المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم طلاق مختل الشعور - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ٢٢

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ بيان أسباب الطلاق وخطورته

- ‌ حكم طلب الزوجة الطلاق دون سبب

- ‌ حكم طلب الزوجة من زوجها الطلاق

- ‌ حكم وقوع الطلاق على الزوجة إذا طلبته من زوجها وهي في حالة غضب

- ‌ حكم طلاق مختل الشعور

- ‌ حكم طلاق الحامل

- ‌ بيان الطلاق المحرم

- ‌ بيان الخلاف في وقوع طلاق الحائض والنفساء وفي الطهر الذي جامع فيه

- ‌ حكم طلاق الحائض

- ‌ حكم طلاق الهازل

- ‌ حكم كتابة الطلاق على ورقة

- ‌ حكم الطلاق عن طريق شريط التسجيل

- ‌ حكم الطلاق عن طريق رسالة

- ‌ حكم من حدث نفسه بالطلاق ولم يتلفظ به

- ‌ حكم من نوى الطلاق ولم يطلق

- ‌باب أحكام الكنايات في الطلاق

- ‌ حكم كنايات الطلاق إذا لم يصاحبها نية طلاق

- ‌باب الطلاق بالثلاث

- ‌ حكم الطلاق بالثلاث بألفاظ متعددة

- ‌ حكم قول: أنتِ طالق أكثر من ثلاث مرات

- ‌ حكم قول عليَّ الطلاق ثلاثًا

- ‌ حكم قول أنتِ ستون مرة طالق

- ‌ حكم الطلاق بالثلاث بلفظ واحد

- ‌باب طلاق الغضبان والسكران والمعتوه والمريض والمكره

- ‌ حكم طلاق الغضبان

- ‌ حكم قول: أنتِ طالق ثم طالق ثم طالق طلقات ما لي بعدهن رجعة

- ‌ حكم طلاق المعتوه والمجنون

- ‌ حكم طلاق السكران

- ‌باب الحلف بالطلاق

- ‌ حكم الإكثار من الحلف بالطلاق

- ‌ حكم الطلاق المعلق على وجه اليمين

- ‌ حكم قول "الحلف بالطلاق ليس طلاقًا

- ‌ بيان أن العبرة بوقوع الطلاق مناطها النية

- ‌ حكم الحلف بالطلاق

- ‌ حكم قول الزوج لزوجته اعتبري نفسك مطلقة

- ‌ حكم من حلف بالطلاق ثلاثًا لمنع نفسه من فعل شيء ففعل

- ‌ حكم الحلف بالطلاق سهوًا

- ‌ بيان ما يلزم من حدث نفسه بالطلاق ولم يتلفظ به

- ‌ حكم تعليق الطلاق على أمر في المستقبل

- ‌ حكم من حلف بالطلاق ألا يغادر بلده حتى ينجب ولدًا

- ‌ حكم قول علي الطلاق أو علي الحرام

- ‌ حكم تهديد الزوج لزوجته بالطلاق

- ‌ حكم من علق الطلاق بالثلاث على أمر يقصد المنع منه

- ‌ حكم التسرع في يمين الطلاق

- ‌ حكم تعدد أيمان الطلاق في مجالس مختلفة

- ‌ حكم من حلف بالطلاق على فعل شيء ولم ينفذ

- ‌ حكم من حلف بالطلاق لإلزام شخص بفعل شيء

- ‌ حكم من حلف بالطلاق على أمر فظهر خلافه

- ‌ حكم من حلف بالطلاق أن يتظلم من شخص فمات

- ‌ حكم من حلف بالطلاق على هجر أخيه المسلم

- ‌ بيان ما يلزم من حلف بالطلاق لغرض التخويف

- ‌ حكم من حلف بالطلاق وكرره ثلاث مرات

- ‌ حكم الطلاق المعلق بشرط

- ‌ بيان ضابط الطلاق الذي له حكم اليمين

- ‌ حكم من قال لولده عليَّ الطلاق من ظهر أمك لتفعل كذا

- ‌ حكم من حلف بالطلاق على زوجته بعدم فعل شيء ثم أذن لها

- ‌ بيان أقسام التعليق في الطلاق

- ‌ حكم الحلف بالحرام

- ‌ حكم الحلف بالطلاق في البيع والشراء

- ‌ حكم البقاء مع زوج يكثر الحلف بالطلاق

- ‌ حكم قول المرأة لزوجها أنا محرمة عليك

- ‌باب تعليق الطلاق بالشرط

- ‌ حكم الطلاق المعلق بشرط

- ‌ مسألة في الطلاق المعلق بشرط

- ‌ حكم من حلف بالطلاق على زوجته بعدم فعل أمر وفعلته نسيانًا

- ‌ مسألة في الطلاق المعلق بشرط

- ‌ حكم من علق طلاق زوجته بشيء مضمر في نفسه

- ‌ حكم الطلاق الثلاث المعلق بشرط

- ‌ حكم التهديد بالطلاق

- ‌ حكم الهزل في الطلاق

- ‌ حكم توقيت الطلاق

- ‌ حكم قول أنت طالق إن شاء الله

- ‌باب الطلاق الرجعي

- ‌ بيان الطلاق الرجعي والبائن

- ‌ بيان أحكام الطلاق الرجعي والطلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌ بيان الطلاق البدعي

- ‌ حكم طلاق المرأة الحامل

- ‌ حكم الإشهاد على الطلاق

- ‌ حكم من راجع زوجته بدون حاكم ولا شهود

- ‌ حكم من قال لزوجته: علي الطلاق لا تكونين امرأتي ولم يراجع حتى خرجت من العدة

- ‌ حكم من طلق زوجته ولم يراجع حتى مضت ثلاثة أشهر

- ‌ حكم مراجعة المطلقة الرجعية بدون رضاها ورضى وليها

- ‌ حكم قول الرجل لزوجته: إذا وافقت خيرًا فاستخيريه

- ‌ حكم إقامة المطلقة الرجعية في بيت زوجها أثناء العدة

- ‌ حكم تزين المطلقة الرجعية وعرضها لنفسها على زوجها

- ‌ حكم سكنى المطلقة البائن مع مطلقها من أجل أولادها

- ‌ حكم مراجعة المطلقة مرتين إذا كانت في العدة

- ‌ حكم من طلق زوجته طلقتين وقال في الثانية: طلاقًا شرعيًّا لا رجعة فيه

- ‌ بيان أن طلقات الزوج الأول لا تُهدم بنكاح الزوج الثاني

الفصل: ‌ حكم طلاق مختل الشعور

(1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره وذمه، برقم (2564).

ص: 35

6 -

‌ حكم طلاق مختل الشعور

س: يقول السائل: طلقت زوجتي ثلاث مرات، المرة الأولى، كانت زوجتي حاملاً وراجعتها وهي عندي، وتمت المراجعة في نفس اليوم الذي كان فيه الطلاق، والمرة الثانية كانت حائضًا، وراجعتها أيضًا في نفس اليوم، وهي عندي وكان الطلاق مرتين، لي منها الآن خمسة أولاد، وهي عندي في البيت. والسائل يذكر في رسالته بأنه يشكو من مرض يسيطر عليه، ويقول: لو سئل عن حالته العقلية أثناء الطلاق، لقال: إنه مختل الشعور، يرجو من سماحة الشيخ إرشاده، جزاكم الله خيرًا (1)

ج: إن الله سبحانه وتعالى شرع الطلاق لمصالح كثيرة، قد

(1) السؤال الأول من الشريط رقم (102).

