المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من أفواه الدعاة - كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله

[محمد علي محمد إمام]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدمة

- ‌البشارة بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلموأمته فى الكتب المتقدمة

- ‌الإعدادلبعثة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم

- ‌إمام الدعاة صلى الله عليه وسلميتحدث عن نفسه

- ‌الحبيب صلى الله عليه وسلميصفه أصحابه

- ‌الجاهلية الأولىوالحاجة إلى بعثة نبى

- ‌موازنةبين الجاهلية الأولى وجاهلية اليوم

- ‌إفتقار العباد إلى الهداية

- ‌ميادين الهداية

- ‌منعلامات الهداية

- ‌وجوب الدعوة إلى الله عز وجلعلى الأمة المحمدية فى ضوءالكتاب والسنة

- ‌عظم المسئولية

- ‌الإحساس بمسئولية الدعوة

- ‌بعثة المسلم

- ‌عالمية الرسالة والدعوة

- ‌شرفالأمة المسلمة وعزها

- ‌رحماء بينهم

- ‌الدين النصيحة

- ‌وتعاونوا

- ‌ أنصر أخاك

- ‌حقائق فى الدعوة إلى الله

- ‌منمرتبة الحسن إلي الأحسن

- ‌الموعظة فى آيات

- ‌أحوال الناس أمام الدعاة

- ‌من أنوار القرآن

- ‌القدوة

- ‌الحكمة والموعظة الحسنة

- ‌من الصفاتالتى يجب أن يتحلى بها الداعىإلى الله

- ‌بركات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌عاقبةترك الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌الله جل جلالهيحذر هذه الأمة من ترك الدعوة إلى الله

- ‌لماذا يتكررقصص الأنبياء فى القرآن

- ‌هل تجب الدعوة إلى الله عز وجلعلى المقصر

- ‌مع آية الخيرية

- ‌شروط إنكار المنكر

- ‌الباعث علىالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

- ‌نصاب جهد الدين

- ‌هل تقدم الدعوة على القتال

- ‌هل هناك فرقبين لفظ الجهاد ولفظ الدعوة

- ‌ما هى مراتب الجهاد

- ‌الرباط

- ‌أقوالالسلف فى آية المجاهدة

- ‌مزاجالنبوة فى الدعوة إلى الله

- ‌مقصد الأمة

- ‌النبوة والخلافة والنيابة

- ‌العقيدة أولاً أم الحاكمية

- ‌هل ننصر بدون الدعوة

- ‌الدعوة طريق العودة

- ‌الداعى إلى الله مؤيد من الله

- ‌إيمان الجند سبيل النصر

- ‌الأفراح

- ‌الابتلاءطريق الدعاة إلى الله

- ‌صيحة إلى كل داعى

- ‌ما هو الترقى

- ‌قطوفمن بستان الدعوة إلى الله

- ‌الدين

- ‌وصية الصديق رضي الله عنه

- ‌وصية جندب رضي الله عنه

- ‌أذهله أمر آخرته

- ‌عبرة

- ‌صلاح الأحوال

- ‌المنافع مع الدين الكامل

- ‌الحقائق الغيبية

- ‌التكاليف والأوامر

- ‌مصحة إيمانية

- ‌هل أنت مؤمن

- ‌من أجود جوداً

- ‌سنة الحركة والترك

- ‌من جميل ما يروى فى الحلم

- ‌حديث قدسى

- ‌رسالة عبد الله بن المباركإلى فضيل ابن عياض

- ‌جهد الأعلى وجهد الأدنى

- ‌الأسباب للاختبار والامتحان

- ‌هل نترك الأسباب

- ‌الجهد سبباً للورع والتقوى

- ‌عاطفة نشر الدين

- ‌الصفات

- ‌صفة الإتباعمحمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة الصلاةذات الخشوع والخضوع

- ‌العلم الحقيقي

- ‌الفقه

- ‌مقصود العلم إحياء الإسلام

- ‌الدعاة هم أولياء الله عز وجل

- ‌الذكر

- ‌الإيثار والإكرام

- ‌تصحيح النيةوإخلاصها لله عز وجل

- ‌الدعوة إلى الله عز وجلوالتضحية لدين الله عز وجل

- ‌ملخص الصفات الطيبة

- ‌المحبة

- ‌أيها الدعاة إلى اللهأخلصوا

- ‌من أفواه الدعاة

- ‌الدعوة مصنع الرجال

- ‌رجال أدهشوا التاريخ

- ‌الدعوة إلى اللهمن البداية إلى النهاية

- ‌حال العالم قبل ظهور الأمة المحمدية:

- ‌ظهور الأمة المحمدية:

- ‌وهل بعثت الأمة للتجارة

- ‌وهل بعثت الأمة للصناعة

- ‌وهل بعثت الأمة لتنضم إلى الحكومات

- ‌وهل بعثت الأمة للتوسع في الشهوات والملذات

- ‌ وهل تريد ملكا

- ‌لقد بعثت الأمة لغرض سام جداً

- ‌في أي مكان ظهرت هذه الأمة

- ‌مجابهه قريش لها:

- ‌ غزوة بدر وبيان مهمة الأمة:

- ‌شرط بقاء الأمة:

- ‌ربعي بن عامر رضي الله عنه يبين لرستم قائد الفرس مقصد بعثة الأمة:

- ‌عتاب الله لمن تلكأ عن المهمة:

- ‌حال الأمة اليوم:

- ‌حجة ظاهرة علي المسلمين:

- ‌لماذا كتب الله لنا الخلود والظهور

- ‌ تخلف الأمة عن الأمم المعاصرة:

- ‌ما الذي يقهر المادة

- ‌العالم بأسرة ينتظر رسل المسلمين:

- ‌انحراف المسلمين عن المثل الكامل:

- ‌ماذا كان يفعل الصحابة إذا أسفر النهار

- ‌ماذا إذا أذن المؤذن

- ‌مجالس الذكر والعلم:

- ‌حال القراء

- ‌المعرفة بالحلال والحرام:

- ‌التبليغ:

- ‌الحب .. التضحية .. الإيثار:

- ‌وضع كل شيء في محله:

- ‌ماذا لو نادي منادي الجهاد:

- ‌يسيحون في الأرض:

- ‌كيف السبيل إلى عودة هذه الحياة:

- ‌الكلمة وتغيير منهاج الحياة:

- ‌وما الذي يساعد علي التغيير

- ‌الصلاة:

- ‌العلم:

- ‌الذكر:

- ‌الدعوة والتبليغ:

- ‌الخروج في سبيل الله:

- ‌الشيخ إلياس وفكرة في الإصلاح:

- ‌تأسيس المدارس والكتاتيب:

- ‌الفرق بين المعلمين والمرسلين:

- ‌فراسة إيمانية:

- ‌النتيجة والثمرة:

- ‌وقبل الختام

- ‌الختام

- ‌المراجع

الفصل: ‌من أفواه الدعاة

‌من أفواه الدعاة

(1)

الله يربى الدعاة بطريقين:

1) الاستقبال: طلع البدر علينا.

2) الاستدبار: أهل الطائف وشدتهم.

حتى يجعل الله عز وجل علاقة بين الداعى وبين ربه.

النصح:

النصح ثقيل فلا ترسله جبلاً، ولا تجعله جدلاً، والحقائق مرة فاستعيروا لها خفة البيان.

آداب النصح:

تعمدنى بنصحك فى انفرادى

وجنبنى النصيحة فى الجماعة

فان النصح بين الناس نوع

من التوبيخ لا أرضى استماعه

وان خالفتنى وعصيت قولى

فلا تجزع إذا لم تعط طاعة

البيئة:

(1) الذى يتأمل هذا الباب يجد فيه بعض أصول عمل التبليغ والدعوة، وقد أدرجت بين سطوره بعض الكلام للسلف الصالح.

ص: 431

لو أن الطريق من القاهرة إلى أسوان موجود به كوبرى وفيه عطل، فحتى يمر الناس يتركون الطريق ويأخذون طريق جانبى كله مطبات فلما جاء الرئيس على هذا الطريق مشى من الطريق المكسر، مع عدم وجود الطريق الصحيح تجعل الجميع يمشى الكبير والصغير، الحاكم والمحكوم من الطريق الغير صحيح .. فعندما تكون البيئة صالحة .. يصلح الحاكم والمحكوم .. الصغير والكبير .. وإذا فسدت البيئة .. فسد الحاكم والمحكوم .. والصغير والكبير ..

أول طريق فى إصلاح البيئة:

1) وأنذر عشيرتك الأقربين (حلق التعليم فى البيت) قال تعالى {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ .. إلى قوله تعالى .. يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (1) وقال تعالى {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً

(1) سورة الحج - الآية 78.

