الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتصل بأهل العلم، هو وزوجته ووليها، حتى ينظر في أمره، من جهة شدة غضبه، وإذا كان في الرياض، أو في غير الرياض وأحب أن يتصل بي، للنظر في موضوعه فلا بأس.
21 -
حكم قول أنتِ ستون مرة طالق
س: أنا رجل متزوج، وقد حصل شجار بيني وبين زوجتي، وفي حالة غضبي طلبت مني أن أعطيها كلمة الطلاق، فقلت لها أثناء هذا الشجار: أنت ستون مرة طالق، وحصل هذا الكلام مني مرتين في خلال عشرة أيام، وعاشرتها بعد ذلك لمدة شهر، وبعدها سافرت إلى خارج بلدي، أفيدوني؛ لأنني في حيرة كبيرة، ولأنني مسافر إلى بلدي بعد فترة قصيرة، فماذا أفعل، هل هي طالق فعلاً، وتحتاج إلى عقد جديد؛ لإعادتها إلى عصمتي؟ مع العلم أن كل الكلام مني لم يكن من القلب (1)
ج: هذا الطلاق أولاً منكر، لا يجوز أن يقول: ستين طلقة، ولا ثلاث طلقات، ولا أربع ولا عشر، المشروع أن يطلق واحدة، المؤمن،
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (55).
يقول: أنت مطلقة، أو أنت طالق، وألاّ يأتي بأزيد من هذا، أن يقول عشرين أو ثلاثين أو ستين، كل هذا منكر، ولمّا سئل النبي صلى الله عليه وسلم أنّ رجلاً طلق بالثلاث، غضب وقال:«أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟!» (1)
قال ابن عمر: لمّا بلغه أنّ رجلاً طلّق ثلاثا، قال قد عصيت ربك، فيما أمر به من طلاق امرأتك، فلا يجوز للزوج أن يطلّق بالثلاث، أو بالستين أو بالمائة، كل هذا لا يجوز، أمّا الواقع، وهو الذي قلت لها: ستون طالق في عشرة أيام مرتين، هذا ينظر فيه، فإن كان الغضب قد اشتدّ معك، حتى صار عقلك غير مضبوط، قد اختل شعورك، أو قد اشتد معك الغضب جدًّا، حتى لم تملك نفسك بسبب شدة النزاع، والكلام الذي جرى بينكما، هذا على الصحيح لا يقع به طلاق، عند شدة الغضب الذي يغلب عليه عدم قدرته على ضبط نفسه، ومنعه من الطلاق عدم تعقّله فصار الطلاق، فهو شبه المجنون وشبه المعتوه، أو ما يقرب من ذلك، فهذا لا يقع طلاقه، وهكذا لو كان عنده بعض العقل، ولكنه اشتد به الغضب، وصار سبعين في المائة، ثمانين في المائة، أخو المجنون وأخو المعتوه؛ لشدّة الغضب، فهذا لا يقع طلاقه
(1) سنن النسائي الطلاق (3401).