ص: 35

يحتاجها الزوج، وقد تحتاجها الزوجة، فمن نعمته سبحانه أن شرع الطلاق، حيث قال جلّ وعلا:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، الآية، فإذا احتاج المسلم إلى الطلاق؛ لكون المرأة لم تناسبه، أو لأسباب أخرى تقتضي الطلاق، شرع له أن يطلق طلقةً واحدة فقط، هذا هو السنة، طلقة واحدة فقط؛ لأنه قد يبدو له أن يراجع، فإذا هو في سعة، فيطلق واحدة فقط في طهر لم يجامع فيه، أو في حال الحمل؛ لقوه سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، قال علماء التفسير: معناه طاهرات من غير جماع، يعني في حال الطهر من حيض أو نفاس، وقبل أن يمسها، أو في حال الحمل، كما ثبت في الصحيح، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له، لمّا طلق امرأته وهي حائض:«راجعها ثم أمسكها، حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شئت طلقها قبل أن تمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» (1)

(1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

ص: 36

وفي رواية قال: «ثم يطلقها طاهرةً أو حاملاً» (1) فهذا هو المشروع أن يطلق الزوج امرأته إذا احتاج إلى ذلك طلقة واحدة، في إحدى حالين: إما في حال كونها حاملاً، أو في حال كونها طاهرة في طهر لم يجامعها فيه، هذا هو الطلاق الشرعي، ويكره أن يطلق ثنتين من دون حاجة، بل يطلق واحدة فقط، ولا يجوز له أن يطلقها في حال الحيض، ولا في حال النفاس ولا في حال طهر جامعها فيه؛ لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم، أنكر على ابن عمر ذلك، وجعل هذا من تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، المعنى في طهر لم يجامعها فيه، فعلم بهذا أن الطلاق في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه، يخالف نصّ الآية الكريمة، ويخالف التعليم النبويّ، الذي وجهه الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمر، وهو للأمة كلها؛ لأنّ تعليمه صلى الله عليه وسلم للواحد تعليم للأمة كلها، ثم اختلف العلماء في وقوعه: هل يقع إذا كان في حال لا يشرع فيها، كالحيض والنفاس والطهر الذي جامعها فيه؟ فذهب جمهور أهل العلم

(1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

ص: 37

وأكثرهم، إلى أنه يقع مع الإثم، يأثم الزوج ويقع الطلاق، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يقع؛ لأنه طلاق غير مشروع فلا يقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (1) وهذا عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مردودًا، ولأن الرسول ردها، ردّ المرأة على ابن عمر لمّا طلقها، وهي حائض ردها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرها شيئًا كما ثبت في الصحيح، وقال:«إذا طهرت فليطلق أو ليمسك» (2) وسئل ابن عمر رضي الله عنه عن ذلك؟ فقال: لا يعتدّ بها، مع أنه رضي الله عنه حسب ما وقع منه من تطليق، حسبها اجتهادًا منه، حسب ما وقع من تطليقة، ولم يحسبها عليه النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا القول أرجح من حيث الدليل، أنه لا يقع الطلاق في حال الحيض والنفاس، ولا في طهر جامعها فيه، وإن كان فيه خلاف للجمهور، لكنه أظهر في الدليل، والأصل بقاء النكاح وعدم وقوع الطلاق، الذي لم يشرع، فالله عز وجل شرع لعباده ما فيه مصلحتهم، ونهاهم عمّا يضرهم، ولا ريب أن

