الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى يجعلوها في تلك المسوح وتخرج منها كأنتن جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملاء من الملائكة إلا قالوا ما هذه الريح الخبيثة فيقولون فلان ابن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ثم تطرح روحه طرحا ثم قرأ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكانه فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري قال فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري، قال فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعهد ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه القبيح يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة.
(فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول): السفود " الكثير الشعب " من الصوف المبلول فتقطع معها العروق والعصب.
اللهم اجعل قبورنا وإخواننا المسلمين رياضاً من رياض الجنة، وقنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنك سبحانك على ما تشاء قدير والإجابة جدير وأنت حسبنا ونم الوكيل.
(أنواع عذاب القبر:
لعذاب القبر أنواع منها ما يلي:
(1)
منها الضرب إما بمطراق من حديد أو غيره كما في الأحاديث الآتية:
(حديث أنس في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا وضع في قبره و تولى عنه أصحابه حتى أنه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله و رسوله فيقال: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا، و أما المنافق و الكافر فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال له: لا دريت و لا تليت ثم يضرب بمطارق من حديد ضربةً فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المؤمن في قبره لفي روضة خضراء فيرحب له قبره سبعون ذراعا وينور له كالقمر ليلة البدر أتدرون فيما أنزلت هذه الآية (فَإِنّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَىَ)[طه: 124] قال أتدرون ما المعيشة الضنك؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال عذاب الكافر في قبره والذي نفسي بيده إنه يُسَلَّطَ عليه تسعةٌ وتسعون تنينا، أتدرون ما التنين؟ سبعون حية لكل حية سبع رؤوس يلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة.
(2)
ومنها تضييق القبر على الميت حتى تختلف فيه أضلاعه كما في الأحاديث الآتية:
(حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر و للآخر النكير فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: ما كان يقول هو: عبد الله و رسوله أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد عبده و رسوله فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ثم ينور له فيه ثم يقال: نم فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك و إن كان منافقا قال: سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثله لا أدري فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض: التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك.
{تنبيه} : (وقد كشف لمن يشاء من عباده من أهل القبور ونعيمهم ومن ذلك هذه القصص الذي أوردها الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه أهوال القبور:
(روى ابن أبي الدنيا عن طريق عمر بن هارون عن عبد الحميد بن محمود المغولي قال: كنت جالساً عند ابن عباس فأتاه قوم فقالوا: إنا خرجنا حجاجاً ومعنا صاحب لنا حتى أتينا ذات الصفاح فمات فهيأناه ثم انطلقنا فحفرنا له قبراً ولحدنا له لحداً فلما فرغنا من لحده إذا نحن بأسود قد ملأت اللحد فتركناه وأتيناك فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ذلك عمله الذي كان يعمل به، انطلقوا فادفنوه في بعضها فلما رجعنا قلنا لامرأته ما كان عمله ويحك؟ قالت: كان يبيع الطعام فيأخذ كل يوم قوت أهله ثم يقرظ القصب مثله فيلقيه فيه.
(وروى الهيثم بن عدي حدثنا أبان بن عبد الله البجلي قال: هلك جار لنا فشهدنا غسله وكفنه وحمله إلى قبره وإذا شيء في قبره شبيه بالهرة فزجرناه فلم ينزجر فضرب الحفار جبهته ببيرمة فلم يبرح فتحولنا إلى قبر آخر، فلما الحدوا فإذا هو فيه فصنعنا به مثلما صنعوا أولاً، فلم يبرح يلتفت فرجعوا إلى قبر ثالث فلما ألحدوا وإذا ذاك الهر فيه، فصنعوا فيه مثلما صنعوا أولاً، فلم يلتبت فقال بعض القوم: يا هؤلاء إن هذا الأمر ما رأينا مثله فادفنوا صاحبكم فدفنوه فلما سوي عليه اللبن سمعوا قعقعة عظامه فذهبو إلى امرأته فقالوا: يا هذا ما كان يعمل زوجك؟ وحدثوها بما رأوه فقالت: ما كان يغتسل من الجنابة.
