الإسلام. وكان هذا الحديث مبنيًا على التخمين: من قراءة في الصحف الأجنبية ومن قرائن وملابسات مختلفة. أما الآن فقد انكشف الدور الذي قام به التبشير والاستعمار في التآمر على فلسطين.
هذا الفصل - كجميع الفصول السابقة - مبني على مصادر منشورة مطبوعة وموجودة في المكتبات والمكاتب. وأقوال هذه الكتب التي سنعتمد عليها في هذا الفصل ناطقة بنفسها لا تحتاج إلى تفسير ولا تحتاج إلى تعليق. من أجل ذلك سنأخذ الفقرات منها ونثبتها في أماكنها، ولن يكون لنا من الكلام إلا كلمات نصل بها بين تلك
(1) Synopse des textes conciliaires، par J. Deretz et A. Nocent. éditions universitaires ، Paris 1966
الفقرات للمحافظة على سلامة الإنشاء.
إن المؤامرة على فلسطين استغرقت قرنًا ونصف قرن: مائة وخمسين سنة كاملة من عام 1818 إلى عام 1967 للميلاد.
يبدو أن التبشير في الهند (1) حتى الربع الأول من القرن التاسع عشر، لم يأت بالنتيجة التي كان المبشرون - والدول الغربية: ومنها بريطانيا والولايات المتحدة خاصة - يتوخونها. من أجل ذلك عزم " المجلس المفوض بأمر جمعيات التبشير في الخارج " على تحويل الجانب الأكبر من نشاطه إلى الشرق الأوسط، وإلى فلسطين خاصة، ثم إلى القدس على الأخص.
- «وَكَانَ الهَدَفُ الرَّئِيِسيُّ لِلْتَّبْشِيرِ فِي فِلَسْطِينَ تَبْدِيلَ عَقَائِدِ شُعُوبِ الشَّرْقِ الأَدْنَى وَتَبْدِيلَ أَنْمَاطِ حَيَاتِهِمْ
…
وَقَدْ وُضِعَتْ خُطَطٌ مُخْتَلِفَةٌ لِلْوُصُولِ إِلَى نُفُوسِ النَّصَارَى وَنُفُوسِ المُسْلِمِينَ وَنُفُوسِ اليَهُودِ فِي هَذِهِ البُقْعَةِ مِنَ الأَرْضِ
…
غَيْرَ أَنَّ الصُّعُوبَةَ الكَبِيرَةَ التِي أَدْرَكَ المُبَشِّرُونَ أَنَّهُمْ سَيُلَاقُونَهَا فِي الشُّرْقِ الأَدْنَى كَانَتْ إِعْجَابَ شُعُوبِ الشُّرْقِ الأَدْنَى بِثَقَافَتِهِمْ» (ص 67).
(1) الأرقام التالية في المتن تشير إلى صفحات الكتاب التالي:
Nineteenth Century American Schools in the Levant، by Rao H. Lindsay، printed by Malloy Lithoprinting ، Inc. ، Ann Arbor ، Michigan 1965
- «وَكَانَتْ أَرْمِينِيَّةُ مُهِمَّةً كَذَلِكَ. كَانَتْ الكَنِيسَةُ الأَرْمِنِيَّةُ قَدْ أَضَاعَتْ مَجْدَهَا مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ، وَلَكِنْ بِالإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ الكَنِيسَةُ الأَرْمِنِيَّةُ وَسِيلَةً مُهِمَّةً لِتَنْصِيرِ غَرْبِيِّ آسْيَا
…
بِالتَّقَدُّمِ مِنْهَا إِلَى إِيرَانَ وَالعِرَاقَ وَسُورِيَّةَ وَفِلَسْطِينَ وآسْيَا الصُّغْرَى. وَهَكَذَا تَسْتَطِيعُ الكَنِيسَةُ المَسِيحِيَّةُ، بِلَا حَرْبٍ صَلِيبِيَّةٍ، أَنْ تَسْتَرِدَّ تِلْكَ المَنَاطِقَ التِي خَسِرَتْهَا مُنْذُ أَزْمَانٍ طِوَالٍ» (ص 72).
- «وَمُنْذُ الزَّمَنَ البَعيدِ (عَامَ 1819) نَشَأَتْ فِكْرَةُ حَلِّ اليَهُودِ مِنْ ذَنْبِ التَّدْبِيرِ لِصَلْبِ المَسِيحِ، تِلْكَ الفِكْرَةُ التِي نَفَّذَتْهَا البَابَوِيَّةُ عَامَ 1965 م بَعْدَ مِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا فَقَدْ ذَكَرَ (لِيفَي بَارْسُونِزْ) فِي تَقْريرٍ لَهُ عَنْ الإِرْسَالِيَّةِ فِي فِلَسْطِينَ قَوْلَهُ:" إِنَّ جُمْهُورَ المَسِيحِيِّينَ يَجِبُ أَنْ يَدْعُوَ لِلْيَهُودِ دَعْوَةَ صَالِحَةٍ وَأَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ صلْبَ المَسِيحِ (1) كَمَا كَانَ المَسِيحُ قَدْ غَفَرَ لَهُمْ ذَلِكَ ". إِنَّ عُيُونَ (اليَهُودِ) تَشْخَصُ إِلَى الْقُدُسِ، فَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ المَسِيحَ (المَهْدِيَّ) سَيَظْهَرُ فِيهَا
…
وَيَقُولُ (بَارْسُونِزْ):" إِنَّنَا إذَا اِسْتَطَعْنَا أَنْ نَحْمِلَ البْرُوتِسْتَانْتْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا فِي القُدْسِ نَوَاةَ مِنَ اليَهُودِ تَتَقَبَّلُ المَسِيحَ فَإِنَّ جَمِيعَ يَهُودَ العَالَمِ سَيَقْتَفُونَ خُطَاهَا حَالاًّ. وَهَكَذَا اِهْتَمَّتْ جَمِيعُ الإِرْسَالِيَّاتِ التَّبْشِيرِيَّةِ بِالخُطْوَةِ التِي خَطَّتْهَا الإِرْسَالِيَّةُ الأَمِرِيكِيَّةُ» (ص 76، 77).