في هذه الأحوال، التي اشتدّ فيها الغضب وغلب عليه الغضب، حتى عجز عن ضبط نفسه وعن ملكها، وعن الإمساك عن الطلاق، وهكذا لو كانت في طهر جامعتها فيه، وليست حاملاً وليست آيسة، بل تحيض أو في نفاس أو في حيض، فإن هذا الطلاق لا يقع، إذا كان في حال حيض أو نفاس، أو طهر جامعتها فيه، وليست حاملاً، وهي من يحيض فإن الطلاق لا يقع في هذه الحال، على الصحيح من أقوال أهل العلم، أمّا إن كانت في طهر لم تجامعها فيه، أو في حال حمل، فإن الطّلقتين واقعتان، إذا كان شعورك معك، والغضب ليس قد بلغ الشدة، التي تمنع من وقوع الطلاق، الغضب عاديّ، فإن الطلاق يقع، ويقع بكل جملة طلقة، الجملة الأولى طلقة، والثانية طلقة على الصحيح؛ لأن الصحيح أنّ الطلاق بالثلاث بلفظ واحد، وهكذا ما في حكمه كالطلاق بالأربع، أو بالعشر، أو بالمائة، الصحيح أنه يقع واحدة؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصّديق، وأول خلافة عمر رضي الله تعالى عنهم، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر رضي الله عنه: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه
عليهم» (1) خرجه مسلم في الصحيح، وثبت معناه من حديث ابن عباس، في قصة أبي ركانة عند أحمد بسند جيّد، أنه طلقها بالثلاث فردها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وجعلها واحدة، فهذا هو الصواب فيما يقع من قول الرجل: أنتِ طالق بالثلاث، أو بالسّتين أو بالمائة أو بالألف، أو ما أشبه ذلك، هذا حكمه حكم الطلاق، واحدة على الصحيح، فتكون هذه المرأة قد وقع عليها طلقتان، إذا كان شعور المطلق معه، وليس عنده الغضب السابق، بل كان غضبه عاديًّا، فإنه يقع عليها طلقتان، إذا كانت حاملاً أو في طهر لم تجامعها فيه، طلقتان ويبقى لك واحدة، وإذا كنت جامعتها بعد هذا، فإن الجماع بمعنى الرجعة، فتكون في حبالك وفي عصمتك ويبقى لك واحدة، ولك الرجوع إليها ومباشرتها، وإن أشهدت شاهدين على الرجعة، علاوة على الجماع فهذا أحسن؛ لأن بعض أهل العلم، يرى أن الجماع لا يكفي في الرجعة، وبعضهم يراه ولا بد من النية في الرجعة، فإذا أشهدت شاهدين أنك راجعتها، فالمدة قريبة الشهر، بعد جماعك لها وبعد
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).
خمسة أولاد، وقد حدث بعد مرور ثلاث سنوات من زواجنا أن حصلت مشكلة، وكنت وقتها في حالة عصبيّة، ولكني أعي ما أقول، فقلت: أنت طالق ثلاث مرات، وهي ترفض ذلك، وتبين لي بعد ذلك أنها وقت الطلاق كانت حاملاً، وأنا كنت أنوي فراقها إلى الأبد، وبعد يومين جاءت وتوسّلت، وحاولت العودة ولكني رفضت ذلك، وكرّرت الطلاق مرة أخرى، وبعد محاولة منها، ومن الأهل، واجتهاد مع بعضنا في البحث عن حل في هذا الطلاق، فقد راجعت وعادت الحياة بيننا طبيعية، إلى أن حدث مرة أخرى وقبل خمس سنوات، أن حصلت مشكلة أخرى فغضبت ولكنني أيضًا أعي ما أقول، فقلت لها أنت السبب في كل هذا، فأنت طالق ثلاث مرات، فجاء الجيران وقال الجميع: فكر في الأطفال، ومصيرهم، واعدل عن قرارك؛ لأنك كنت غضبان، فقلت لهم: أنا في حالة طبيعية اشهدوا فهي طالق ثلاث مرات، وكنت أنوي إيقاع الطلقات الثلاث؛ لئلا تعود الحياة الزوجيّة بيننا أبدًا، علمًا بأن الحادثتين الأخيرتين اللتين وقع فيهما الطلاق كانتا في طهر جامعتها فيه، لكنها لم تتركني بل ظلت تحاول وتصر على الرجعة، فخوفًا على ديني قررت السفر من بلدي، وهي لا زالت مع أولادها،
ومضى الآن خمس سنوات، ولكن بلغني أنها أصبحت مستقيمة في كل شيء مؤدّية لواجباتها الدينية، وقد كان في بعدي عنها هذه السنين، درس لها، فهل بعد هذا يجوز لنا الرجوع إلى بعضنا بحياة زوجيّة، أم لا؟ فهي تمر بوضع سيّئ جدًّا، من الناحية المادية والاجتماعية، فقد طلب أهلها منها مغادرة بيتهم والخروج منه، وليس لها أحد إلا الله (1)
ج: هذا في الحقيقة من السائل تساهل لا يليق، وكان الواجب على السائل أن يسأل أهل العلم، قبل أن يعيدها إلى بيته، قبل أن يتّصل بها؛ لأن الطلاق الآن طلاق منكر، وطلاق مستوفٍ لشروط إيقاع الطلاق، خصوصًا الطلاق الثاني، فإنه طلقها الطلاق الأول بالثلاث، أنت طالق، أنت طالق وهو في حالة عصبية، هذه الحالة الأولى، إن كان قد اشتدّ بك أيها السائل الغضب، شِدّةً تشبه فيها فاقد الشعور، تشبه فيها المعتوه، اشتد بك الغضب شدة لا تستطيع أن تملك نفسك، ولا أن تمتنع من الطلاق، هذا لا يقع على الصحيح، لكنك تقول: إنك تعي ما تقول، وأنّك لست في حالة تشبه حال فاقد الشعور، ثم إنك بعدما
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (55).
