الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرباط
قال الحق عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1).
اصبروا: على أوامر الله عز وجل.
صابروا: فى الدعوة على إيذاء الناس لكم.
رابطوا: مع الله عز وجل.
وسمى المرابط مرابطاً .. لأن المرابطين يربطون خيولهم ينتظرون الفزع.
ثم قيل لكل منتظر .. قد ربط نفسه لطاعة .. مرابطاً ..
ولذلك الرباط نوعين:
1) رباط فى الثغور:
لئلا يهجم منه العدو الخارجى (وهو جهاد أعداء الله عز وجل) فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رباط يوم فى سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل ". رواه الترمذى (2).
(1) سورة آل عمران - الآية 200.
(2)
رياض الصالحين - باب الجهاد.
2) رباط فى المساجد:
على ثغر القلوب .. لئلا يهجم عليه العدو الداخلى .. الشيطان .. فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أدلكم على ما يمحوا الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط .. فذالكم الرباط. رواه مسلم (1)(2).
فالخروج للدعوة إلى الله عز وجل ولطلب العلم ونشره مرابطة فى سبيل الله، فكان أصحاب الصفة يرابطون فى المسجد النبوى الشريف لاستقبال الوفود وفى خدمة الدين. قال الله تعالى {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (3).
قال ابن كثير رحمه الله:
(1) المرجع السابق - باب فضل المشى إلى المساجد.
(2)
انظر مدارج السالكين – منزلة الصبر - ابن القيم – 2/ 166.
(3)
سورة البقرة – الآية 273.
يعنى المهاجرين الذين قد انقطعوا إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وسكنوا المدينة وليس لهم سبب يردون به على أنفسهم ما يغنيهم (1).
وقال الرازى:
نزلت فى فقراء المهاجرين وكانوا نحو أربعمائه، وهم أصحاب الصفة، لم يكن لهم مسكن ولا عشائر بالمدينة، وكانوا ملازمين المسجد ويتعلمون القرآن ويصومون ويخرجون فى كل غزوة.
والقول الأول:
أنهم أحصروا أنفسهم ووقفوها على الجهاد وأن قوله تعالى {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} مختص بالجهاد فى عرف القرآن وكانت تشتد الحاجة إلى من يحبس نفسه للمجاهدة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون مستعداً لذلك متى مست الحاجة، فالله عز وجل رغب فى الصدقة عليهم لإزالة علتهم، وتقوية قلوبهم لما انتصبوا له .. وتقوية الإسلام بتقوية المجاهدين.
والإحصار فى اللغة:
أن يعرض للرجل ما يحول بينه وبين سفره من مرض وكبر أو عدو أو ذهاب نفقة أو نصرة الدين، أحصرتهم عن الانشغال بسائر المهمات (2).
(1) مختصر تفسير ابن كثير – 1/ 244.
(2)
مفاتيح الغيب للرازى – 3/ 637.
وقال قتادة بن دعامة: حبسوا أنفسهم فى سبيل الله أى فى طاعته، فلا يتفرغون إلى طلب المعاش (1).
ودين الله فى هذا الزمان فى أمس الحاجة إلى مرابطة المسلمين لإقامة دين الله عز وجل فى الأرض.
(اللهم فهمنا جهد حبيبك علي منهاج حبيبك، حسب مرضاتك.)
* * * * *
(1) تذكرة الحفاظ للذهبى – 1/ 49.