الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّبْشِيرُ يَتَعَاوَنُ مَعَ الصُّهْيُونِيَّةِ:
واستغل المبشرون الصهيونية لأنهم كانوا يتفقون معها في عدائهم للعرب والمسلمين. ولم يصر المبشرون على إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين إلا لأن إنشاؤه يضعف العرب إضعافًا شديدًا ويفتح أبواب فلسطين العربية أمام التبشير، وإلا لأن فلسطين إحدى نقاط الهجوم على العالم العربي الإسلامي.
والقوة اليهودية قوة هدامة عظيمة خافتها الإمبراطوريات القديمة فأرادت القضاء عليها. وليس من ضرورة هنا لبسط موقف تلك الإمبراطوريات القديمة من اليهود. إن كل قارئ عام يعرف ما كان شأن المصريين والأشوريين والكلدانيين واليونان والرومان وشأن اليهود. أما اليوم فإن الاتحاد السوفياتي قد أخذ يحاول القضاء على الحركة اليهودية في مناطق نفوذه لارتكابهم أعمالاً هدامة ولقيامهم بالخيانات والتجسس (1) وإنها بؤرة للفساد (2).
بعد أن تشرد اليهود على أيدي الرومان تفرقوا في الأرض فنزل قسم منهم في بلاد العرب، في اليمن وفي الحجاز حول يثرب. وعند يثرب أنشأوا لهم قرية زراعية اسمها خيبر. فلما جاء الإسلام كان هؤلاء مصدر إقلاق كبير للإسلام والمسلمين: كان منهم المنافقون الذين يدعون أنهم مسلمون ثم يكونون عيونًا وجواسيس للمشركين. وكان منهم المتجسسون الذين كانوا يعقدون الحلف تلو الحلف مع رسول الله ثم يحملون أخباره إلى أعدائه وينتهزون الفرص للوثوب على الإسلام والمسلمين. وكذلك كان منهم المتآمرون الذين يجمعون أعداء الإسلام ويحثونهم على مقاتلة المسلمين. وكذلك كان منهم المتآمرون الذين يجمعون أعداء الإسلام ويحثونهم على مقاتلة المسلمين ثم يمولونهم بالأموال والسلاح. وهكذا ضاق محمد صلى الله عليه وسلم باليهود ذَرْعًا ونظم غزوات على الأماكن التي يسكنونها فاستطاع أن يخضعهم ويضعف مقاومتهم. ونظر كثير من المستشرقين بشهواتهم وعصيانها وجهلهم أحيانًا إلى تلك الغزوات، فكانوا يقولون بأن محمدًا عامل اليهود معاملة خشنة قاسية (3).على أن هذه المعاملة لم تكن ظالمة ولا كانت، مع عدالتها، شديدة كمعاملة المصريين والأشوريين والرومان مثلاً، ولا كمعاملة اليهود أنفسهم لسائر الشعوب إذا وجدوا إليها سبيلاً. وما أمر فلسطين منا ببعيد!
(1) راجع ما نشر في الصحف منذ أواخر عام 1952 وما بعده.
(2)
راجع ما نشر في الصحف 25 - 641 وما بعد.
(3)
Wismar 60 cf. 51 - 61
ولا ريب في أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يقاتل اليهود لأنهم يهود. إن هذا بَيِّنٌ من " القرآن الكريم "، فإن " القرآن الكريم " عَدَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أهل كتاب سماوي فلم يحملهم على اعتناق الإسلام (1) ولم ينقصهم حظهم من الإيمان ولا من نعم الله. قال " القرآن الكريم ":{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47 و 122]. وكذلك ذكر " القرآن الكريم " الأمم التي هي أهل كتاب سماوي بالرحمة والفوز في الآخرة، فقال:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2).
وإنما قاتل محمد صلى الله عليه وسلم اليهود لأنهم كانوا يخونونه كلما عاهدوه، وهذا أيضًا من " القرآن الكريم ":
- {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة: 100].
- {الَّذِينَ عَاهَدْتَ (*) مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ} الأنفال: 56].
وتوفي الرسول (سنة 11 هـ = عام 632 م) واليهود كلهم لا يزالون في الحجاز مطمئنين إلى أموالهم وأرضهم وعقيدتهم. فلما جاء عمر بن الخطاب (سنة 13 هـ = عام 634 م) أدرك أن الدولة الإسلامية لا يمكن أن ترسخ في شبه جزيرة العرب ما دام اليهود فيها يثيرون أهلها على الدولة ويفقرونها بالربا الفاحش فأمر بإخراجهم. ولكن عمر لم ينتزع أموال اليهود بل ثمنها ثم دفع لهم نصف أثمانها، فهاجروا إلى سورية (3).
