الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ثبت أن سدرة المنتهى فوق السماء وسميت بذلك لأنها ينتهي إليها ما ينزل من عند الله فيقبض منها وما يصعد النية فيقبض منها.
وقال تعالى: (وَفِي السّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)[الذاريات: 22]
قال ابن أبي نجيح عن مجاهد هو الجنة وكذلك تلقاه الناس عنه.
[*] (أورد ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح عن بن عباس أنه قال الجنة فوق السماء السابعة ويجعلها الله حيث شاء يوم القيامة وجهنم في الأرض السابعة.
وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، «كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض» ، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه
تَفجَّر أنهار الجنة
.
وهذا يدل على أنها في غاية العلو والارتفاع والله أعلم.
والجنة مقببة أعلاها وأوسعها ووسطها هو الفردوس وسقفه العرش كما قال في الحديث الصحيح إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر انهار الجنة.
ولعظم سعة الجنة وغاية ارتفاعها يكون الصعود من أدناها إلى أعلاها بالتدريج شيئا فشيئا درجة فوق درجة كما في الحديث الآتي:
(حديث عبد الله بن عمرو في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال لصاحب القرآن: اقرأ و ارق و رتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها.
(درجات الجنة:
أخي الكريم: لقد خلق الله الجنة وأورثها عباده الصالحين وجعلهم فيها متفاضلين متفاوتين ، ولذلك كانت الجنة درجات يفضل بعضها بعضاَ ، وكل ذلك كان فضلَاَ من ربك وعدلَا .. ليشمر ويثابر من اشتاقت نفسه إلى الجنة وَعَلَّت هِمَتُه لأعلى درجاتها، في ذلك النعيم المقيم. قال تعالى:(وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحَاتِ فَأُوْلََئِكَ لَهُمُ الدّرَجَاتُ الْعُلَىَ)[طه: 75].
فالإيمان والعمل الصالح هما طريق الفردوس فكلما كان إيمانك ـ أخي الكريم ـ عالياَ ثابتاَ كانت منزلتك رفيعة في تلك الدرجات، وإنما يتفاوت المؤمنون المتقون في ذلك بحسب إيمانهم وتقواهم.
قال تعالى: (لاّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَىَ وَفَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً * دَرَجَاتٍ مّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رّحِيماً)[النساء 95: 96]
[*] (ذكر ابن جرير عن هشام ابن حسان عن جبلة بن عطية عن أبن محيريز قال فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه قال هي سبعون درجة ما بين الدرجتين عدو الفرس الجواد المضمر سبعين عاما.
[*] (وقال ابن المبارك أنبأنا سلمة بن نبيط عن الضحاك في قوله تعالى لهم درجات عند ربهم قال بعضهم أفضل من بعض فيرى الذي قد فضل به فضله ولا يرى الذي هو أسفل منه أنه فضل عليه أحد من الناس.
وتأمل قوله كيف أوقع التفضيل أولا بدرجة ثم أوقعه ثانيا بدرجات، فقيل الأول بين القاعد المعذور والمجاهد، والثاني بين القاعد بلا عذر والمجاهد،
وقال تعالى: (أَفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَآءَ بِسَخْطٍ مّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)[آل عمران 162: 163]
وقال تعالى قال تعالى: (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ * الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلَاةَ وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلََئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)[الأنفال 2: 4]
وقال تعالى: (مّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نّرِيدُ ثُمّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مّدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الَاخِرَةَ وَسَعَىَ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مّشْكُوراً * كُلاّ نّمِدّ هََؤُلآءِ وَهََؤُلآءِ مِنْ عَطَآءِ رَبّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبّكَ مَحْظُوراً * انظُرْ كَيْفَ فَضّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَلَلَاخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً)[الإسراء18 - 21]
فهنا بين الله سبحانه أن أهل الآخرة يتفاضلون فيها أكثر مما يتفاضل الناس في الدنيا وأن درجات الآخرة أكبر من درجات الدنيا.
واعلم أخي الكريم: أن تفاضل الجنان يشمل التفاضل بين خيراتها من أبنية وعيون وأشجار وفواكه ونساء. قال تعالى: (فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ)[الرحمن]، وبعد وصفهما قال تعالى:(وَمِن دُونِهِمَا جَنّتَانِ)[الرحمن: 62]،
أي دون الجنتين الأوليتين في الخير والمقام والمنزلة.
فأما عن الفاكهة فقال في الأوليتين: (فِيهِمَا مِن كُلّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ)[الرحمن 52]، فذكر أن في كل صنف من الفواكه شكلين. أما في الجنتين الأخيرتين فذكر مطلق الفاكهة من غير ذكر الزوجين فقال تعالى:(فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ)[الرحمن: 68]،
وأما عن الأثاث فذكر في الأوليتين: (مُتّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنّتَيْنِ دَانٍ)[الرحمن 54]،
وقال في الأخريتين: (مُتّكِئِينَ عَلَىَ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيّ حِسَانٍ)[الرحمن: 76] ولا شك أن الفرش أفضل من الزخرف وأن الإستبرق أفضل من العبقري.
وهكذا الأمر في نسائهما وخضرتهما كما هو ظاهر في الآيات. وما هذا التفاضل إلا تسلية من الله لعباده الصالحين الذين تحملوا مشاق السفر في رحلة الدنيا وصبروا على ما أصابهم من ضر في سبيل الله وحده، وعاشوا بين أهليهم غرباء .. لما كانوا عليه من التمسك بالكتاب والسنة. ومما يدل على تفاضل أهل الجنة الأحاديث الآتية: (
(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق، من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم. قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: (بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين.
والغابر: هو الذاهب الماضي الذي قد تدلى للغروب وفي التمثيل به دون الكواكب المسامت للرأس وهو أعلى فائدتان هما:
أحدهما بعده عن العيون.
والثانية أن الجنة درجات بعضها أعلى من بعض وإن لم تسامت العليا السفلى كالبساتين الممتدة من رأس الجبل إلى ذيله والله أعلم.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، «كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض» ، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تَفجَّر أنهار الجنة.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فِي الْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِائَةُ عَامٍ» .
{تنبيه} : (الحديثُ يدلُّ على أنها غاية في العلو والارتفاع ، ولا ينفي أن يكون درج الجنة أكثر من مائة، إذ المراد منه الإخبار بأن هذه الدرجات المائة هي للمجاهدين في سبيل الله، لا الإخبار بحصر درجات الجنة، ويؤيد ذلك أن منزلة النبي صلى الله عليه وسلم فوق هذا كله ،فهو في درجة ليس فوقها درجة، أمَّا هذه الدرجات المائة ينالها آحاد أمته بالجهاد.
والجنة مقببة أعلاها وأوسعها ووسطها هو الفردوس وسقفه العرش كما قال في الحديث الصحيح إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر انهار الجنة.
ولعظم سعة الجنة وغاية ارتفاعها يكون الصعود من أدناها إلى أعلاها بالتدريج شيئا فشيئا درجة فوق درجة كما في الحديث الآتي:
(حديث عبد الله بن عمرو في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال لصاحب القرآن: اقرأ و ارق و رتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها.