الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عهده صلى الله عليه وسلم، إن الثلاث بلفظ واحد، تعتبر واحدة، لكن إن كان عقله غير مستقيم بسبب ما أصابه، وعرف الثقات العارفون به، أن مثله يعتبر معتوهًا، فإنه لا يقع طلاق، أما إن كان عقله مضبوطًا، والمرض ما أثّر على عقله، فإنه يقع عليها طلقة بهذا الطلاق، ويكون بقاؤها عنده من غير رجعة غلطًا منه، ويعتبر جماعه لها مراجعة لها إذا كان أراد بمجامعتها مراجعتها وردّها إليه، فإن الجماع على الصحيح يكون مراجعة لها مع النية أمّا من غير نيّة فهذا فيه خلاف قويّ بين أهل العلم، ولعل الصواب أنه يتم بذلك الرجعة لجهله بذلك، فيكون راجعها بالجماع، حال حملها وتكون زوجة له، ويكون مضى عليها طلقة تعتبر هذه طلقة واحدة، أمّا إن كان ما راجعها ولا اتّصل بها حتى الآن فإنها بوضعها الحمل قد خرجت من عدته، ومضى عليها طلقة وله أن يعود إليها بنكاح جديد، ومهرٍ جديد كخاطب من الخطاب كأنه أجنبي، يخطبها لنفسه، فإذا وافقت فإنّه يتزوجها بزواج جديد؛ لكونها خرجت من العدة، بوضع الحمل، هذا إذا كان ما جامعها بعد الطلاق، أمّا إن كان جامعها بعد الطلاق، فإنه يعتبر رجعة لها، وتبقى عنده على طلقتين، ومضى عليها طلقة، إذا كان ما طلقها قبل ذلك، سوى هذه
الطلقة. نسأل الله للجميع الهداية.
26 -
حكم طلاق السكران
س: تقول إنها تزوجت منذ سنوات طويلة، برجلٍ يشرب الخمر، بعد أن أقنعها أهلها بأنه سيتوب، وبعد زواجها حاولت أن تقنعه بالامتناع، عن ذلك الشراب المحرم مرات كثيرة، ولكنه لم يقتنع وبعد أن أنجبت منه أربعة أطفال، أتى ذات مرة وشرب أمامها، وحملت الإناء الذي شرب فيه وكسَّرته، عندها غضب عليها وقال لها: أنتِ طالق ومحرمة عليَّ مثل أُمي وأُختي، فما الحكم الشرعي في قوله هذا، هل تبقى معه على هذه الحال أم تفارقه؟ (1)
ج: إذا كان حين قوله هذا عاقلاً، فإن الطلاق يقع ويقع به طلقة واحدة، وتحرم به المرأة بالتحريم، حتى يكفر إذا كان عقله معه، تقع طلقة وله مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كان لم يطلقها قبل هذا طلقتين وعليه كفارة الظّهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (56).
نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غير ذلك قبل أن يطأها، قبل أن يقربها، أما إن كان حين قوله هذا قد لعب به الخمر، وقد ذهبت بعقله الخمرة ولم يبق يعقل ما يقول، فإنه لا يقع طلاقه في أصح قولي العلماء، كما أفتى بذلك عثمان بن عفان الخليفة الراشد رضي الله عنه، وذهب إلى قوله جماعة من أهل العلم، وهو الصواب وهكذا لا يقع تحريمه، ولا يؤثر؛ لأن صدر من غير عاقل، والأحكام مناطة بالعقل، فمتى عرفت السائلة منه، أنه ذاك الوقت ليس في عقله، فإن هذا الطلاق وهذا التحريم لا يعول عليهما، وهي زوجته وباقية في عصمته، أما إن كان عاقلاً، ليس متغيرًا بسبب الخمر، فإن الطلاق يقع كما تقدم طلقة واحدة، وله المراجعة ما دام لم يطلّقها قبلها طلقتين، وعليه كفارة الظهار كما تقدّم، اللهم إلاّ أن تكون حال إيقاع الطلاق، في طهرٍ جامعها فيه أو في نفاس، أو في حيضٍ فإنه لا يقع الطلاق على الصحيح، وبه قال جمع من أهل العلم، وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، ما يدل على ذلك لحديث ابن عمر في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض غضب وأنكر عليه، وأمره بمراجعتها فإذا طهُرت من الحيضة، التي بعد الحيضة التي طلّقها
فيه، فإنه بعد ذلك إن شاء طلّق، وإن شاء أمسك قبل أن يمسّها، وفي لفظٍ قال له فليطلقها طاهرًا أو حاملاً، يعني بعد طهرها من حيضتها، التي طلّقها فيها ثم بعد طهرها من حيضتها الأخرى، وهذا قول نصره جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن القيم رحمه الله، وهو يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (1) وهذا عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو خلاف الشرع، فإن السنة أن يطلق الزوج زوجته طاهرة من غير جماع، أما طلاقها في الحيض أو في النفاس، أو في طهرٍ جامعها فيه، وهي ليست حاملاً، فإنه طلاق بدعة، لا يقع على الصحيح عن جمع أهل العلم، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. وإذا رأت أن مصلحتها أن تبقى معه، ونصيحته لحفظ أولاده، والإنفاق عليها ورجت أن الله ينفعه بكلامها ونصيحتها، فهذا يكون أولى لئلا تضيع، إذا كانت في بلد ليس هناك من يصونها، ومن يقوم عليها، وإن رأت أن فراقه أصلح؛ لأن عندها من يصونها، ويحسن إليها وإلى
(1) أخرجه مسلم، في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).
أولادها ولا ترجو رجوعه عن هذا الباطل، ففراقه أصلح، ترفع الأمر إلى المحكمة، أو تطلب منه الطلاق لعله يطلّق، أو المحكمة الشرعية تنظر أو توسط من ترى من الأعيان والأخيار، من التوسّط بينهما حتى يطلقها أو يتوب إلى الله من عمله السيئ.
س: تائب يقول: إنه كان مبتلى بشرب الخمر، وذات مرة شرب الخمر ودخل منزله وغاضب زوجته، وحينئذ اتصلت بأهلها وذهبت إليهم وأفادت بأن الرجل قد طلقها وهو لا يعلم عن ذلك. وحينئذ يسأل عن الحكم. جزاكم الله خيرًا؟ (1)
ج: إذا كان لا يشعر وإنما زوجته هي التي خبّرت عنه وهو لا يشعر بالطلاق لا يقع؛ لعدم العقل إذا كان لا يشعر بذلك، ولكن سمعته زوجته أو غيرها فإن الطلاق لا يقع، أما إذا كان يعقله وقع، تعود إليه زوجته والحال ما ذكر.
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (353).
س: المرسلة ح. س. د: لها مشكلة ملخصها أنها ابتليت بزوج سكّير، وقد اكتشفت أنه كذلك بعد سنتين من الزواج، لكنه غير مدمن
كما تصفه، بل يشربه بين فترة وأخرى، وحينئذ أنكرت عليه، فحلف لها بالطلاق ثلاث مرات أنه لا يسكر، لكنه عاد، ما هو توجيهكم؟ (1)
ج: الواجب نصيحته وتحذيره من مغبة هذا العمل السيئ، فإن الخمر من أقبح السيئات ومن أقبح الكبائر، فالواجب على هذا الرجل، أن يتقي الله وأن يدع هذا الشراب الخبيث، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال:«لعن الله الخمر وشاربها وساقيها، وحاملها والمحمولة إليه، وعاصرها ومعتصرها، وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها» (2) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» (3) هذا من باب الوعيد الشديد؛ لأنها تنافي كمال الإيمان الواجب، فالواجب عليه أن يتّقي الله، ويتوب إلى الله وعليك أن تنصحيه وتحذّريه من شربها وأما طلاقه ألا يشرب فهذا فيه تفصيل: إن
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (320).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (4772).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب النهي بغير إذن صاحبه، برقم (2475).
كان طلّق ألاّ يشرب الخمر، وقصده الامتناع وليس قصده وقوع الطلاق، ولكن قصده أن يمتنع منه، وأن يشدّد على نفسه، وليس قصده إيقاع الطلاق، فعليه كفارة يمين ولا يقع الطلاق، أما إن كان قصده إيقاع الطلاق، فإنه يقع الطلاق نسأل الله لنا وله الهداية.
