الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي كثيرة كالخيلاء .. والفخر .. والكبر .. والغرور .. هذه الكبائر الباطنة أكبر من الكبائر الظاهرة .. أعظم من الزنا وشرب الخمر والسرقة .. هذه الكبائر الباطنة إذا وقعت في القلب .. كانت حجاباً بين قلب العبد وبين الرب.
ذلك أن الطريق إلى الله إنما تُقْطَعُ بالقلوب .. ولا تُقْطَعُ بالأقدام .. والمعاصي القلبة قطاع الطريق.
قال ابن القيّم رحمه الله: وقد تستولي النفس على العمل الصالح .. فتصيره جنداً لها .. فتصول به وتطغى .. فترى العبد: أطوع ما يكون .. أزهد ما يكون .. وهو عن الله أبعد ما يكون .. ) فتأمل .. !!
الحجاب الرابع: حجاب أهل الكبائر الظاهرة:
كالسرقة .. وشرب الخمر .. وسائر الكبائر ..
{تنبيه} : (يجب أن نفقه في هذا المقام .. أنه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار .. والإصرار هو الثبات على المخالفة .. والعزم على المعاودة .. وقد تكون هناك معصية صغيرة فتكبر بعدة أشياء وهي ستة:
(1)
بالإصرار والمواظبة:
مثاله: رجل ينظر إلى النساء .. والعين تزني وزناها النظر .. لكن زنا النظر أصغر من زنا الفرج .. ولكن مع الإصرار والمواظبة .. تصبح كبيرة .. إنه مصر على ألا يغض بصره .. وأن يواظب على إطلاق بصره في المحرمات .. فلا صغيرة مع الإصرار.
(2)
استصغار الذنب:
مثاله: تقول لأحد المدخنين: اتق الله .. التدخين حرام .. ولقد كبر سنك .. يعني قد صارت فيك عدة آفات: أولها: أنه قد دب الشيب في رأسك. ثانياً: أنك ذو لحية. ثالثاً: أنك فقير.
فهذه كلها يجب أن تردعك عن التدخين .. فقال: هذه معصية صغيرة.
(3)
السرور بالذنب:
فتجد الواحد منهم يقع في المعصية .. ويسعد بذلك .. أو يتظاهر بالسعادة .. وهذا السرور بالذنب أكبر من الذنب .. فتراه فرحاً بسوء صنيعه .. كيف سب هذا؟؟ .. وسفك دم هذا؟ .. مع أن (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر} كما في الحديث الآتي:
(حديث ابن مسعود في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
أو أن يفرح بغواية فتاة شريفة .. وكيف استطاع أن يشهر بها .. مع أن الله يقول: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم [النور:19]
انتبه .. سرورك بالذنب أعظم من الذنب.
(4)
أن يتهاون بستر الله عليه:
[*] قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (يا صاحب الذنب لا تأمن سوء عاقبته .. ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا عملته .. قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال ـ وأنت على الذنب ـ أعظم من الذنب .. وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب .. وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب .. وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك ـ وأنت على الذنب ـ ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب).
(5)
المجاهرة بالمعاصي:
أن يبيت الرجل يعصي .. والله يستره .. فيحدث بالذنب .. فيهتك ستر الله عليه .. يجيء في اليوم التالي ليحدث بما عصى وما عمل!! .. فالله ستره .. وهو يهتك ستر الله عليه.
[*] وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيهما واجعل لهما من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيهما من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.
(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله و ليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نُقِمْ عليه كتاب الله.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
(اجتنبوا هذه القاذورات) جمع قاذورة وهي كل قول أو فعل يستفحش أو يستقبح لكن المراد هنا الفاحشة يعني الزنا لأنه لما رجم ماعزاً ذكره سميت قاذورة لأن حقها أن تتقذر فوصفت بما يوصف به صاحبها أفاده الزمخشري
(التي نهى الله عنها) أي حرمها
(فمن ألمَّ) بالتشديد أي نزل به والإلمام كما في الصحاح مقاربة المعصية من غير مواقعة وهذا المعنى له لطف هنا يدرك بالذوق
(بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله) بالندم والإقلاع والعزم على عدم العود (فإنه) أي الشأن
(من يبد) بضم المثناة تحت وسكون الموحدة
(لنا صفحته) أي ظهر لنا فعله الذي حقه الإخفاء والستر وصفحة كل شيء جانبه ووجهه وناحيته كنى به عن ثبوت موجب الحد عند الحاكم
(نقم) نحن معشر الحكام