الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلقتين راجعها، أما إذا كنت ما أردت إلاّ الامتناع من العمل عندها، وليس قصدك إيقاع الطلاق، فهذا له حكم اليمين كما تقدم.
48 -
بيان ما يلزم من حلف بالطلاق لغرض التخويف
س: والدي اشترى سيارة من زوج أختي، وكنت يومها متخاصمًا مع أخي، فحلفت وقلت: عليّ الطلاق بالثلاث، إذا سجلت السيارة باسم أخي لأحرقها، وحلفت اليمين وأنا غاضب على أخي جدًّا، ولم أكن أنوي الطلاق حقيقة، وإنّما تخويفًا لهم، فهل إذا أحرقتها الآن أكون قد وفيت بيميني، أم لا، أو ماذا عليّ أن أفعل؟ (1)
ج: عليك كفارة يمين، ما دمت أردت تخويفهم ومنعهم، فعليك التوبة والاستغفار من هذا العمل، وعليك كفارة يمين، وذلك بإطعام عشرة مساكين، عشرة فقراء لكل فقير نصف صاع من التمر أو من الأرز أو الحنطة أو غيرها من قوت البلد، وإن عشّيتهم أو غديتهم أو كسوتهم على قميص، كفى ذلك والحمد لله، ونسأل الله للجميع الهداية، ولا يقع الطلاق؛ لأن الطلاق في هذا المعنى في حكم اليمين ولا يقع منه
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (46).
الطلاق؛ لأنك ما أردت إيقاع الطلاق، وإنما أردت التخويف والمنع من هذا العمل، ولا تحرق السيارة، هذا إضاعة مال وظلم.
س: قال رجل لصديق له، عليَّ الطلاق ألاّ تشتري الثلاجة والغسالة إذا عزمت على الزواج، يقصد أنه هو الذي سوف يشتريهما ويهديهما إليه، فهل يجوز أن يعطيه قيمتهما مقدمًا نقدًا؟ (1)
ج: الذي يظهر أنه لا حرج في ذلك، إذا شراها بنفسه أو سلم له القيمة، إذا كان قصده مساعدته بالثمن وليس المقصود نفس الشراء، إنما المقصود أن يساعده في الثمن، فإذا شراها بنفسه أو بوكيله أو شراها صاحب الحاجة، وسلم له ثمنها، فالأمر في هذا واسع ولا يقع عليه شيء بذلك، لأن طلاقه قد حصل به المقصود؛ لأنّ الشرط المطلوب قد حصل، وما يتعلق بالطلاق، إذا كان مقصوده بالطلاق منعه من الشراء وحثه على قبول الهدية، وليس قصده فراق زوجته إن لم يسمح له بالشراء، فإن هذا الطلاق في حكم اليمين، فلو فرضنا أن الرجل ما سمح واشتراها هو ولم يقبل الثمن، فإن الطلاق لا يقع،
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (46).
وعليه كفارة اليمين إذا كان مقصوده نفعه بهذا الشيء وحثّه على قبول الهدية، وليس المقصود فراق زوجته إن لم يقبل، وإنما المقصود حثّ الرجل على قبول الهدية أو قبول الثمن، وليس المقصود فراق أهله إن لم يقبل فهذا له حكم اليمين، فلو لم يقبل صاحب الزواج شراء الشخص للثلاجة والغسّالة، أو لم يقبل الثمن، فإن الرجل لا يقع على زوجته طلاق، ولكن يكفيه كفارة اليمين.
س: يقول السائل: حدث في يوم من الأيام مشاجرة بيني وبين زوجتي في موضوع غسل ملابسي، وبعد ذلك تناوشت معها بغضب شديد، وفي ساعة هذا الغضب قلت: عليَّ الطلاق ما تغسلين ملابسي مرة ثانية، ومن ذلك الوقت أغسل ملابسي في المغسلة خارج البيت، هل إذا أردت أن تغسل زوجتي ملابسي بعد اليمين؛ لأني محتاج لذلك، أتصرف تصرفًا معينًا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا. (1)
ج: هذا يختلف بحسب نيتك وما كان ينبغي لك التعجل في الطلاق، نصيحتي لكل زوج ألاّ يتعجل في الطلاق ولو غضب يقول:
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (236).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا يعجل في الطلاق أبدًا ولو شدّت عليه المرأة ولو طلبت أو غضب لا يعجل في الطلاق، الشيطان يحضر ويزين لها ويزين لزوجها الطلاق، فالمشروع لك يا أخي ولكل إنسان عدم العجلة في الطلاق حتى تطمئن، وحتى تعلم أن الطلاق أصلح في رأي دينك ودنياك فلا بأس، ونصيحتي لكل امرأة ألا تعجل وتطلب الطلاق ولا تؤذي زوجها في ذلك، ولا سيما إذا كان زوجها طيبًا صالحًا صاحب دين وصاحب صلاة، تتقي الله ولا تعجل في الأمور، تصبر عليه ولو غضب في بعض الأحيان، ولو حصل منه بعض الأذى في بعض الأحيان؛ لأن الزوج الصالح اليوم قليل، والزوجة الصالحة قليلة، فينبغي للمؤمن أن يتمسك بالزوجة الصالحة ولا يعجل بالطلاق ولو جرى منها بعض النقص، وهكذا المرأة إذا حصّلتْ الزوج الصالح، فينبغي لها أن تتمسك به وتحرص على البقاء معه، وألاّ تغضبه أبدًا، بل تتحمل وتحرص على التحمل، فإذا غضبت فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهي كذلك تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كرروا هذا عند الغضب يزل الغضب، لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شخصًا قد غضب، واحمرَّ وجهه، وانتفخت أوداجه من شدة