أشاروا عليك، وزال الغضب أبيت إلا أن تعيد الطلاق مرة أخرى، وطلقتها مرة أخرى، وهي حامل، فهي إن لم تطلق بالأول، طلقت بالثاني الذي زال معه الغضب، فالواجب عليك فراقها وعدم الرجوع إليها، أمّا عودها إليك بعد هذا كله، فهو غلط وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، ومن اتصالك بها، عليك التوبة إلى الله وعليك النّفقة على أولادك، وتقوم بالواجب، تسكنها وأولادها، وتقوم بواجب النّفقة عليها وعلى أولادها؛ لأنها تقوم عليهم وتحضنهم وتربيهم، فعليك أن تحسن إلى أولادك وإلى أمهم؛ لقيامها بخدمتهم، وإحسانها إليهم وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، فقد أخطأت خطأ كبيرًا، حيث أعدتها إليك من دون فتوى شرعية من أهل العلم والطلاق الأول والثاني، الأول ظاهره الوقوع؛ لأن ما ذكرت من العصبية، ذكرت أنك تعي ما تقول، وأنْ ليس هناك شيء قد اشتد معك، حتى أفقدك شعورك، أو حتى صرت شبه فاقد الشعور، ثم بعد هذا طلّقتها عندما أشاروا إليك بالرجوع إليها، وطلقتها طلاقًا مكررًا ثلاثًا، هذا كله يدل على أنك راغب في تركها، وأنّك حريص على إبعادها، وأنه ليس هناك غضب أزال شعورك، أو جعلك شبه فاقد الشعور، فالذي يظهر لنا من هذا الواقع، أنها لا تحل لك، وأن
الواجب عليك التوبة إلى الله، مما سلف منك والإحسان إليها، فإذا تزوجتْ زوجًا شرعيًّا، وطلقها بعد الدخول بها، بعد وطئها حلّتْ لك بنكاح جديد، لكن لا يكون بالتحليل، نكاح التحليل محرم، إذا تزوجها إنسان ليحللها لك هذا لا يجوز، لكن إذا تزوجها إنسان راغب فيها، ثم دخل بها ووطئها ثم طلقها، أو مات عنها، فإنها تحلّ لك بعد العدة، بنكاح جديد هذا هو الذي نراه في هذه المسألة وهو ظاهر الأدلة الشرعية، والله ولي التوفيق.
س: أنا شخص عقدت على فتاة عقد زواج رسمي، وفي يومٍ من الأيام غضبت من الأهل عندما كانوا يتكلمون معي في عملٍ يخص مخطوبتي، فتلفظت بكلمة طالق ورددتها ثلاث مرات دون أن تعلم هي، وإلى الآن لم تعلم، فهل وقع الطلاق هنا وما نوعية الطلاق؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (1)
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فإنه يقع عليها طلقة واحدة فقط، إذا كان لم يدخل بها، إنّما عقد ولم يدخل بها، فإنه يقع عليها
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (47).