المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الرقائق

- ‌(عملي في هذا الكتاب:

- ‌باب تعريف الرقائق:

- ‌باب أسباب الكلام في الرقائق:

- ‌باب حاجتنا إلى الرقائق:

- ‌باب العناية بالرقائق:

- ‌باب: التوازن في الرقائق

- ‌باب ما الأشياء التي يمكن أن نطلق عليها رقائق

- ‌الحُجُبُ التي تحول بين العبد وربه هي عشرة

- ‌الحجاب الأول: الجهل بالله:

- ‌الحجاب الثاني: البدعة:

- ‌الحجاب الثالث: الكبائر الباطنة:

- ‌الحجاب الرابع: حجاب أهل الكبائر الظاهرة:

- ‌الحجاب الخامس: حجاب أهل الصغائر:

- ‌الحجاب السادس: حجاب الشرك:

- ‌(توحيد الربوبيةِ:

- ‌(توحيد الأ لوهية:

- ‌(توحيد الأسماءِ والصفات:

- ‌الحجاب السابع: حجاب أهل الفضلات والتوسع في المباحات:

- ‌الحجاب الثامن: حجاب أهل الغفلة عن الله:

- ‌الحجاب التاسع: حجاب اهل العادات والتقاليد والأعراف:

- ‌الحجاب العاشر: حجاب المجتهدين المنصرفين عن السير إلى المقصود:

- ‌باب شرطي قبول العمل:

- ‌(أهمية العلم بشرطي قبول العمل:

- ‌(أولاً الإخلاص:

- ‌(تعريف الإخلاص:

- ‌(فضائل الإخلاص:

- ‌(ماذا قال بعض العلماء في الإخلاص

- ‌(خطورة ترك العمل خوف الرياء:

- ‌(هناك أشياء تظن من الرياء وليست منه:

- ‌(علامات الإخلاص:

- ‌(ثانيا: متابعة السنّة:

- ‌باب حقيقة الموت:

- ‌مسألة: ما هي حقيقة الموت

- ‌(الموت أعظم المصائب:

- ‌(الموت موعد مجهول:

- ‌مسألة هل الموت راحة

- ‌مسألة: هل يجوز تمني الموت

- ‌(من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه:

- ‌مسألة: هل يجوز لنا أن نكره الموت

- ‌مسألة: ما حكم موت الفجأة

- ‌(عبرة الموت:

- ‌(هو الموت ما منه فوت

- ‌باب‌‌ كل نفس ذائقة الموت:

- ‌ كل نفس ذائقة الموت:

- ‌(رُسُلُ ملك الموت:

- ‌باب ذِكْرُ الموت:

- ‌(كيف تتناسى الموت

- ‌(فوائد ذكر الموت:

- ‌(الأسباب الباعثة على ذكر الموت:

- ‌باب كيف نستعد للموت

- ‌مسألة: كيف نستعد للموت

- ‌(1) اجتناب المنهيات:

- ‌(2) أداء الفرائض والواجبات:

- ‌(3) كثرة ذكرالموت:

- ‌(4) محاسبة النفس:

- ‌(كيفية محاسبة النفس

- ‌(الأدلة على مشروعية المحاسبة:

- ‌(أهمية محاسبة النفس:

- ‌ولمحاسبة النفس فوائد عظيمة ومزايا جسيمة منها ما يلي:

- ‌(5) الإكثار من الطاعات والقربات:

- ‌باب استحضار حسن الخاتمة وسوء الخاتمة:

- ‌(أثر استحضار حسن الخاتمة وسوء الخاتمة في رقة القلب:

- ‌(معنى حسن الخاتمة:

- ‌(أسباب حسن الخاتمة:

- ‌(علامات حسن الخاتمة:

- ‌(صور من حسن الخاتمة:

- ‌(علامات سوء الخاتمة:

- ‌(صور من سوء الخاتمة:

- ‌(الأسباب التي تنشأ عنها سوء الخاتمة:

- ‌(1) التسويف بالتوبة:

- ‌(2) طول الأمل:

- ‌(3) حب المعصية وأُلفها واعتيادها:

- ‌(4) الانتحار:

- ‌باب ساعة الاحتضار:

