المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تصحيح النيةوإخلاصها لله عز وجل - كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله

[محمد علي محمد إمام]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدمة

- ‌البشارة بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلموأمته فى الكتب المتقدمة

- ‌الإعدادلبعثة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم

- ‌إمام الدعاة صلى الله عليه وسلميتحدث عن نفسه

- ‌الحبيب صلى الله عليه وسلميصفه أصحابه

- ‌الجاهلية الأولىوالحاجة إلى بعثة نبى

- ‌موازنةبين الجاهلية الأولى وجاهلية اليوم

- ‌إفتقار العباد إلى الهداية

- ‌ميادين الهداية

- ‌منعلامات الهداية

- ‌وجوب الدعوة إلى الله عز وجلعلى الأمة المحمدية فى ضوءالكتاب والسنة

- ‌عظم المسئولية

- ‌الإحساس بمسئولية الدعوة

- ‌بعثة المسلم

- ‌عالمية الرسالة والدعوة

- ‌شرفالأمة المسلمة وعزها

- ‌رحماء بينهم

- ‌الدين النصيحة

- ‌وتعاونوا

- ‌ أنصر أخاك

- ‌حقائق فى الدعوة إلى الله

- ‌منمرتبة الحسن إلي الأحسن

- ‌الموعظة فى آيات

- ‌أحوال الناس أمام الدعاة

- ‌من أنوار القرآن

- ‌القدوة

- ‌الحكمة والموعظة الحسنة

- ‌من الصفاتالتى يجب أن يتحلى بها الداعىإلى الله

- ‌بركات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌عاقبةترك الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌الله جل جلالهيحذر هذه الأمة من ترك الدعوة إلى الله

- ‌لماذا يتكررقصص الأنبياء فى القرآن

- ‌هل تجب الدعوة إلى الله عز وجلعلى المقصر

- ‌مع آية الخيرية

- ‌شروط إنكار المنكر

- ‌الباعث علىالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

- ‌نصاب جهد الدين

- ‌هل تقدم الدعوة على القتال

- ‌هل هناك فرقبين لفظ الجهاد ولفظ الدعوة

- ‌ما هى مراتب الجهاد

- ‌الرباط

- ‌أقوالالسلف فى آية المجاهدة

- ‌مزاجالنبوة فى الدعوة إلى الله

- ‌مقصد الأمة

- ‌النبوة والخلافة والنيابة

- ‌العقيدة أولاً أم الحاكمية

- ‌هل ننصر بدون الدعوة

- ‌الدعوة طريق العودة

- ‌الداعى إلى الله مؤيد من الله

- ‌إيمان الجند سبيل النصر

- ‌الأفراح

- ‌الابتلاءطريق الدعاة إلى الله

- ‌صيحة إلى كل داعى

- ‌ما هو الترقى

- ‌قطوفمن بستان الدعوة إلى الله

- ‌الدين

- ‌وصية الصديق رضي الله عنه

- ‌وصية جندب رضي الله عنه

- ‌أذهله أمر آخرته

- ‌عبرة

- ‌صلاح الأحوال

- ‌المنافع مع الدين الكامل

- ‌الحقائق الغيبية

- ‌التكاليف والأوامر

- ‌مصحة إيمانية

- ‌هل أنت مؤمن

- ‌من أجود جوداً

- ‌سنة الحركة والترك

- ‌من جميل ما يروى فى الحلم

- ‌حديث قدسى

- ‌رسالة عبد الله بن المباركإلى فضيل ابن عياض

- ‌جهد الأعلى وجهد الأدنى

- ‌الأسباب للاختبار والامتحان

- ‌هل نترك الأسباب

- ‌الجهد سبباً للورع والتقوى

- ‌عاطفة نشر الدين

- ‌الصفات

- ‌صفة الإتباعمحمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة الصلاةذات الخشوع والخضوع

- ‌العلم الحقيقي

- ‌الفقه

- ‌مقصود العلم إحياء الإسلام

- ‌الدعاة هم أولياء الله عز وجل

- ‌الذكر

- ‌الإيثار والإكرام

- ‌تصحيح النيةوإخلاصها لله عز وجل

- ‌الدعوة إلى الله عز وجلوالتضحية لدين الله عز وجل

- ‌ملخص الصفات الطيبة

- ‌المحبة

- ‌أيها الدعاة إلى اللهأخلصوا

- ‌من أفواه الدعاة

- ‌الدعوة مصنع الرجال

- ‌رجال أدهشوا التاريخ

- ‌الدعوة إلى اللهمن البداية إلى النهاية

- ‌حال العالم قبل ظهور الأمة المحمدية:

- ‌ظهور الأمة المحمدية:

- ‌وهل بعثت الأمة للتجارة

- ‌وهل بعثت الأمة للصناعة

- ‌وهل بعثت الأمة لتنضم إلى الحكومات

- ‌وهل بعثت الأمة للتوسع في الشهوات والملذات

- ‌ وهل تريد ملكا

- ‌لقد بعثت الأمة لغرض سام جداً

- ‌في أي مكان ظهرت هذه الأمة

- ‌مجابهه قريش لها:

- ‌ غزوة بدر وبيان مهمة الأمة:

- ‌شرط بقاء الأمة:

- ‌ربعي بن عامر رضي الله عنه يبين لرستم قائد الفرس مقصد بعثة الأمة:

- ‌عتاب الله لمن تلكأ عن المهمة:

- ‌حال الأمة اليوم:

- ‌حجة ظاهرة علي المسلمين:

- ‌لماذا كتب الله لنا الخلود والظهور

- ‌ تخلف الأمة عن الأمم المعاصرة:

- ‌ما الذي يقهر المادة

- ‌العالم بأسرة ينتظر رسل المسلمين:

- ‌انحراف المسلمين عن المثل الكامل:

- ‌ماذا كان يفعل الصحابة إذا أسفر النهار

- ‌ماذا إذا أذن المؤذن

- ‌مجالس الذكر والعلم:

- ‌حال القراء

- ‌المعرفة بالحلال والحرام:

- ‌التبليغ:

- ‌الحب .. التضحية .. الإيثار:

- ‌وضع كل شيء في محله:

- ‌ماذا لو نادي منادي الجهاد:

- ‌يسيحون في الأرض:

- ‌كيف السبيل إلى عودة هذه الحياة:

- ‌الكلمة وتغيير منهاج الحياة:

- ‌وما الذي يساعد علي التغيير

- ‌الصلاة:

- ‌العلم:

- ‌الذكر:

- ‌الدعوة والتبليغ:

- ‌الخروج في سبيل الله:

- ‌الشيخ إلياس وفكرة في الإصلاح:

- ‌تأسيس المدارس والكتاتيب:

- ‌الفرق بين المعلمين والمرسلين:

- ‌فراسة إيمانية:

- ‌النتيجة والثمرة:

- ‌وقبل الختام

- ‌الختام

- ‌المراجع

الفصل: ‌تصحيح النيةوإخلاصها لله عز وجل

‌تصحيح النية

وإخلاصها لله عز وجل

-

قال تعالى {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (1).

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال حين بُعث إلى اليمن يا رسول الله أوصنى. قال: أخلص دينك يكفيك العمل القليل " (رواه الحاكم).

وروى ابن أبى الدنيا بسند منقطع عن عمر رضي الله عنه قال: لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسبة له " (2).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لا ينفع قول إلا بعمل، ولا ينفع قول وعمل إلا بنية، ولا ينفع قول وعمل ونية إلا بما وافق السنة (3).

(1) سورة النساء - الآية 114.

(2)

جامع العلوم والحكم لابن رجب.

(3)

المرجع السابق.

ص: 408

وعن عبد الله بن المبارك قال: رب عمل صغير تُعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية (1).

وعن حميد بن عبد الرحمن أن تميماً الدارى أستأذن عمر رضي الله عنه فى القصص سنتين ويأبى عليه فلما أكثر عليه قال: ما تقول؟ قال: أقرأ عليهم القرآن وآمرهم بالخير وأنهاهم عن الشر. قال عمر: ذلك الذبح. ثم قال: عظ قبل أن أخرج إلى الجمعة فكان يفعل ذلك. فلما كان عثمان رضي الله عنه استزاده فزاده يوماً آخر.

وفى رواية قال له: على مثل الذبح، قال إنى أرجو العاقبة. فأذن له.

وفى رواية قال له أو لرجل غيره أخشى أن تنتفخ حتى تبلغ الثريا (2).

وعن الحسن رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبدٍ يخطب خطبة إلا الله عز وجل سائله عنها ما أراد بها؟ " قال جعفر: كان مالك بن دينار إذا حدث هذا الحديث بكى حتى ينقطع ثم يقول: تحسبون أن عينى تقر بكلامى عليكم، فأنا أعلم أن الله عز وجل سائلى يوم القيامة ما أردت به. (رواه ابن أبى الدنيا والبيهقى مرسلا باسناد جيد)(3).

(1) المرجع السابق.

(2)

تاريخ الإسلام للذهبى – 2/ 241.

(3)

كتاب الترغيب والترهيب للمنذري – باب الترهيب أن يعلم ولايعمل بعلمه وبقوله ولايفعله 1/ 63.

