الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحق، وعلى عدم العودة إلى الباطل، بإنكار الطلاق، فالإشهاد يعينه على أداء الحق، ويثبت الحق للمرأة، فالسنة يشهد على الطلاق، ويشهد على الرجعة، ويحتج على هذا بقوله سبحانه وتعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} ، فإن هذا فسر بالشهادة على الطلاق، وفسر بالإشهاد على الرجعة، والآية تحتملهما فيشرع هذا وهذا، يشرع إشهاده على الطلاق، ويشرع إشهاده على الرجعة ولكن ليس ذلك بشرط، فرجعته صحيحة وإن لم يشهد عليها إذا اعترفت بها الزوجة، وأسمعها الرجعة في العدة. وكذلك الطلاق يقع وإن لم يشهد، لكنه خالف المشروع، خالف ما ينبغي.
3 -
حكم طلب الزوجة الطلاق دون سبب
س: يقول السائل: ما حكم طلب الزوجة من الزوج الطلاق، بدون سبب شرعيٍّ؟ (1)
ج: لا يجوز لها ذلك، بدون سبب، ليس لها طلب الطلاق بدون سبب،
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (435).
ولا يجوز لها إلا بأسباب، كظلمه لها، أو بغضاء لا تستطيع البقاء معها، بغضاء شديدة، لا تستطيع البقاء معه، أو أسباب أخرى وجيهة، وهو لا يطلّق إلا إذا رأى المصلحة، إذا رأى المصلحة في الطلاق طلّقها، طلقة واحدة فقط، وإلا فلا يطلق، لكن إذا رأى المصلحة لا بأس.
س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الشّرع في نظركم سماحة الشيخ في طلب الزوجة من الزوج الطلاق، بدون سبب شرعي، وما توجيهكم للزّوجين (1)؟
ج: لا يجوز للزوجة طلب الطلاق من غير علة، والواجب عليها حسن العشرة لزوجها، وعدم طلب الطلاق إلا من بأس، إذا كان يظلمها أو يؤذيها، أو ما كتب الله بينهما مودّة، تبغضه فلا بأس أن تطلب المخالعة، أمّا ما دام ليس بينهما شيء، فالأفضل لها عدم الطلب، وأن تتعاون مع زوجها، كما قال تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ، فالمرأة والرجل يتعاونان على الخير، وعلى فعل ما شرع الله، وعلى ترك ما نهى الله عنه، كل منهما يعين الآخر، ولكن إذا كان هناك أسباب،
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (428).
بأن لم يكتب الله بينهما مودة، وطلبت الخلع، أو طلبت الطّلاق؛ لأنه ما بينهما مودة، أو لأنه يظلمها، أو يؤذيها بالضرب، أو غير ذلك فلا بأس، إذا كان لسبب.
س: ما هو توجيه سماحتكم للمرأة التي دائمًا تطلب الطلاق من زوجها، ما نصيحتكم، ولأمثالها، جزاكم الله خيرًا؟ (1)
ج: إن كانت مظلومة قد ظلمها زوجها وتعدّى عليها، فهي معذورة، أما إن كانت تطلب الطلاق من غير بأس، فلا يجوز لها ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس، لم ترح رائحة الجنة» (2) فكونها تطلب الطلاق من غير علّة شرعيّة، لا يجوز، الواجب عليها الصبر والاحتساب، وعدم طلب الطلاق، أما إذا كانت هناك علة لأنه يضربها ويؤذيها، أو لأنه يتظاهر بفسق وشرب المسكرات، أو لأنه لم تقع في قلبها محبة له، بل تبغضه كثيرًا ولا تستطيع الصبر، فلا بأس، مثلما فعلت زوجة ثابت بن قيس، طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرّق بينها وبينه، فسألها النبي
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (335).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم (21874).
عن ذلك، فقالت: إنها لا تطيقه بغضًا، فقال لها عليه الصلاة والسلام:«أتردين عليه حديقته» (1) يعني المهر، الحديقة بستان، فقالت: نعم. فأمره أن يقبل الحديقة ويطلقها، والعلة أنها لا تستطيع البقاء معه من أجل بغضها له، والحياة مع البغض لا تستقيم؛ ولهذا يلزمها أن ترد المهر، فإذا ردّت المهر، فعليه أن يطلقها، والله يقول سبحانه:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} ، وهكذا إذا كان يتعاطى السكر، أو معروفًا بالتساهل في الزنى، وتعاطي الفحشاء، هذا لها عذر؛ لأنّ البقاء معه يضرّها، أما إن كان لا يصلّي، فلا يجوز لها البقاء معه، فالواجب عليها الامتناع منه، وعدم تمكينه من نفسها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح وإن لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (2) وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم
(1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه، برقم (5273).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).
الصلاة فمن تركها فقد كفر» (1) فالأمر عظيم، فإذا كان لا يصلي فليس لها البقاء معه، نسأل الله العافية والسلامة.
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، (22428).
س: السائلة من المدينة المنورة، تقول: إنها امرأة متزوجة منذ تسع سنوات، وزوجها لا يعمل دائمًا، فكان يعمل في التجارة، وخسر جميع ما يملك من أمواله وأموال الناس الشركاء، ثم عمل في شركة، وتركها بعد ثلاثة شهور، وهو دائم الاستلاف، وأصبح مديونًا للناس بمائة وخمسين ألف ريال، وهو الآن لا يعمل، علمًا بأنها تقول دائمًا تقف إلى جواره في كل أزماته، والآن مرضت هذه الزوجة، ولا تطيق أن ترى هذا الزوج، بسبب تصرفاته، وبسبب الديون التي تراكمت عليه وعدم الاستقرار العائلي، وتسأل هذه الزوجة سماحتكم وتقول: لو طلبت الطلاق من هذا الرجل هل أكون آثمة؟ علمًا بأن أهلي يريدون أن يطلقوني منه؛ لأنّ زوجي باع جميع ما يخصني من منزل وأثاث، فهل طلبي للطلاق حرام أم حلال؟ (1)
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (392).