المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تقديم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده - كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله

[محمد علي محمد إمام]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدمة

- ‌البشارة بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلموأمته فى الكتب المتقدمة

- ‌الإعدادلبعثة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم

- ‌إمام الدعاة صلى الله عليه وسلميتحدث عن نفسه

- ‌الحبيب صلى الله عليه وسلميصفه أصحابه

- ‌الجاهلية الأولىوالحاجة إلى بعثة نبى

- ‌موازنةبين الجاهلية الأولى وجاهلية اليوم

- ‌إفتقار العباد إلى الهداية

- ‌ميادين الهداية

- ‌منعلامات الهداية

- ‌وجوب الدعوة إلى الله عز وجلعلى الأمة المحمدية فى ضوءالكتاب والسنة

- ‌عظم المسئولية

- ‌الإحساس بمسئولية الدعوة

- ‌بعثة المسلم

- ‌عالمية الرسالة والدعوة

- ‌شرفالأمة المسلمة وعزها

- ‌رحماء بينهم

- ‌الدين النصيحة

- ‌وتعاونوا

- ‌ أنصر أخاك

- ‌حقائق فى الدعوة إلى الله

- ‌منمرتبة الحسن إلي الأحسن

- ‌الموعظة فى آيات

- ‌أحوال الناس أمام الدعاة

- ‌من أنوار القرآن

- ‌القدوة

- ‌الحكمة والموعظة الحسنة

- ‌من الصفاتالتى يجب أن يتحلى بها الداعىإلى الله

- ‌بركات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌عاقبةترك الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌الله جل جلالهيحذر هذه الأمة من ترك الدعوة إلى الله

- ‌لماذا يتكررقصص الأنبياء فى القرآن

- ‌هل تجب الدعوة إلى الله عز وجلعلى المقصر

- ‌مع آية الخيرية

- ‌شروط إنكار المنكر

- ‌الباعث علىالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

- ‌نصاب جهد الدين

- ‌هل تقدم الدعوة على القتال

- ‌هل هناك فرقبين لفظ الجهاد ولفظ الدعوة

- ‌ما هى مراتب الجهاد

- ‌الرباط

- ‌أقوالالسلف فى آية المجاهدة

- ‌مزاجالنبوة فى الدعوة إلى الله

- ‌مقصد الأمة

- ‌النبوة والخلافة والنيابة

- ‌العقيدة أولاً أم الحاكمية

- ‌هل ننصر بدون الدعوة

- ‌الدعوة طريق العودة

- ‌الداعى إلى الله مؤيد من الله

- ‌إيمان الجند سبيل النصر

- ‌الأفراح

- ‌الابتلاءطريق الدعاة إلى الله

- ‌صيحة إلى كل داعى

- ‌ما هو الترقى

- ‌قطوفمن بستان الدعوة إلى الله

- ‌الدين

- ‌وصية الصديق رضي الله عنه

- ‌وصية جندب رضي الله عنه

- ‌أذهله أمر آخرته

- ‌عبرة

- ‌صلاح الأحوال

- ‌المنافع مع الدين الكامل

- ‌الحقائق الغيبية

- ‌التكاليف والأوامر

- ‌مصحة إيمانية

- ‌هل أنت مؤمن

- ‌من أجود جوداً

- ‌سنة الحركة والترك

- ‌من جميل ما يروى فى الحلم

- ‌حديث قدسى

- ‌رسالة عبد الله بن المباركإلى فضيل ابن عياض

- ‌جهد الأعلى وجهد الأدنى

- ‌الأسباب للاختبار والامتحان

- ‌هل نترك الأسباب

- ‌الجهد سبباً للورع والتقوى

- ‌عاطفة نشر الدين

- ‌الصفات

- ‌صفة الإتباعمحمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة الصلاةذات الخشوع والخضوع

- ‌العلم الحقيقي

- ‌الفقه

- ‌مقصود العلم إحياء الإسلام

- ‌الدعاة هم أولياء الله عز وجل

- ‌الذكر

- ‌الإيثار والإكرام

- ‌تصحيح النيةوإخلاصها لله عز وجل

- ‌الدعوة إلى الله عز وجلوالتضحية لدين الله عز وجل

- ‌ملخص الصفات الطيبة

- ‌المحبة

- ‌أيها الدعاة إلى اللهأخلصوا

- ‌من أفواه الدعاة

- ‌الدعوة مصنع الرجال

- ‌رجال أدهشوا التاريخ

- ‌الدعوة إلى اللهمن البداية إلى النهاية

- ‌حال العالم قبل ظهور الأمة المحمدية:

- ‌ظهور الأمة المحمدية:

- ‌وهل بعثت الأمة للتجارة

- ‌وهل بعثت الأمة للصناعة

- ‌وهل بعثت الأمة لتنضم إلى الحكومات

- ‌وهل بعثت الأمة للتوسع في الشهوات والملذات

- ‌ وهل تريد ملكا

- ‌لقد بعثت الأمة لغرض سام جداً

- ‌في أي مكان ظهرت هذه الأمة

- ‌مجابهه قريش لها:

- ‌ غزوة بدر وبيان مهمة الأمة:

- ‌شرط بقاء الأمة:

- ‌ربعي بن عامر رضي الله عنه يبين لرستم قائد الفرس مقصد بعثة الأمة:

- ‌عتاب الله لمن تلكأ عن المهمة:

- ‌حال الأمة اليوم:

- ‌حجة ظاهرة علي المسلمين:

- ‌لماذا كتب الله لنا الخلود والظهور

- ‌ تخلف الأمة عن الأمم المعاصرة:

- ‌ما الذي يقهر المادة

- ‌العالم بأسرة ينتظر رسل المسلمين:

- ‌انحراف المسلمين عن المثل الكامل:

- ‌ماذا كان يفعل الصحابة إذا أسفر النهار

- ‌ماذا إذا أذن المؤذن

- ‌مجالس الذكر والعلم:

- ‌حال القراء

- ‌المعرفة بالحلال والحرام:

- ‌التبليغ:

- ‌الحب .. التضحية .. الإيثار:

- ‌وضع كل شيء في محله:

- ‌ماذا لو نادي منادي الجهاد:

- ‌يسيحون في الأرض:

- ‌كيف السبيل إلى عودة هذه الحياة:

- ‌الكلمة وتغيير منهاج الحياة:

- ‌وما الذي يساعد علي التغيير

- ‌الصلاة:

- ‌العلم:

- ‌الذكر:

- ‌الدعوة والتبليغ:

- ‌الخروج في سبيل الله:

- ‌الشيخ إلياس وفكرة في الإصلاح:

- ‌تأسيس المدارس والكتاتيب:

- ‌الفرق بين المعلمين والمرسلين:

- ‌فراسة إيمانية:

- ‌النتيجة والثمرة:

- ‌وقبل الختام

- ‌الختام

- ‌المراجع

الفصل: ‌ ‌تقديم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده

‌تقديم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده ..

بالدعوة إليه سبحانه وتعالى نتعرف عليه، ونحبه أكثر من أنفسنا وأولادنا حينما نبذل نعمه التى أعطانا إياها فى النفير فى سبيله ندعو الناس إلى حبه والعمل بما أنزل وبذلك نكون أتباعاً بحق للأنبياء نحيي ملة أبيهم إبراهيم عليه السلام ونقيم دين خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم الذى حملنا المسئولية من بعده ولا نبى بعده ولكن أهل الإسلام يريدون العمل بالحلال والبعد عن الحرام وتجنب البدع والشركيات دون تحمل أعباء وتكاليف هذه الدعوة التى تحقق لك التوحيد الكامل وليس بدايات التوحيد بل كماله فنمشى على ضوء القرآن:

1) زيارات مثنى .. مثنى .. مثل موسى وهارون عليهما السلام إلى الطالح والصالح.

2) بعوث دعوية جماعية على غرار سورة يس {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ

ص: 3

فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُون} (1) جاءوا دون طلب من أهل القرية وهذا هو الجهد الأعلى التى تبذل فيه ماء الوجوه وتتنازلون فيه عن أعراضكم إذا قابلكم الناس كما قابلوا الأوائل بقولهم

{قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ} (2) فصبروا وتحملوا وواصلوا الدعوة رغم التهديد هذا هو التوحيد (العملى) تثق بأسماء الله وصفاته (عملياً) الكلام عنها والكتابة والإجابة أسهل ألف مرة من الاستفادة منها على أرض الواقع وبذلك نصبح من أهل القرآن وأهل العلم وأهل السنة وتكون حياتنا وقراراتنا على طريق الأنبياء عليهم السلام، أمر الله أعظم من كل أمر.