الغضب، قال عليه الصلاة والسلام:«إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» (1) فأنت يا أخي كذلك استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذا الطلاق الذي وقع منك يختلف بحسب نيتك، إن كنت نويت منعها من غسلها ملابسك بعد ذلك ولم تستغن عنها، وأردت تخويفها وتهديدها بهذا الطلاق، فلك أن تسمح عنها وتكفر عن يمينك، له حكم اليمين إذا كنت قصدك منها من الغسل غضبًا عليها، ولم ترد فراقها إن غسلت ثيابك، إنما أردت تهديدها بهذا والغضب عليها ولم ترد فراقها بهذا لو غسلت، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين كل واحد يعطى نصف الصاع تمرًا أو رزًّا، كيلو ونصف لكل واحد، أو كسوة على قميص قميص، أو عتق رقبة، فمن عجز، يصوم ثلاثة أيام، أمَّا إن كنت أردت الطلاق تقع طلقة واحدة إن غسلت، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق إن غسلت ثيابك، فإنها إذا غسلتها يقع عليها طلقة واحدة
(1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم (3282)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب .. ، برقم (2610).
وتراجعها، تقول: اشهد يا فلان ويا فلان أني مراجع زوجتي، تشهد اثنين من الطيبين من جيرانك أو أصحابك أنك مراجعها، هكذا السنة إذا كنت ما طلقتها قبلها طلقتين، وإذا كان قبلها طلقتان ما تصلح إلا بعد زوج، لكن إذا كنت ما طلّقتها قبلها طلقتين، وأنت أردت الطلاق إذا غسلت ثيابك تكون طلقة واحدة وتراجعها بإشهاد اثنين، تقول: اشهد يا فلان وفلان أني راجعت زوجتي فلانة ما دامت في العدة، أما إذا كنت ما أردت الطلاق مثل ما تقدم، وإنما أردت منعها والغضب عليها وتهديدها حتى لا تغسل ثيابك مرة أخرى من أجل غضبك ولم ترد إيقاع الطلاق ولا فراقها، ولكن أردت المنع، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين غداء أو عشاء أو تعطي كل واحد نصف الصاع: كيلو ونصف لكل واحد من التمر أو الحنطة أو غيرهما من قوت البلد.
س: تشاجرت مع زوجتي، وقلت لها بعصبيّة: عليَّ الطلاق بالثلاث، ما أنتِ ذاهبة إلى العمل على الإطلاق، وبالفعل ثاني يوم ما ذهبت إلى العمل، وذهبت أنا إلى عملها؛ لكي أُقدم لها استقالتها، فرفض المسؤولون وعادت إلى العمل، ماذا أفعل جزاكم الله خيرًا؟ (1)
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (119).
ج: هذا فيه تفصيل يا أخي، إن كان المقصود من كلامك هذا منعها من العمل وليس قصدك إيقاع الطلاق، وإنّما أردت تهديدها وتخويفها لعلّها تستجيب، فعليك كفارة يمين، ويكون هذا الطلاق في حكم اليمين، في أصح قولي العلماء كما أفتى بهذا جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمه الله، وجماعة من أهل العلم، هذا إذا كان قصدك منعها وتهديدها وتخويفها، ثم رجعت عن ذلك ورأيت أن تسمح لها، فلا بأس وعليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، كما بيّن الله سبحانه في سورة المائدة، وإطعام المساكين هو أن يعطى كل واحد نصف صاع من قوت البلد من تمرٍ أو أرز، يعني كيلو ونصفًا تقريبًا، أو كسوة تجزئهم في الصلاة، كإزار ورداء أو قميص أو إعتاق رقبة، كما بينه الله سبحانه وتعالى، أمّا إن كنت قصدت إيقاع الطلاق بنيّة إيقاع الطلاق، أو نويت هذا وهذا: قصدت منعها وقصدت إيقاع الطلاق، فإنه يقع عليها بهذا طلقة على الصحيح، ولو قلت بالثلاث يقع طلقة واحدة، وأن الطلاق بالثلاث بلفظ واحد يعتبر طلقة واحدة في أصح قولي أهل العلم؛ لأنه ثبت من
حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصديق أبي بكر، وأول عهد عمر طلاق الثلاث واحدة» (1)، وسُئل: هل طلاق الثلاث يعتبر واحدة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر وأول عهد عمر، قال: ابن عباس رضي الله عنهما: نعم فالمقصود أنه أخبر يعني ابن عباس: أن الطلاق الثلاث يُجعل واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يجعل واحدة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق رضي الله عنه وأول عهد عمر رضي الله عنه، ثم رأى عمر إمضاء الثلاث بكلمة واحدة، ردعًا للناس عن التساهل في الطلاق. فالحاصل أنك إذا كنت أردت الطلاق أو أردت الأمرين: الطلاق والمنع جميعًا، ثم سمحت لها أو عصتك، وذهبت إلى العمل فإنه يقع عليها طلقة واحدة بهذا، ولك مراجعتها ما دامت في العدة إذا كنت لم تطلّقها طلقتين قبل ذلك، أمّا إن كنت طلقتها طلقتين قبل ذلك، تكون هذه هي الأخيرة، ولا تحلّ إلا بعد زوج
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).
