الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي عام 1843 انتقل الدكتور (طومسون) والدكتور (كرنيليوس فان ديك) إلى " عبيه " وَأَدَارَا مدرسة دينية للصبيان. ثُمَّ ظَلَاّ يعلمان ويعظان حتى نُقِلَا إلى صيدا عام 1851 (1).
على أن مدرسة " عبيه " نفسها تأسست في الرابع من تشرين الثاني عام 1846 على يد الدكتور (كرنيليوس فان ديك)(2). وفي عام 1849 انتقلت إدارة هذه المدرسة إلى عهدة المبشر (سيمون كالهون). وهكذا استطاعت مدرسة " عبيه " أن تساعد كثيرًا على الغاية التي جاءت الإرساليات من أجلها (3). لقد ظلت مدرسة " عبيه " تمثل دورها حتى تأسست الكلية السورية عام 1865 في بيروت (4). لقد كانت مدرسة " عبيه " سلفاً الإنجيلية (5).
وكذلك أنشأ المبشرون الأمريكيون مدرسة للبنات في " عبيه " أيضًا عام 1847 بإدراة السيد (دي فورست) وزوجته (6).
2 - " كُلَّيَّةُ رُوبَرْتْ " فِي اسْتَانْبُولْ:
وهي كلية مسيحية غير متسترة لا في تعليمها ولا في الجو الذي تهيئه لطلابها (7). ويقول (دانيال بلس): «إِنَّ كُلِّيَّةَ بَيْرُوتْ وَكُلِّيَّةَ اسْتَانْبُولْ لَيْسَتَا أُخْتَيْنِ فَقَطْ بَلْ تَوْأَمَانِ» (8). إن هذه الكلية قد أنشأها مبشر ولا تزال إلى اليوم لا يتولى رئاستها إلا مبشر (9).
3 - " الجَامِعَةُ الأَمِرِيكِيَّةُ " فِي بَيْرُوتْ:
ومع أن المبشرين الأمريكيين قد أنشأوا في " عبيه " مدرسة للصبيان وأخرى للبنات، فإنهم لم يعفوا بيروت من نشاطهم، فقد أسس (سيمون كالهون) منذ عام 1835 مدرسة في بيروت ليساعد حملة التبشير (10) التي شنها البروتستانت على سورية. ولكن لما تأسست الكلية السوية الإنجيلية (الجامعة الأمريكية اليوم) في بيروت (عام 1865) لم يبق من
(1) Jessup 60
(2)
Jessup 96; Bliss 111
(3)
Jessup 163
(4)
Jessup 96
(5)
Bliss 111
(6)
Jessup 96
(7)
Jessup 513
(8)
Addison 91، cf. 99، 298
(9)
MW، Apr، 1933، p.130
(10)
Bliss 163، 212
حاجة إلى مدرسة " عبيه " ولا إلى مدرسة (كالهون)، فإن الكلية السورية الإنجيلية أخذت مكانهما.
وجاء في تقرير لـ (دانيال بلس)، الرئيس الأول للكلية السورية الإنجيلية في بيروت هذه الحقائق نثبتها موجزة فيما يلي (1):
في عام 1861 و 1862 كان (دانيال بلس) والدكتور (وليم طومسون) يبحثان في ضرورة إيجاد معهد عال لسورية ولسائر العالم العربي في الشرق الأدنى، فإن ذلك أفضل من أن يتعلم الطلاب علومهم العالية في الخارج: في أمريكا وانكلترا مثلاً. ذلك لأن ثمت أفرادًا تعلموا قليلاً أو كثيرًا في انكلترا وأمريكا ثم إنهم استقروا نهائيًا حيث تلقوا علومهم، أو أنهم رجعوا إلى بلادهم في الشرق الأدنى من غير أن يؤثروا في قومهم قط (أي لم يساعدوا المبشرين على التبشير بين أهل البلاد)، بينما الذين تعلموا في مدرسة " عبيه " قد اتخذ منهم المبشرون مُدَرِّسِينَ لمدارس التبشير وواعظين ومساعدين في أعمال مختلفة
…
واعتمدت الكلية السورية الإنجيلية في تأسيسها على الرجال الذين يمولون التبشير، وخصوصًا من الإنجليز والأمريكيين.
