الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلقة واحدة، وله العودة لها بنكاح جديد بعقدٍ جديد، من غير حاجة إلى زواج جديد، نكاح جديد يكفي والطلاق الثاني والثالث لا يلحقها؛ لأن المرأة إذا لم يدخل بها لا يلحقها إلا طلقة واحدة، تبينها بينونة صغرى، والطلاق الثاني والثالث لا يلحقه؛ لأنها ليست في عدة وله العودة إليها، بنكاح جديد إذا رغب في ذلك كخاطب من الخطاب.
22 -
حكم الطلاق بالثلاث بلفظ واحد
س: كنت متزوجًا امرأة، لكن حدث بيننا خلاف وطلقتها، وكانت صيغة الطلاق التي تمّتْ، أنت طالق بالثلاث مرة واحدة فقط، وقد مضى على ذلك أكثر من عشر سنين، بعد هذه المدة يرغب كل منا في العودة إلى صاحبه، هل لنا ذلك أم لا؟ (1)
ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، رحمهم الله، فمن أهل العلم من قال: إن هذا الطلاق يحرّمها حتى تنكح زوجًا غيرك، نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يدخل بها يعني يطؤها ثم يفارقها بموت أو طلاق، ثم تخرج من العدة وهذا هو قول الأكثرين من أهل العلم،
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (104).
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الطلاق بالثلاث بلفظ واحد، وكلمة واحدة يعتبر واحدة، ويباح للمطلق أن يتزوجها بعقد جديد، إن كانت قد خرجت من العدة، أو يراجعها إن كانت في العدة، وهذا القول هو الصحيح وهو الذي نفتي به، وهو الذي أفتى به جمع من أهل العلم، وصح عن ابن عباس في رواية أنه أفتى بذلك، وأفتى به جماعة وهم طاوس بن كيسان التابعي الجليل، وخلاس بن عمرو وجماعة من أهل العلم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، والعلامة ابن القيم رحمة الله عليه، وجماعة من أهل العلم، والحجة في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة» (1)، يعني يعتبر واحدة، ثم إن عمر رضي الله عنه قال:«إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم» (2) فهذا يدل على أنه كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر الطلاق الثلاث واحدة، يعني
(1) صحيح مسلم الطلاق (1472)، سنن النسائي الطلاق (3406)، سنن أبو داود الطلاق (2199).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).
الطلقات الثلاث المجموعة تعتبر واحدة، فلما رأى عمر رضي الله عنه تتابع الناس في إيقاع الطلاق الثلاث، وتسرّعهم في ذلك أمضاه عليهم، عقوبة وردعًا لهم عن التساهل في ذلك؛ ولكن اجتهاد عمر رضي الله عنه، لا يمنع من الرجوع إلى الأصل؛ لما فيه من رحمة الناس، وجمع شمل الزوجين، ولا سيما قد يكون لهما أولاد، وقد يكون الزوج عاجزًا عن النكاح، فالحاصل أن هذا القول كما أنه موافق للدليل، فهو أرفق بالأمة، أنفع للأمة، وأكثر لجمع الشمل، فيجوز اعتبارها واحدة، ويراجعها الزوج ما دامت في العدة، فإن كانت قد خرجت من العدة لم تحل إلا بنكاح جديد، هذا هو الأرجح من القولين، أما إذا فرقها قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو طلّق ثم راجع، ثم طلّق ثم راجع، ثم طلّق الثالثة فتحرم عليه إلا بعد زوج؛ لقوله سبحانه:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} ، هذه الثالثة، طلقها، يعني الثالثة؛ لأنه قبلها قال:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، ثم قال
بعد هذا سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} ، يعني حتى تنكح نكاح رغبة، وحتى يجامعها؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن امرأة اشتكت عليه أنها طلقت من زوجها الأول طلاقًا بائنًا، وأنها نكحت شخصًا بعده لم يجامعها، فقال له:«حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» (1) ولم يسمح لها بالرجوع إلى زوجها الأل، بالنكاح الجديد الذي ليس فيه جماع.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب شهادة المختبئ، برقم (2639)، ومسلم في كتاب النكاح، باب لا تحل المطلقة حتى تنكح، برقم (1433).
س: يقول السائل: أنا في الرابعة والعشرين من العمر، متزوج ولي طفلان من زوجتي التي هي بنت خالي، وحالتي الاجتماعية جيّدة والحمد لله، حدثت مشاجرة بيني وبين زوجتي في بداية زواجنا، حيث فقدت أعصابي، علمًا أنني مصاب بمرض الكآبة المزمنة، وعلى إثر ذلك بالطريقة غير الاعتيادية، طلّقت زوجتي بالثلاث، كنت في حالة غير طبيعية فعلاً، وكنت لا أصلي ولا أعرف من الشريعة الإسلامية وأحكامها شيئًا، ولو بقدر حبّة رز، والله أعلم، وكنت أتصور الطلاق
نوعًا من التهديد للمرأة لا أكثر ولا أقل، وأما اليوم فأنا ملتزم بالفرائض الخمسة، المفروضة على المسلمين والحمد لله، أصبحت اليوم أعلم كثيرًا من أمور الشريعة الإسلامية، رغم كل هذا أرجو من فضيلتكم أن تنظروا بقضيتي هذه أملاً من الله أن يوفقكم في أعمالكم الخيرة والله يحفظكم ويرعاكم (1)
ج: الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة فيه خلاف بين أهل العلم، الكثير منهم يراها نافذة وأنها تحرم بها الزوجة حتى تنكح زوجًا آخر، ويطأها؛ لما ثبت عن عمر أنه أمضى هذا الطلاق على الناس، لمّا رأى منهم التلاعب والمسارعة إلى إيقاعه، وذهب آخرون من أهل العلم، إلى أنها واحدة؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما:«أن الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد الصديق، وفي أول عهد خلافة عمر، الطلاق بالثلاث واحدة، إذا طلقها بالثلاث بكلمة واحدة» (2) جملة واحدة، وقد أفتى ابن عباس وجماعة من أصحابه وغيرهم بأنها واحدة، وهذا القول أصح وأرجح القولين، عملاً بما كان عليه الحال
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (7).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق وأول خلافة عمر رضي الله عنهما، فأنت أيها الأخ الذي هداه الله تحتسب عليك طلقة واحدة، هذا الطلاق الذي صدر منك بالثلاث، في كلمة واحدة، تحتسب طلقة واحدة، وزوجتك معك إذا كنت راجعتها بعد صدور هذا الطلاق، أو جامعتها بنية الرّجعة، هذا كونها في العدة فهي زوجتك والحمد لله، أما إن كنت تركتها بعد الطلاق، حتى اعتدّتْ ولم تقربها، ولم تتصل بها، بل تركتها بسبب الطلاق، حتى اعتدّتْ يعني حتى حاضت ثلاث مرات بعد الطلاق، فإنك تتزوجها من جديد، إذا رضيت بذلك، تتزوجها من جديد، بعقد جديد ومهر جديد، وشاهدين يعني كسائر الخطاب، تخطبها لنفسها، فإذا وافقت يجدد النكاح، بولي وشاهدين كسائر الأنكحة الإسلامية، هذا هو جواب سؤالك، ونوصيك بتقوى الله والاستقامة على دينه، والتفقه في الدين وأبشر بالخير فمن تاب تابَ الله عليه.