- ‌(أحوال الناس عند الاحتضار:

- ‌(لحظات المحتضرين:

- ‌(من دُرَرِ أقوال المحتضرين لحظة الاحتضار:

- ‌(تعزية النفس عند الاحتضار بالصبر والاحتساب:

- ‌(البكاء عند الموت مخافة سوء المرد:

- ‌(سكرات الموت:

- ‌(الثبات عند الموت:

- ‌(ما يسن عند الاحتضار:

- ‌باب وجوب الصبر والاسترجاع لأهل الميت:

- ‌باب ما ورد في البكاء على الميت:

- ‌باب‌‌ غسل الميتوتكفينه والصلاة عليه ودفنه:

- ‌ غسل الميت

- ‌(تكفين الميت:

- ‌(الواجب في الكفن:

- ‌(كيفية تكفين الميت:

- ‌(الصلاة على الميت:

- ‌(فضل الصلاة على الميت:

- ‌(مقصود الصلاة على الميت:

- ‌(مقام الإمام من الميت:

- ‌(صفة صلاة الجنازة:

- ‌(هل يصلي الإمام على قاتل نفسه:

- ‌(الصلاة على السقط:

- ‌(حمل الجنازة والسير بها:

- ‌(الموعظة بالجنازة والاعتبار بها:

- ‌ دفن الميت

- ‌(الأوقات التي لا يجوز الدفن فيها إلا لضرورة:

- ‌(استحباب الدفن في الأماكن المقدسة:

- ‌(استحباب طلب الموت في أحد الحرمين:

- ‌(الأمور التي تستحب في الدفن:

- ‌(الأمور التي تستحب بعد الفراغ من الدفن:

- ‌(الأشياء التي تنفع الميت بعد موته:

- ‌(ما ورد في التعزية وحكمها:

- ‌(الحداد على الميت:

- ‌(ما ورد في النهي عن سب الأموات:

- ‌باب أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور:

- ‌(ما هو البرزخ

- ‌(سؤال القبر:

- ‌(التثبيت في القبر:

- ‌(عذاب القبر ونعيمه:

- ‌(الأسباب الموجبة لعذاب القبر:

- ‌(الأسباب التي تكون سبباً في النجاة عذاب القبر:

- ‌لعذاب القبر أنواع منها ما يلي:

- ‌(ذكر ضيق القبور وظلمتها على أهلها وتنورها عليهم بدعاء الأحياء:

- ‌(عرض منازل أهل القبور عليهم من الجنة أو النار بكرة وعشيا:

- ‌(ضمة القبر:

- ‌(اجتماع أعمال الميت عليه من خير وشر ومدافعتها عنه:

- ‌(اجتماع الموتى إلى الميت وسؤالهم إياه:

- ‌(ما ورد من سماع الموتى كلام الأحياء:

- ‌(ذكر محل أرواح الموتى في البرزخ:

- ‌(زيارة الموتى والاتعاظ بهم:

- ‌(آداب زيارة القبور:

- ‌ الأمور التي يحرم فعلها عند القبور

- ‌(عِظةُ القبور:

- ‌ فوائد زيارة القبور

- ‌(الفرق بين زيارة الموحدين للقبور، وزيارة المشركين:

- ‌(استحباب تذكر القبور والتفكير في أحوالهم:

- ‌(أحوال السلف في تذكر القبور والتفكير في أحوالهم:

- ‌باب القيامة الكبرى وما يجري فيها:

- ‌(منهج أهل السنة والجماعة في تفصيل الإيمان باليوم الآخر:

- ‌(التفكر في أهوال يوم القيامة:

- ‌(حشر الناس حفاة عراة غرلا:

- ‌(دنو الشمس من الخلق بقدر ميل أو ميلين:

- ‌(نصبُ الموازين:

- ‌(الدليل على أن الأعمال توزن:

- ‌(نشرُ الدواوين:

- ‌(حساب الخلائق:

- ‌(الحوض المورود للنبي

- ‌(الصراط:

- ‌(الإيمان بالجنة والنار:

- ‌(الشفاعة:

- ‌باب الترغيب في الجنة:

- ‌(الترغيب في الجنة:

- ‌(إدامة ذِكْرِ الجَنَّة:

- ‌(من أعظم الغبن أن تبيع الجنة بالدنيا الفانية:

- ‌(حُفَّت الجنة بالمكاره:

- ‌(منزلة الجهاد في الإسلام:

- ‌(ومن ملابسهم التيجان على رؤسهم:

- ‌(أهل الجنة لا ينامون:

- ‌(نعيم الجنة يُنسي بؤس الدنيا:

- ‌(مفتاح الجنة:

- ‌(وجود الجنة الآن:

- ‌(مكان الجنة وأين هي:

- ‌ تَفجَّر أنهار الجنة

- ‌(درجات الجنة:

- ‌(الشهداء ممن ينالون الدرجات العلى:

- ‌(أعلى درجاتها واسم تلك الدرجة:

- ‌(ارتقاء العبد و هو في الجنة من درجة إلى درجة أعلى منها:

- ‌(أعلى أهل الجنة منزلة:

- ‌(أدنى أهل الجنة منزلة:

- ‌(آخر أهل الجنة دخولا إليها:

- ‌(طلب أهل الجنة لها من ربهم وطلبها لهم:

- ‌(أسماء الجنة ومعانيها:

- ‌(عدد الجنات:

- ‌(أبواب الجنة وخزنتها:

- ‌(خزنة الجنة:

- ‌(عدد أبواب الجنة:

- ‌(سعة أبواب الجنة:

- ‌(صفة أبواب الجنة وأنها ذات حلق:

- ‌(أول من يقرع باب الجنة:

- ‌(أول من يدخلون الجنة وصفاتهم:

- ‌(صفات أول من يدخلون الجنة:

- ‌(سبق الفقراء الأغنياء إلى الجنة:

- ‌(أصناف أهل الجنة وأوصافهم:

- ‌ أوصاف أهل الجنة في السنة الصحيحة:

- ‌(أكثر أهل الجنة هم أمة محمد

- ‌(النساء في الجنة أكثر من الرجال وكذلك هم في النار:

- ‌(من يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب:

- ‌(ذكر حثيات الرب تبارك وتعالى الذين يدخلهم الجنة:

- ‌(عرض الجنة:

- ‌(ذكر بناء الجنة وملاطها وحصباؤها و تربتها:

- ‌(غُرف الجنة وقصورها:

- ‌(خيام الجنة:

- ‌(قصور الجنة:

- ‌(كيفية دخول أهل الجنة الجنة:

- ‌(سوق الجنة و ما اعد الله تعالى فيه لأهلها:

- ‌(صفة أهل الجنة في خَلْقِهِم وَخُلُقِهم:

- ‌(سِنُ أهلِ الجنة:

- ‌(تحفة أهل الجنة إذا دخلوها:

- ‌(ريح الجنة ومن مسيرة كم ينشق:

- ‌(الأذان الذي يؤذن به مؤذن الجنة:

- ‌(أشجار الجنة وبساتينها وظلالها:

- ‌(ثمار الجنة وتعداد أنواعها وصفاتها:

- ‌(في زرع الجنة:

- ‌(نهر الكوثر:

- ‌ عيون الجنة:

- ‌(طعام أهل الجنة وشرابهم ومصرفه:

- ‌فاكهة أهل الجنة:

- ‌شراب أهل الجنة:

- ‌(آنية أهل الجنة التي يأكلون فيها ويشربون:

- ‌(لباس أهل الجنة وحليهم:

- ‌(حُلِّي أهل الجنة:

- ‌(مناديل أهل الجنة:

- ‌(لبسهم التيجان على رؤسهم:

- ‌(فُرُشُ أهل الجنة:

- ‌(بُسُطُ أهل الجنة وزرابيهم:

- ‌(خيام أهل الجنة وسررهم وأرائكهم وبشخاناتهم:

- ‌(مطايا أهل الجنة و خيولهم و مراكبهم:

- ‌(غلمانُ أهل الجنة وخدمُهم:

- ‌(وصف الحور العين:

- ‌(ارتفاع العبادات في الجنة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة:

- ‌(رؤية أهل الجنة لله تعالى بأبصارهم جهرة:

- ‌(تكليم الله تعالى لأهل الجنة:

- ‌(أبدية الجنة وأنها لا تفنى ولا تبيد:

- ‌(الجنة تتكلم:

- ‌(صفات من يستحقُّ الجنة في القرآن والسنة:

- ‌(الطريق إلى الجنة:

الفصل: ‌(كيف تتناسى الموت

(حتى بلغ ستين سنة) لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة والرجوع وترقب المنية ومظنة انقضاء الأجل فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار ولزوم الطاعات والإقبال على الآخرة بكليته، ثم هذا مجاز من القول فإن العذر لا يتوجه على الله وإنما يتوجه له على العبد، وحقيقة المعنى فيه أن الله لم يترك له شيئاً في الاعتذار يتمسك به، وهذا أصل الإعذار من الحاكم إلى المحكوم عليه، وقيل لحكيم: أي شيء أشد؟ قال دنو أجل وسوء عمل. قال القشيري: كان ببغداد فقيه يقرئ اثنين وعشرين علماً فخرج يوماً قاصداً مدرسته فسمع قائلاً يقول: إذا العشرون من شعبان ولت * فواصل شرب ليلك بالنهار ولا تشرب بأقداح صغار * فقد ضاق الزمان على الصغار فخرج هائماً على وجهه حتى أتى مكة فمات بها.

(وأكبر الأعذار إلى بني آدم بعثة الرسل إليهم، ليتم حجته عليهم كما قال سبحانه: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)[الإسراء:15]، وقال سبحانه: وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ [فاطر:37]، قيل: هو القرآن وقيل: الرسل وقال ابن عباس: هو الشيب.

‌باب ذِكْرُ الموت:

[*] (عناصر الباب:

‌(كيف تتناسى الموت

؟

(الإكثار من ذِكْرِ الموت:

(فوائد ذكر الموت:

(الأسباب الباعثة على ذكر الموت:

وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:

(كيف تتناسى الموت؟

إن الناس في هذه الحياة في غفلة، وأملهم فيها عريض، ولا بد من إلجام النفس بتذكيرها بمصيرها، لتعمر الآخرة بالدنيا، وإن الموت حقيقة قاسية رهيبة، تواجه كل حي فلا يملك لها رداً، وهي تتكرر في كل لحظة ويواجهها الجميع دون استثناء، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [العنكبوت:57]، إنها نهاية الحياة واحدة فالجميع سيموت لكن المصير بعد ذلك يختلف، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، وفي الموت عظة وتذكير وتنبيه وتحذير، وكفى به من نذير، والموت هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع، وأنه الحادث الأهدم للذات والأقطع للراحات والأمنيات.

ص: 80

ولكننا مع الأسف الشديد نسيناه أو تناسيناه وكرهنا ذكره ولقياه مع يقيننا أنه لا محالة واقع وحاصل، والعجب من عاقل يرى استيلاء الموت على أقرانه وجيرانه وكيف يطيب عيشه! وكيف لا يستعد له! إن المنهمك في الدنيا، المُكِّبَ على غرورها المحب لشهواتها يغفل قلبه لا محالة عن ذكر الموت، وإذا ذُكّر به كرهه ونفر منه، ومن لم يتذكر الموت اليوم ويستعد له فاجأه في غده وهو في غفلة من أمره وفي شغل عنه.

[*] (كتب بعض الحكماء إلى رجل من إخوانه: يا أخي احذر الموت في هذه الدار قبل أن تصير إلى دار تتمنى فيها الموت فلا تجده.

[*] (وكان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ثم يبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة.

[*] (وقال إبراهيم التيمي: شيئان قطعا عني لذة الدنيا ذكر الموت، والوقوف بين يدي الله عز وجل.

[*] (وقال كعب: من عرف الموت هانت عليه مصائب الدنيا وهمومها.

[*] (وقال أشعث: كنا ندخل على الحسن فإنما هو ذكر النار وأمر الآخرة وذكر الموت.

[*] (وقالت صفية رضي الله عنها: إن امرأة اشتكت إلى عائشة رضي الله عنها قسوة قلبها. فقالت لها: أكثري ذكر الموت يرق قلبك، ففعلت فرق قلبها فجاءت تشكر عائشة رضي الله عنها.