(1) سبق تخريجه في ص (17).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

ص: 38

وقوع الطلاق، في حال الحيض والنفاس، وفي الطهر الذي جامع فيه، فهو يضر الزوج، ويضر المرأة في الغالب، فكان من محاسن الإسلام، ومن رحمة الله عز وجل، القول بأنه لا يقع، قال من لم يوقعه: ومما يؤيد ذلك أن الإنسان في حال كون امرأته حائضًا أو نفساء، يسهل عليه الطلاق؛ لأنها لا تصلح للجماع، وممنوع من جماعها فيسهل عليه الطلاق، وهكذا إذا كان قد قضى وطره وجامعها، يسهل عليه الطلاق، فمن رحمة الله أن منعه من ذلك؛ وحرم عليه ذلك، فمتى أقدم على التحريم، لم يقع منه ذلك؛ لكونه خلاف أمر الله، وهذا السائل طلق الأولى وهي حامل، فالطلاق واقع؛ لأن طلاق الحامل أمر مشروع، أما الطلاق الثاني إذا كان في الحيض باتفاقهما واعترافهما جميعًا، فإنه لا يقع على الصحيح، إلا أن يحكم حاكم بذلك، فإن حكم حاكم بالوقوع وقع؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، فإذا حكم حاكم ممن يرى أنه يقع الطلاق كما هو قول الجمهور، فحكم عليه بوقوع الطلاق، فإنه يرتفع الخلاف، ويقع الطلاق، وينفذ، وليس للمفتي أن ينقض ذلك؛ لأن المسألة خلافية يسوغ فيها الاجتهاد، أما كونه مختل الشعور فهذا يحتاج إلى أن يستفتي قاضي بلده، إذا وقع منه شيء، حتى ينظر في

ص: 40

الأمر، وحتى يطالبه بالبينة الدالّة على ما قاله، فليس كل من ادّعى شيئًا يسلم له، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام:«لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى أناس دماء رجال وأموالهم، ولكن البينة على المدعي» (1) فالذي يدعي أنه طلق في حال زوال عقله، يطالب بالبينة على ما قال، وإذا ثبت ذلك لم يقع الطلاق، وإذا أقرت الزوجة بأنه وقع منه في حالٍ غير شعورية، كالسكران الذي طلق في حال غيبوبة عقله، بتعاطيه ما حرم الله، فالصحيح أنه لا يقع كالمجنون، ولو كان آثما، فإن الآثم عليه التوبة إلى الله، وعلى ولي الأمر أن يقيم عليه الحدّ، إذا رفع إلى ولي الأمر، وليس من عقوبة السكران إيقاع الطلاق، فالصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، وبه أفْتى الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، أن طلاق السكران الذي قد فقد عقله لا يقع، حتى ولو كان آثمًا، أمّا غير الآثم، فلا يقع عند الجميع، كالمجنون، فلو أن إنسانًا سقي ما يسكره، ويغير عقله بغير علمه، أو أجبر عليه وأكره عليه، لم يقع طلاقه عند أهل العلم، وإنما الخلاف

(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه، بلفظ: **ولكن اليمين على المدعى عليه** برقم (1711).

ص: 40

فيمن شرب المسكر عمدًا، فهذا هو محل الخلاف، فهو آثم، ويجب أن يقام عليه الحد، إذا رفع للسلطان، ولكن لا يقع الطلاق، إذا كان في حال الطلاق فاقد العقل، كالمعتوه والمجنون، والله المستعان.

ص: 41

س: تقول الأخت من المنطقة الشرقية: أنا تزوجت إنسانًا أنانيًّا بمعنى الكلمة، لم يكن يحسب للعواطف ولا الإنسانية أي حساب، أي أنه جعل يتصرف دون تفكير، إنه جاد في كل شيء، وحين يتخذ قرارًا لا يرجع فيه، إنني كنت أُحبه، ولكن عندما اتضحت لي الحقيقة كرهته ولم أفكر فيه، أروي لكم قصتي حيث إنني في يوم من الأيام، قد نسيت صلاة الظهر والعصر، لم أصلهما، فاستغفرت ربي، وقد تكرر هذا الحدث، وفي كل مرة هو الذي يوجهني، وليس لأجل أنه يحبني ويريد الخير لي، إنما يريد أن يرصد الأخطاء ويحاسبني فيها في المستقبل، وعندما حاسبني للصلاة التي قد نسيتها، أردته أن يسامحني، وتظاهر لي بأنه قد سامحني، ولكنه بعد مضي فترة على زواجنا، وأنجبت طفلة، طلب مني أن ننفصل؛ لعدم كفاية ديني، وأنني أهمل في بعض المرات، والأهم من ذلك كله منذ تزوجنا أنه لا يريد أن يفهمني، ولا يتفاهم معي، وأنه يعاملني بأسلوب يصعب عليّ إظهار عواطفي وحبي له، بأنه

