الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقع الطلاق عليها، فإنه يقع، هكذا إذا قلت: إذا كلمت فلانًا إذا لم تسمع كذا قصدك الطلاق فيقع الطلاق.
16 -
حكم من نوى الطلاق ولم يطلق
س: يقول السائل: ع. ع. أنا كنت في إحدى الدول الشقيقة، ونويت أن أطلق زوجتي، بدون أي سبب، وفي نيّتي أن أتزوج امرأة ثانية، وبعد ما رجعت إلى البلد لم أطلقها، هل صارت زوجتي طالقًا بالنيّة، أم لا. جزاكم الله خيرًا؟ (1)
ج: النية لا يقع بها الطلاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم» (2)، فالنيّة لا يقع بها الطلاق، ولا العتق، ولا الأحكام الأخرى، من جهة العقود، فلا بد من لفظ، وهذا من رحمة الله وتيسيره جل وعلا، فإن بعض القلوب يقع لها خطرات ووساوس، ونيّات، فلا تؤاخذ بهذه الخطرات، والنيات، في طلاقها، وعقودها، وعتقها ونحو ذلك،
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (262).
(2)
صحيح البخاري الطلاق (5269)، صحيح مسلم الإيمان (127)، سنن الترمذي الطلاق (1183)، سنن النسائي الطلاق (3433)، سنن أبو داود الطلاق (2209)، سنن ابن ماجه الطلاق (2040)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 491).
حتى يتكلّم أو يعمل، كأن يكتب الطلاق أو يكتب العتق.
س: يقول السائل: حصل أن قلت بيني وبين نفسي، بأن زوجتي طالق، ولكن لم أكن متأكدًا هل هي على طهر أم حائض، ولم أشهد على طلاقها، وهي تعتبر بالنسبة لها الثالثة، يعني الطلقة الثالثة إذا تمت هذه، وأيضًا لم أخبرها في وقت الطلاق، أنها طالق بل كان بيني وبين نفسي، أفتونا مأجورين؟ (1)
ج: إن كنت تكلّمت بهذا، وقعت الطلقة، وصارت هي الثالثة والإشهاد ليس بشرط لوقوع الطلاق، إنّما هو شرط في فعل السنّة والأخذ بالسنة، فإذا كنت تكلّمت بهذا بينك وبين نفسك، فإنها تقع الطلقة الثالثة، وتحرم عليك حتى تنكج زوجًا غيرك، لأنك قد طلقتها طلقتين سابقتين، حسب ما ذكرت في سؤالك، أمَّا إن كان هذا وقع في نفسك، من باب الخواطر، ومن باب العزم والنية، وليس لفظًا، فهذا لا يقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم» (2) فإذا كنت ما تكلمت، ولكن
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (119).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، برقم (5269).
نويت أن تطلق، وعزمت أن تطلق، وحدّثْت نفسك من دون كلام بلسانك، فإنه لا يقع، أمّا إن كنت تكلّمت باللسان، قلت أنْتِ طالق، وزوجتي طالق، فإنها تقع الطلقة وتحتسب عليك ثالثة.
س: كنت جالسًا مع أحد أصدقائي نمزح، وقال لي أحدهم: الذي يطلّق زوجته ماذا يقول: فقلت: يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فقالوا: أنت الآن طلقت زوجتك، فوضعوا في نفسي الشكّ، ولا سيما وقد أخبروا زوجتي بما قلت، أفيدوني لو تكرمتم؟ (1)
ج: إذا كان مقصودك بيان كيف يعمل المطلق، فليس عليك شيء، ولا يعتبر منك طلاق، إذا كان المقصود من هذا الكلام، أنك تبين لهم كيف يطلّق من أراد الطلاق، هذا ليس عليك منه شيء ولكنك غلطت في تكرار الطلاق، في هذا التعليم، يكفي مرة واحدة، يقول: أنت طالق ويكتفي بهذا، ولا يكرر، هذا المشروع، ولا يجوز تكراره ثلاثًا؛ لأن هذا سدًّا للباب، فمن تيسير الله جل وعلا أن جعل الطلاق مرتبًا، واحدة، ثم ثنتين، ثم ثلاثًا، حتى لا يضيق الأمر على الزوج، فقد يطلقها واحدة، ثم يحب أن يرجع، فيكون له مجال في الرجوع، ويطلقها
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (58).
ثنتين، ويحب أن يرجع، فيكون له مجال في الرجوع، فإذا طلقها الأخيرة انتهى، ولا تحلّ له، حتى تنكح زوجًا غيره، فأنت علمته الطلاق، الذي يحرمها عليه، فليس الأمر كما قلت، ولكن السنة، أن يطلق واحدة، تكون السّنة للرجل في إيقاع الطلاق، أنت مطلّقة، أو أنت طالق، أو فلانة طالق، هذا هو المشروع، مرة واحدة فقط، وبكل حال، فأنت ليس عليك شيء ما دمت أردت بذلك البيان، وإن غلطت في البيان، فليس على زوجتك شيء، والزوجة باقية في عصمتك، ولو بلغها الخبر، إذا كان الواقع كما قلت، إذا كنت لم تكذب في الكلام، فليس عليك شيء، وليس على زوجتك شيء، والحمد لله، لكن عليك أن تتأدّب، فلا تفتي بشيء وأنت على غير علم، إذا سئلت عن شيء، لا تقل إلاّ ما تعلم، بالدليل من كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أو بما سمعت عن أهل العلم، تقول: سمعت العالم الفلانيّ، يقول: كذا وكذا، وتنقل عن العالم الفلاني ما ضبطْتَ وحفِظْتَ أنه قال: كذا وكذا، في الصلاة، في الصيام، في الحج، في الزكاة، في غير ذلك، وأمّا أن تقول شيئًا، وأنت جاهل، فلا يجوز ذلك؛ لأنّ الله يقول سبحانه وتعالى:{إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ،
المسلم لا يقول على الله بغير علم، وقال سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ، فبيّن سبحانه أن الشيطان يأمرنا بالفحشاء والمنكر، والقول على الله بغير علم، فليس لنا أن نطيع الشيطان، بل يجب أن نحاربه، وألاّ نقول إلا بعلم، وإلا فعلينا الإمساك، والكف عن ذلك، حتى نتعلم، وحتى نسأل أهل العلم، والله ولي التوفيق.