أما في سورية فكان اليهود يَلْقَوْنَ من الدولة البيزنطية اضطهادًا بالغًا. فلما أخذ العرب بفتح الشام (سورية) جعل اليهود يرحبون بهم استبشارًا بالنجاة من نير بيزنطة (4).
إن العرب والمسلمين لم يضطهدوا اليهود لأنهم يهود، بل لم يضطهدوهم في أول الأمر على الإطلاق. ولكن لما كثر اعتداء اليهود على العرب والمسلمين سِرًّا وعلانية لم يبق بُدٌّ من دفع هذا الاعتداء، ولقد دفعه العرب بالحسنى أيضًا وبالحق. أما الذين يعرفون تاريخ
(1)[البقرة: 47 و 122].
(2)
[البقرة: 62].
(3)
cf. Wismar 98
(4)
ibid 82
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) ورد في الكتاب المطبوع خطأ في الآية (الذين عاهدوا منهم) والصواب ما أثبته.
(**) ورد في الكتاب المطبوع خطأ في الآية (نحن نعلمهم) والصواب ما أثبته.
اليهود السري في أوروبا وأمريكا، ثم شهدوا اليهود في فلسطين فإنهم يعلمون ما يكن اليهود للعالم من الحقد وما يضمرونه له من إثارة القلاقل والإفقار وإضاعة الأخلاق.
• • •
ومنذ قرن ونصف قرن فكر المبشرون باستغلال اليهود لنشر النصرانية بينهم ولمقاومة العرب والمسلمين بهم. ففي عام 1809 أسس الإنجليز الجمعية اللندنية لنشر النصرانية بين اليهود، ولقد كانت آمالهم عند تأسيسها عظيمة جِدًّا، كانوا يرون أن العمل يجب أن يبدأ بأن يساق اليهود المتفرقون في الأرض إلى فلسطين. وهكذا بدأوا يشجعون اليهود على الهجرة، وعزموا على أن يبدأ التبشير بينهم بعد ذلك مباشرة. وظن المبشرون أن الفرصة سانحة لتحقيق هذا الهدف حينما أرسل الخديوي المصري الثائر (1) محمد علي ابنه إلى الشام (سورية) واستولى على فلسطين، ذلك لأن موقف محمد علي من الإرساليات التبشيرية كان موقف صداقة وتسامح. وهكذا انتهز المبشرون هذه الفرصة السانحة ووضعوا أساس ما دعوه «كَنِيسَةَ صُهْيُونْ» أول كنيسة بروتستانتية في الإمبراطورية العثمانية. ولكن فأل المبشرين قد خاب، فإن محمد علي انسحب عام 1840 من الشام، فعاد الأتراك إلى موقفهم الشديد الأول من الإرساليات التبشيرية (2).
على أن المبشرين حاولوا مرة ثانية أن يستغلوا القضية اليهودية في سبيل أهدافهم الدينية: فقد أسس الملك (فريدرك ولهلم) ملك بروسية (1840 - 1861) الأسقفية الإنجليز - البروسية في القدس لتكون مركزًا بروتستانتيًا لإصلاح الكنائس الشرقية عامة ولتنصير اليهود خاصة (3). إن المبشرين كانوا جِدُّ مُقْتَنِعِينَ بأن جمع اليهود في فلسطين يسهل لهم مهمتهم في الوصول إلى المسلمين. من أجل ذلك أرادوا أن يفتحوا أبواب فلسطين على مصاريعها لهجرة اليهود (4). فليس من المستغرب إذن أن نجد سبعًا وعشرين جمعية تبشيرية مختلفة الجنسيات كانت تعمل بلا ملل في فلسطين (5).
وهكذا نجد عوامل دينية مختلفة كانت ترمي إلى استعمار فلسطين توصلاً إلى أهداف
(1) التعبير لصاحب النص الذي نستشهد به.
(2)
Richter 263
(3)
ibid 237
(4)
Christian Mission 188
(5)
Richter 238
خاصة: كانت البابوية والبروتستانتية والصهيونية تتنافس فيما بينها في فلسطين، وكان (روتشيلد) المتمول اليهودي يساعدهم جميعًا (1).
ومع أن هذه الحركات كانت دينية في ظاهرها فإنها كانت سياسية في حقيقتها: كانت الدول الأجنبية تريد تحطيم الإمبراطورية العثمانية حتى تستيطيع بسط نفوذها على بلاد الشرق. ولقد لجأت الدول الأوروبية إلى استغلال الأقليات الطائفية في الإمبراطورية العثمانية كالأقلية اليهودية على الأخص. ثم دفعت الأقلية الأرمنية للثورة على العثمانيين مِرَارًا، لإضعاف الإدارة العثمانية في البلاد العربية (2). من هذه السبيل كان الأوروبيون يأملون أن ينفذوا بمشاريعهم الاستعمارية إلى العرب والمسلمين.