في 23 كانون الثاني من عام 1862 اقترح الدكتور (طومسون) أن يكون (دانيال بلس) رئيسًا للكلية. وفي 27 كانون الثاني اقترح (طومسون) و (بلس) مَعًا أن يكون الاعتماد الأول على الإرسالية الأمريكية للتبشير (2). وقد وافقت الإرسالية على ذلك وعلى أن يكون (دانيال بلس) رئيسًا للكلية أيضًا
…
على ألا يتعارض ذلك مع عمل الإرسالية في سورية
…
وعلى هذا الأساس سافر (دانيال بلس) في 14 آب 1862 إلى نيويورك فوصل إليها في 17 أيلول. وفي أيار من عام 1863 خطب (دانيال بلس) في الكنيسة المشيخية (3) في نيويورك فأكد الحاجة في الشرق الأدنى إلى أطباء وإلى تعليم ديني تكون التوراة فيه كتاب تدريس دائم. أما عمل الكلية فيجب أن يكون وضع كتب مسيحية تساعد على الاتصال بملايين الناس في آسيا وفي أفريقيا وعلى إسباغ النعمة (المسيحية) عليهم.
وبعد أن عاد (دانيال بلس) من الولايات المتحدة ببضعة أشهر انعقد اجتماع في بيت الدكتور (فان ديك) في الثلاثين من كانون الأول 1863 حضره (فان ديك) نفسه و (فورد) و (جسب) و (هرتر) من الإرسالية الأمريكية. ثم حضر (جونسون) قنصل الولايات المتحدة في بيروت.
(1) Bliss 162 ff : cf. Penrose 8
(2)
cf. Jessup 241
(3)
Presbyterian من فرق المذهب البروتستانتي.
وقد قرر المجتمعون يومذاك، بعد أن تذاكروا في إنشاء الكلية السورية الإنجيلية، اتجاه تلك الكلية فقالوا:«نَحْنُ نُصِرُّ عَلَى الطَّابِعِ التَّبْشِيرِيِّ لِلْكُلِّيَّةِ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ أُسْتَاذٍ فِيهَا مُبَشِّرًا مَسِيحِيًّا» . وكذلك تبنى المجتمعون شرعة الاتحاد التبشيري على أن تكون تلك الشرعة هي الخطة التي يجب أن يعمل كل أستاذ عليها. وفي عام 1902 - أي في العام الذي اعتزل فيه (دانيال بلس) رئاسة الكلية - زال الإصرار على الفقرة فقط (1).
وهكذا نرى أن الكلية السورية الإنجيلية قد ولد في رؤوس المبشرين ثم تعهدها المبشرون بعد ذلك أيضًا. ولقد اشترط المبشرون على القائمين بأمر الكلية ألا تفسد هذه الكلية عليهم عملهم (أي ألا [تعمل] ما يناقض مبدأهم التبشيري] وأن تكون مؤسسة بروتستانتية (2).
وهكذا نرى بكل وضوح أن الكلية السورية الإنجيلية كانت نتاج التعليم البروتستانتي ووليد الإرسالية الأمريكية للتبشير (3). ومع أن الكلية كانت تعتمد في أول أمرها فقط على مساعدة الإرسالية المادية، فإنها كانت دائمًا تتفق معها في الغاية: في السياسة التبشيرية وفي العمل معها في هذه السبيل (4).
وفي أول الأمر مالت الكلية إلى كتمان جهودها التبشيرية - وإن ظلت تبذلها - تجنبًا لسخط الحكومة العثمانية، ولذلك قال (دانيال بلس) نفسه:«إِنَّ السَّنَوَاتِ الأُولَى التِي شَهِدَتْ تَطَوُّرَ الكُلِّيَّةِ فِي مَجْرَاهَا بِهُدُوءٍ قَدْرَ الإِمْكَانِ، فَلَا تُلْفِتُ إِلَيْهَا نَظَرَ رِجَالِ الحُكْمِ قَبْلَ أَنْ تُثَبِّتَ جُذُورَهَا فِي الأَرْضِ» (5).
فلما ثبتت جذورها تركت التستر وأصبح لها اجتماعات دينية ظاهرة فأجبرت جميع الطلاب على حضور الصلوات في الكنيسة كل يوم، وأجبرت الطلاب الداخليين خاصة على أن يحضروا صلاة يوم الأحد أيضًا.
ولما زار المبشر (جون موط) الكلية السورية الإنجيلية عام 1895 أسست الكلية فرعًا لجمعية الشبان المسيحيين (6). إلا أن الاسم كان محرجًا أمام غير النصارى، فغيرته الكلية
(1) Jessup 274
(2)
Bliss 163 - 9
(3)
cf. Jessup 298، Bliss R 329
(4)
Bliss R 392 : Jessup 298. 817
(5)
Bliss 217
(6)
وهي اليوم " الجمعية المسيحية للشبان " أو " جمعية الشبان المسيحية ".
