المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الرقائق

- ‌(عملي في هذا الكتاب:

- ‌باب تعريف الرقائق:

- ‌باب أسباب الكلام في الرقائق:

- ‌باب حاجتنا إلى الرقائق:

- ‌باب العناية بالرقائق:

- ‌باب: التوازن في الرقائق

- ‌باب ما الأشياء التي يمكن أن نطلق عليها رقائق

- ‌الحُجُبُ التي تحول بين العبد وربه هي عشرة

- ‌الحجاب الأول: الجهل بالله:

- ‌الحجاب الثاني: البدعة:

- ‌الحجاب الثالث: الكبائر الباطنة:

- ‌الحجاب الرابع: حجاب أهل الكبائر الظاهرة:

- ‌الحجاب الخامس: حجاب أهل الصغائر:

- ‌الحجاب السادس: حجاب الشرك:

- ‌(توحيد الربوبيةِ:

- ‌(توحيد الأ لوهية:

- ‌(توحيد الأسماءِ والصفات:

- ‌الحجاب السابع: حجاب أهل الفضلات والتوسع في المباحات:

- ‌الحجاب الثامن: حجاب أهل الغفلة عن الله:

- ‌الحجاب التاسع: حجاب اهل العادات والتقاليد والأعراف:

- ‌الحجاب العاشر: حجاب المجتهدين المنصرفين عن السير إلى المقصود:

- ‌باب شرطي قبول العمل:

- ‌(أهمية العلم بشرطي قبول العمل:

- ‌(أولاً الإخلاص:

- ‌(تعريف الإخلاص:

- ‌(فضائل الإخلاص:

- ‌(ماذا قال بعض العلماء في الإخلاص

- ‌(خطورة ترك العمل خوف الرياء:

- ‌(هناك أشياء تظن من الرياء وليست منه:

- ‌(علامات الإخلاص:

- ‌(ثانيا: متابعة السنّة:

- ‌باب حقيقة الموت:

- ‌مسألة: ما هي حقيقة الموت

- ‌(الموت أعظم المصائب:

- ‌(الموت موعد مجهول:

- ‌مسألة هل الموت راحة

- ‌مسألة: هل يجوز تمني الموت

- ‌(من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه:

- ‌مسألة: هل يجوز لنا أن نكره الموت

- ‌مسألة: ما حكم موت الفجأة

- ‌(عبرة الموت:

- ‌(هو الموت ما منه فوت

- ‌باب‌‌ كل نفس ذائقة الموت:

- ‌ كل نفس ذائقة الموت:

- ‌(رُسُلُ ملك الموت:

- ‌باب ذِكْرُ الموت:

- ‌(كيف تتناسى الموت

- ‌(فوائد ذكر الموت:

- ‌(الأسباب الباعثة على ذكر الموت:

- ‌باب كيف نستعد للموت

- ‌مسألة: كيف نستعد للموت

- ‌(1) اجتناب المنهيات:

- ‌(2) أداء الفرائض والواجبات:

- ‌(3) كثرة ذكرالموت:

- ‌(4) محاسبة النفس:

- ‌(كيفية محاسبة النفس

- ‌(الأدلة على مشروعية المحاسبة:

- ‌(أهمية محاسبة النفس:

- ‌ولمحاسبة النفس فوائد عظيمة ومزايا جسيمة منها ما يلي:

- ‌(5) الإكثار من الطاعات والقربات:

- ‌باب استحضار حسن الخاتمة وسوء الخاتمة:

- ‌(أثر استحضار حسن الخاتمة وسوء الخاتمة في رقة القلب:

- ‌(معنى حسن الخاتمة:

- ‌(أسباب حسن الخاتمة:

- ‌(علامات حسن الخاتمة:

- ‌(صور من حسن الخاتمة:

- ‌(علامات سوء الخاتمة:

- ‌(صور من سوء الخاتمة:

- ‌(الأسباب التي تنشأ عنها سوء الخاتمة:

- ‌(1) التسويف بالتوبة:

- ‌(2) طول الأمل:

- ‌(3) حب المعصية وأُلفها واعتيادها:

- ‌(4) الانتحار:

- ‌باب ساعة الاحتضار:

- ‌(أحوال الناس عند الاحتضار:

- ‌(لحظات المحتضرين:

- ‌(من دُرَرِ أقوال المحتضرين لحظة الاحتضار:

- ‌(تعزية النفس عند الاحتضار بالصبر والاحتساب:

- ‌(البكاء عند الموت مخافة سوء المرد:

- ‌(سكرات الموت:

- ‌(الثبات عند الموت:

- ‌(ما يسن عند الاحتضار:

- ‌باب وجوب الصبر والاسترجاع لأهل الميت:

- ‌باب ما ورد في البكاء على الميت:

- ‌باب‌‌ غسل الميتوتكفينه والصلاة عليه ودفنه:

- ‌ غسل الميت

- ‌(تكفين الميت:

- ‌(الواجب في الكفن:

- ‌(كيفية تكفين الميت:

- ‌(الصلاة على الميت:

- ‌(فضل الصلاة على الميت:

- ‌(مقصود الصلاة على الميت:

- ‌(مقام الإمام من الميت:

- ‌(صفة صلاة الجنازة:

- ‌(هل يصلي الإمام على قاتل نفسه:

- ‌(الصلاة على السقط:

- ‌(حمل الجنازة والسير بها:

- ‌(الموعظة بالجنازة والاعتبار بها:

- ‌ دفن الميت

- ‌(الأوقات التي لا يجوز الدفن فيها إلا لضرورة:

- ‌(استحباب الدفن في الأماكن المقدسة:

- ‌(استحباب طلب الموت في أحد الحرمين:

- ‌(الأمور التي تستحب في الدفن:

- ‌(الأمور التي تستحب بعد الفراغ من الدفن:

- ‌(الأشياء التي تنفع الميت بعد موته:

- ‌(ما ورد في التعزية وحكمها:

- ‌(الحداد على الميت:

- ‌(ما ورد في النهي عن سب الأموات:

- ‌باب أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور:

- ‌(ما هو البرزخ

- ‌(سؤال القبر:

- ‌(التثبيت في القبر:

- ‌(عذاب القبر ونعيمه:

- ‌(الأسباب الموجبة لعذاب القبر:

- ‌(الأسباب التي تكون سبباً في النجاة عذاب القبر:

- ‌لعذاب القبر أنواع منها ما يلي:

- ‌(ذكر ضيق القبور وظلمتها على أهلها وتنورها عليهم بدعاء الأحياء:

- ‌(عرض منازل أهل القبور عليهم من الجنة أو النار بكرة وعشيا:

- ‌(ضمة القبر:

- ‌(اجتماع أعمال الميت عليه من خير وشر ومدافعتها عنه:

- ‌(اجتماع الموتى إلى الميت وسؤالهم إياه:

- ‌(ما ورد من سماع الموتى كلام الأحياء:

- ‌(ذكر محل أرواح الموتى في البرزخ:

- ‌(زيارة الموتى والاتعاظ بهم:

- ‌(آداب زيارة القبور:

- ‌ الأمور التي يحرم فعلها عند القبور

- ‌(عِظةُ القبور:

- ‌ فوائد زيارة القبور

- ‌(الفرق بين زيارة الموحدين للقبور، وزيارة المشركين:

- ‌(استحباب تذكر القبور والتفكير في أحوالهم:

- ‌(أحوال السلف في تذكر القبور والتفكير في أحوالهم:

- ‌باب القيامة الكبرى وما يجري فيها:

- ‌(منهج أهل السنة والجماعة في تفصيل الإيمان باليوم الآخر:

- ‌(التفكر في أهوال يوم القيامة:

- ‌(حشر الناس حفاة عراة غرلا:

- ‌(دنو الشمس من الخلق بقدر ميل أو ميلين:

- ‌(نصبُ الموازين:

- ‌(الدليل على أن الأعمال توزن:

- ‌(نشرُ الدواوين:

- ‌(حساب الخلائق:

- ‌(الحوض المورود للنبي

- ‌(الصراط:

- ‌(الإيمان بالجنة والنار:

- ‌(الشفاعة:

- ‌باب الترغيب في الجنة:

- ‌(الترغيب في الجنة:

- ‌(إدامة ذِكْرِ الجَنَّة:

- ‌(من أعظم الغبن أن تبيع الجنة بالدنيا الفانية:

- ‌(حُفَّت الجنة بالمكاره:

- ‌(منزلة الجهاد في الإسلام:

- ‌(ومن ملابسهم التيجان على رؤسهم:

- ‌(أهل الجنة لا ينامون:

- ‌(نعيم الجنة يُنسي بؤس الدنيا:

- ‌(مفتاح الجنة:

- ‌(وجود الجنة الآن:

- ‌(مكان الجنة وأين هي:

- ‌ تَفجَّر أنهار الجنة

- ‌(درجات الجنة:

- ‌(الشهداء ممن ينالون الدرجات العلى:

- ‌(أعلى درجاتها واسم تلك الدرجة:

- ‌(ارتقاء العبد و هو في الجنة من درجة إلى درجة أعلى منها:

- ‌(أعلى أهل الجنة منزلة:

- ‌(أدنى أهل الجنة منزلة:

- ‌(آخر أهل الجنة دخولا إليها:

- ‌(طلب أهل الجنة لها من ربهم وطلبها لهم:

- ‌(أسماء الجنة ومعانيها:

- ‌(عدد الجنات:

- ‌(أبواب الجنة وخزنتها:

- ‌(خزنة الجنة:

- ‌(عدد أبواب الجنة:

- ‌(سعة أبواب الجنة:

- ‌(صفة أبواب الجنة وأنها ذات حلق:

- ‌(أول من يقرع باب الجنة:

- ‌(أول من يدخلون الجنة وصفاتهم:

- ‌(صفات أول من يدخلون الجنة:

- ‌(سبق الفقراء الأغنياء إلى الجنة:

- ‌(أصناف أهل الجنة وأوصافهم:

- ‌ أوصاف أهل الجنة في السنة الصحيحة:

- ‌(أكثر أهل الجنة هم أمة محمد

- ‌(النساء في الجنة أكثر من الرجال وكذلك هم في النار:

- ‌(من يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب:

- ‌(ذكر حثيات الرب تبارك وتعالى الذين يدخلهم الجنة:

- ‌(عرض الجنة:

- ‌(ذكر بناء الجنة وملاطها وحصباؤها و تربتها:

- ‌(غُرف الجنة وقصورها:

- ‌(خيام الجنة:

- ‌(قصور الجنة:

- ‌(كيفية دخول أهل الجنة الجنة:

- ‌(سوق الجنة و ما اعد الله تعالى فيه لأهلها:

- ‌(صفة أهل الجنة في خَلْقِهِم وَخُلُقِهم:

- ‌(سِنُ أهلِ الجنة:

- ‌(تحفة أهل الجنة إذا دخلوها:

- ‌(ريح الجنة ومن مسيرة كم ينشق:

- ‌(الأذان الذي يؤذن به مؤذن الجنة:

- ‌(أشجار الجنة وبساتينها وظلالها:

- ‌(ثمار الجنة وتعداد أنواعها وصفاتها:

- ‌(في زرع الجنة:

- ‌(نهر الكوثر:

- ‌ عيون الجنة:

- ‌(طعام أهل الجنة وشرابهم ومصرفه:

- ‌فاكهة أهل الجنة:

- ‌شراب أهل الجنة:

- ‌(آنية أهل الجنة التي يأكلون فيها ويشربون:

- ‌(لباس أهل الجنة وحليهم:

- ‌(حُلِّي أهل الجنة:

- ‌(مناديل أهل الجنة:

- ‌(لبسهم التيجان على رؤسهم:

- ‌(فُرُشُ أهل الجنة:

- ‌(بُسُطُ أهل الجنة وزرابيهم:

- ‌(خيام أهل الجنة وسررهم وأرائكهم وبشخاناتهم:

- ‌(مطايا أهل الجنة و خيولهم و مراكبهم:

- ‌(غلمانُ أهل الجنة وخدمُهم:

- ‌(وصف الحور العين:

- ‌(ارتفاع العبادات في الجنة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة:

- ‌(رؤية أهل الجنة لله تعالى بأبصارهم جهرة:

- ‌(تكليم الله تعالى لأهل الجنة:

- ‌(أبدية الجنة وأنها لا تفنى ولا تبيد:

- ‌(الجنة تتكلم:

- ‌(صفات من يستحقُّ الجنة في القرآن والسنة:

- ‌(الطريق إلى الجنة:

الفصل: ‌(2) طول الأمل:

(1) التسويف بالتوبة:

(2) طول الأمل:

(3)

حب المعصية وأُلفها واعتيادها:

(4)

الانتحار:

وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:

(1)

التسويف بالتوبة:

والتوبة إلى الله من جميع الذنوب واجبة على كل مكلف كل لحظة كما يدل عليه قوله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]

وكان ـ وهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- يتوب إلى الله كل يوم مائة مرة كما في الحديث الآتي:

(حديث الأغرِّ المُزني في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة.

ومن أخبث حيل إبليس التي يحتال بها على الناس التسويف في التوبة، فيوسوس للعاصي بأن يتمهل في التوبة، فإن أمامه زمناً طويلاً، ولو تاب الآن ثم رجع لا يمكن أن تقبل توبته بعد ذلك، فيكون من أصحاب النار، أو يوسوس له بأنه إذا بلغ الخمسين أو الستين مثلاً عليه أن يتوب توبة نصوحاً، ويلزم المسجد ويكثر القربات، أما الآن فإنه في شبابه وزهرة عمره فليمتع نفسه ولا يشق عليها بالتزام الطاعات من الآن.

هذه بعض مكائد إبليس في التسويف في التوبة.