ويبدو بوضوح من مراجع مختلفة أن الأوروبيين لم يكونوا يريدون إنشاء دولة يهودية على النحو الذي حدث الآن، ذلك لأنهم لم يكونوا يريدون أَنْ يُهَوِّدُوا فلسطين، بل كانت غايتهم الأولى أن يتخذوا اليهود فَزَّاعَةً (للعرب). وأما موافقة الدول الأوروبية على جمع اليهود في فلسطين فلا يجب أَنْ يُفْهَمَ إلا على أن هذه الدول الأوروبية قد أرادت التخلص من يهود أوروبا (3). هذا الرأي الذي مر عليه إلى الآن نحو خمسين عامًا أو يزيد (4). لا يزال وجيهًا عند الدول الأوروبية بوجهيه: للتخلص من اليهود في أوروبا خاصة ثم لتحطيم وحدة الشرق بوضع عدو للعرب والمسلمين في أقدس بقعة لهم على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. هذا مع العلم بأن اليهود سيثيرون للعرب وللمسلمين من مركزهم القوي الجديد قلاقل سياسية واجتماعية وأخلاقية واقتصادية يتمكن بها الأوروبيون من التدخل في كل حين بين الخصمين للسيطرة عليهما جميعًا. وهكذا رأينا بأم أعيننا أن الدول الغربية كانت ترى من مصلحتها الاستعمارية أن تتساهل مع اليهود في فلسطين إلى الحد الذي وصلت إليه معهم في عام 1948. وعلى مثل هذا سار المبشرون أيضًا منذ احتلال الإنجليز لفلسطين.
ذكر (ويلسن كاش)(5) «أَنَّ فِي القُدْسِ مَدْرَسَتَيْنِ عَالِيَتَيْنِ تُدِيرُهُمَا ثَلَاثُ إِرْسَالِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، إِدَارَةٌ مُشْتَرَكَةٌ: مَدْرَسَةُ البَنَاتِ العَالِيَةِ ثُمَّ الكُلِّيَّةُ الإِنْجْلِيزِيَّةُ. إِنَّ اليَهُودَ وَالعَرَبَ (6) وَالنَّصَارَى يَلْعَبُونَ فِي مَلَاعِبِ هَذِهِ المَدَارِسِ لُعْبَةَ كُرَةِ القَدَمِ وَيُبْدُونَ فِي اللَّعِبِ مِنْ ضُرُوبِ التَّعَاوُنِ مَا
(1) Jessup 657
(2)
Bury 118 - 120
(3)
Richter 231
(4)
طبع (رشتر) كتابه الذي استشهدنا به آنفًا عام 1910.
(5)
Cash 149
(6)
يقصد المؤلف: المسلمين.
يُسَاعِدُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ لَهُمْ نَظْرَةً جَدِيدَةً إِلَى مَشَاكِلِهِمْ القَوْمِيَّةِ الحَاضِرَةِ».
إن القارئ ليجد في هذا القول قرينة ظاهرة تدل على أن مدارس التبشير كانت تعمل على أن تهيئ الطلاب العرب من المسلمين والنصارى في فلسطين ليقبلوا بنزول اليهود في الأراضي المقدسة. ولعلهم لم يفعلوا ذلك حُبًّا باليهود، بل إضعافًا لنفوذ المسلمين في هذه البقعة المقدسة من الأرض، وتوصلاً إلى زيادة نفوذهم في الشرق من هذا السبيل.
ويظهر أن الألعاب الرياضية كانت تخدم قضية المبشرين وتخدم الصهيونية في فلسطين خدمة عظيمة، حتى اندفعت مدارس التبشير تُؤَلِّهُ الرُّوحَ الرِّيَاضِيَّةَ وتشجع التسامح في ميادينها إلى أبعد الحدود، تسامحًا كان يراد منه قتل الشعور القومي الثمين من طريق التسلية.
هكذا نجد دائمًا بوضوح أن المبشرين وأشياعهم ليسوا خطرًا على الاطمئنان الديني في الإسلام، بل هم خطر على الحياة القومية في الشرق العربي أيضًا.