ص: 41

يتهرب من الكلام معي، وعدم مصارحتي بما يجول داخله، وفي ذات مرة فوجئت بأنه عندما ذهب بي إلى أهلي، خطب فتاة، ولم يوافق أهلها؛ لأنه متزوج، ولديه طفلة، وعندما رجعت، قال: يجب أن ننفصل لأنني أريد امرأة متدينة، وذكر لي الحديث الذي يقول:«فاظفر بذات الدين تربت يداك» فاعذريني، وأخذ يكلمني بأسلوب عرفت منه أنه ناوٍ أن يتزوج غيري، ولكني عرضت عليه جميع الحلول غير الطلاق، لكنه صمم، وطلقني دون ذنب، وأنا وابنتي الآن في حيرة، علمًا بأنه لم يتزوج متدينة، وكان زواجه في حفلة لبست زوجته الجديدة ثوب التشريعة، أرجو التفضل بالجواب وفقكم الله (1)؟

ج: ما دام الطلاق حصل، فالعلاج الآن ليس له أثر كبير في حصول المطلوب، لكن إن قدر الله رجوعك إليه، فالواجب عليك لا من أجله، بل من أجل الله سبحانه وتعالى وعظمته، وما أوجب عليك من الحق، الواجب عليكِ، أن تهتمي بأمور الدين، وأن تحرصي على أداء الصلاة في وقتها، فمثلها لا ينسى، هي عمود الإسلام، وهي الركن الثاني من

(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (85).

ص: 42

أركان الإسلام بعد الشهادتين، فالواجب عليكِ أن تكوني مثالية في الأخلاق الإسلامية، وفي أداء ما أوجب الله عليكِ، حتى لا يجد طريقًا إلى ذمّك وعيبك، وإلى التماس امرأة أدين منك، هذا الذي ينبغي منك، أن تكوني حريصة؛ لأن الله أوجب عليكِ أن تستقيمي على دينه، وأن تحافظي على ما أوجب عليكِ، وأن تحذري ما حرم الله عليكِ، فأنتِ إن شاء الله سواءً عند أهلكِ، أو إن رجعت إليه، الواجب عليكِ أن تهتمي بأمر الدين، وأن تحرصي على أداء ما أوجب الله، من الصلاة العظيمة في وقتها، بالخشوع والطمأنينة، وهكذا جميع ما أوجب الله عليكِ، من بر الوالدين، من صلة الرحم، من حظ اللسان عن الغيبة والنميمة، من حفظه عن السب والشتم والكذب، إلى غير ذلك، عليكِ أن تحرصي على كل ما أوجب الله، وهكذا صوم رمضان، تحرصين على أدائه كما شرع الله، مع التحفظ عن كل ما حرم الله، من غيبة، أو نميمة، أو كذب، أو سب، أو غير ذلك، مما يجرح الصيام، وهكذا في الزكاة إذا كان عندك مال تزكينه، كما أمر الله، وهكذا في جميع الشؤون، تحرصين على حفظ دينك، وعلى ترك ما حرم الله عليكِ، وإن يسّر الله لكِ الرجوع، فكوني مثالاً طيبًا للمرأة الصالحة، ذات الخلق الكريم،