(قال أبو الحسن بن البراء: حدثني عبد الله بن المدني قال: كان لي صديق فقال: فخرجت إلى ضيعتي فأدركني العصر إلى جانبي مقبرة، فصليت العصر قريبا منها، فبينما أنا جالس إذ سمعت من ناحية القبر صوتا وأنيناً فدنوت من القبر فإذا هو يقول: آه كنت أصوم ، كنت اصلي فأصابتني قشعريرة فدعوت من حضرني ، فسمع كما سمعت ومضيت إلى ضيعتي ورجعت فصليت في موضعي الأول، وصبرت حتى غابت الشمس وصليت المغرب ثم استمعت على ذلك القبر فإذا هو يأن: آه كنت أصوم كنت أصلي ، فرجعت إلى أهلي فحممت ومرضت شهرين.
(وخرج أبو القاسم اللالكائي في كتابه شرح السنة بإسناده عن يحيى بن معين قال: قال لي حفار المقابر: أعجب ما رأيت في هذه المقابر أني سمعت من قبر أنيناً كأنين المريض، وبإسناده عن الحارث المحاسبي قال: كنت في الجبانة في البصرة على قبر فأسمع من القبر: أواه من عذاب الله، قال الحارث: وكنت في مقبرة ههنا في باب المقبرة فأسمع صوت القنا بعضها على بعض يضرب وأنا مشرف على المقبرة من قبر وهو يقول: أواه.
(وبإسناده عن صدقة بن خالد الدمشقي عن بعض أهل دمشق قال: حججنا فهلك صاحب لنا في بعض الطريق على ماء من تلك المياه فأتينا أهل الماء نطلب شيئاً نحفر له، فأخرجوا لنا فاساً و مجرفة فلما وارينا صاحبنا نسينا الفأس في القبر، فنبشناه فوجدناه قد جمع عنقه ويداه ورجلاه في حلقة الفأس فسوينا عليه التراب وأرضينا أصحابه من الثمن، فلما انصرفنا جئنا إلى امرأته فسألناها عنه؟ فقالت: كان علي ما رأيتم من حاله يحج ويغزو فلما أخبرناها الخبر، قالت: صحبه رجل معه مال: فقتل الرجل، وأخذ المال قالت فيه: كان يحج ويغزو.
(وخرج ابن أبي الدنيا بإسناده عن يزيد بن المهلب قال: استعملني سليمان بن عبد الملك على العراق وخرسان فودعني عمر بن عبد العزيز فقال: يا يزيد اتق الله فإني حين وضعت الوليد في لحده فأهوى يركض في أكفانه.
(وبإسناده عن عمرو بن ميمون بن مهران قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: كنت فيمن دلى الوليد بن عبد الملك في قبره، فنظرت إلى ركبتيه قد جمعت إلى عنقه، فقال ابنه: عاش والله أبي ورب الكعبة فقلت: عوجل أبوك ورب الكعبة قال: فاتعظ بها عمر بعد.
(وبإسناده عن الفضل بن يونس أن عمر بن عبد العزيز قال لمسلمة بن عبد الملك: حدثني مولاك عن فلان أنه لما دفن أباك والوليد فوضعهما في قبرهما وذهب ليحل العقد عنهما وجد وجوههما قد حولت في أقفيتهما.
(قال ابن أبي الدنيا: وحدثنا عبد المؤمن بن عبد الله الموصلي حدثني رجل من أهل الرملة قال: أصابتنا ريح شديدة كشفت عن القبور قال: فنظرت إلى جماعة منهم قد حولوا عن القبلة.
(وحدثني رجل أنه ماتت له ابنة فأنزلها القبر فذهب ليصلح لبنة فإذا هي قد حولت عن القبلة، فاغتمت لذلك غماً شديداً قال: فرأيتها في النوم فقالت: عامة من حولي من أهل القبور محولون عن القبلة قال: كأنها تريد الذين ماتوا على الكبائر.
(وروينا من طريق إسحاق الفزاري أنه سأل نباشاً قد تاب فقلت: أخبرني عمن مات على الإسلام أترك وجهه على ما كان أم ماذا؟ قال: أكثر ذلك قد حول وجهه عن القبلة، قال: فكتبت بذلك إلى الأوزاعي فكتب إلي: {إنا لله وإنا إليه راجعون} ثلاث مرات من حول وجهه عن القبلة فإنه مات على غير السنة، وخرجهما ابن أبي الدنيا مختصراً.
(وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن أبي الحريش عن أمه قالت: لما حفر أبو جعفر خندق في الكوفة حول الناس موتاهم، فرأيت شاباً ممن حول عاضاً على يده. قال: وحدثنا عبد المؤمن بن عبد الله العنسي قال: قيل لنباش قد كان تاب ما أعجب ما رأيت؟ قال: نبشت رجلاً فرأيته مسمراً بالمسامير في سائر جسده ومسمار كبير في رأسه وآخر في رجليه.
وقيل لنباش آخر: ما أعجب ما رأيت؟
قال: رأيت جمجمة إنسان مصبوباً فيها رصاص و.
قيل لنباش آخر: ما كان سبب توبتك؟
قال: عامة ما كنت أنبش أراه محول الوجه عن القبلة.
(وذكر ابن الفارسي الليث صاحب أبي الفرج ابن الجوزي في تاريخه أنه في سنة تسعين وخمسمائة وجد ميت ببغداد بظاهر باب البصرة، وقد بلي ولم يبق غير عظامه، وفي يديه ورجليه ضباب حديد، وضرب فيها مسماران أحدهما في سرته، والآخر في جبهته، وكان هائل الخلقة، غليظ العظام، وكان سبب ظهوره زيادة الماء، كشفت تلاً كان يعرف بالتل الأحمر على ميلين من سور باب البصرة القديم.
(وذكر شيخنا أبو عبد الله بن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الروح حدثنا أبو عبد الله محمد بن سنان السلامي التاجر، وكان من خيار عباد الله، قال: جاء رجل إلى سوق الحدادين ببغداد، فباع مسامير صغاراً فأخذها الحداد فجعل يحمي عليها، فلا تلين معه حتى عجز عن ضربها، فطلب الذي باعها عليه؟ فوجده فقال: من أين لك هذه المسامير؟، قال: لقيتها، فلم يزل حتى أخبره أنه رأى قبراً مفتوحاً وفيه عظام ميت منظومة بهذه المسامير قال: فعالجتها على أن أخرجها، فلم أقدر، فأخذت حجراً فكسرت عظامه وجمعتها، قال: وأنا رأيت تلك المسامير، قلت: وكيف وجدت صفتها؟ قال: المسمار صغير برأسين. قلت: هذه الحكاية مشهورة ببغداد وقد سمعتها وأنا صبي ببغداد وهي مستفيضة بين أهلها. قال شيخنا: وحدثنا أبو عبد الله محمد بن الوزير الحراني أنه خرج من داره بآمد بعد العصر إلى بستان، فلما كان قبل غروب الشمس توسط القبور فإذا قبر منها، وهو جمرة نار مثل كور الحداد زجاج والميت في وسطه قال: فجعلت أمسح عيني، أقول: أنا نائم أم يقظان، ثم التفت إلى سور المدينة فقلت: والله ما أنا بنائم ثم ذهبت إلى أهلي وأنا مدهوش، فأتوني بطعام فلم أستطع أن آكل، فدخلت البلد وسألت عن صاحب القبر، فإذا هو مكاس قد توفي في ذلك اليوم.
(ما شوهد من نعيم القبر وكرامة أهله:
وهذه القصص أوردها الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه أهوال القبور:
(روى ابن أبي الدنيا في كتاب الرقة والبكاء بإسناده عن مسكين بن بكير أن وراداً العجلي لما مات فحمل إلى حفرته نزلوا ليدلوه في حفرته، فإذا اللحد مفروش بالريحان، فأخذ بعضهم من ذلك الريحان، فمكث الناس من ذلك فأخذه الأمير وفرق الناس خشية الفتنة، ففقده الأمير من منزله لا يدري كيف ذهب.
(وروى أبو بكر الخطيب بإسناده عن محمد بن مخلد الدوري الحافظ قال: ماتت أمي فنزلت ألحدها فانفرجت لي فرجة عن قبر بقربها فإذا رجل عليه أكفان جدد وعلى صدره طاقة ياسمين طرية، فأخذتها فشممتها، فإذا هي أزكى من المسك وشمها جماعة كانوا معي، ثم رددتها إلى موضعها وسددت الفرجة.
(وروى أبو الفرج بن الجوزي من طريق أبي جعفر عن السراج عن بعض شيوخه قال: كشف قبر بقرب الإمام أحمد وإذا على صدر الميت ريحانه تهتز.
وذكر في تاريخه أن في سنة ست وسبعين وماءتين انفرج تل في أرض البصرة بعرق تل شقيق عن سبعة أقرب في مثل الحوض وفيها سبعة أنفس أبدانهم صحيحة وأكفانهم يفوح منها رائحة المسك أحدهم شاب له جمة وعلى شفتيه بلل كأنه شرب ماء، وكأن عينيه مكحلتان، وله مذبة في خاصرته، وأراد بعض من حضر أن يأخذ من شعره شيئاً فإذا هو قوي كشعر الحي.
(وخرج ابن سعد في طبقاته بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: كنت فيمن حفر لسعد بن معاذ قبره بالبقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا من قبره تراباً حتى انتهينا إلى اللحد وبإسناده عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال: أخذ إنسان قبضة تراب من تراب سعد فذهب بها فنظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك.
(وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن المغيرة بن حبيبة أن عبد الله بن غالب الحراني لما دفن أصابوا من قبره رائحة المسك.
[*] (قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه أهوال القبور:
(وأما من شوهد بدنه طرياً صحيحاً وأكفانه عليه صحيحة بعد تطاول المدة من غير الأنبياء عليهم السلام فكثير جداً، ونحن نذكر من أعيانهم جماعة.
(قال عمرو بن شبة: حدثني محمد بن يحيى، حدثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لما سقط جدار بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعمرو بن عبد العزيز يومئذ على المدينة انكشف قدم من القبور التي في البيت فأصابها شيء فدميت ففزع من ذلك عمر بن عبد العزيز فزعاً شديداً، فدخل عروة البيت فإذا القدم قدم عمر بن الخطاب، فقال لعمر لا تفزع هي قدم عمر بن الخطاب فأمر بالجدار فبني ورد على حاله.
(روى مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثم السلميين، كان قد حفر السيل قبرهما ما يلي السيل وكانا في قبر واحد وهما ممن استشهد يوم أحد فحفرا عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة.
(وقال ابن أبي الدنيا حدثنا أحمد بن عاصم حدثنا سعيد بن عامر عن المثني ابن سعيد قال: لما نزلت عائشة بنت طلحة البصرة أتاها رجل فقال: إني رأيت طلحة ابن عبيد الله في المنام، فقال: قل: لعائشة تحولني من هذا المكان فإن البرد قد آذاني. فركبت في مواليها وحشمها، فضربوا عليه بناء، واستثاروه فلم يتغير منه إلا شعرات في إحدى شق لحيته أو قال رأسه، حتى حول إلى موضعه، وكان بينهما بضع وثمانون سنة.
(وبإسناده عن علي بن زيد بن جدعان عن أمه قالت: رأيت طلحة بن عبد الله لما حول من مكانه، فرأيت الكافور في عينيه، ولم يتغير منه شيء إلا عقيصة مالت من مكانها. وقال في كتاب الأولياء: كتب أبو عبد الله محمد بن خلف بن صالح التيمي أن إسحاق بن أبي نباتة مكث ستين سنة يؤذن لقومه في مسجد عمرو بن سعيد يعني بالكوفة، وكان يعلم الغلمان الكتاب ولا يأخذ الأجر فمات قبل أن يحفر الخندق بثلاثين سنة، فلما حفر الخندق وكان بين المقابر، ذهب بعض أصحابه يستخرجه ووقع قبره في الخندق، فاستخرجوه كما دفن ولم يتغير منه شيء إلا الكفن قد جف عليه ويبس والحنوط محطوط عليه، وكان خضيباً فرأى وجهه مكشوفاً وقد اتصل الحنا في أطراف الشعر، فمضى المسيب بن زهير إلى أبي جعفر المنصور وهو على شاطىء الفرات، فأخبره، فركب أبو جعفر في الليل حتى رآه فأمر به فدفن بالليل لئلا يفتتن الناس.
(وفي الترمذي في سياق حديث صهيب المرفوع في قصة أصحاب الأخدود أن ذلك الغلام الذي قتله الملك وآمن الناس كلهم وقالوا: آمنا برب الغلام وجد في زمان عمر بن الخطاب ويده على جرحه كهيئته حين مات.
(وقد ذكر محمد بن كعب القرظي وزيد بن أسلم وغيرهما قصة عبد الله بن ثامر ، وهو رأس الأخدود، وقصتة شبيهة بقصة الغلام المخرجة في الترمذي، وأنه وجد في زمان عمر بنجران، ويده على جرحه وأن جرحه يدمى. وكذا ذكره ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.