فواحزناه على شباب صالح يحمل دراسات كثيرة ولكن لا يشارك فى إحياء هذه البعوث التى نطالب مساجد المسلمين بإقامتها كما كانت فى العهد النبوى علماً وعملاً، وهذا هو ما يرجى من الأمة المسلمة الآن وهذا ما يستطيعه الجميع حتى يزداد الإيمان فإن كنت تعلم أن الإيمان يزيد وينقص ولا تعمل على زيادته حتى يرضى عنك الله سبحانه وتعالى فمتى تستفيد من هذه

(1) سورة يّس - الآيتان 13، 14

(2)

سورة يّس - الآية 15

ص: 4

المعلومة البديهية؟ التى هى بمثابة المدرس الذى يعلم التلاميذ أن 2 × 2 = 4 ويحفظون جدول الضرب ولا يمارسون بقية الرياضيات.

الله عز وجل يريد منا توحيداً باللسان يؤثر فى القلب وتتحرك به الجوارح {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّه} (1) ولئن عجز المسلمون الآن عن مقدمة سورة الصف فلا يعجزون عن آخرها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ} (2) وانطلق المسيح وحواريوه يدعون بنى إسرائيل - الذين كانوا مسلمين وانحرفوا عن طريق الأنبياء - كما هو المطلوب الآن وهذه قاعدة عند أهل السنة: إن عجزت عن أمرٍ فجاوزه إلى ما تستطيع (3).

وإن من تلبيس إبليس أن يزعم بعضنا أن الدعوة للكفار وليس للمسلمين، بل للنوعين معاً. وبسبب هذا الكلام المخالف للحق تكاسل المسلمون عن دعوة بعضهم فكثر بينهم الشر وضعف إيمان المتحدثين عن الإسلام لأنهم اكتفوا بالفكرة (الطباعة والإذاعة) وتركوا السنة (الحوار المباشر وعرض النفس وبذل المال والوقت وماء الوجه وكل النعم فى إرضاء المنعم الذى لا يرضى إلا باتباع السابقين الأولين).

(1) سورة الزمر - من الآية23

(2)

سورة الصف - من الآية14.

(3)

القاعدة (51) من القواعد الحسان لفهم القرآن - للعلامة ابن ناصر السعدى.

ص: 5

{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (1) ليس لنا فى مجال الدعوة والصبر عليها سلف سواهم أما سلفنا فى علوم العقيدة والأحكام والفتوى طابور طويل من الأئمة الثقات الذين قاوموا البدع الشركية والفرق الضالة أما فى مجالات الجهد والزهد فلا نقتدى إلا بالصحابة فقط لأن رضاء الله عز وجل يرتبط باتباعهم بإحسان أى على أحسن ما كانوا يعملون وهذا من القول الفصل قرآناً وسنة.

وسيكون العلم النافع متدفقاً حينما نعود إلى المدرستين:

1) دار الأرقم فى مكة

2) ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدينة

فما بالنا انشغلنا عن القرون الفاضلة الثلاثة الأولى بالقرن الخامس والسابع .... والثانى عشر والرابع عشر؟ نحترم كل العلماء الثقات ونأخذ عنهم ونحبهم ولكن نضعهم فى رتبة أقل من الصحابة عند الدعوة والبذل لله فيصبح قدوتنا التى لا تتغير منحصرة فى: إبراهيم وآل إبراهيم، محمد وآل محمد .. وآل إبراهيم هم جميع الأنبياء وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد هم

(1) سورة التوبة - الآية 100.

ص: 6

الصحابة ومن سار على نهجهم نأخذ العلم الموثق عن فلان ولا ننظر إلى حياته بل ننظر إلى الصحابة الذين رضى الله عنهم.

ولا ندعو الناس إلى إمام واحد غير النبى وخلفائه ولا ندعو الناس إلى جمعية خيرية بعينها بل نحب كل جمعية خيرية تخدم المسلمين وليس فى عقيدتها دخن ونتعاون معهم على قدر النور الذى يحملونه، ونصحح لبعض الأخطاء .. نتكامل ولا نتفاضل .. نتساند ولا نتعاند .. ولا نعقد الولاء والبراء إلا للشريعة الغراء والسنة المشرفة ونعتبر المسلمين الذين يهتمون بأمر الإسلام ويجعلونه مقصد حياتهم عملةً نادرة لابد من المحافظة عليها مع التصحيح المستمر بنية النصيحة لا الفضيحة .. تصحيحاً لا تجريحاً .. لأنهم أبناء الإسلام - الذى لا شرك ولا بدعة فيها - وهم أفضل بكثير من المسلمين المستهترين بالدين والمستهزئين بأهله والذى لم يشارك فى دعوة الجماهير لا يعرف ذلك والذى يكتفى بالحديث إلى الصالحين ولا يدعو الظالمين لا يدرك ذلك.