• • •
ولم تكن الإرساليات التبشيرية وحدها صديقة لليهود في سبيل تحقيق أهدافها الدينية، بل إن بريطانيا، الدولة المنتدبة على فلسطين، كانت صديقة لليهود (2) في سبيل تحقيق أغراضها الاستعمارية. ومما يدلنا على ذلك، بعد الأدلة التي لمسناها في خمسة وأربعين عامًا منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى، أن إنجلترا أعلنت الوطن القومي لليهود في فلسطين قبل استيلائها على فلسطين، وأن المندوب السامي البريطاني الأول في فلسطين، السير
(1) MW. Apr. 1933، p. 153
(2)
MW. Oc. 1935، 354، f
(هربرت صموئيل)، كان يهوديًا.
وكان تأسيس الدولة اليهودية أمرًا مقررًا عند المبشرين، فقد كتب المبشر (جون فان أس)(1) يذكر في عام 1943 «إسرائيلية» ويعلن حدودها فيقول بأنها الدولة التي ستؤلف من معظم أراضي اليهودية (الجليل) جنوبًا إلى خليج العقبة، ثم «أردنية» ويجعلها القسم العربي من فلسطين مع شرق الأردن الحالية. هذا يدلنا دلالة واضحة على أن أخبار هذه التقسيمات السياسية كانت في متناول المبشرين، أو أن المبشرين كانوا يحضون عليها في سبيل تسهيل مشاريعهم الدينية.
ويتساءل أحدنا: لماذا يفضل المبشرون أن تقوم دولة يهودية في فلسطين، ولماذا هم يخافون العرب ولا يخافون اليهود؟
يرى (لورنس براون)(2) - وأكثر المبشرين على رأيه - أن القضية الإسلامية تختلف من القضية اليهودية: أن المسلمين يختلفون من اليهود في دينهم [أنه] دين دعوة. إن الإسلام ينتشر بين النصارى أنفسهم وبين غير النصارى. ثم إن المسلمين كان لهم كفاح طويل في أوروبا فأخضعوها في مناسبات كثيرة. على أن الفرق الأساسي بين المسلمين واليهود، كما يراه المبشرون، هو أن المسلمين لم يكونوا يومًا ما أقلية مَوْطُوءَةً بالأقدام. ثم يقولون: إننا إذا نظرنا إلى العالم لم نر مكانًا يمكن أن يصبح المسلمون فيه أقلية مثل هذه إلا فلسطين والهند. من أجل ذلك نرى المبشرين ينصرون اليهود على المسلمين في فلسطين.
ثم يعلن (لورنس براون) رأيه الخاص فيقول: «لَقَدْ كُنَّا نُخَوِّفُ بِشُعُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَلَكِنَّنَا بَعْدَ الاِختبَارِ لَمْ نَجِدْ مُبَرِّرًا لَمِثْلِ هَذَا الخَوْفِ. لَقَدْ كَنَّا نُخَوِّفُ مِنْ قَبْلُ بِالخَطَرِ اليَهُودِيِّ وَالخَطَرِ الأَصْفَرِ (بِاليَابَاْن وَتَزَعُّمِهَا عَلَى الصِّينِ) وَبِالْخَطَرِ البُلْشِفِيِّ. إِلَاّ أَنَّ هَذَا التَّخْوِيفَ كُلَّهُ لَمْ يتَّفِقْ (لَمْ نَجِدْهُ، لَمْ يَتَحَقَّقْ) كَمَا تَخَيَّلْنَاهُ. إِنَّنَا وَجَدْنَا اليَهُودَ أَصْدِقَاءَ لَنَا، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ كُلَّ مُضْطَهِدٍ لَهُمْ عَدُوَّنَا الأَلَدَّ. ثُمَّ رَأَّيْنَا أَنَّ البَلَاشِفَةَ حُلَفَاءَ لَنَا (3). أَمَّا الشُّعُوبُ الصُّفْرُ فَإِنَّ هُنَالِكَ دُولاً دِيمُقْراطِيَّةً كَبِيرَةً تَتَكَفَّلُ بِمُقَاوَمَتِهَا
…
وَلَكِنَّ الخَطَرَ الحَقِيقِيَّ كَامِنٌ فِي نظامِ الإِسْلَامِ وَفِي قُدْرَتِهِ عَلَى التَّوَسُّعِ وَالإِخْضَاعِ، وَفِي حَيَوِيَّتِهِ: إِنَّهُ الجِدَارُ الوَحِيدُ فِي وَجْهِ الاِسْتِعْمَارِ الأُورُوبِيُّ» (4).
(1) John Van Ess، 192
(2)
Browne 7 ff
(3)
أصدر المؤلف كتابه عام 1944.