ص: 43

بشوشة في وجه زوجك، تحبين له الخير، وتكرهين له الشر، ولو قدر أنه لم يعمل معك ما ينبغي من البشاشة وحسن الخلق، فكوني خيرًا منه، حتى يرجع إلى أن يتحسن خلقه، أن يعاملك بمثل ما تعاملينه، فعليكِ بتقوى الله في كل الأحوال، وإن قدر الله إليكِ الرجوع، فاحرصي على الأخلاق الفاضلة، واللين في وجهه، والبشاشة، والكلام الطيب، والمبادرة إلى فعل أوامره التي لا حرج فيها، وترك ما نهاكِ عنه من الأمور التي يجب أن تتركيها، وهي لا تتعلق بحق الله سبحانه وتعالى، المقصود أن تلتمسي أسباب رضاه، وأن تبتعدي عن أسباب سخطه، إلا في الأمور التي أوجبها الله عليكِ، فهذه أمور يجب عليكِ أن تفعليها، وهكذا ما حرم الله عليكِ، يجب أن تتركي ما حرم الله عليكِ، وليس لكِ أن تطيعيه ولا غيره في معصية الله سبحانه وتعالى، ومتى اجتهدتِ في الخير وفي الأخلاق الفاضلة، وفي معاملته بما ينبغي من الخلق الكريم، والعمل الطيب، والمسارعة إلى تحضير أوامره وامتثالها، فإنه سوف يرجع إلى العمل الطيب معكِ إن شاء الله، والسيرة الحميدة معكِ، وربما يستغني بكِ عن الزواج، نسأل الله أن يقدر لكِ وله كل خير، وأن يجمعكما على خير، إنه على كل شيء قدير.

ص: 44

س: سماحة الشيخ إذا أذنتم لي، ألحظ على كتابة أختنا، أنها كتبت بصدق وموضوعية، فهي تقول: إنني نسيت فريضة كذا وكذا ثم تقول إنه يوجهني، لكن الرجل فيما يبدو جاد أكثر مما يجب، نصحتم المرأة جزاكم الله خيرًا وهي نصيحة ثمينة ولا شك، لكن ماذا عن الرجال يا سماحة الشيخ؟ (1)

ج: هو رجل كذلك، عليه إذا قدر الله له الرجوع إليها، أو مع الجديدة، عليه أن يتقي الله، وأن يحسن المعاشرة فالله سبحانه يقول:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ، ويقول عز وجل:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} ، فللزوجات حق عظيم، وإن كان حق الزوج أكبر، وله درجة فوق حقها، لكن يجب ألاّ يستغل درجته في إيذائها وظلمها، وعدم إنصافها، فلها حقّ كبير وله حق، وحقه أكبر، لكن عليه أن يؤدّيَ الحق الذي عليه، في حسن المعاشرة والتلطف بالمرأة، وطيب الكلام معها، وإعطائها حقوقها، هذا واجب عليه، وهي

(1) السؤال السادس من الشريط رقم (85).

ص: 45

واجب عليها أن تبادله المحبة، والفعل الطيب والكلام الطيب، وأداء الحقوق وحسن المعاشرة، وأن تزيد فوق ذلك؛ لأن له عليها درجة، هذا هو واجبهما جميعًا، أما إذا أراد الزوج، أن تكون هي طيبة وهو ليس بطيب، هذا ليس من الإنصاف في شيء، بل يجب أن ينصفها، وأن يقوم بحقها، ويحسن معاشرتها، حتى ينشرح صدرها للقيام بحقه، وحتى تبادله المحبة والمعاشرة الطيبة، نسأل الله للجميع الهداية.

ص: 46

س: سماحة الشيخ هذه الجدّية الزائدة، أو هذه الصراحة، أو الشخصية القوية التي يسميها بعض الرجال، كيف تنصحونهم نحوها لو تكرمتم؟ (1)

ج: الواجب على الرجل أن يحرص على التسامح، والعفو عن بعض الهفوات التي لا أهمية لها في حقه، وألاّ يطلب حقه كاملاً بل يتسامح ويعفو عن الكثير، هكذا ينبغي للرجل، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته عليه الصلاة والسلام، يكون لينًا معهن، طيب الخلق معهن، يعاشرهن بالمعروف، ويتسامح عن كثير مما قد

(1) السؤال السابع من الشريط رقم (85).

ص: 46