الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفعت إلى سدرة المنتهى منتهاها في السماء السابعة نبقها مثل قلال هجر و ورقها مثل آذان الفيلة فإذا أربعة أنهار نهران ظاهران و نهران باطنان فأما الظاهران: فالنيل و الفرات و أما الباطنان: فنهران في الجنة و أتيت بثلاثة أقداح قدح فيه لبن و قدح فيه عسل و قدح فيه خمر فأخذت الذي فيه اللبن فشربت فقيل لي: أجبت الفطرة أنت و أمتك.
(أخي الحبيب:
تأمل في هذه الأنهار وما أودع الله فيها من خيرات لم تجر العادة بمثلها في الدنيا. وتأمل فيها وهي تجري في الجنة من غير أخدود، تحت القصور والمنازل والغرف وتحت الأشجار، قال تعالى:{جنات تجري من تحتها الأنهار} [البقرة 25]، وقال سبحانه:{تجري تحتها النهار} [التوبة 100]،
وقال سبحانه: {تجري من تحتهم الأنهار} [الكهف]،
(نهر الكوثر:
أما الكوثر فهو نهر من أنهار الجنة أعطاه الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {إنا أعطيناك الكوثر}
[الكوثر 1] وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنزلت علي آنفآ سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (إِنّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ * إِنّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ)[الكوثر 1: 3]
أتدرون ما الكوثر؟ إنه نهر وعده ليه ربي، عليه خير كثير، هو حوضي ترد غليه أمتي يوم القيامة، آنيته كعدد النجوم، فيختلج العبد منهم فأقول: رب إنه من أمتي فيقول: ما تدري ما أحدثوا بعدك.
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء، قال:(أتيت على نهر، حافتاه قباب اللؤلؤ مجوفا، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر).
(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج.
(حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا الْكَوْثَرُ قَالَ ذَاكَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ فِيهَا طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ قَالَ عُمَرُ إِنَّ هَذِهِ لَنَاعِمَةٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَتُهَا أَحْسَنُ مِنْهَا.
مسألة: كيف تتفجر أنهار الجنة؟
أنهار الجنة تتفجر من أعلاها ثم تنحدر نازلة إلى أقصى درجاتها كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، «كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض» ، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تَفجَّر أنهار الجنة.
(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعلكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض لا والله إنها لسائحة على وجه الأرض إحدى حافتيها اللؤلؤ والأخرى الياقوت وطينه المسك الأذْفَرُ قال قلت ما الأذْفَرُ قال الذي لا خلط له.
(حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن في الجنة بحر الماء و بحر العسل و بحر اللبن و بحر الخمر ثم تشقق الأنهار بعد.
[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:
(إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَحْرَ الْمَاءِ وَبَحْرَ الْعَسَلِ وَبَحْرَ اللَّبَنِ وَبَحْرَ الْخَمْرِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: يُرِيدُ بِالْبَحْرِ مِثْلَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَنَحْوِهِمَا، وَبِالنَّهْرِ مِثْلَ نَهْرِ مَعْقِلٍ حَيْثُ تُشَقَّقُ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ مِنْهُ تُشَقَّقُ جَدَاوِلُ. وَقَالَ الْقَارِي: قَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْبِحَارِ هِيَ الْأَنْهَارُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ أَنْهَارًا لِجَرَيَانِهَا بِخِلَافِ بِحَارِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْغَالِبَ مِنْهَا أَنَّهَا فِي مَحَلِّ الْقَرَارِ (ثُمَّ تُشَقَّقُ) بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ مِنْ بَابِ التَّفَعُّلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّشْقِيقِ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنهار الجنة تخرج من تحت تلال أو من تحت جبال المسك.
(ححديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة.
مسألة: ما معنى سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة؟
الجواب:
المعنى أن هذه الأنهار أصلها من الجنة، كما أن أصل معظم الماء-المطر- من السماء، مع أنه يجرى في الأنهار.
[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:
اعلم أن سيحان وجيحان غير سيحون وجيحون، فأما سيحان وجيحان المذكوران في هذا الحديث اللذان هما من أنهار الجنة في بلاد الأرمن فجيحان نهر المصيصة وسيحان نهر إذنة وهما نهران عظيمان جدا أكبرهما جيحان فهذا هو الصواب في موضعها. وأما قول الجوهري في صحاحه جيحان نهر بالشام فغلط، أو أنه أراد المجاز من حيث أنه ببلاد الأرمن وهي مجاورة للشام، قال الحازمي: سيحان نهر عند المصيصة قال: وهو غير سيحون. وقال صاحب نهاية الغريب: سيحان وجيحان نهران بالعواصم عند المصيصة وطرسوس، واتفقوا كلهم على أن جيحون بالواو نهر وراء خراسان عند بلخ، واتفقوا على أنه غير جيحان، وكذلك سيحون غير سيحان. وأما قول القاضي عياض: هذه الأنهار الأربعة أكبر أنهار بلاد الإسلام فالنيل بمصر والفرات بالعراق وسيحان وجيحان ويقال سيحون وجيحون ببلاد خراسان، ففي كلامه إنكار من أوجه: أحدها: قوله الفرات بالعراق وليس بالعراق بل هو فاصل بين الشام والجزيرة. والثاني: قوله سيحان وجيحان ويقال سيحون وجيحون فجعل الأسماء مترادفة وليس كذلك، بل سيحان غير سيحون وجيحان غير جيحون باتفاق الناس كما سبق. الثالث: أنه ببلاد خراسان وأما سيحان وجيحان ببلاد الأرمن بقرب الشام والله أعلم.
وأما كون هذه الأنهار من ماء الجنة ففيه تأويلان ذكرهما القاضي عياض: أحدهما: أن الإيمان عم بلادها أو الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة. والثاني: وهو الأصح أنها على ظاهرها وأن لها مادة من الجنة والجنة مخلوقة موجودة اليوم عند أهل السنة، وقد ذكر مسلم في كتاب الإيمان في حديث الإسراء أن الفرات والنيل يخرجان من الجنة، وفي البخاري من أصل سدرة المنتهى.
{تنبيه} : (إن في الجنة أنهاراً من أصناف نَعْهدها فى الدنيا ولكنها ليست للإشباع أو الإرْواء أو للتّداوى، فأهل الجنة ليسوا في حاجة للغذاء من أجل النماء والقوّة، ولا يصيبهم العطش، إن الشراب لأهل الجنة للنعيم ثم النعيم، وإن المؤمن في جناته أنهاراً كثيرة منتشرة في أرجاء مملكته المتّسعة، وبكل أنواع الأشربة المعروفة في الدنيا خالية من آفاتها، وأنواع من الأشربة لا نعلمها ولا يمكن إدراكها ولو بالخيال، فبشرنا الله تعالى وشوّقنا إلى ـ أنهار ـ من كل نوع منها، لا نهر واحد، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذكر الأنواع التي نعرفها: الماء، والعسل، واللبن، والخمر، قال:» ثم تشقّق الأنهار بعد».