س: إذًا هل تنصحونها بالبقاء معه أم تتصرّف تصرفًا آخر؟ وماذا عن أيمان الطلاق (1)؟
ج: نوصيها بالبقاء معه، والنصيحة، فإذا لم يقبل النصيحة نوصيها بالفراق، ولو بإعطائه ماله إذا لم يطلقها بدون مال، أو ترفع أمرها إلى المحكمة، أما عن الأيمان بالطلاق فقد أخبرناها أن هذا فيه تفصيل، إن كان أراد الامتناع ولم يرد إيقاع الطلاق، فإن عليه كفارة يمين عن كل واحدة، أما إن كان أراد الامتناع مع إيقاع الطلاق في الحين، فإنه يقع الطلاق، وإذا تكرّرت أيمان الطلاق ثلاث مرّات حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره.
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (320).
س: هل يقع طلاق متعاطي المخدرات أم لا (1)؟.
ج: هذا فيه تفصيل، إن كان السكر قد غلب عليه وغيّر عقله ولم يشعر بما وقع منه شعورًا يضبط معه كيف يتكلم، هذا لا يقع طلاقه، وقد أفتى به عثمان رضي الله عنه الخليفة الراشد، وقال به جمع من أهل العلم، واختاره أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه العلاّمة ابن القيم رحمه الله، وهذا هو الذي أفتى به وهو الأرجح عندي وعليه الفتوى، أمّا إذا كان السكر قد زال وهو يعقل ما يقول، فهذا يقع طلاقه، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقع طلاقه مطلقًا، إذا كان آثمًا، إذا كان سكره ليس له فيه عذر، بل تعاطى المسكرات آثمًا، فلا تكون المعصية سببًا في التخفيف عنه، ويرون أن إيقاع الطلاق من العقوبة أيضًا له، هذا قول الأكثر أنه يقع عليه الطلاق إذا كان آثمًا ولو زال عقله، وهذا القول عند من تأمّله ليس بجيد، كيف يؤاخذ بشيء لا يعقله والحد يكفي، حدّه الذي فرضه الله عليه يكفي، يزجره عن المسكر الحدّ الشرعي ثمانين جلدة، أمّا أنه يعاقب بشيء آخر جديد، وهو إيقاع
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (173).
الطلاق عليه، والتفريق بينه وبين أهله وأولاده، فهذه عقوبة لا دليل عليها، فالصواب أنه إذا كان قد فقد عقله، ولو كان آثمًا فإنه لا يقع طلاقه، كما أفتى به عثمان رضي الله عنه كما تقدم، أمّا الذي معذور: يعني جُعِلَ له شيء يسكره، من غير اختياره، أو شرب شيئًا ظنه شرابًا سليمًا، فبان مسكرًا ولم يتعمّده، وعرف من حاله ومن أدلة الواقع، أنه لم يتعمّد ذلك فهذا لا يقع طلاقه كالمجنون، لأنّه ليس بآثم بأن أسْقِيَ شيئًا ظنه ليس بخمر، فصار خمرًا خدعوه، فهذا لا يقع طلاقه لأنّه معذور، وإنّما الخلاف في الآثم، الذي تعمّد شرب المسكر وزال عقله بسبب المسكر، هذا هو محل الخلاف والأرجح أيضًا أنه لا يقع طلاقه كالذي فقد عقله بدون اختيار منه، وهذا هو الأرجح.
س: تزوجت منذ أكثر من ثلاث سنين بعد أخذ موافقة الزوجة وأهلها، وبعد مضي هذه المدة، طلبت زوجتي الطلاق بحجة أنها غير راضية بي وقت الزواج، وأيّدها أخوها في هذا الطلب، وأصروا عليَّ، وهددني أخوها إن لم أفعل، وفعلاً طلقتها تحت وطأة التهديد، والخوف من شره، فما الحكم في مثل هذا الطلاق؟ (1)
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (53).
ج: هذا يرجع إلى المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر تنظر في الأدلة والواقع، وأدلة الزوج وغير ذلك، تنظر في الأمر والله يوفق القاضي للخير. وبحكم عام، المكره لا يقع طلاقه، المكره بالضرب والتهديد، إذا طلّق تبعًا لقوله، بقصد الإكراه، لا لأنه طابت نفسه منها، لكن الحكم في هذا يرجع للقاضي؛ لأن المدعي قد يكون غير مصيب، قد يكون ما أُكره.