ص: 432

وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (1) وقال تعالى {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} (2).

2) إصلاح بيئة المسجد (حلق التعليم فى المسجد).

3) الجولة المقامية: لإصلاح الحارة.

4) الجولة الانتقالية: لإيجاد البيئة فى المسجد الآخر وإقامة جماعة المسجد قال الله سبحانه وتعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالابْصَارُ} (3).5) الذين لا يأتون المسجد: نفرغ لهم وقت حتى نزورهم.

أثر البيئة: قالوا: أن عمر بن الخطاب قبل إسلامه كان يريد قتل النبى صلى الله عليه وسلم .. مع إنها أكبر جريمة قتل نبى .. ولكن لما جاءت البيئة أصبح عمر رضي الله عنه، أمير المؤمنين.

من وصايا الشيخ إنعام: استمروا فى عملكم بالأصول وعاملوا الناس بحسن الخلق مهما كانت الشدة علينا لا تتغير أخلاقنا

فالله يرد عن

(1) سورة البقرة – الآية 133.

(2)

سورة الأحزاب – الآية 34.

(3)

سورة النور الآيات من 36: 37.

ص: 433

الداعى {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} (1).

دعاء الصالحين: الله عز وجل نهى خلقه عن نهر السائل فقال تعالى {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} (2) فكيف وهو أكرم الأكرمين.

مر أعرابى بجنازة توضع فى قبرها فناداه أهلها أن يدعوا لها فقال: اللهم إنك تعلم أنه لو نزل بى ضيف فأقوم فانحر له ناقتى وليس عندى غيرها وإنه نزل بك وأنت خير منزول به وأنت أكرم الأكرمين.

الله سبحانه وتعالى جعل الفوز الحقيقى .. فوز الآخرة، ولكن الإنسان يريد أن يفوز بطريقة (المادة – المنصب – المال .. ) ولكن الله عز وجل يريد لنا أن نفوز بطريق الإيمان والأعمال، فالمال والمنصب والجاه ليس محل الفوز والفلاح، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان يتيماً، والله قد أتم نجاح أتباعه وهم لا يملكون شيئاً.

الآن .. نرى بعض الناس يمشى فى الدين ويجعله لصلاح الآخرة وما يجعله لصلاح الدنيا مع أن الدنيا ظل الآخرة، فعلامة صلاح الدنيا ..

(1) سورة الحاقة – الآيتان 41، 42.

(2)

سورة الضحى - الآية 10.

ص: 434

صلاح الآخرة .. وعلامة فساد الدنيا .. فساد الآخرة .. ، ففساد البيئة هذه علامة طريق الناس إلى جنهم.

الله سبحانه وتعالى قادر أن يحقق السعادة لشخص ولو كان تحت السكين مثل سيدنا إسماعيل عليه السلام والله يعطيه طمأنينة كاملة للقلب مع أنه فى الظاهر فى الضيق والمذلة .. {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (1).

فعزة الإنسان فى مراد الله عز وجل .. وذل الإنسان ومهانته فى غير هذا الطريق .. ومع ذلك يقول الله عز وجل {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (2) أى حظك من الطاعة.

الله عز وجل ما خلق أعضاءنا وأجسامنا لنستفيد منها على رغباتنا .. ولكن لتكون طوعاً وعوناً لأمر الله سبحانه وتعالى.

الله سبحانه وتعالى حرم السرقة .. والسرقة باليد. فاليد مصونة .. مكرمة .. مادامت تحافظ على أمر الله عز وجل .. ومن اعتدى عليها بالقطع .. دفع الدية (التعويض) .. ولكن لو هذه اليد مُدت وسرقت دينار واحد فقط .. تقطع وترفع عنها الحصانة .. قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " لعن الله السارق يسرق

(1) سورة الصافات - الآية 102.

(2)

سورة القصص - الآية 77.

ص: 435

البيضة (1) فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده " متفق عليه (2) .. وإن لم تقطع تجر هذا الجسد إلى نار جهنم لما كانت أمينة كانت ثمينة .. فلما خانت هانت.

والله عز وجل جعل لهذا الجسم الكرامة .. مادام يحفظ أمر الله عز وجل والله أمر الخليفة بالمحافظة على هذا الجسم .. فإذا ترك أمر الله وزنى .. فهذا الجسم يرجم .. كما يرجم الكلب .. ويكون الرجم بعد عودته لأمر الله .. فبالرجم ترجع له كرامته .. بامتثال أوامر الله سبحانه وتعالى.

وعندما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمرأة الزانية وهى ترجم أخزاك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تابت توبة لو وزعت على سبعين بيتاً من أهل المدينة لوسعتهم .. أرأيت كيف جادت بنفسها لله سبحانه وتعالى.

معنى الهداية: .. أن الإنسان يرى الحقائق على حقيقتها .. يرى أن الأرض بنفسها لا تنبت الزرع ولكن الذى أنبت الزرع هو الله.

عمل الدعوة والخروج فى سبيل الله عز وجل ليس للبركة وليس لرفع البلاء، فالخروج فى كل الأحوال .. ولو نزل البلاء.

(1) قال العلامة القارى: قيل المراد بيضة الحديد التى توضع على الرأس (الخوذة)، وحبل السفينة.

(2)

مشكاة المصابيح – باب قطع السرقة – 2/ 1066.

ص: 436

نكون مستعدين لمقتضيات الدين على كل الأحوال وإن كان الحال غير موافق للأعمال .. فحال المدينة المنورة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم وارتداد العرب وأراد ملك الروم أن يغزوا العرب ومع كل هذه الأحوال ..

أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما نظر إلى هذه الأحوال ولكن نظر إلى أمر الله عز وجل وأمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأنفذ جيش أسامة فكانت النصرة من الله مائة فى المائة.

قال عبد الله بن مسعود .. أتدرون من ميت القلب .. ؟ قالوا .. ومن هو .. ؟ قال: الذى لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.

بعد القيام بالأوامر تكون الفيصلة من الله إما بهداية أهل الباطل

أو دمارهم، مثل سحرة فرعون كانوا ستين ألف هداهم الله سبحانه وتعالى.

الجهد لتهيئة القلوب والنفوس لتقبل الأوامر فى جميع الأحوال .. الآن قد نكون على الأوامر ولكن فى أحوال معينة .. حال الفرح .. أما الحزن لا .. حال الرخاء .. أما الشدة لا .. حال الصحة .. أما المرض لا.

الصحابة مع رقيهم فى الجهد زاد خوفهم، سيدنا على رضي الله عنه وكرم الله وجهه فى آخر حياته يتململ تململ السليم (الملدوغ) غير مطمئن .. وهكذا نجد خوف الذي على الحصير بسيط، وخوف الذي فى الدور الثلاثين شديد .. وخوف الذي فى الطائرة أشد .. فالصحابة رضي الله عنه عنهم كانوا كلما زاد جهدهم زاد خوفهم.

ص: 437

انظر معى .. كيف كانت معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم للعصاة والملحدين .. فالذى قال زنيت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيدنا ماعز) النبى صلى الله عليه وسلم أقام عليه الحد، ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم " والذى نفسى بيده إنه الآن لفى أنهار الجنة يسبح فيها " رواه أبو داود (1).

هذه رحمة النبى صلى الله عليه وسلم على العاصى .. !

ثم انظر إلى المرأة التى سرقت وشفاعة أسامة بن زيد فيها .. ورد المصطفى صلى الله عليه وسلم .. !.

أهل الإيمان الذين كانوا مع نوح عليه السلام بعد الغرق كلهم كانوا مؤمنين ولكن بدون الدعوة {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (2).

قديماً قالوا: أسمى ما فى الإنسان الفكر .. وأدنى ما فيه البطن .. وأحسن ما فيه القلب .. وأخطر ما فيه الفرج واللسان.

المسلم مثله مثل سائق القطار .. موته يعنى موت الأمة.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبّل الحجر من أجل أن النبى صلى الله عليه وسلم قبّله .. لذا نحترم المسلم العاصى من أجل النبى صلى الله عليه وسلم الذى بكى من أجله .. ونحزن عليه.

(1) مشكاة المصابيح – باب مالا يدعى على المحدود – 2/ 1077.

(2)

سورة الروم – الآية 41.

ص: 438

الدين الموافق للنفس ليس دين.

الأشياء قتلت فينا قوة الدعاء .. ولكن لما كان العكس عند الصحابة الكرام .. كان .. {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (1).