(4)
Browne 9، 10
وما دمنا هنا، فإن فلسطين تستحق صفحتين أو ثلاث صفحات أخر. نشر الدكتور (بيارد ضودج) رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت من عام 1922 إلى عام 1948 مقالاً بعنوان " أمن الضروري أن تنشب حرب في الشرق الأوسط؟ "(1) يبسط فيه رأيه في حل قضية فلسطين، قال:(2)
وما دمنا في حديث فلسطين فلنتوسع قليلاً في مساعي الغربيين لإنشاء إسرائيل توسعًا يفصح عن بعض غاياتهم.
منذ عهد بعيد، منذ القرن التاسع عشر، كانت بريطانيا تود استعمار فلسطين وإقامة الحامية فيها لحراسة طريق الهند. ولم يكن بإمكانها أن تفعل ذلك إلا من طريق التبشير. جاء في كتاب " التوراة والسيف "(3) في صدد نقل فلسطين إلى المذهب الأنكليكاني (مذهب الدولة في إنجلترا) فصل كامل على (اللورد شافتسبري)(4) الذي كان يمثل فكرة تنصير فلسطين ورد اليهود منصرين إليها، أو تنصيرهم بعد ردهم إليها، وإعلان الحماية (البريطانية) عليها. ولقد روج (اللورد بالمرستون)(5)، وزير الخارجية البريطانية، لهذه الدعوة برسالة وجهها إلى جريدة " التايمز " اللندنية فنشرتها الجريدة المذكورة في السابع عشر من آب عام 1840. ومن الشخصيات الإنجليزية التي عملت بما فكر به (شافتسبري) وسعى إليه (بالمرستون)، وممن اشتهروا ودارت أسماؤهم في السياسة الشرقية والعربية، رئيس الوزارة البريطانية (غلادستون)، والقائد البريطاني (الجنرال غوردن)، والمستكشف البريطاني (لِيفِنْغِسْتُونْ)، والممرضة الشهيرة (فلورانس نايتنغايل). كل هؤلاء، على اختلاف نزعاتهم وعلى اختلاف البراقع التي وضعوها على وجهوههم، كانوا ذوي اتجاه تبشيري استعماري، وكلهم كانوا يريدون اختراع الوسائل للدفاع عن «الإمبراطورية» ولتوسيع رقعتها.
(1) Must there be war in The Middle East
(2)
Reade'rs Digest، April 1948، pp. 44 - 5
(3)
راجع ص 113 وما بعدها.
(4)
(أنطوني أشلي كوبر شافتسبري)(1801 - 1885) من الذين اهتموا بالتبشير.
(5)
(اللورد بالمرستون)(1784 - 1865).
ويرى الإنجليز أن فلسطين لم تكن مهمة لهم في ذاتها فقط، بل كانت عندهم وسيلة ضرورية للدفاع عن الإمبراطورية. «لَقَدْ كَانَتْ أَيْضًا الصِّلَّةُ الجُغْرَافِيَّةُ بَيْنَ الشُّرْقِ وَالغَرْبِ وَرَأَّسُ الجِسْرِ بَيْنَ ثَلَاثِ قَارَّاتٍ، وَعُقْدَةُ الدِّفاعِ العَسْكَرِيِّ عَنْ الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ، وَالمِنْطَقَةِ الضَّرُورِيَّةِ لِلْدِّفاعِ عَنْ طَرِيقِ السُّوِيسْ وَعَنْ الطَّرِيقِ إِلَى الهِنْدِ وَعَنْ آبَارِ النَّفْطِ فِي المَوْصِلِ» (1).
وتعددت العوامل في السياسة الإنجليزية في شأن فلسطين، ولكن كان بعضها ستارًا، فقد ألفت (برباره توخمان) (2) - وهي يهودية من الولايات المتحدة - كتابًا سمته " التوراة والسيف " أو " إنجلترا وفلسطين منذ العصر البرونزي إلى بلفور " (3) ذكرت في مقدمته غايتها من تأليفه فقالت (4):«هَذَا الكِتَابُ مُحَاوَلَةٌ لِتَتَبُّعِ الأَهْدَافِ المُزْدَوَجَةِ فِي تَطَوُّرِهَا مُنْذُ البِدَايَةِ: الهَدَفُ الثَّقَافِيُّ مَعَ الهَدَفِ الاِسْتِعْمَارِيِّ، وَالهَدَفُ الأَخْلَاقِيُّ مَعَ الهَدَفِ المَادِّيِّ. وَبِكَلِمَةٍ وَاحِدَةً: أُرِيدُ أَنْ أَتَتَبَّعَ فِيهِ خُطُوَاتِ التَّوْرَاةِ وَالسَّيْفِ إِلَى أَنْ تَنْتَهِي بِفِلَسْطِينَ إِلَى الاِنْتِدابِ» .