قال بعض السلف الصالح: أنذركم سوف، فإنها أكبر جنود إبليس، ومثل المؤمن الحازم الذي يتوب إلى الله من كل ذنب وفي كل وقت خوفاً من سوء الخاتمة ومحبة لله، والمفرط المسوف الذي يؤخر توبته، كمثل قوم في سفر دخلوا قرية، فاما الحازم فاشترى ما يصلح لتمام سفره وجلس متأهباً للرحيل، أما المفرط فإنه يقول كل يوم: سأهب غداً، حتى أعلن أمير القافلة الرحيل ولا زاد معه، وهذا مثل للناس في الدنيا، فإن المؤمن الحازم متى ما جاء الموت لم يندم، أما العاصي المفرط فإنه يقول رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:100،99]

(2)

طول الأمل:

وهو سبب شقاء كثير من الناس حين يخدع الشيطان أحدهم فيصور له أن أمامه عمرا طويلا وسنين متعاقبة، يبني فيها آمالا شامخة، فيجمع همته لمواجهة هذه السنين ولبناء هذه الامال، وينسى الآخرة ولا يتذكر الموت، وإذا ذكره يوما برم منه، لأنه ينغص عليه لذاته، ويكدر عليه صفو عيشه، وقد حذرنا منه الرسول أشد تحذير فقال:

ص: 149

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزالُ قلب الكبير شاباً في اثنين: في حُبِ الدنيا وطولِ الأمل)

[*] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:

لا يزال قلب الكبير شابا في اثنتين في حب الدنيا وطول الأمل: المراد بالأمل هنا محبة طول العمر فسره حديث أنس الذي بعده في آخر الباب وسماه شابا إشارة الى قوة استحكام حبه المال.

(حديث أنس الثابت الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنتان: حبُّ المال وطول العمر.

وقال أيضاً: وفي الأمل سر لطيف لأنه لولا الأمل ما تهنى أحد بعيش ولا طابت نفسه ان يشرع في عمل من أعمال الدنيا وانما المذموم منه الاسترسال فيه وعدم الاستعداد لأمر الآخرة فمن سلم من ذلك لم يكلف بإزالته وقوله في اثر علي فان اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل جعل اليوم نفس العمل والمحاسبة مبالغة وهو كقولهم نهاره صائم والتقدير في الموضعين ولا حساب فيه ولا عمل فيه وقوله ولا حساب بالفتح بغير تنوين ويجوز الرفع منونا وكذا قوله ولا عمل.

فإذا أحب الإنسان الدنيا أكثر من الآخرة آثرها عليها، واشتغل بزينتها وزخرفها وملذاتها عن بناء مسكنه في الآخرة في جوار الله في جنته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

مسألة: كيف يظهر أثر قصر الأمل:

الجواب: يظهر أثر قصر الأمل في المبادرة إلى الأعمال الصالحة واغتنام أوقات العمر، فإن الأنفاس معدودة والأيام مقدرة، وما فات لن يعود، وعلى الطريق عوائق كثيرة بينها. وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل). وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.

(حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود و ابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة.

ص: 150

وقد أرشد رسول الله المؤمنين إلى ما يبعد عنهم طول الأمل ويبصرهم بحقيقة الدنيا، فأمر بتذكر الموت وبزيارة القبور وبتغسيل الموتى وتشييع الجنائز وعيادة المرضى وزيارة الصالحين، فإن كل هذه الأمور توقظ القلب من غفلته، وتبصره بما سيقدم عليه فيستعد له، وسنتكلم عن ذلك بإيجاز:

أ) أما ذكر الموت دائما فإنه يزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة، فيحمل على الاجتهاد في العمل الصالح وعدم الركون إلى الشهوات المحرمة في الدنيا الفانية. (حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا ذكر هاذم اللذات يعني الموت.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه و لا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه.

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجة) قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت عليك السلام، فقال لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت، قلت يا رسول الله أي المؤمنين أفضل قال أحسنهم خلقا قال فأي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس.

ثم يفكر الإنسان في الموتى، ألم يكونوا أقوياء الأبدان يملكون الأموال ويأمرون وينهون، واليوم قد تسلط الدود على أجسادهم فنخرها، وعلى عظامهم فبددها؟ ثم يفكر هل له أن يسلم من الموت أم أنه سيصل إلى ما وصل إليه أولئك فيستعد لتلك الدار، ويتأهب بالأعمال الصالحة، فإنها العملة النافقة في الآخرة

ب) أما زيارة المقابر فإنها عظة بليغة للقلوب، فإذا رأى الإنسان المساكن المظلمة المحفورة، ورأى هذه النهاية التي يحثو فيها أحياء الميت عليه التراب بعد إدخاله في لحد ضيق، وإغلاقه عليه بلبنات من طين، ثم يرجعون عنه ويقتسمون أمواله، ويتملكون مخصصاته، وتزوجت نساؤه، وينسى بعد أن كان صاحب الكلمة في البيت، يأمر فيطاع، وينهى فلا يعصى، فإذا زار المؤمن المقبرة وتفكر في ذلك أدرك فائدة أمر النبي بزيارة القبور.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قال * زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت.

ص: 151