قال المصطفى صلى الله عليه وسلم " ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما ولاه وعالماً ومتعلماً "رواه الترمذى وابن ماجه وحسنه الترمذى (2) فإذا دخل حب الدنيا فى قلوبنا صارت علينا اللعنة .. والعياذ بالله عز وجل.

الذى يعتصم بماله وولده وجاهه مثله مثل ابن نوح عليه السلام الذى اعتصم بالجبل.

لفظ (كن):قال الله عز وجل {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (3) فخزائن الرب سبحانه وتعالى موجودة فى لفظ " كن " ولذا قال الله عز وجل فى الحديث قدسى " .. لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا فى صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. رواه مسلم عن أبى ذر (4). وفى رواية الإمام أحمد والترمذى وابن ماجة: " لو أن أولكم وأخركم وحيكم

(1) سورة البقرة - الآية 214.

(2)

مشكاة المصابيح – كتاب الرقاق – 3/ 1431.

(3)

سورة يس - الآية 83.

(4)

رياض الصالحين للنووى – باب المجاهدة.

ص: 439

وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فى صعيد واحد فسأل كل إنسان منكم ما بلغت أمنيته فأعطيت كل سائل منكم ما نقص ذلك من ملكى إلا كما لو أن أحدكم مر بالبحر فغمس فيه إبرة ثم رفعها ذلك بأنى جواد ماجد أفعل ماأريد عطائى كلام وعذابى كلام إنما أمرى لشىء إذا أردت أن أقول له كن فيكون " (1) .. فالخزائن للتقريب للعقول .. فالخزائن لها حدود .. وأنت تسأل من خزائن اللامحدود.

عوامل نجاح الجماعة الداعية إلى الله:

مسئول متفكر.

جماعة مستعدة.

بالنسبة لتعامل الأمير مع الجماعة:

حسب قدرتها وقدرة كل فرد.

بث فكر عمل الدعوة والتبليغ داخل كل فرد فى الجماعة.

اثنان لا تنساهما أبداً: ذكر الله عز وجل .. ذكر الموت.

اثنان لا تذكرهما أبداً: إحسانك إلى الناس .. إساءة الناس إليك.

(1) مشكاة المصابيح – باب الاستغفار والتوبة – 2/ 727.

ص: 440

إذا جهلت فاسأل .. وإذا أسأت فاندم .. وإذا ندمت فاقلع .. وإذا فُضِّلت على أحد فاكتم.

قال حكيم: أعجب شئ رأيته .. رجل بيده القرآن الكريم ويطلب عما سواه .. وأعجب منه قلب عرف الله سبحانه وتعالى ثم عصاه.

النظرة الحرام .. لا تبطل العمل، ولكنها تسحب النور من جميع الأعمال.

يقول الشيخ إلياس رحمه الله: البيان فى هذا العمل .. كاللسان فى هذا الجسد.

ويقول الشيخ أنعام الحسن رحمه الله: الدعوة تمشى بالفكر.

ويقول الشيخ إلياس رحمه الله: لا يثبت الداعى فى الدعوة إذا لم تتغير حياته إلى ما يدعو إليه.

الميزان السليم (الحساس) يتأثر بالزيادة والنقصان ولكن غير السليم لا يتأثر .. فلو كَمُل الإيمان يتأثر بالزيادة والنقصان ولكن لعدم كماله لا يتأثر بالزيادة والنقصان.

لكل عمل وقت .. ! فكيف نشعر بالحاجة إلى الطاعة .. ؟! فلو نقصت الطاعة من نسبة 100% إلى نسبة 90% نشعر بالنقص كالذى يأكل ثلاثة أرغفة لو صارت اثنين يشعر بالنقص.

بالمداومة على الطاعة والاستمرار عليها نحس بها .. والاهتمام

ص: 441

بالأعمال الله يعطى النور وبعد ذلك الطاعة تطلبك .. {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (1) جزء القرآن يطلبك للتلاوة .. الأذكار تطلبك .. الوضوء يطلبك.

الناس تريد أن تهتدى .. ولكن بمن تهتدى، الناس تريد حياة الدين .. يدخلوا فى الدين .. الناس تسمع وترى .. {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ} (2) الناس تسمع وترى وتقلب فلا تجد فينا الأعمال فلا يقبلون. . فزيد ابن سعنة (الحبر اليهودى) رضي الله عنه قلَّب فى صفات النبى صلى الله عليه وسلم فوجد الصفات فأسلم (3).

الدعوة إلى الله عز وجل ليست بالطلاقة فقط .. ولكن لابد أن يكون لدى الداعى حياة كاملة فى الدين .. فالذى يعاشرك ينتقل الذى عندك عنده.

الدين ينتقل بالمعاشرة {وَاصْبرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}

(1) سورة السجدة - الآية 16.

(2)

سورة آل عمران - الآية 193.

(3)

انظر حياة الصحابة – باب قصصه صلى الله عليه وسلم فى الأخلاق والأعمال المفضية إلى هداية

الناس (إسلام زيد بن سعنة الحبر الإسرائيلى) – 1/ 125.

ص: 442

(1)

فلو وجد كلام الدين فقط لكانت الفتن .. ويكون الكلام إزعاج للبشرية بل إن الله عز وجل يغضب لذلك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (2). وقال تعالى {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (3) والفتنة أن ندعو الناس للإسلام ونحن لا نطبقه.

نرى سيدنا أنس ابن مالك رضي الله عنه حينما خدم النبى صلى الله عليه وسلم .. بالمعاشرة تعلم .. فكان يصلى فينزل المطر.

نجتهد لصفات الدين ونقول فقط كما رأيتمونى أصلى.

المسلم اليوم أشد ما يكون الشبه بالممثل .. فى كل مكان بشكل مختلف ..

الناس لا تقبل الدين إلا إذا كان كاملاً .. فالنقص فى الشئ يمنع تداوله .. حاول شراء سيارة بلا باب .. هل تشتريها .. ؟!

الاستقامة .. هى فعل الأمر على مراد الله عز وجل لا على مراد البشر .. فالفعل على مزاج البشر هوى .. أما الفعل الذى على مراد الله عز وجل أمر .. فالله سبحانه وتعالى يريد لنا ديناً على مراده وليس على مزاجنا .. فمثلاً .. زكاة الفطر ..

(1) سورة الكهف - الآية 28.

(2)

سورة الصف - الآيتان 2،3.

(3)

سورة الممتحنة – الآية 5.

ص: 443

ميقاتها رمضان قبل صلاة العيد .. على مراد الله عز وجل .. إذا تأخرت بعد الصلاة قل الأجر .. وأصبحت صدقة من الصدقات.

الداعى إلى الله عز وجل يخدم أقرانه ومن هو دونه بالإضافة لخدمة لما هو أعلى منه .. وخدمته لهم يزرع فى قلبه التواضع .. ومراقبة الله عز وجل فى السر والعلن .. وتلك هى مقصود كل الأعمال .. نتدرب جماعى .. ونحاسَب انفرادى.

المخدوم لا يكون داعياً .. لذا نجد جميع الأنبياء عملوا بالخدمة .. إلا سيدنا موسى عليه السلام لأنه تربى فى بيت فرعون فضرب رجلاً فقتله .. ثم أرسله الله عز وجل إلى أهل مدين عشر سنين خدمة ثم بعد ذلك رجع إلى دعوة فرعون.

خادم الملك .. هو أعرف الناس بأسراره .. وكذلك الخادم لدين الله سبحانه وتعالى يعرف أسرار هذا الدين.

الطاعة من أجل الامتثال .. فنطيع أميرنا امتثالاً لأمر الله عز وجل لا نلقى بالسواك على الأرض امتثالاً لأمر الله عز وجل .. وعندما أخذ صحابى اللقمة من الأرض وأكلها قصد من ذلك امتثال أمر الله عز وجل فى طاعته لنبيه صلى الله عليه وسلم وليس طمعاً فى اللقمة .. لذا فالتطاول على الأمير تطاول على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .. وبالتالى تطاول على أمر الله عز وجل لأنه القائل .. {وَمَا

ص: 444

آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1)، {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (2).

الذى لا يجتهد فى المسجد بالآداب .. يوشك أن يحرمه الله منه.

الشئ تقدر قيمته باقترانه بصاحبه .. فخادم الوزير يكرم من أجل الوزير .. وعندما يحترم السائقون براميل المرور الملونة .. إنما هو احترام للدولة والحكومة .. ونبى الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يحترم فى سنته صلى الله عليه وسلم .. واحترامنا للمسجد .. تعظيماً لشعائر الله سبحانه وتعالى.