(1) كان النصارى يحملون عداءً شديدًا لليهود اعتقادًا منهم بأن اليهود هم الذين طلبوا من الحاكم الروماني قتل المسيح، وكانوا يجعلون جميع اليهود في جميع العصور شركاء في هذا الجرم.
وفي عام 1964 ظهر كتاب اسْمُهُ " تَارِيخُ الإِرْسَالِيَّاتِ التَّبْشِيرِيَّةِ " لِمُبَشِّرٍ وَأُسْقُفٍ إِنْكْلِيكَانِيٍّ (بروتستانتي إنجليزي) اسْمُهُ (سْتِيفِنْ نَايْلْ)(1). جاء في مطلع الكتاب:
«
…
وُلِدَ يَسُوعْ يَهُودِيًّا، وَلَمْ يَدَّعِ يَوْمًا أَنَّهُ كَانَ شَيْئًا آخَرَ. ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَخُطَّ وَرَاءَ حُدُودِ فِلَسْطِينَ الضَّيِّقَةَ قَطُّ. لَقَدْ كَانَتْ لُغَتُهُ الآرَامِيَّةُ، وَفِي الأَرْجَحِ القَرِيبِ مِنَ التَّأْكِيدِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْرَأَ " التَّوْرَاةَ " بِاللُّغَةِ العِبْرِيَّةِ
…
وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ جَانِبًا كَبِيرًا مِمَّا قَالَ يَسُوعْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْهَمَهُ الرَّجُلُ العَادِيُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا. وَلَقَدْ اِتَّخَذَ (المَسِيحُ) فِي التَّعْبِيرِ (عَنْ آرَائِهِ) اللُّغَةَ المَرْومُوزَةَ (الرَّمْزِيَّةَ) التِي كَانَتْ لِلْشَّعْبِ اليَهُودِيِّ، ذَلِكَ الشَّعْبُ المَظْلُومُ الشَّقِيُّ الذِي تُعَوِّضُ (تَسْلِيَةً) عَنْ مَصَائِبِهِ صُوَرًا بَرَّاقَةً مِنَ الأَمَلِ فِي زَمَنٍ سَيَأْتِي. إِنَّ اللهَ لَنْ يَدَعَ شَعْبَهُ إِلَى الأَبَدِ بِلَا اطْمِئْنَانٍ».
على أن حرص الدول الغربية على جمع نواة من اليهود في مدينة القدس لم يكن نابعًا من عاطفة دينية فحسب، بل من مصلحة سياسية أيضًا. فقد بدأت «الإِرْسَالِيَّةُ الإِنْكْلِيكَانِيَّةُ (الإِنْجْلِيزِيَّةُ) لِلْعَمَلِ (لِلْتَّبْشِيرِ) بَيْنَ اليَهُودِ» . بالاستقرار في القدس في عام 1820، ثم جعلت تقوم، منذ عام 1824، بشيء يسير من العناية الطبية.
وقد تطورت هذه العناية الطبية اليسيرة حتى نشأ منها في عام 1848 مستشفى مشهور. وفي عام 1851 شاركت " جَمْعِيَّةُ الإِرْسَالِيَّاتِ التَّبْشِيرِيَّةِ " في هذا العمل. ولقد أدى هذا العمل (تأسيس إرسالية القدس) إلى أغرب الأحداث في تاريخ الكنيسة الحديث.
- «إِنَّ السُّلَطَاتِ البَرِيطَانِيَّةِ وَالبْرُوسِيَّةِ (الأَلْمَانِيَّةِ) اِتَّفَقَتْ عَلَى تَأْسِيسِ أُسْقُفِيَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ فِي مَدِينَةِ القُدْسِ يُشْرِفُ عَلَيهَا أُسْقُفٌ مَرْسُومٌ عَلَى " المَذْهَبِ الإِنْكْلِيكَانِيِّ "(الإِنْجْلِيزِيِّ)، وَلَكِنَّ تَعْيِينَهُ يَجْرِي بِالتَّنَاوُبِ بَيْنَ مَلِكِ إِنْجْلِتْرَا وَمَلِكِ بْرُوسِيَةَ (أَلْمَانْيَا). وَلَقَدْ كَانَ فِي هَذَا العَمَلِ عَوَامِلُ سِياسِيَّةٌ كَمَا كَانَ فِيهِ عَوَامِلُ دِينِيَّةٌ. لَقَدْ ظَنَّتْ السُّلَطَاتُ (الإِنْجْلِيزِيَّةِ وَالبْرُوسِيَّةِ) أَنَّ الحِمَايَةَ التِي تَتَمَتَّعُ بِهَا رُوسْيَا عَلَى النَّصَارَى الأُرْثُوذُكْسْ فِي الشُّرْقِ وَالحِمَايَةَ الدِّينِيَّةِ الّتِي تَتَمَتَّعُ بِهَا فِرَنْسَا عَلَى النَّصَارَى الكَاثُولِيكْ يُحْسَنُ أَنْ تُوَازَنَا بِحِمَايَةٍ إِنْجْلِيزِيَّةٍ
(1) A History of Chr. Mission، by Stephen Neill (The Pelican of the Church :) - Pelican Books A 628، 1964