فكل من رضى بالله رباً لم يطلب من غيره العون والمدد ورضى بمحمدٍ رسولاً فلم يجعل قدوته شيخاً أو إماماً، ورضى بالإسلام ديناً يشعر بالغيرة عليه فهو من جماعة المسلمين وإن شرب الخمر، ندعوه إلى التوبة ثم ندعو جميع من تخلص من الكبائر والمعاصى أن يتوبوا من الانشغال بالحلال

ص: 7

فإنه ذنب يحتاج إلى توبة {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا} (1).

الانشغال بالمال (الوظيفة والورشة والمزرعة) والأهل (زوجه - أولاده) عن الدعوة ذنب يحتاج إلى مغفرة وبذلك يكتمل تعريف التوبة وتعريف الفقه وتعريف التوحيد الخالص.

ولابد من إحياء كل عمل جماعى - فى مقدورنا - كان فى العهد النبوى وإلا سنحاسب عن ذلك وبذلك يتحول الدعاء إلى عمل {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} (2) فلنستجب لله حتى يستجيب لنا.

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (3) يرشدون باستجابتهم لله واتباعهم للخلفاء الراشدين الذين هداهم الله لأرشد أمورهم لأنهم كانوا يتشاورون كيف ينصرون هذا الدين وينشروه بين الناس يبتغون بذلك وجه الكبير المتعال الحى القيوم.

(1) سورة الفتح - من الآية11.

(2)

سورة البقرة - من الآية186.

(3)

سورة البقرة - الآية 186.

ص: 8

اللهم ردنا وجميع المسلمين المريدين للحق إلى الإسلام المحمدى الأصيل الذى كان فى المدرستين: (دار الأرقم بمكة. . مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة).

وهذا الإسلام يسر لا عسر ومادته العلمية فى متناول كل مسلم حتى لو كان أمياً ولكنه يحمل قلباً شغوفاً بالتلقى عن الوحى ويتحمل مسئولية هذا الإرث ويبلغ ما سمع ووعى حتى لو كان قليل البضاعة فإنها بذلك ستزيد {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (1) العلم الذى ينبغى تبليغه للناس أى القرآن والسنة وليس الآراء والخلافات التى ليس فيها نص قاطع.

" رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " لو كان الأفقه منه منكسراً لله مفتقراً إليه " ورب حامل فقه ليس بفقيه " لو عادت الأمة إلى صفات الصحابة تشجع كل ناصح ولا تعنفه بقولة فرعون {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ} (2) وشتان بين المذيعين وبين صانعى الحدث، فالصحابة بذلوا ونحن نتحدث عنهم فهلا نجيد العمل الصالح مثلهم وأعظم الأعمال الصالحة استمالة قلوب العباد إلى رب العباد وهذا يأخذ جهداً أكثر من مجرد النهى عن المنكر والأمر بالمعروف والكل مطلوب، ولكن على منهج السابقين الأولين.

(1) سورة طه - من الآية114.

(2)

سورة الزخرف - الآية 52.

ص: 9

انظر إلى المحدث العظيم الصحابى الجليل جابر بن عبد الله فى الصحيحين يخرج مع النبى وقد تزوج حديثاً والنبى لا يعلم بذلك وترك له أبوه سبعة من البنات وليس معهم رجل وترك له ديوناً أليس مثل هذا الرجل يجز له أن يعتذر عن ذلك العمل الثقيل على النفس، فهؤلاء سلفنا فى البذل والعطاء: الله أكبر من كل شئ، وصلوا إلى كمال التوحيد: اليقين بوعد الله فلما أنفقوا من راحتهم وأخروا ديناهم من أجل دينهم مكن الله لهم وهذه هى الكرامة {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (1)، {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} (2) رغم أن هذا الرجل استهزئ به وضرب حتى الموت فى بلده ووسط أهله.

ولقد تشبه أبو بكر بمؤمن آل فرعون وتشبه عروة بن مسعود بمؤمن سورة يس.

هكذا كان الصحابة أهلاً للقرآن يعملون به، كانوا قرآناً يمشى على الأرض، وأثبتوا لنا أن قصص القرآن لابد أن يتكرر فى كل زمان ومكان وبالدعوة ستكرر الكرامة وستكون العزة خلف سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كان يعرض نفسه على القبائل ولم يكتف بدعوة عشيرته الأقربين كما يريد المرجئة الجدد بل كان يخرج فى نفر من أصحابه إلى سوق عكاظ الذى

(1) سورة الحجرات - من الآية 13.

(2)

سورة يّس - الآيتان 26، 27.