لابد من العمل الجماعى {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (3) ولم يقل أنا مسلم (4) .. الله يريد أن نكون أمة ضمن جماعة المسلمين فأنا مسلم بالمسلمين .. فالعضو خارج الجسد لا قيمة له .. وقيمته فى الجسد تتجسد فى قيمة الجسد كله.

الجماعة أولاً .. الجماعة أخيراً .. مهما يكن لديك من الفصاحة والبيان .. لا تستطيع السير بمفردك مهما كان ذكاؤك أو عبقريتك .. أنظر

(1) سورة الحشر - الآية 7.

.

(2)

سورة النساء - الآية 59.

(3)

سورة فصلت - الآية 33.

(4)

من روائع الأدلة على حتمية العمل الجماعى خاصة فى الدعوة إلى الله رداً على من يزعم أن العمل الجماعى حزبية.

ص: 445

إلى إبليس عليه لعنة الله إلى يوم الدين – ترك السجود مع جماعة الملائكة .. كانت النتيجة الطرد من رحمة الله عز وجل.

السيارة مفككة .. قطع غيار لا فائدة فيها .. يؤدى وجودها إلى أزمة فى المواصلات .. إلا عند تمام تجميع الأجزاء .. تصبح أداة نافعة تساعد فى حل الأزمة .. وكذلك أمة الإسلام .. عندما تتفكك .. وعندما تتحد .. !

حينما نعرف أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ويقول .. هل من مستغفر فأغفر له .. هل من تائب فأتوب عليه .. هل من كذا .. هل من كذا .. ؟ علمنا الحقيقى بهذا الحديث يعنى قيامنا الليل لله عز وجل.

معنى العبودية: تقديم أمر الله عز وجل على كل أمر .. وكذلك طاعة الله عز وجل على كل طاعة .. ومحبة الله سبحانه وتعالى على كل محبة.

قال ابن تيمية رحمه الله: من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية.

لا تحقرن صغيرة .. إن الجبال من الحصى.

الحركة خير من جميع القربات والأعمال .. انظر إلى قصة الصحابى عبد الله بن رواحه فى غزوة مؤتة .. حينما تخلف عن الغزوة حتى يصلى الجمعة مع النبى صلى الله عليه وسلم فقال له النبى صلى الله عليه وسلم " لو أنفقت ما فى الأرض جميعاً ما

ص: 446

أدركت غدوتهم " (رواه أحمد والدارمى)(1). فالحركة فى هذا السبيل مقدمة على جميع القربات والأعمال حتى الصلاة مع النبى صلى الله عليه وسلم.

الإعداد والتهيئة: الخروج فى سبيل الله إعداد وتهيئة حتى ندرك فى النهاية حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم .. كمثل الطالب يدرس ابتدائى، إعدادى، ثانوى .. ثم يدخل كلية الطب مع أن الابتدائى والإعدادى والثانوى لا علاقة لها بالطب .. لكنها الإعداد والتهيئة فقط.

التضحية من أجل الدين: خير الأعمال .. انظر خبيب حينما نفذ الرمح فى جسده نجده يقول كلام الواثق من ربه .. فزت ورب الكعبة.

النجاة فى العبودية .. والهلاك فى الكبر .. فقد أهلك الله فرعون وقارون وهامان والنمرود.

الكلام فى الدعوة يكون على قدر حجمنا .. فالصحابة عندما جهروا بالدعوة وهم قلة ضُربوا .. وأوذوا.

الطعام وأثره: جاء رجل للشيخ إنعام رحمه الله .. قائلاً له .. إن زوجتى وأولادى غير قابلين للدين .. فما السبب .. ؟! قال الشيخ: أنظر من أى شئ تطعمهم .. ! قال الرجل: كيف .. ؟! قال الشيخ: الجسم الذى

(1) انظر حياة الصحابة – باب الإنكار على من أخر الخروج فى سبيل الله عز وجل 1/ 445.

ص: 447

نبت من حرام يرفض الحق .. والجسم الذى نبت من حلال ينجذب إلى الحق.

تعلم الدين بالجهد .. فالقطة تعلم أولادها بالقفز .. والعصفور يعلم أولاده بالطيران .. ولا يجوز بغير ذلك.

خفايا القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب .. فنحن دعاة لا قضاة.

لماذا خلق الله عز وجل النار .. ؟!

قال العلماء: خلق الله سبحانه وتعالى النار حتى يحب الناس الجنة، كما أنه بسبب الظلمة يحب الناس النور

فقد جعلها الله سبحانه وتعالى عقاباً لأهل معصيته .. {وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (1).

إعط الصدقة .. فأنت المحتاج للفقير .. كاحتياجك للمسجد .. فالمسجد محل العبادة والصلاة .. وكذلك الفقير محل الصدقة.

يقولون: علامة قبول الداعية – عند الله - .. نقص الدنيا .. أتعقل .. ؟!!

حسن الخلق .. يعنى طلاقة الوجه، كف الأذى، بذل المعروف .. فالذى لا يكرم أصحابه يأتى عنده سوء الخلق.

التنفيذ الفورى لأوامر الله سبحانه وتعالى يقوى الإيمان فى القلوب .. ولكن عدم التنفيذ يجعل فى القلب القساوة .. والبلادة.

(1) سورة الأنبياء – الآية 90.

ص: 448

استخدام الشىء فى غير موضعه إهانة .. فلا يصح للطبيب أن يبيع الفاكهة .. وقديماً قالوا .. وضع الشىء فى غير محله ظلم.

لا رهبانية فى الإسلام وكذلك لا حيوانية فى الإسلام.

يُمدح الله سبحانه وتعالى وحده فى كل مجلس .. وليس الشيوخ.

الله سبحانه وتعالى جعل جهد الدين لإقامة الدين قبل وجود الدين.

إذا رأيت الجمال فى شئ فلا تنشغل بمدحه .. ولكن انشغل بمدح الذى جمله .. الله سبحانه وتعالى .. فجمال المرأة يذهب بعد فترة .. وكذلك كل جمال .. ويبقى جمال الله سبحانه وتعالى.

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: لا ينسى الإنسان أنه ضيف مرتحل وأن ما عنده عهدة منتقلة.

الدعوة مثل المطر .. بمجرد نزول المطر .. تخرج جميع البذور.

ندعوا إلى الله ونحن المحتاجين .. ولا أغتر بنفسى .. فقد قال الله عز وجل {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1) ولم يقل دعا إلى الله واغتر بنفسه .. ولكن وعمل صالحاً وقال إننى من المسلمين.

(1) سورة فصلت – الآية 33.

ص: 449

نخرج فى سبيل الله عز وجل حتى نتعلم عمل الدعوة وليس كلام الدعوة .. لذا قد تقابل من يطردك .. ومن يشتمك .. وأنت مستمر بنفس الثقة والاجتهاد .. فليس المقصود تحصيل العلم أو جمع معلومات .. ولكن المقصود تحصيل النور (نور الوحى).

سيدنا إبراهيم عليه السلام بعد أن بنى الكعبة المشرفة .. ماذا قال .. ؟ {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} (1) فقد تعب حتى يقبله الله ويقبل منه.

الدين عقل الدنيا.

مقصود الخدمة .. خدمة الدين عن طريق الخدمة .. وإعدادك للدعوة.

قراءة القرآن دون تدبر جنون .. فما بالنا بامرأة يقولون لها ابنك مات وهى تضحك .. فهى إذن مجنونة .. وكذلك من قرأ آيات الوعد والوعيد فى القرآن وهو يضحك .. ولا يتأثر.

الدعاء لا يستجاب حتى يستجيب العبد .. {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} (2).

لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .. كنز من كنوز الجنة انظر إلى سيدنا عوف بن مالك رضي الله عنه حينما أسر ابنهما مالك فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم

(1) سورة البقرة – الآية 127

(2)

سورة البقرة - الآية 186.

ص: 450

عليكم بقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، فحينما لزما على قولها .. ماذا حدث لابنهما الأسير .. بناء على توجيهات من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فكت قيوده .. ورجع إلى أهله.

كل الناس مثل القلم .. والقلم لا يكتب بنفسه بل لابد من حمله والكتابة به .. وكذلك كل المخلوقات الله يفعل بهم.

الله سبحانه وتعالى قدر الجوع .. حتى الإنسان يتعامل مع الطعام .. فيرى قدرة الله عز وجل {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ

النُّشُورُ} (1) يعنى .. وأنت ماشى فى الدنيا (خلى بالك .. إن فيه موت) .. قال تعالى {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ * فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ .. الآيات} (2) فما علاقة الطعام باليوم الآخر يوم القيامة؟ .. حتى يعرف الإنسان أن الطعام ليس مقصد ولكن المقصد هو أمر الله عز وجل فى الحياة.

