الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما النتوء الجبلي السياسي فهو امتداد السيطرة الإقليمية لدولة ما عبر حدود جبلية، وكان النتوء النمساوي الجبلي في التيرول الجنوبية قبل الحرب العالمية الأولى من أشهر هذه النتوءات السياسية وكان يمتد جنوب ممر برنر الذي يعبر جبال الألب ويسكنه سكان ناطقون بالألمانية وبعد الحرب العالمية الأولى ضمت إيطاليا التيرول الجنوبي وإن كانت مشكلة السكان الناطقين بالألمانية لم تحل حلا مرضيا بعد.
وهناك ظاهرتان أخريان ترتبطان بالتطرف في شكل الدولة هما القطاع السياسي ورأس الكوبري، والقطاع هو امتداد ضيق لدولة ما ويمتد فاصلا بين دولتين أخريين إحداهما عن الأخرى مثل البروز السياسي الأفغاني المشهور بين الاتحاد السوفيتي والباكستان أما رأس الجسر "الكوبري" فهو امتداد للسيطرة الإقليمية لدولة ما عبر نهر ما ومن أمثلة ذلك رأس الجسر الهولندي عبر نهر الميز عند ماسترخت حيث تدخل السفن البلجيكية التي تستخدم الميز أراضي هولندية وتخرج منها عند هذه النقطة من النهر.
وهناك دول عديدة في العالم مثل شيلي والنرويج تتميز بالطول المفرط والعرض الضيق وكانت بنما يوما ما امتدادا شماليا ضيقا لكولومبيا وانفصلت عنها في أوائل القرن العشرين ليس بسبب تطرف موقعها ولكن لأنها شقت قناة ملاحية ربطت المحيط الأطلسي والهادي، وقد رفضت كولومبيا في بداية الأمر أن تقوم الولايات المتحدة بإنشاء هذه القناة، وليس للشكل دور مباشر كبير في الوظيفة السياسية للدولة ولكن قد يكون له أهمية غير مباشرة من خلال تأثيره على اتصال الدولة بأجزائها كما حدث في حالة انفصال باكستان الشرقية عن الغربية، وخاصة إذا كانت هذه الأجزاء المتطرفة متباينة في ظروفها الجغرافية بدرجة تخلق نوعا من النزعة الانفصالية.
4-
المناخ:
يؤثر في التطور السياسي وإن كان من الصعب تحديد دوره بمفرده حيث إن المؤثرات المناخية لا يمكن فصلها عن العوامل الطبيعية والحضارية الأخرى فقد نشأت الحضارة وانتشرت خلال القرون الماضية في الأقاليم ذات المناخ الدافئ والبارد نوعا أما في العصر الحديث فإن القوى العالمية العظمى
تقع في العروض الوسطى حيث تتميز باختلافات فصلية في درجة الحرارة، كما تتباين بها الأقاليم المناخية تباينا كبيرا.
ولقد تناولت آراء كثيرة المناخ الأمثل في العروض الوسطى ولا شك أن البرودة الموسمية والغابات في العروض العليا كانت عوائق في سبيل الانتشار المبكر للحضارات في الشمال -من مواقعها المدارية- واستطاع الإنسان في العصر الحديث بوسائل التقدم الفني أن يتغلب على عوائق البيئة الطبيعية، ومن المؤكد أن جذور الحضارة الغربية التي نعرفها اليوم تمتد إلى العالم اليوناني - الروماني ولكنها تطورت بعد ذلك في النطاق الشمالي الغربي لأوروبا الذي أزيلت غاباته ثم امتدت لتشمل الأراضي الجديدة في العالم الجديد ومن المعروف أن تطور حضارة معينة يرتبط بالقوة السياسية والعسكرية والاقتصادية للوحدة السياسية وتوفر العوامل الجغرافية التي تساعد على ذلك.
وعندما انتشرت الحضارة خارج مركزها في شمال غرب وشمال وسط أوروبا فإنها تأسست في تلك الأجزاء من العالم ذات المناخات الرطبة في العروض الوسطى -مشابهة للمناخ الذي وفدت منه في أوروبا، ولم تستطع المناخات المدارية الرطبة أو الواحات الصحراوية وأراضي الحشائش القصيرة "الإستبس" ولا الأصقاع الشمالية أن تجذب استقرار الشعوب الأوروبية إلى هذه الأراضي، حيث وفدوا إلى هذه المناطق للاستغلال وليس الاستيطان.
وحتى في استعمار الأقاليم الرطبة في العروض الوسطى فإن الأهداف الرئيسية للأوروبيين كانت أساسا استغلالية ولكن استغرق ذلك فترة قصيرة وفي تلك المناطق مثل كندا واستراليا والولايات المتحدة ونيوزيلند فتح الاستغلال الطريق نحو الاستيطان الدائم.
ويعد الموقع الحالي للمجتمعات الصناعية الغربية في العالم نتاجا للتفضيل البشري أكثر منه نتاجا لحدود كامنة في مناخات معينة. حيث فضل الأوروبيون أن ينقلوا حضارتهم إلى مناطق ذات مناخ العروض الوسطى وهذه الحضارة باستخدامها العظيم لمصادر الطاقة لديها وخلفياتها في المكتشفات التكنولوجية قد أسهمت في وجود أساس لدى القوى العالمية المعاصرة وفي