ولم يكن في محاولة الاستيلاء على فلسطين تلك العوامل التي ذكرت فحسب، بل كان ثمت العامل الصليبي الديني في أجلى مظاهره، تقول (برباره توخمان) (5):«وَهَكَذَا دَخَلَ الجِنِرَالْ (اللَّنْبِي) إِلَى القُدْسِ عَامَ 1918، فَنَجَحَ حَيْثُ كَانَ (رِيتْشَرْدْ) = (رِيكَارْدُوسْ قَلْبُ الأَسَدِ) قَدْ أَخْفَقَ. وَلَوْلَا ذَلِكَ الاِنْتِصارُ (اِنْتِصارُ اللَّنْبِي) لَمَّا كَانَتْ إِعَادَةُ إِسْرَائِيلَ، إِلَى الآنَ، قَدْ أَصْبَحَتْ حَقِيقَةً وَاقِعَةً. وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بإِمْكَانِ (اللَّنْبِي) أَنْ يَنْجَحَ لَوْلَا مُحَاوَلَةَ (رِيتْشَرْدْ): أَيْ لَوْ لَمْ تَكُنْ النَّصْرَانِيَّةُ قَدْ أَقَامَتْ، فِي الأَصْلِ، الأَسَاسَ الذِي يَحْمِلُ النَّصَارَى عَلَى التَّعَلُّقِ بِالأَرْضِ المُقَدَّسَةَ. وَإِنَّ مِنْ غَرِيبِ التَّهَكُّمِ أَنْ يَكُونَ اليَهُودُ قَدْ اِسْتَعَادُوا مَوْطِنَهُمْ، وَإِلَى حَدٍّ مَا، بِفِعْلِ الدِّينِ الذِي أَعْطَوْهُ لِلأُمِّيِّينَ» (6).
ووعد (بلفور) أيضًا لم يكن العامل الأساسي في إنشاء دولة إسرائيل. إن السياسات التي استترت وراء هذا الوعد هي التي أرادت خلق إسرائيل، سواءً أتقدم هذا الوعد في التاريخ أم تأخر وسواءً أكان أم لم يكن. قالت (برباره توخمان) (7):
(1) Bible and Sword XIII
(2)
Barbara W. Tuchman يمكن لفظ هذا الاسم (توشمان) أو (تتشمان).
(3)
Bible and Sword، England and Palestine from the Bronze Age to Balfour
(4)
Bible and Sword XIV
(5)
idem
(6)
الأميون هم غير اليهود. قسم اليهود الناس في أيامهم قسمين: يهودًا وأميين.
(7)
Bible and Sword، 217
والوطن القومي اليهودي لم يكن يعني ملجأ لليهود المضطهدين في أوروبا، كما كان يزعم الصهيونيون والسائرون في ركب الصهيونية، بل كان يعني إقامة دولة على غرار دول العصر الحديث. «فَلَمَّا اِسْتَفْهَمَ الوَزِيرُ (لَانْسِنْغْ) (1) مِنْ (وَيْزْمَانْ) أَمَامَ المَجْلِسِ الأَعْلَى لِمُؤْتَمِرِ بَارِيسْ عَمَّا يَعْنِي تَمَامًا بِالوَطَنِ القَوْمِيِّ أَجَابَهُ بِجَوَابِهِ المَشْهُورِ:" أَنْ تُتَاحَ لَنَا الفُرْصَةُ لِنَبْنِي بِالتَّدْرِيجِ قَوْمِيَّةً فِي فِلَسْطِينَ هِي لِلْيَهُودِ بِمَقَامِ الأُمَّةِ الفِرَنْسِيَّةِ لِلْفِرَنْسِيِّينَ وَالأُمَّةَ الإِنْجْلِيزِيَّةَ لِلإِنْجْلِيزْ "» (2).
ومع كل ما يمكن أن يقال في تقصير العرب، في فلسطين وفي خارج فلسطين، فإن سياسة بريطانيا في عهد الانتداب كانت العامل الأول في إضعاف القوى العربية. إن التحسس القومي من ناحية والتحسس الديني من ناحية أخرى كانا قويين بين الشبان العرب في كل مكان، وفي فلسطين أيضًا. غير أن الانتداب - الذي كان شكلاً آخر من أشكال الاستعمار أو اسمًا آخر للاستعمار على الأصح - حاول أن يخدر هذا التحسس، وفي فلسطين خصوصًا. لَقَدْ أَلْهَتْ حكومة الانتداب نفرًا من عرب فلسطين لا يزيدون في العدد على خمسة عشر بالمائة من مجموع السكان بمناصب ذات رقابة اسمية في الحكومة المحلية (3).