[*] قال مالك بن ينار: لو يعلم الخلائق ماذا يستقبلون غداً ما لذوا بعيش أبداً.

وما خاف مؤمن اليوم إلا أمن غداً بحسن اتعاظه وصلاح عمله وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث شداد بن أوس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: وعزتي و جلالي لا أجمع لعبدي أمنين و لا خوفين إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمعُ عبادي و إن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمعُ عبادي.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

ص: 81

(قال اللّه تعالى وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين: إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي) فمن كان خوفه في الدنيا أشد كان أمنه يوم القيامة أكثر وبالعكس وذلك لأن من أعطى علم اليقين في الدنيا طالع الصراط وأهواله بقلبه فذاق من الخوف وركب من الأهوال ما لا يوصف فيضعه عنه غداً ولا يذيقه مرارته مرة ثانية وهذا معنى قول بعض العارفين لأنه لما صلى حر مخالفة القوى في الدنيا لم يذقه اللّه كرب الحر في العقبى. قال القرطبي: فمن استحى من اللّه في الدنيا مما يصنع استحى اللّه عن سؤاله في القيامة ولم يجمع عليه حياءين كما لم يجمع عليه خوفين وقال الحرالي: نار الحق في الدنيا للمعترف رحمة من عذاب النار تفديه من نار السطوة في الآخرة ومحمد عليه الصلاة والسلام يعطى الأمن يوم القيامة حتى يتفرغ للشفاعة وما ذاك إلا من الخوف الذي كان علاه أيام الدنيا فلم يجتمع عليه خوفان فكل من كان له حظ من اليقين فعاين منه ما ذاق من الخوف سقط عنه من الخوف بقدر ما ذاق هنا قال العارفون: والخوف خوفان خوف عقاب وخوف جلال والأول يصيب أهل الظاهر والثاني يصيب أهل القلوب والأول يزول والثاني لا يزول أهـ.

ولكن كثيراً من الناس مع الأسف الشديد يضيع عمره في غير ما خلق له، ثم إذا فاجأه الموت صرخ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99] ولماذا ترجع وتعود لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:100] وأين أنت عن هذا اليوم أيها الغافل؟ ألا تعمل وأنت في سعة من أمرك وصحة في بدنك، ولم يدن منك ملك الموت بعد.

إن ما نراه في المقابر أعظم وأكبر معتبر، فحامل الجنازة اليوم محمول غداً لا محالة، ومن يرجع من المقبرة إلى بيته اليوم سيرجع عنه غداً ويُترك وحيداً فريداً في قبره مرتهناً بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

وحيداً فريداً في التراب وإنما

قرين الفتى في القبر ما كان يعمل

ولكن ما أقل من اتعظ وما أنذر من اجتهد، إن كان من قصر أمله، وجعل الموت أمام ناظريه عمل بلا شك للآخرة واستفاد من كل لحظة من لحظات عمره في طاعة ربه وتحسر على كل وقت أضاعه بدون عمل صالح يقربه إلى الله، وهو لما قدم من عمل فرح مسرور بالانتقال إلى الدار الآخرة وهذا هو المغبوط حقاً.

قال لقمان لابنه: (يا بني أمرٌ لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفجأك.

ص: 82

[*] وقال بعض السلف: اعلم أنه لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها لكان جديراً بأن يتنغص عليه عيشه ويتكدر عليه سروره ويفارقه سهوه وغفلته، وحقيق بأن يطول فكره ويعظم له استعداده، كيف ونحن نعلم أن وراء الموت القبر وظلمته، والصراط ودقته والحساب وشدته، أهوال وأهوال لا يعلم عظمها إلا بالله.

للموت فاعمل بجد أيها الرجل

واعلم بأنك من دنياك مرتحل

إلى متى أنت في لهو وفي لعب

تمسي وتصبح في اللذات مشتغل

اعمل لنفسك يا مسكين في مهل

ما دام ينفعك التذكار والعمل

(الإكثار من ذِكْرِ الموت:

إن الموت حقيقة لم يجادل بها أحد والجميع مقتنع تمام الاقتناع بأنه سيموت ولكن قُلْ: من يضع الموت نصب عينيه؟ وذكر الموت يرقق القلب ويزهد في الدنيا، ولذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالاكثار من ذكر الموت كما في الأحاديث الآتية:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا ذكر هاذم اللذات يعني الموت.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

قَوْلُهُ: (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ قَاطِعَهَا.، قَالَ مَيْرَكُ صَحَّحَ الطِّيبِيُّ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ حَيْثُ قَالَ شَبَّهَ اللَّذَّاتِ الْفَانِيَةَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَاجِلَةَ ثُمَّ زَوَالَهَا بِبِنَاءٍ مُرْتَفِعٍ يَنْهَدِمُ بِصَدَمَاتٍ هَائِلَةٍ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُنْهَمِكَ فِيهَا بِذِكْرِ الْهَادِمِ لِئَلَّا يَسْتَمِرَّ عَلَى الرُّكُونِ إِلَيْهَا، يَشْتَغِلَ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِرَارِ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ انْتَهَى كَلَامُهُ، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْهَاذِمُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ الْقَاطِعُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا. أهـ

ص: 83

[*](قال الإمام القرطبي رحمه الله: "قال علماؤنا: قوله عليه السلام: أكثروا ذكر هاذم اللذات كلام مختصر وجيز، وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) مع قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه". أهـ

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه و لا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(أكثروا ذكر هاذم) بذال معجمة قاطع وبمهملة مزيل وليس مراداً هنا كذا في روض السهيلي قال ابن حجر وفي ذا النفي نظر

(اللذات) الموت

ص: 84

(فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه) قال العسكري لو فكر البلغاء في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك لعلموا أنه أتى بهذا القليل على كل ما قيل في ذكر الموت ووصف به نظماً ونثراً ولهذا كان عيسى عليه السلام إذا ذكر عنده الموت يقطر جلده دماً قيل ولا يدخل ذكر الموت بيتاً إلا رضي أهله بما قسم لهم وقال أبو نواس. ألا يا ابن الذين فنوا وماتوا * أما واللّه ما ماتوا لتبقى وقال أبو حمزة الخراساني: من أكثر ذكر الموت حبب إليه كل باق وبغض إليه كل فان. وقال القرطبي: ذكر الموت يورث استشعار الانزعاج عن هذه الدار الفانية والتوجه في كل لحظة إلى الآخرة الباقية ثم إن الإنسان لا ينفك عن حالين ضيق وسعة ونعمة ومحنة فإن كان في حال ضيق ومحنة فذكر الموت يسهل عليه ما هو فيه من الاغترار بها والركون إليها. وقال الغزالي: الموت خطر هائل وخطب عظيم وغفلة الناس عنه لقلة فكرهم فيه وذكرهم له ومن يذكره ليس يذكره بقلب فارغ بل مشغول بالشهوات فلا ينجع ذكره فيه فالطريق أن يفرغ قلبه عن كل شيء إلا ذكر الموت الذي هو بين يديه كمن يريد السفر فإذا باشر ذكر الموت قلبه أثر فيه فيقل حركته وفرحه بالدنيا وينكسر قلبه وأنفع طريق فيه أن يذكر أشكاله فيتذكر موتهم ومصرعهم تحت التراب ويتذكر صورهم في أحوالهم ومناصبهم التي كانوا عليها في الدنيا ويتأمل كيف محى التراب حسن صورهم وتبددت أجزاؤهم في قبورهم ويتموا أولادهم وضيعوا أموالهم وخلت مجالسهم وانقطعت آثارهم.

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجة) قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت عليك السلام، فقال لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت، قلت يا رسول الله أي المؤمنين أفضل قال أحسنهم خلقا قال فأي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس.

فإذا تفكر الإنسان أنه سينتقل من قصره إلى قبره، ومن التنعم بالطعام والشراب إلى التمرغ في التراب، ومن أنس العشرة إلى وحشة الوحدة، ومن الفراش الوثير إلى المصرع الوبيل، وأن الدود سيكون أنيسه، ومنكر ونكير جليسه. إذا تفكر في سكرات الموت وأنها أشد من ضرب بالسيوف ونشر بالمناشير وقرض بالمقاريض.

