الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَيَكُونُ هَؤُلَاءِ الكِرَامُ مُخَلَّدِينَ فِي الجَنَّةِ أَبَداً وَهَذا جَزَاءٌ لَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِم الصَّالِحَةِ، وَاللهُ تَعَالَى عِنْدَهُ الأَجْرُ العَظِيمُ لِمَنْ آمَنَ وَجَاهَدَ، وَقَامَ بِمَا فَرَضَهُ عَلَيْهِ الإِسْلَامُ.
(الطريق إلى الجنة:
واعلم يا عبد الله أن الجنة لا تنال بالعمل .. وإنما هي فضل من الله ورحمة، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لن يُدخِل أحداً عملُه الجنة). قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: (لا، ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله بفضلٍ ورحمة، فسدِّدوا وقاربوا، ولا يتمنينَّ أحدكم الموت: إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب.
وأما قول الله جل وعلا: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مّآ أُخْفِيَ لَهُم مّن قُرّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [السجدة 17] فإن الباء في قوله (بما كانوا يعملون) سببية. أي بسبب أعمالهم فالله سبحانه جعل أعمالهم سبباً لفضله ورحمته حيث أدخلهم جنته.
فإذا عرفت ـ أخي الكريم ـ أن الجنة هي محض فضل الله ورحمته، وان رحمته وفضله إنما ينالان بفعل ما يرضاه ويريده فبادر إلى خير الأعمال وصالح الأفعال. واحفظ الله، واسلك سبيله القويم يفض عليك من الرحمات ما يدخلك به أعالي الجنات في تلك الغرفات.
فاسلك سبيل المتقين
…
وظن خيراً بالكريم
واذكر وقوفك خائفاً
…
والناس في أمر عظيم
إما إلى دار الشقاوة
…
أو إلى العز المقيم
فاغنم حياتك واجتهد
…
وتب إلى الرب الرحيم
(وأما طريق الجنة: فهو كل ما يقربك من الله سبحانه من القربات والطاعات فقد ذكر الله جل وعلا طاعات وعبادات في كتابه العزيز جازى عليها بالجنة من عمل بها مخلصاً فمن ذلك ما يلي:
(1)
الإيمان والعمل الصالح:
فقد ذكر الله سبحانه في سورة العصر أن الإنسان خاسر إلا من أمن وعمل صالحاً فقال تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصّبْرِ)[العصر1: 3]
وقال سبحانه: (وَبَشّرِ الّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ
[البقرة 25] ونظير هذا في القرآن كثير.
وذلك لأن الإيمان يوجب معرفة الله وخشيته ومراقبته وتوقيره ومتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل الصالح يوجب فعل ما أمر الله واجتناب ما نهى عنه من كبائر الإثم والفواحش.
(2)
الصلاة:
قال تعالى: (إِنّ الصّلَاةَ تَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللّهِ أَكْبَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45]
فالصلاة ناهية عن الإثم والمنكر الموجب للحرمان من الجنة. وهي الماحية للذنوب والخطايا كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسلُ فيه كلَ يومٍ خمسَ مراتٍ، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثلُ الصلوات الخمس يمحو الله بهنَّ الخطايا.
(حديث عثمان رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها و خشوعها و ركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة و ذلك الدهر كله.
فبادر ـ أخي الكريم ـ بالحفاظ على الصلاة فإنها نور المؤمن وعهده وفصل ما بينه وبين الكفر.
وتأمل في الحديث الآتيين بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيهما واجعل لهما من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيهما من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة.
(حديث بريدة الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر.
(3)
أداء النوافل:
فهي تقرب إلى الله بعد الفرائض، وتكسبك ـ أخي الكريم ـ حلة الولاية لله سبحانه لأنها موجبة لحبه وحفظه، وهي علامة حبك لله وطاعتك وإخلاصك.
وتأمل في الحديث الآتيين بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيهما واجعل لهما من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيهما من غرر الفوائد، ودرر الفرائد. (
(حديث أم حبيبة الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة.
(حديث عائشة الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر و ركعتين بعده و ركعتين بعد المغرب و ركعتين بعد العشاء و ركعتين قبل الفجر.
(4)
بر الوالدين:
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه قيل ومن يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة.
فاحرص ـ أخي الحبيب ـ على بر الوالدين وأطعهما في ما أمرا إذا لم يكن أمرهما معصية لله وأحسن إليهما في الدنيا يحسن الله إليك بجنته وفضله وجوده، واعلم أن عقوقهما من أكبر الكبائر فقد قرن الله طاعتهما بالتحذير من الشرك والأمر بتوحيده.
قال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)[النساء: 36]
(5)
التوبة:
فالتوبة من أجلِّ القربات والعبادات وهي منزلة لا يفارقها الصالحون في رحلتهم في هذه الحياة الدنيا، بل ولا الأنبياء والمرسلون. ذلك لأن الله تعالى أمر بها في كل وقت وحين وعلق الفلاح عليها.
فكل ابن آدم خطاء .. قال تعالى: (وَتُوبُوَاْ إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور: 31]
فتأمل حفظك الله كيف وصفهم الله بالإيمان ثم دعاهم إلى التوبة ليعلم كل مسلم أن التوبة لازمة للعبد في سائر منازله التي يسلكها في طريقه إلى الله. وتذكر دائماً أن الجنة قد حفت بالمكاره وأن النار قد حفت بالشهوات وإلا كيف سيكون الاختبار و كيف يميز الصابر من الضاجر والمطيع من العاصي.
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات".
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.