ولما تطور النزاع بين العرب واليهود ولم يبق مندوحة عن الاصطدام في الحقل الداخلي وعلى الصعيد الدولي، كانت بريطانيا خاصة تلعب دورها الصهيوني من وراء ستار.
تجمع المصادر الأجنبية التي تناولت نزاع العرب واليهود في فلسطين، وخصوصًا في السنتين اللتين سبقتا التقسيم، على أن العرب كانوا ضعافًا ماديًا وعسكريًا، وعلى أن العرب
(1) روبرت لانسنغ (1864 - 1928) سياسي أمريكي، تولى وزارة الخارجية في الولايات المتحدة (1915) وكان عضوًا في الوفد الأمريكي إلى مؤتمر الصلح في باريس (1918 - 1919).
(2)
Bible and Sword، 219
(3)
cf. Mott، 65، 185
لم يكونوا حازمين أمرهم على خطة معينة أو هدف معين. وكذلك كان زعماء العرب وحكامهم تتنازعهم الأهواء والمصالح الشخصية والإقليمية. على أن هذه المصادر لا تخفي، أو لا يخفي فيها، تواطؤ الدول الأجنبية كلها - خصوصًا الدول الكبرى: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفياتي - على العرب.
نشرت مجلة " كومنتري " التي تصدرها اللجة الأمريكية اليهودية في نيويورك في عددها الصادر في نيسان من عام 1947 تقريرًا سَنُوجِزُهُ فِي مَا يَلِي (1):
إن فلسطين لم تكن تستغرق اهتمام (ترومان)، رئيس جمهورية الولايات المتحدة، مع كل ما كان فيها من الاضطراب، ذلك لأن فلسطين لم تكن بقعة دفاعية في الجبهة الإنجليزية الأمريكية، كتركيا واليونان مثلاً، ولكنها خَطًّا من خطوط المواصلات الداخلية .. غير أن مشكلة فلسطين كانت أكثر تعقدًا مما يبدو عليها. ويبدو أن بريطانيا كانت تريد أن تغمس الولايات المتحدة في مشكلة فلسطين، فلم تجد - وهي المنتدبة على فلسطين والمسؤولة وحدها عنها - خيرًا من أن تحيل تلك المشكلة إلى هيئة الأمم. ومع أن الوزارة البريطانية كانت قد اتخذت قرارًا بإحالة قضية فلسطين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنها لم تتخذ في ذلك خطوة إيجابية سريعة. ففي السادس والعشرين من آذار أعلن (تريغفه لي)، الأمين العام للأمم المتحدة، أنه لم يتلق من أحد بلاغًا عن هذه القضية. ولقد ذكر في ذلك الحين أن (تريغفه لي) كان يفضل تأليف لجنة لدرس الموقف. غير أن الولايات المتحدة لم تكن واثقة من أن القانون يجيز تأليف مثل هذه اللجنة. ولكن تبين في الوقت نفسه أن لجنة فرعية كانت قد تألفت في الأمم المتحدة لجمع المعلومات للجنة المزمع إنشاؤها لدرس الموقف في فلسطين. في تلك الأثناء كان (عبد الرحمن عزام)، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قد صرح في القاهرة بأن اللجنة السياسية في الجامعة العربية قد رفضت الاقتراح القائل بتأليف لجنة لدرس الموقف.
ويذكر التقرير الذي نوجزه في هذا المكان (وهو يعبر عن رأي اليهود) أن المفتاح لكل حل يمكن أن يكون مرضيًا عنه إنما هو في يد الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة وحدها تملك الإمكانيات التي تجعل تساهل الزعماء العرب في (قضية) فلسطين مُجْدِيًا (لَهُمْ). ثم إن لها من الدالة ما يجعلها قادرة على عقد هذه الصفقة.
(1) Commentary، New York، vol. 3، No. 4، April 1947، pp. 257 - 62
ولما قامت دولة إسرائيل وتعقدت الأمور في الشرق العربي من أجل ذلك بدأت الاقتراحات للتهدئة ترد من كل مكان، وكلها تستند إلى أسس من السياسة والدين، من الاستعمار والتبشير. من تلك الاقتراحات رغبة فرنسا في العودة إلى الشرق لضبط الأمور وتصريفها بين العرب واليهود.