[*] (كان بعض الصالحين ينادي بليل على سور المدينة: الرحيل الرحيل. فلما توفي فقد صوته أمير المدينة، فسأل عنه فقيل: إنه قد مات فقال:

ص: 85

ما زال يلهج بالرحيل وذكره

حتى أناخ ببابه الجمال

فأصابه مستيقظاً متشمراً

ذا أهبة لم تلهه الآمال

[*](وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ مَن الموت طالبه .. والقبر بيته .. والتراب فراشه .. والدود أنيسه .. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .. كي يكون حاله؟) ثم يبكي رحمه الله.

[*] (وقال التميمي رحمه الله: شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الموقف بين يدي الله تعالى.

[*] (وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى يجمع العلماء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازةَ!!

[*] (وقال الدقاق رحمه الله تعالى: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة.

[*] (وقال الحسن رحمه الله تعالى: إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا عشياً لا موت فيه.

إخواني: أكثروا من ذكر هاذم اللذات، وتفكروا في انحلال بناء الذات، وتصوروا مصير الصور إلى الرفات، وأَعدوا عدةً تكفي في الكفات، واعلموا أن الشيطان لا يتسلط على ذاكر الموت وإنما إذا غفل القلب عن ذكر الموت دخل العدو من باب الغفلة 0

[*] (أورد الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه المواعظ عن الحسن البصري رحمه الله تعالى قال:: إن الموت فضح الدنيا فلم يترك لذي لُب به فرحاً.

(وقال أيضاً:

[*] (قال يزيد بن تميم: من لم يردعه الموت والقرآن ثم تناطحت عنده الجبال لم يرتدع 0

[*] وسُئل ابن عياض عن ما بال الآدمي تُستنزع نفسه وهو ساكت وهو يضطرب من القرصة قال: لأن الملائكة توقفه 0

يا بن آدم مثل تلك الصرعة قبل أن تذر كل غرة فتتمنى الرجعة وتسأَل الكرة كَم من محتضر تمنَّى الصحة للعمل هيهات حقر عليه بلوغ الأَمل أَو ما يكفي في الوعظ مصرعه أو ما يشفي من البيان مضجعه 00 أما فاته مقدوره بعد إِمكانه 00 أَما أنت عن قليل في مكانة أما اعتبرت بمن رحل أما وعظتك العبر أما كان لك سمعٌ ولا بصر 0

ص: 86

(عباد الله هذه الأيام مطايا، فأين العدة قبل المنايا، أين الأنفة من دار الأذايا، أين العزائم أرضيتم بالدنايا، إن بلية الهوى لا تشبه البلايا، وإن خطيئة الإصرار لا كالخطايا، يا مستورين ستظهر الخبايا، سرية الموت لا تشبه السرايا، قضية الزمان ليست كالقضايا، راعي السلامة يقتل الرعايا، رامي المنون يصمي الرمايا، ملك الموت لا يقبل الهدايا.

(أين آباؤك مروا وسلكوا، أين أقرانك أما رحلوا وانصرفوا، أين أرباب القصور أما أقاموا في القبور وعكفوا، أين الأحباب هجرهم المحبون وصدفوا، فانتبه لنفسك فالمتيقظون قد عرفوا، فستحملك الأهل إلى القبور وربما مروا فانحرفوا.

(يا من لا يتعظ بأبيه ولا بابنه، يا مؤثراً للفاني على جودة ذهنه، يا متعوضا عن فرح ساعة بطول حزنه، يا مسخطاً للخالق لأجل المخلوق ضلالاً لإفنه، أمالك عبرة فيمن ضعضع مشيد ركنه، أما رأيت راحلاً عن الدنيا يوم ظعنه، أما تصرفت في ماله أكف غيره من غير إذنه، أما انصرف الأحباب عن قبره حين دفنه، أما خلا بمسكنه في ضيق سجنه، تنبه والله من وسنه لقرع سنه، ولقى في وطنه ما لم يخطر على ظنه، يا ذلة مقتول هواه يا خسران عبد بطنه.