(1) سورة الملك - الآية 15. سورة الملك - الآية 15.

(2)

سورة الملك - الآية 15.

ص: 451

جهود الدنيا مقصدها أن يتحرك الإنسان ويتحصل على المكتوب .. فالنفع ليس بالمكتوب ولكن بنسبة المفروض أى الدين {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (1)، {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} (2).

قالوا:

_ قال ابن مسعود رضي الله عنه: اطلب قلبك فى ثلاث مواطن .. عند سماع القرآن، وفى مجالس الذكر، وفى أوقات الخلوة. فإن لم تجده فى هذه المواطن فسل الله سبحانه وتعالى أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك.

_ وقال الحسن البصرى: تفقد الحلاوة فى ثلاثة أشياء .. فى الصلاة، الذكر، قراءة القرآن. فإن وجدت ذلك فامض وأبشر وإلا فاعلم أن بابك مغلق فعالج فتحه.

_ وقال ابن تيمية: إذا لم تجد للعمل حلاوة فى قلبك وانشراحاً فى صدرك فاتهمه فإن الرب شكور.

سُئل الشيخ الشعراوى .. لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الشياطين وما فائدة وجودهم .. ؟ ! فقال: إنه إذا لم يوجد ما يهيجك على المعصية تصبح

(1) سورة النحل - الآية 97.

(2)

سورة طه - الآيتان 123، 124.

ص: 452

الطاعة أمراً اعتياديا .. لكن عظمة الطاعة فى أن واحد يغريك بأن تعصى فتقول له لا .. فوجود الشياطين .. استبقاء لحرارة التكليف.

وسأله فتى بعد عقد قرانه قائلاً .. عظنى يا إمام وأوجز .. قال فضيلة الإمام محمد متولى الشعراوى رحمه الله .. اجعلوا سر خلافكم تحت لحافكم.

ورد فى الأثر .. إن الذنوب تغير النعم وتبدل القِسم.

غض البصر يقوى البصيرة.

من نفس الخزينة التى يصرف منها فرعون ليقتل موسى عليه السلام يصرف منها أجر أم موسى مقابل إرضاع موسى عليه السلام وتربيته لأنها امتثلت الأمر {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} (1).

يقول ابن القيم رحمه الله: القلب بين جلال الله سبحانه وتعالى وجماله .. فإذا لحظ القلب جلال الله هابه وعظمه .. وإذا لحظ القلب جمال الله سبحانه وتعالى أحبه واشتاق إليه .. والقلب بين الشيئين يرث الورع.

تباً لمن عرف الله ثم عامل غيره، ما أخسر صفقته! وما أعظم حسرته!

وإذا سخر الإله أناساً

لسعيد فإنهم هم السعداء

(1) سورة الحج - الآية 78.

ص: 453

قال تعالى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (1) فالذى ليس له نور من الله عز وجل مثل السيارة التى تسير بلا فانوس إضاءة .. تقع فى الحوادث.

القرآن نزل ليلاً {إِنا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (2) ولذلك له لذة بالليل .. ولا يفهم إلا بالليل .. أشد وطئاً فى القلب.

الحرمان من الفهم عقوبة من الله تعالى .. {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (3).

س: ما هى أسباب سلب الإيمان عند الموت (سوء الخاتمة) .. ؟!

ج: 1 - ظلم العباد .. 2 - ترك شكر نعمة الإيمان.

ومن أسباب سوء الخاتمة أيضاً والعياذ بالله:

(1)

التهاون بالصلاة. (2) شرب الخمر.

(3)

عقوق الوالدين. (4) أذى المسلمين.

س: كيف يتغلب الحق على الباطل؟!

(1) سورة الأنعام - الآية 122.

(2)

سورة الدخان - الآية 3.

(3)

سورة الأعراف - الآية 146.

ص: 454

ج: (1) نجتهد يومياً فى جهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

(2)

نجتنب الذنوب.

(3)

غض البصر.

(4)

نجتنب الجلوس مع المحارم كثيراً.

(5)

عدم مخالطة المتكبرين إلا للضرورة.

س: كيف نحافظ على الإيمان المكتسب داخل المسجد .. ؟!

ج: لابد من جهد الرسول صلى الله عليه وسلم .. كان لا يُرى إلا غادياً أو رائحاً، دائم الفكرة، متواصل الأحزان، ليس له راحة، يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ..

س: ما هو مقصد الإنسان .. ؟!

ج: هو الشىء الذى لا يمله.

س: كيف تأتى المعرفة بالله .. ؟!

ج: حتى أتعرف على شخص .. لابد من مجالسته .. ولله المثل الأعلى لابد من المجالسة مع الله سبحانه وتعالى بالذكر فى الخلوة (أنا جليس من ذكرنى).

سيدنا على كرم الله وجهه يقول .. حلم الله عز وجل جعل الناس يغترون {يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} (1) ولكن أخذه أليم شديد ..

(1) سورة الإنفطار - الآية 6.

ص: 455

ليس مقصود العلم .. جمع المعلومات فقط .. ولكنه تغيير القلوب .. إبليس كان لديه العلم ولكن ما تغير قلبه .. فطرد من رحمة الله عز وجل.

الخروج فى سبيل الله .. يعالج القلوب (جهد العلاج).

العمل المقامى .. يعالج القلوب (جهد الوقاية).

الدعوة عمل قلبى تنتشر بدون اللسان (بالهم والحزن والعاطفة فى القلب)

لو دخلت النجاسة البئر .. لا يتطهر ولو وضعنا فيه ماء كثير حتى تخرج النجاسة .. فالبئر هو القلب والنجاسة التى فيه هى هوى القلب.

الدنيا قدر مقدر والإيمان والهداية بقدر الجهد والتضحية.

الدنيا مقدر والدين مقرر.

الدنيا مثل الماء المالح كلما شربت منه ازددت عطشاً.

الزهد: خروج قيمة الأشياء من القلب.

الزهد: على قدر الترك.

الدنيا: مثل كلب الحراسة، ينام أمام باب المنزل، فهو خارج المنزل ينفع .. ولكن إذا دخل المنزل .. نجس كل الأوانى .. كذلك الدنيا خارج القلب تنفع .. ولو دخلت القلب تنجسه.

وجد فى زمن بنى أمية كيس مختوم عليه ففتحوه فوجدوا فيه حبة قمح مثل النواة ووجدوا ورقة مكتوب فيها .. كان هذا فى زمن العدل زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.

ص: 456

قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله: ما ناقشت أحداً فى مسألة إلا وتمنيت أن يظهر الله الحق على لسانه.

اعدل فيما وليت .. واشكر الله على ما أوليت .. يمدك الخالق وتودك الخلائق.

إن من الشعر لحكمة:

إذا ما كنت فى قوم غريبٍ

فعاملهم بفعل مستطاب

ولا تحزن إذا فاهو بفحش

غريب الدار تنبحة الكلاب

وقديماً قالوا:

حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة

ذلت لديه وحركت أذنابها

وإذا رأت فقيراً معدماً

هرعت إليه وكشرت أنيابها

قالوا:

إذا غامرت فى أمرٍ مروم

فلا تقنع دون النجوم

فطعم الموت فى أمرٍ حقيرٍ

كطعم الموت فى أمرٍ عظيم

قيل لرجل: ما تشتهى .. ؟! فقال: جنى النخل وجنى النحل.

فقيل له: أيهما أحب إليك .. ؟

قال: أشفاهما وأنقاهما.

قال إبليس لعنة الله: ثلاث من كن فيه أدركت حاجتى منه:

من استكثر علمه.

ص: 457

ونسى ذنبه.

وأُعجب برأيه.

أربع كلمات من أربع كتب:

من التوراة: من قنع شبع.

من الإنجيل: من اعتزل نجا.

من الزبور: من سكت سلم.

من القرآن: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (1).

قيل لأبى حازم: غلت الأسعار .. ! قال: ما يهمكم من ذلك .. ! الذى يرزقنا فى الرخص، هو الذى يرزقنا فى الغلاء.

وقيل لبهلول المجنون: قد غلا السعر فادع الله. فقال: ما أبالى ولو الحبة بدينار .. إن لله علينا أن نعبده كما أمرنا، وعليه أن يرزقنا كما وعدنا (2).

وقيل لعمر بن الخطاب: قل غلا السعر. فقال: اتركوه حتى ترخصوه.

قال أحد الحكماء:

(1) سورة آل عمران - الآية 101.