يزعم القائد الفرنسي الجنرال (بورر)[Buhrer] مزاعم غريبة، هو يقول (1):
هذا الزعم ليس من السياسة ولا من التاريخ في شيء. ولكن الجنرال (بورر)[Buhrer] استعماري، وقد حلل الموقف في هذا الجزء من العالم بالرغبة الاستعمارية التي في صدره. وسنجده يقول بعد خمس وعشرين صفحة من كتبه: «أَنَّ نَظَرِيَّةَ الحُكْمِ الإِلَهِيِّ فِي البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ، وَخُصُوصًا عِنْدَ العَرَبِ، تَتَمَسَّكُ بِالشَّكْلِ الكُلِّيِّ عَلَى الأَخَصِّ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنَ الجُهُودِ التِي بُذِلَتْ لإِقْرَارِ المَبْدَأِ العِلْمَانِيِّ فِي الدَّوْلَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ المِلْكِيَّاتِ لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَتَخَلَّى بَعْدُ عَنْ المَبَادِئِ الأَسَاسِيَّةِ مِنَ الدِّينِ الإِسْلَامِيِّ، وَلَا عَنْ المَبَادِئِ الأَسَاسِيَّةِ مِنَ النَّفْسِيَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ العَرَبِيَّةِ: لَا خَلَاصَ بِغَيْرِ الإِسْلَامِ (2)
…
ثُمَّ إِنَّ إِسْرَائِيلَ نَفْسُهَا قَامَتْ عَلَى أَسَاسِ الدِّينِ اليَهُودِيِّ. وَهَكَذَا يَتَّضِحُ فِي الوَقْتِ الحَاضِرِ أَنَّ الشَّرْقَ لَمْ يَفْقِدْ بَعْدُ فِكْرَةَ الأُمَمِ الدِّينِيَّةِ التِي كَانَ يَأْخُذُ بِهَا مِنْ قَبْلُ
…
لِذَلِكَ يَبْدُو مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ
…
أَنَّ فِرَنْسَا هِي التِي اِحْتَفَظَتْ، بِمَا لَهَا مِنَ النُّفُوذِ الثَّقَافِيِّ وَالأَدَبِيِّ، بِمُهِمَّةِ الدَّلَاّلَةِ وَالمَشُورَةِ وَالمُسَاعَدَةِ لِهَذِهِ الدُّوَلِ الفَتِيَّةِ مِنْ وَرَثَةِ الأُمَمِ القَدِيمَةِ حَتَّى تَسْتَطِيعَ هَذِهِ الدُّوَلُ أَنْ تَحْتَلَّ مَكَانًا فِي هَذَا العَالَمِ المُتَبَدِّلِ. لَقَدْ كَانَتْ فِرَنْسَا مِنْ قَبْلُ حَامِيَةً لِنَصَارَى الشُّرْقِ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَمُدَّ حِمَايَتَهَا النَّيِّرَةَ البَرِيئَةَ مِنَ الأَغْرَاضِ إِلَى جَمِيعِ الذِينَ يَسْكُنُونَ هَذَا الشَّرْقَ، سَوَاءً أَكَانُوا يَهُودًا أَوْ نَصَارَى أَوْ مُسْلِمِينَ
…
وَإِنَّ رِسَالَةَ فِرَنْسَا بِصِفَتِهَا حَامِيَةً لِلْنَّصَارَى قَدْ أَضْفَى عَلَيهَا دَائِمًا، فِي تِلْكَ
(1) Ce que devient L'Islam p. 70، 95 - 96
(2)
يقصد أن التفكير السياسي القديم كان يجعل من أهل كل دين أمة قائمة بنفسها.
البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ - فِي الشَّرْقِ - بَهَاءً لَا نَظِيرَ لَهُ».
ولم يكتف التبشير بالدعوة السافرة إلى الاستعمار، بل كان يسلك سبيل التجسس أيضًا خدمة لإسرائيل وحقدًا على العرب. نشرت مجلة " الشرطة والأمن العام "(1) مقالاً عن داعية أمريكي لإسرائيل يَدَّعِي أنه يدير جمعية التقارب المسيحي، مع أن اسم جمعيته الحقيقي:" جمعية التقارب المسيحي اليهودي ". ولم يكن عمل هذا الداعية، واسمه (رالف باني)، سوى مساعدة اليهود والدس على العرب بتشويه سمعتهم والتجسس عليهم. ومع أن هذا الداعية كان يرتدي ثياب المبشرين فإنه كان يقوم بأعمال تنافي الدين، وبنشاط يُضِرُّ بِالعَرَبِ. وَقَدْ أُخْرِجَ مِنَ الأُرْدُنِّ بهذه التهم كلها. والمبشرون الذين يقومون بمثل نشاط (رالف باني) كثيرون ولكن إقامة البينة عليهم عسيرة أحيانًا لاتقانهم فن العمل الصامت ولدفاع حكوماتهم عنهم إذ أنهم يخدمون الغايات الاستعمارية التي ترمي إليها دولهم.
(1) دمشق، السنة الأولى، العدد 12 (9 ربيع الأخر 1373 و 15 كانون الأول 1953)، الصفحات 74 - 75، 39.