ص: 10

كان ينعقد مرة كل عام ثم يتلوه سوقان آخران وذلك فى شهور الحج شوال - ذو القعدة - ذو الحجة، وقد روى البخارى عن ابن عباس أنه لما كان فى عكاظ يصلى الفجر بأصحابه آمن أول طائفة من الجن ودعوا إخوانهم إلى الإسلام دون أن يأخذوا إجازة من النبى صلى الله عليه وسلم لأن الإجازة فى الفتوى ليست فى الدعوة {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} (1) إذا كان الإنس لا يستجيب، فقد يهتدى الجن بإخلاصك، وأنت لا تدرى.

السؤال: لماذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يذهب إلى سوق عكاظ ومعه أصحابه؟

لعلهم يجدون من يقف معهم ويحمل الأمانة وكان المستجيب يتعلم قيام الليل والقيام بالدعوة نهارا {قُمِ اللَّيْلَ} (2){قُمْ فَأَنْذِرْ} (3) مما حدا بكل مسلم جديد أن يصبح داعية فى قومه ثم انتظم الجميع بعد الهجرة فى جيوش تدعو وتقاتل وفى بعوث تدعو ولا تقاتل، هذه سنة وهذه سنة فإن عجز المسلمون عن الأولى فلا يعجزون عن الثانية.

ولله الحمد وحده: نجح المسلمون فى العصر الحديث فى موادٍ كثيرة .. مثل اللحية والنقاب وصلاة العيد فى الخلاء والاعتكاف فى العشر الأواخر ..

(1) سورة الأحقاف - الآية 29.

(2)

سورة المزمل - من الآية2.

(3)

سورة المدثر - الآية 2.

ص: 11

وغيرها من الخيرات وبقيت المادة الأولى التى تعلمها الصحابة فى أول يوم .. وهى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .. عليها تربوا ونزل كل القرآن فى مكة والمدينة يؤكدها ويحكى عن الأنبياء وأقوامهم.

- س: فماذا كانت مادة الدعوة التى تقال وتعرض؟

ج: انظر كتاب الله سبحانه وتعالى ستجد ما قاله كل نبى لقومه .. نعم الله لا تحصى وأولها أنه خالقهم ورازقهم ولكن الناس لا يبصرون ولا يعرفون ربهم حقاً فيا من نزل عليه القرآن ويا من تقرأ القرآن بيَّن للناس عظمة ربك وكبره تكبيرا {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (1) ولا تسب أصنامهم واذهب إليهم بنفسك وجهاً لوجه وتحمل وستجد المعرضين مثل أبى جهل وستجد المقبلين مثل أبى بكر.

- يا علماء الأمة أحيوا هذه السنة .. وابذلوا من أوقاتكم لإحيائها وتصحيح الأخطاء فتعود المساجد إلى رسالتها الأولى دعوة للمعرضين وتعليماً للمقبلين .. خطان متوازيان وكذلك يا كل مسلم: احرص على مجالس تفسير القرآن وقصص الأنبياء وشرح البخارى ومسلم، على العلم الذى ينفع للدعوة واحرص أيضاً على نوبتك فى بعوث الدعوة فى خطين متوازيين .. الدروس مع البعوث والدعوة الانفرادية لا تغنى عن الدعوة الجماعية متعاونين كما لا تغنى صلاة النافلة عن صلاة الجماعة.

(1) سورة المدثر - الآية 3.

ص: 12

- وهذا الكتاب الذى بين أيدينا .. يلقى المزيد من الضوء على هذا العلم المهمل المظلوم - علم الدعوة - وهو علم لا ينسخ نأخذه من قصص الأنبياء جميعاً. فالكتاب والشريط من وسائل الدعوة الجميلة ولكن تبقى الطريقة النبوية هى الطريقة المثلى للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وتحمل أذى الناس رغم أننا ضيوف عليهم ذهبنا إليهم بأنفسنا ونتحين الفرصة المناسبة {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} (1) ولا نسألهم أجراً .. فإن شتمونا أو احتقرونا بجهلهم نعذرهم كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم ونرجوا لهم الهداية وهذه سنة نبوية قلبية لا ينالها إلا المخلصون.

- وهذا العلم العظيم العريق .. علم الدعوة .. يفهم عملياً بالبعوث ونظرياً بالبحوث والدروس .. فشكر الله لأخينا محمد على إمام الذى صنف هذا الكتاب ورزقه حسن النية حتى ينفع الله المسلمين به بفضل الله وكرمه على المفتقرين إليه

آمين .. آمين

الشيخ / على سعد أبو الخير

* * * *

(1) سورة الأعلى - الآية 9.

ص: 13