(2)

تاريخ الإسلام للذهبى – 5/ 247.

ص: 458

لا الأمر أمرى ولا التدبير تدبيرى

ولا الشئون التى تجرى بتقديرى

لى خالقٌ رازقٌ ماشاء يفعل بى

أحاط بى علمه من قبل تصويرى

سئل رجل معمر تجاوز مائة وعشرون عاماً ومازال قوياً فيه الحيوية والنشاط .. ما سر شبابك هذا .. ؟! قال: سر قوتى فى ثلاث:

لا أحمل همَّاً لغد .. (إلا همَّ الإسلام).

لا أحمل بغضاً لأحد.

لا أحمل لنفسى نكداً.

الرجولة تُكتسب كما تُكتسب أى حرفة .. وميدان الرجولة " جهد الدين " قال تعالى {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (1) وقال الله عز وجل {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا} (2).

قال ابن تيميه رحمه الله .. المحبوس من حُبِسَ قلبه عن ربه .. والمأسور من أسره هواه.

(1) سورة الأحزاب - الآية 23.

(2)

سورة المائدة - الآية 23.

ص: 459

من كلام الجولة: الله خلقنا من العدم .. وقدر لنا الرزق .. والأجل .. وكتب علينا الحياة والموت .. وما بين الحياة والموت مطلوب منا .. معرفة الله سبحانه وتعالى .. عبادة الله عز وجل .. دعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى.

كلام الدعوة واحد: ولما يضيع الدين لا نغير الكلام .. ولكن نظل نردد .. الدين .. الدين .. مثل الرجل الذى فقد ابنه وكان يسمى إبراهيم .. يظل يقول إبراهيم .. إبراهيم .. ولذلك نتكلم عن الدين كلام واحد لأن المفقود شئ واحد .. حتى الموت. قال الله سبحانه وتعالى {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (1).وكذلك نجد صاحب كل بضاعة .. يظل يردد نفس النداء ولا يغيره.

الدين مثل البناء .. نظل نبنى ونقول .. أعطنى طوب .. أعطنى مونه .. الكلام يخدم المقصد ولذا قال الحق سبحانه وتعالى {وقل اعملوا .. الآية} الأمة تعمل وإذا احتاجت شئ يخدم المقصد تتكلم.

قديماً قالوا: لا تتهافت على اللئيم .. فتتهم فى مروءتك، لا تتهافت على الغنى .. فتتهم فى عفتك، لا تتهافت على الجاهل .. فتتهم فى فطنتك.

(1) سورة البقرة - الآية 132 ..

ص: 460

المراتب ثلاثة:

أعلاها .. أن تشكو نفسك إلى الله سبحانه وتعالى .. اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى

أوسطها .. أن تشكو الناس إلى الله سبحانه وتعالى.

أخسها .. أن تشكو الله سبحانه وتعالى إلى خلقه ..

ضياع الوقت أخطر من الموت .. فالموت يقطع صلتك بالدنيا وهى حقيرة لا تساوى عند الله عز وجل جناح بعوضة .. ولكن ضياع الوقت يقطع صلتك بالله عز وجل.

كما أن الباطل عالمى فيجب أن يكون الحق عالمياً.

الباطل فى العالم كالعنكبوت {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (1).

الله لا يزيل الباطل إلا بالحق.

الله يزيل الباطل من أجل أن يقر عيون أهل الحق.

الله أذل فرعون عندما ظهر الحق عند موسى عليه السلام.

الله سبحانه وتعالى أذل النمرود عندما ظهر الحق على يد إبراهيم عليه السلام.

(1) سورة العنكبوت - الآية 41.

ص: 461

ما نجتهد لإزالة الباطل إلا بإيجاد الحق .. والله سبحانه وتعالى عليه أن يزيل الباطل. {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} (1)، {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (2).

الدين منهج .. مثل الطالب لا يقول أنا فى الجغرافيا أو التاريخ أو العربى .. ولكن يقول أنا فى الثانوية العامة .. والنبى صلى الله عليه وسلم قد جاء بالدين الكامل وليس بالأمر الواحد .. وكذلك العضو إذا فسد .. فسد الجسم كله .. مثل الذى توجعه رجله .. يوجعه جسمه كله ويقول أنا مريض ولذلك فساد الأمر يعنى فساد الدين .. ولذلك يقول سيدنا

أبو بكر رضي الله عنه .. أينقص الدين وأنا حى.

السفر يُسفر عن أخلاق الرجال .. والخدمة تُسفر عن معادن الرجال.

مقاصد الحج .. توبة آدم، تضحية إبراهيم عليه السلام، استسلام إسماعيل عليه السلام، الدعوة إلى الله لترسيخ العقيدة، والتعرف على أحوال العالم.

مقصد الخروج فى سبيل الله عز وجل:

الإيجاد: إيجاد الفكر بأننا مسئولين عن الدعوة لهذا الدين ..

الإعداد: كيف نُعد أنفسنا وغيرنا على المسئولية.

(1) سورة الشمس - الآية 14.

(2)

سورة الأنفال - الآية 17.

ص: 462

والخروج للتربية .. كالذى يزرع لابد له أولاً أن يمهد ويطهر .. فالدنيا دار الجهد .. القبر دار الموت .. الآخرة دار الراحة.

الأموال تُنفق فى الدنيا على كل شئ حتى تبريد الهواء .. فأين حق الله .. وأين حق القبر .. وأين حق الميزان .. وأين حق الصراط .. وأين حق الجنة .. وأين حق الهروب من النار.

إن الطيور إذا أصبحت ذكرت ربها وسألت رزقها.

الذكر بدون علم يعطى الضلالة .. والعلم بدون ذكر يعطى الكبر.

علامة الإخلاص .. أن لا يتأثر بالذم أو المدح .. فالإخلاص توأم الإيمان .. كلما ازداد الإيمان .. ازداد الإخلاص .. والعكس ..

الخروج فى سبيل الله .. بيئة تسد منابع الشر عن القلب.

تصرفات البشر كاشفة عن فاعلية الله عز وجل الأزلية منذ القدم .. (القدر المكتوب). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " رواه مسلم (1).

س: كيف تتحصل على نور القرآن .. ؟!

ج: بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

س: كيف نستقيم فى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .. ؟!

(1) مشكاة المصابيح - باب الإيمان بالقدر - 1/ 30.

ص: 463

ج: أن نصغر أنفسنا ونكون طالبين ..

س: ماذا تعنى كلمة تضحية .. ؟!

ج: تعنى كلمة تضحية .. المجاهدة .. وهى كلمة تزن بميزان الذهب .. كل حرف يدل دلالة عميقة على معنى عظيم ..

الميم: تضحية المال.

الجيم: تضحية الجسم.

الألف: تضحية الأوقات.

الهاء: هجرة المكان والمعاصى.

الدال: دعوة مستمرة.

الهاء: تنزل الهداية بإذن الله عز وجل.

س: كيف نحافظ على المستوى الإيمانى .. ؟!

ج: لابد من المحافظة على بيئة الإيمان وأن تعمل لك بيئة إيمانية فى كل مكان وصحبة الإيمان فى المسجد بالاعتكاف والصلاة والتوبة والاستغفار، والدعاء .. وترك جميع البيئات الفاسدة.

س: ما الذى ينير القلب .. ؟!

ج: ينير القلب عدة أشياء منها:

(1)

بطن جائع. (2) صاحب صالح.

(3)

حفظ الذنب القديم.

(4) قصر الأمل.

ص: 464

س: ما الذى يساعد على الإخلاص .. ؟!

ج: يساعد على الإخلاص الأشياء الآتية:

خلع قميص العجب.

عدم نسيان الذنوب.

عدم ذم النفس أمام الناس لأن ذم النفس أمام الناس مدح.

محاسبة النفس.

سُئل ذا النون المصرى .. متى يعرف الرجل أنه من الخواص ..

(صفوة الله) .. ؟!

قال: بأربع أشياء:

إذا ترك الراحة.

وأعطى من الموجود.

وأوجب سقوط المنزلة.

واستوى عنده المدح والذم.

س: ما هى علامات المرائى .. ؟ !

ج: قال على بن أبى طالب رضي الله عنه .. علامات المرائى أربع:

يكسل إذا كان وحده.

وينشط إذا كان مع الناس.

يزيد العمل إذا أثنى عليه.

ص: 465

ويُنقص إذا ذُم به.

عن الحسن البصرى رحمه الله عز وجل أنه قال .. أربع من زاد الآخرة:

الصوم صحة النفس.

الصدقة ستر بينه وبين النار.

الصلاة تقرب العبد إلى ربه.

الدموع تمحو الخطيئة.

الداعى مثل الكوبرى .. الكل يمشى عليه وهو لا يمشى على أحد.

الداعى إلى الله عز وجل مثل التاجر يبيع لكل الناس، ولكن الناس تأخذ منه .. كل حسب احتياجه.

الداعى .. ينظر للناس مثل النجار للخشب، يتفكر فى كل شئ فى الخشب على أنه فيه المنفعة (أى يحسن الظن بالناس ويتوقع منهم الخير) .. ولا ينظر له كالفران .. يرى أن الخشب كله يستحق الحرق.

س: ما الفرق بين الصفة والحال .. ؟!

ج: الصفات لا تتغير .. مثل الصبر، فالإنسان الذى يصبر فى كل شئ فهذه صفة، ولكن الذى يخرجه أى شئ عن شعوره فالصبر عنده حال وليس صفة .. لأن الصفة لا تتغير مثل فلان طويل .. فلان قصيرة .. هذه صفة.

أصل الطاعة لله سبحانه وتعالى ثلاثة أشياء:

ص: 466

الخوف: وعلامته ترك المحارم.

الرجاء: وعلامته الرغبة فى الطاعة.

الحب: وعلامته الشوق والإنابة.

أصل المعصية:

الكبر: ظهر فى إبليس حيث أُمر بالسجود فاستكبر حتى صار ملعوناً.

الحرص: ظهر فى آدم عليه السلام حيث أكل من الشجرة.

الحسد: ظهر من ابن آدم حيث حسد أخيه فقتله فدخل النار.

س: ما هى أول معصية عُصى الله سبحانه وتعالى بها فى الأرض والسماء .. ؟ !

ج: أول معصية فى السماء والأرض هى الحسد ..

ففى السماء حسد إبليس سيدنا آدم عليه السلام.

وفى الأرض حسد قابيل أخيه هابيل فقتله.

س: من أول من مات من خلق الله سبحانه وتعالى .. ؟!

ج: إبليس .. لأنه أول من عصى الله عز وجل.

س: ما هو الشىء الذى يمزق الأمة .. ؟!

ج: الذى يمزق الأمة:

(1)

سوء الظن.

(2) النجوى.

(3)

التجسس.

(4) الغيبة.

ص: 467

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لزوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو نفيل – وقد غضب عليها – لأسوأنك .. ؟

فقالت له: أتستطيع أن تصرفنى عن الإسلام بعد إذ هدانى الله عز وجل .. ؟ !

قال: لا .. قالت: فبم تسوءُنى .. إذن .. ؟!

س: ما مقصد قراءة حياة الصحابة رضي الله عنهم .. ؟

ج: الرجوع إلى الأصول .. ولكى يخرج العجب من القلب .. وتزويد الهمم.

العقل مطيتك إلى الملك، وإياك والدخول به عليه .. أى أن العقل بالتفكر فى قدرة الله عز وجل وعظمته يوصلك إلى الله ولكن لا تناقش بعقلك أوامر الله سبحانه وتعالى.

الدين انتشر فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم بـ 3 أشياء: قول النبى صلى الله عليه وسلم .. وتلك هى كلام الدعوة، قدم النبى .. وتلك هى حركة الدعوة، قلم النبى .. وتلك هى الرسائل التى أرسلها لملوك الأرض.

الحركة مقدمة على البيان .. فقد قال الله سبحانه وتعالى {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (1) فيسعى إشارة إلى الحركة .. ، واتبعوا المرسلين إشارة إلى كلام الدعوة ..

منافع الدين وجهد الدين ..

(1)

المحبة فى قلوب البررة. (2) الهيبة فى قلوب الفجرة.

(1) سورة يس – الآية 20.

ص: 468

(3)

السعة فى الرزق.

(4) الثقة فى الدين.

أربعة غرباء على وجه الأرض ..

(1)

مسجد لا يصلى فيه.

(2) مصحف لا يُتلى فيه.

(3)

قرآن فى جوف ظالم.

(4) عالم لا يعمل بعلمه.

الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها (فهيا نلتقطها معا):

فيْ غرفَتيٌ. . وعلٌى فِراٌشيَ كنتٌ أسِأل نفسَيٌ: ما أسَبابٌ النجاحَ فيٌ الحياة؟!.

وجدتٌ الجوابٌ داخل الغرفة:

السَقفٌ يقَول: الطمِوحٌ عاليٌ.

النافذه تقَول: أنظٍر للعالمٌ ..

السَاعه تقَول: كلْ دقيقة غالية ..

المراياٌ تقَول: فكِر قبلْ أن تفعلٌ ..

التقويمَ يقَول: تابع أولا بأوٌل ..

البابَ يقَول: أدفعٌ بقوه للحصَول علىٌ الهدف ..

ولمَ أنسَىٌ الأرض قالت: أسَجد وصلِّ وأدعوَ من خلقني.

ص: 469

الشكر .. أن تعمل فى النعمة بما يُرضى المنعم .. لذا فنحن نجتهد .. حتى يكون المطبوع متبوعاً .. {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} (1).

رب صديق أود من شقيق.

قيل لبعض الحكماء .. من أسوأ الناس حالاً .. ؟ ! قال: من اتسعت معرفته وضاقت مقدرته وبعدت همته.

تصحيح الخطأ أثناء الخطأ من أكبر الخطأ.

مجاراة أهل الباطل مع عدم فعل الباطل .. ولكن لإخراج الناس من الباطل .. ليس بباطل.

العلم .. دنيا آخرته العمل به .. نتعلم حتى نعمل ونبلغ .. نجد بائع الكشرى يقوم بصناعته بالليل ليبيعه بالنهار .. {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} (2).

العلم بعد التزكية: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ

(1) سورة طه - الآية 123.

(2)

سورة التوبة - الآية 122.

ص: 470

وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (1) .. ولكن العلم قبل التزكية .. كمن يدهن الزيت على الجير .. بماذا ينفع .. !.

مقصد هذا الجهد (جهد الدعوة والخروج فى سبيل الله عز وجل) هو إحياء الشعور الذى كان فى قلب أبى بكر الصديق رضي الله عنه حينما قال .. أينقص الدين وأنا حى .. ونحيي هذا الشعور فى الأمة كلها .. وأعظم به مقصداً.

أى عمل بدون علم يكون سبباً للضلالة ويكون سبباً للمنَّ.

قال الشيخ يوسف الكاندهلوى رحمه الله .. لا يثبت الداعى فى الدعوة إلا إذا تغيرت حياته إلى ما يدعو إليه.

ثمرة هذا الدين .. مكارم الأخلاق وحسن الخلق .. مع الله عز وجل ومع خلق الله سبحانه وتعالى.

الأوامر تحتاج إلى طاقة إيمانية مثل الأشياء المادية تحتاج إلى طاقة مادية وكلما جاء الإيمان واليقين فى القلب الإنسانى يستطيع أن يتعامل مع: العبادات: علاقة العبادات بينك وبين الله سبحانه وتعالى.

المعاملات: علاقة المعاملات بينك وبين خلق الله عز وجل بمقابل.

المعاشرات: بينك وبين خلق الله عز وجل (فى دائرة الأهل والأقارب) بدون مقابل.

(1) سورة آل عمران - الآية 164.

ص: 471

الأخلاق: بينك وبين سائر خلق الله عز وجل بدون مقابل.

قال والد الشاعر الباكستانى العبقرى .. محمد إقبال .. حينما دخل عليه وهو يقرأ القرآن الكريم .. يا بنى .. اقرأ القرآن وكأنما أُنزل عليك.

الله سبحانه وتعالى .. خلق الكون لمصلحة الإنسان وصلاح الكون بصلاح الإنسان {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (1).

لو أن الشبع من الطعام .. لمات أهل الكهف جوعاً.

الله سبحانه وتعالى .. أنزل الأوامر التى بها سعادة الإنسان .. فمقصود الذى معك من دنياك لتتحصل به على أخراك {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ} (2).

الله سبحانه وتعالى .. يحب الإنسان أكثر من حب الأم لولدها .. وأكثر من حب المرء لنفسه .. (حديث المرأة التى وجدت ابنها فى السبى .. ).

سئل الإمام أحمد بن حنبل متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها فى الجنة.

(1) سورة الروم - الآية 41.

(2)

سورة القصص - الآية 77.

ص: 472

قال تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} (1) أى مشرقة مضيئة. قال عطاء الخراسانى: " مسفرة " من طول ما اغبرت فى سبيل الله جل ثناؤه.