وجعلته «الأَخَوِيَّةَ» (1).وهذه الأخوية لا تزال قائمة إلى اليوم ولكنها كانت تدعى بأسماء مختلفة في الأدوار المختلفة. ومع أن الدخول في هذه الجمعية، «جَمْعِيَّةُ الأَخَوِيَّةِ» ، كان اختياريًا لجميع الطلاب، فإن أساتذة الكلية السورية الإنجيلية (2) كانوا كثيرًا ما ينحدرون إلى مستوى يعطفون فيه على التلاميذ المتأخرين في التحصيل إذا كانوا أعضاء في هذه الأخوية.
وتخرج أحدنا عام 1928 وكان كل طالب لا يزال يشعر هذا الشعور. ولقد اصطدمتُ (3) أنا بعقبات كثيرة ذللتها بجهد شخصي، ولو أنني كنت أحضر الصلوات في الكنيسة أو أنني كنت عضوًا في الأخوية لوفرت على نفسي كثيرًا من الإزعاج:
لقد كان اجتماع الصباح إجباريًا إما في الكنيسة وإما في منتدى " وست هول ". وكان بديهيًا أن أختار الحضور في " وست هول " حيث تكون الاجتماعات بعيدة عن الدين قليلاً أو كثيرًا. وفي يوم من الأيام دعاني عميد الدائرة العلمية الأستاذ (إدوارد نيقولي) وسألني: «لِمَاذَا كُنْتَ غَائِبًا عَنْ الكَنِيسَةِ؟» . فقلتُ له: «أَنَا لَا أَحْضُرُ الكَنِسَةَ وَلَكِنْ أَحْضُرُ اجْتِمَاعَاتِ " وَسْتُ هُولْ "» ، فصرفني. ولكن في اليوم التالي دعاني ثم ذكر أنه يستغرب كثرة غيابي عن الكنيسة، فأعدت عليه القول بأنني منذ أول العام قد اخترت الحضور في " وست هول ". وأخيرًا أدرك الأستاذ (نيقولي) أن الإيحاء إِلَيَّ بحضور الكنيسة غير ممكن، فتركني وشأني.
ولا يزال الإصرار على الطابع الديني التبشيري للكلية السورية الإنجيلية قائمًا إلى اليوم. نشر الكاتب (لدفيك برنهارد) في الكتاب السنوي الروسي لعام 1905 مقالاً عنوانه " أمريكة في الشرق " صور فيه الكلية السورية الإنجيلية على أنها محاولة مدروسة لتمهيد الطريق أمام المصالح الأمريكية، والتجارية منها خاصة. فرد عليه (رشتر) (4) بقوله:«إِنَّ مِثْلَ هَذَا الرَّأْيِ فِي هَذِهِ المُؤَسَّسَةِ يَصْدُقُ عَلَى نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَيُضَلِّلُ عَنْ هَدَفِهَا الحَقِيقِيِّ. إِنَّ الكُلِّيَّةَ مُؤَسَّسَةٌ تَبْشِيرِيَّةٌ» . وليس هذا فقط، بل هي كما يقول (جسب) (5):«أَوْضَحُ سِيَاسَةً دِينِيَّةً وَتَبْشِيرِيَّةً مِنْ سَائِرِ المَدَارِسِ الأَمِرِيكِيَّةِ فِي الشَّرْقِ، كَكُلِّيَّةِ رُوبَرْتْ فِي اسْتَانْبُولْ مَثَلاً» .
أما (رشتر) فقال عنها (6): «إِنَّهَا أَرْقَى مَدْرَسَةٍ فِي الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ العُثْمَانِيَّةِ. إِنَّ عَمَلَ الكُلِّيَّةِ التَبْشِيرِيَّ يَتَنَاوَلُ المُسْلِمِينَ فِي الدَّرَجَةِ الأُولَى، وَهَذَا مَا يَجْعَلُهَا بَارِزَةً فِي ذَلِكَ بَيْنَ جَمِيعِ
(1) Bliss 217 - 8، Brotherhood
(2)
الجامعة الأمريكية في بيروت.
(3)
الكلام هنا للدكتور عمر فروخ.
(4)
Richter 220
(5)
Jessup 737
(6)
Richter 74