(أوَ مَا علمت الموت للخلائق مبيد أما تراه قد مزقهم في البيد أما داسهم بالهلاك دوس الحصيد لا بالبسيط ينتهون ولا بالتشديد، أين من كان لا ينظر بين يديه، أين من أبصر العبر ولم ينتفع بعينيه، أين من بارز بالذنوب المطلع عليه.

(كم من ظالم تعدى وجار، فما راعى الأهل ولا الجار بينا هو يعقد عقد الإصرار حل به الموت فحل من حلته الأزرار (فَاعْتَبِرُواْ يَأُوْلِي الأبْصَارِ)

(ما صحبه سوى الكفن إلى بيت البلى والعفن لو رأيته وقد حلت به المحن وشين ذلك الوجه الحسن فلا تسأل كيف صار (فَاعْتَبِرُواْ يَأُوْلِي الأبْصَارِ)

(سال في اللحد صديده وبلى في القبر جديده وهجره نسيبه ووديده وتفرق حشمه وعبيده والأنصار (فَاعْتَبِرُواْ يَأُوْلِي الأبْصَارِ)

(أين مجالسه العالية أين عيشته الصافية أين لذاته الحالية كم كم تسفى على قبره سافية ذهبت العين وأخفيت الآثار (فَاعْتَبِرُواْ يَأُوْلِي الأبْصَارِ)

(تقطعت به جميع الأسباب وهجره القرناء والأتراب وصار فراشه الجندل والتراب وربما فتح له في اللحد باب النار (فَاعْتَبِرُواْ يَأُوْلِي الأبْصَارِ)

ص: 87

(خلا والله بما كان صنع واحتوشه الندم وما نفع وتمنى الخلاص وهيهات قد وقع وخلاه الخليل المصافي وانقطع واشتغل الأهل بما كان جمع وتملك الضد المال والدار (فَاعْتَبِرُواْ يَأُوْلِي الأبْصَارِ)

(تدبروا أموركم تدبر ناظر أين السلطان الكبير القاهر كم جمع في مملكته من عساكر وكم بنى من حصون ودساكر وكم تمتع بحلل وأساور وكم علا على المنابر ثم آخر الأمر إلى المقابر العاقل.

(أين الوالدون وما ولدوا، أين الجبارون وأين ما قصدوا، أين أرباب المعاصي على ماذا وردوا، أما جنوا ثمرات ما جنوا وحصدوا، أما قدموا على أعمالهم في مآلهم ووفدوا، أما خلوا في ظلمات القبور بكوا والله وانفردوا، أما ذلوا وقلوا بعد أن عتوا ومردوا، أما طلبوا زادا يكفي في طريقهم ففقدوا، أما حل الموت فحل عقد ما عقدوا، عاينوا والله كل ما قدموا ووجدوا، فمنهم أقوام شقوا وأقوام سعدوا.

(أيها المتيقظون وهم نائمون، أتبنون مالا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، كونوا كيف شئتم فستنقلون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

(يا مقيمين سترحلون، يا مستقرين ما تتركون، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون، أراكم متوطنين تأمنون المنون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

(طول نهاركم تلعبون، وطول ليلكم ترقدون، والفرائض ما تؤدون، وقد رضيتم عن الغالي بالدون، لا تفعلوا ما تفعلون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

(أما الأموال فتجمعون، والحق فيها ما تخرجون وأما الصلاة فتضيعون وإذا صليتم تنقرون أترى هذا إلى كم يكون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

(أين العتاة المتجبرون، أين الفراعنة المتسلطون أين أهل الخيلاء المتكبرون قدروا أنكم صرتم كهم أما تسمعون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

(ما نفعتهم الحصون، ولا رد المال المصون، هبت زعزع الموت فكسرت الغصون، قدروا أنكم تزيدون عليهم ولا تنقصون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

(تقلبوا من اللذات في فنون، وأخرجهم البطر إلى الجنون، فأتاهم ما هم عنه غافلون، (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

(لو حصل لكم كل ما تحبون، ونما جميع ما تؤتون، ونلتم من الأماني ما تشتهون، أينفعكم حين ترحلون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

(إلى متى وحتى متى تنصحون، وأنتم تكسبون الخطايا وتجترحون أأمنتم وأنتم تسرحون ذئب هلاك فلا تبرحون (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)

ص: 88