إياك والفراغ فإن الفراغ باب المعصية. قال عمر بن عبد العزيز: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ، فلا فراغ إلا عند الله، لا مستراح إلا عند شجرة طوبى.

الراحة للرجال غفلة.

قال شعبة: لا تقعدوا فراغاً فالموت يطلبكم.

قال عمر رضي الله عنه: أتعب الناس من جلت مطالبه.

النية الصالحة والهمة العالية نفس تضيئ وهمة تتوقد.

كلما تعاظمت الهمم، تصاغرت الجثث.

ولست ترى الأجسام وهى

ضئيلة نواحل إلا والنفوس كبار

وقيل:

بقدر الكد تكتسب المعالى

ومن طلب العلا سهر الليالى

تريد العز ثم تنام ليلاً

يغوص البحر من طلب اللآلى

قيل أكيس الناس رجل وفقه الله لطاعته فعمل بها، ثم دل الناس عليها.

أخى الداعى لا تكن كالإبرة .. تكسو الناس .. وأنت عريان.

(1) سورة عبس – الآية 38.

ص: 473

لا يحصل خطير إلا بخطير فالدر فى عقر اليم.

من لم تبك الدنيا عليه .. لم تضحك الآخرة إليه.

قال الشافعى: من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه .. ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.

من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف ". من حديث رواه البيهقى.

لقمة ولقمة: قال أحد الصالحين: أكلت (لقمة حلال) عند بعض الناس فوجدت بها حلاوة قيام الليل أربعين يوماً وأكلت (لقمة حرام) عند بعض الناس فوجدت بها الرغبة فى الزنا أربعين يوماً.

الفوز والفلاح .. عطاء من الله عز وجل يبدأ فى الدنيا ويترقى ويزداد ولا يأتى عليه النقصان أبد الآباد. وكل الأغيار والأسباب على غير الإيمان حلمٌ جميل واستدراج وإمهال قال تعالى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} (1) وكل الأغيار والأسباب مع الإيمان خدعة وسراب وامتحان

الداعى الذى لا يلتزم بأمر الله عز وجل كطبيب مريض يحاول أن يداوى المريض وقديماً قال واعظاً مستنكراً على نفسه:

وغير تقى يأمر الناس بالتقى طبيب يداوى والطبيب مريض

وقيل:

(1) سورة الأعراف - من الآية 182.

ص: 474

عجباً لمن يبكى على موت غيره دموعاً ولا يبكى على موته

وأعجب من ذا يرى عيب غيره

عظيماً وفى عينيه عن عيبه عمى

الداعى مثل النحلة تأكل طيباً وتضع طيباً.

الداعى مثل الظل كل الناس تحب أن تجلس عنده.

قال تعالى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} (1). أى شرع لكم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما وصى به أولى العزم من الرسل (محمد، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى) عليهم السلام – أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه وهذه لفته ربانية على أن إقامة الدين تكون من طريق الدعوة إلى الله عز وجل. {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} (2).

يقول ابن القيم – رحمه الله – فى قوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} (3)

(1) سورة الشورى – الآية 13.

(2)

سورة الشورى - من الآية15.

(3)

سورة المائدة – من الآية 3.

ص: 475

ىتأمل حسن اقتران التمام بالنعمة، وحسن اقتران الكمال بالدين، وأضاف الدين إليهم إذ هم القائمون به المقيمون له، وأضاف النعمة إليه إذ هو وليها ومسديها والمنعم بها عليهم. ولذا قال بعض السلف: يا له من دين لو أن له رجال (1).

يقول سفيان الثورى: إنى لأرى الشىء يجب علىَّ أن آمر فيه، فلا أفعل فأبول دماً (2).

قالوا لابد للداعى من: الدعوة مع الدعاء .. الإلحاح مع البكاء .. الصبر على الأذى .. قراءة القرآن .. التضرع فى الصباح والمساء .. إخلاء البطن من الحرام .. قيام الليل .. الفكر المذيب .. الجهد المتعب .. الدعاء المبكى.

قال الشيخ يوسف – رحمه الله: إذا لم يتحرك الداعى للدعوة دليل على أنه سقط.

وقال أيضاً: الشمس إذا توقفت تقوم الساعة .. كذلك الداعى إذا توقف عن الدعوة يفسد العالم

لا تنظر إلى من قال ولكن انظر إلى ما قال.

(1) مفتاح دار السعادة لابن القيم.

(2)

تاريخ الإسلام - 4/ 559.

ص: 476

الداعى الحقيقى الذى يتلاشى أى ذره من المضرة التى تضر (الدين – الدعوة – الدعاة). والذى أرقى منه الذى يدفع المضرة قبل وقوعها.

من قرت عينه بالله قرت به كل عين، ومن سر بخدمة الله تعالى سرت الأشياء كلها بخدمته.

الداعى بلا عمل .. كالرامى بلا وتر.

يقول أبا عبد الرحمن العمرى الزاهد: إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله عز وجل بأن ترى ما يسخطه فتجاوزه ولا تأمر

ولا تنهى خوفاً ممن لا يملك ضراً ولا نفعاً، ومن ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مخافة المخلوقين نزعت منه الهيبة فلو أمر بعض ولده لاستخف به (1).

ميدان جهد الدعوة: هو ميدان العز .. ميدان الكرامة .. ميدان تكوين الشخصية المسلمة التى توجه أنظار أهل الأرض وأنظار أهل السماء، ولذا كانت غزوة تبوك من أصعب الغزوات .. لماذا .. ؟ لأنها كشفت النقاب عن الشخصية المؤمنة والشخصية المنافقة.

أخى الداعى .. إذا قرت عينك بالله قرت عيون الناس بك صرت لقلوبهم كالكحل لعيونهم.

(1) تاريخ الإسلام - 5/ 290.

ص: 477

من خاف ما بين يديه صان دموعه بما فى يديه.

إن كنت تريد الجزيل فلا تنم ولا تقيل (1).

بادر .. قبل نزول ما تحاذر.

كم من مذكر بالله ناسٍ لله .. وكم من مخوف بالله جرئ على الله .. وكم من مقرب إلى الله بعيد عن الله .. وكم من داعٍ إلى الله فار من الله .. وكم من تالٍ لكتاب الله منسلخ عن آيات الله .. هل تحب أن تكون كذلك فتخسر الدنيا والآخرة .. ؟!.

من لم يصلِّ الفجر لم يرشح لطاعته.

خالف سيدنا موسى عليه السلام سيدنا الخضر ثلاث مرات فقال .. هذا فراق بينى وبينك .. وأنت كذلك تعصى الله فى اليوم مرات ومرات .. ألا تخشى أن يقول لك مولاك سبحانه وتعالى هذا فراق بينى وبينك.

إن الأعداء كانوا يتأثرون بيقين الصحابة رضي الله عنه أجمعين .. فنجد الهرمزان عندما جاء المدينة ودخل مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فى عهد عمر رضي الله عنه وسأله عمر .. كيف وجدتم الحرب بيننا وبينكم .. ؟ قال: كنا نحاربكم قبل الإسلام فنغلبكم، فجعلتم الحرب بيننا وبين الله فمن يغلب الله يا عمر.

فالصحابة رضي الله عنهم كانوا لا يتأثرون من المخلوق ليست عندهم يقين بعدد ولا عدة .. {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ

(1) كناية عن مواصلة الجهد

ص: 478

إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (1) فكان نتيجة الامتثال {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (2).

ولننظر إلى نبى الله موسى عليه السلام وحاله مع أمر الله بترك العصا مع وجود المنافع فيها .. فهى يتوكأ عليها، ويهش بها على غنمه، وله فيها مآرب أخرى .. كان الامتثال .. والامتثال التام .. فتحولت إلى حية ضارة كل الضرر .. ثم أمره بعد ذلك بأخذها مرة أخرى .. فكان الامتثال التام .. فالأمر فى الحالتين امتثال تام سواء كان فى وجود النفع أو فى وجود

الضر.

لما فعل النبى موسى عليه السلام ذلك جعلها الله عز وجل سبباً لتربيته وتربية اثنى عشر أسباطاً وفلق بها البحر ويضرب بها الحجر فيخرج منها الماء .. صار فى العصا بركات ومنافع.

وانظر إلى أبى بكر الصديق رضي الله عنه نجده فى المكان الذى كان يقضى فيه بين الناس ضُرب فيه بالنعال ثم بعد ذلك خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك يدخل الجنة من أى باب من أبواب الجنة الثمانية شاء .. لماذا .. ؟ لامتثاله لأوامر الله عز وجل.

(1) سورة آل عمران - الآية 173.

(2)

سورة آل عمران – الآية 174.

ص: 479