شرعي، وبعد وطئه لها، ثم فراقه لها بموت أو طلاق.
س: يقول السائل: إنني متزوج بامرأة موظفة، تعمل معلمة في السودان ولديها مجوهرات، وذات مرة أرادت أن تغيّر شكل هذه المجوهرات، وذهبت بها إلى الصائغ، فأخبرتني بذلك فوافقت لها، ثم طلبت مني إيجار الصائغ، وفي تلك اللحظة لم يكن معي المبلغ الذي أرادته وفي حالة انفعال، عندما أصرت على أن أعطيها المبلغ، حلفت عليها بالطلاق، وقلت لها: عليَّ بالطلاق ثاني ما تلبسين ذهبًا، وبعد مدة أخبرتني بأن هذا الذهب لها وليس لأبيها، حيث إنها عملت من مالها الخاص، وأسأل الآن عن حكم يميني تلك؛ لأنها لم تلبس الذهب، حتى تسمع الفتوى جزاكم الله خيرًا؟ (1)
ج: إن كان المقصود من هذه اليمين، ألاّ تلبس ذهب أبيها خاصة، ولم تلبسه، فلا شيء عليه، وإن كان المقصود ألاّ تلبس الذهب بالكلية، من أجل غضبك عليها، فإنها متى لبسته فيكون عليك كفارة يمين إذا كان قصدك منعها وليس قصدك طلاقها، إنّما القصد من هذه اليمين يمين الطلاق، أن تمنعها من لبس الذهب سواء كان الذهب ذهب أبيها
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (60).
أو ذهبها الخاص، الذي طلبت منك الأجرة من أجله، فإذا كان المقصود منعها من ذلك وترهيبها وتهديدها وليس المقصود أنها متى لبست فارقتها، فإن عليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم في أصح قولي العلماء، أما إن كنت أردت فراقها فمتى لبست فارقتها بالطلاق، فإن هذا الطلاق يقع ويكون طلقة واحدة، لك مراجعتها في العدة إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، أما إن كنت طلقتها قبل هذا طلقتين، فإن هذا الطلاق هو الثالث فليس لك رجعة بعده إذا كنت أردت إيقاعه، أما إن كنت أردت منعها وتهديدها وتخويفها ولم ترد إيقاع الطلاق إن لبست الذهب، فإنه يكون عليك كفارة يمين، لأنه يكون في حكم اليمين، وهذه الكفارة هي إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد مما تطعم أهلك من تمر أو أرز أو حنطة أو غير ذلك من الطعام، ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريبًا، أو كسوة تكسو الفقراء كل واحد يكسى قميصًا أو إزارًا ورداء يكفي، أو عتق رقبة إذا تيسرت، يعني عتق عبد أو عبدة، إذا تيسر ذلك، فإن عجزت ولم تستطع هذه الأمور، فإنه يكفيك عن ذلك ثلاثة أيام تصومها، كما نصّ على هذه الله سبحانه في كتابه العظيم في
سورة المائدة، حيث قال عز وجل:{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} . الآية فبين سبحانه وتعالى أن هذه هي كفارة الأيمان: إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام، أو كسوتهم أو عتق رقبة يعني مؤمنة، يعني عتق عبد مملوك أو أمة مملوكة، عند وجود العبيد وتيسر ذلك، فإن لم تجد لا طعامًا ولا كسوة ولا عتقًا، وكنت فقيرًا عاجزًا عن هذه الأشياء، فإنك تصوم ثلاثة أيام عن يمينك، وهكذا هذا الطلاق حكمه حكم اليمين إذا كنت أردت به منعها وتهديدها وتخويفها ولم ترد إيقاع الطلاق عليها، أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن لبست الذهب، فإنه يقع عليها طلقة واحدة، ولك أن تراجعها في العدّة قبل أن تعتد، والعدة تكون بثلاث حيض إذا كانت تحيض، فإذا حاضت ثلاث مرات بعد الطلاق خرجت من العدة، ولا تصلح إلاّ بعقد جديد، فإن كانت لا تحيض لكبر سنها أو لأسباب أُخرى فعدتها ثلاثة أشهر، كما بين الله هذا في كتابه العظيم،