ص: 409

وخطب عمر بن عبد العزيز يوماً فرقَّ الناس وبكَوْا، فقطع خطبته فقيل له: لو أتممت كلامك رجونا أن ينفع الله به. فقال عمر: إن القول فتنة، والفعل أولى بالمؤمن من القول (1).

ويقول أبو حفص لأبى عثمان النيسابورى: إذا جلست للناس فكن واعظاً لقلبك ونفسك، ولا يغرنك اجتماعهم عليك، فإنهم يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك.

وليس معنى ذلك أن يترك الدعوة إلى الله عز وجل خشية الرياء ولكن يجب على كل من قام بعمل الدعوة وتذكير الناس بالله عز وجل بمراقبة قلبه ومجاهدة نفسه على الإخلاص والتنزه عن خطرات الرياء، وذلك بتصحيح النية قبل العمل وأثناء العمل والاستغفار بعد الفراغ من العمل.

قال الحسن رحمه الله: رحم الله عبداً وقف عند همه فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر.

يكون الإخلاص هو الباعث على العمل، يعنى أى عمل تعمل تنوى به رضاء الله سبحانه وتعالى ونكون دائماً فى كل عمل مشغولين بقبول العمل، فالصحابة رضى الله عنهم كانوا يعملون ويخافون ألا يُقبل منهم، فعن عائشة – رضى الله عنها – قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {

(1) جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلى.

ص: 410

وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (1) أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق ! ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يُقبل منهم أولئك الذين يسارعون فى الخيرات. (رواه الترمذى وابن ماجة)(2).

مع أنهم {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} كانت أعمالهم مثل الجبال ولكن يخافون الله عز وجل ألا يقبل منهم، وكانوا يتهمون أنفسهم بالنفاق، فعن أبى مليكة رضي الله عنه: يقول أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل.

(رواه البخارى).

وقالوا: أنفع الأعمال أن تغيب عن الناس بالإخلاص وعن نفسك بشهود المنَّه (3).

وقالوا: .. فر من الناس فرارك من الأسد ..

ولا تفرح بما يقال عنك ..

ولا تصدق بما يقال عندك ..

(1) سورة المؤمنون – الآية 60.

(2)

مشكاة المصابيح – باب البكاء والخوف - 3/ 1470.

(3)

الفوائد لابن القيم.

ص: 411

من علامات إخلاص الداعى إلى الله عز وجل:

أن لا يتأثر بالذم ولا بالمدح.

أنه لو ظهر من هو أحسنُ منه وعظاً وأغزر منه علماً والناس أشدُ له قبولاً فرح به ولم يحسده، ولا بأس بحسد الغبطة وهو أن يتمنى لنفسه مثله.

أنه لو حضر الأكابر مجلسه لم يتغير كلامه بل يكون ناظراً للخلق كلهم بعين واحدة، ولا يتأثر بكثرة الناس حوله، ولا بقلتهم، بل يتكلم مع القليل كما يتكلم مع الكثير، وقد حُكى لنا أن الشيخ / محمد إسماعيل (1) " ألقى محاضرة لمدة ثلاث ساعات وبعد أن فرغ من إلقاء المحاضرة وانصرف الناس فإذا برجل يدخل المسجد فوجد الشيخ / محمد إسماعيل وهو لا يعرفه، فقال: يا شيخ: أنا جئت من مسافة ثلاثة عشر كيلو متر لأسمع محاضرة الشيخ / محمد إسماعيل، فقال له الشيخ / محمد إسماعيل أتحب أن أسمعك الذى قاله الشيخ محمد إسماعيل؟ قال: نعم. فجلس معه الشيخ / محمد إسماعيل لمدة ثلاث ساعات يلقى عليه المحاضرة (وهذا دليل الإخلاص).

(1) هو أحد علماء الهند الأجلاء ووالد الشيخ إلياس مؤسس جماعة التبليغ والدعوة.

ص: 412

وأن لا يطلب من وراء دعوته أجر (مال – شهرة – جاه – منصب .. الخ)، قال تعالى {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1).

ويروى عن الأصمعى قال: حدثنا أبو عمرو الصفار قال: حاصر مسلمة حصناً فندب الناس إلى نقب منه، فما دخل أحد، فجاء رجل من عرض الجيش فدخله ففتحه الله عليهم، فنادى مسلمة: أين صاحب النقب؟ فما جاء أحد. فنادى: إنى آمرت الآذِن بإدخاله ساعة يأتى، فعزمت عليه إلا جاء. فجاء رجل فقال: استأذن لى على الأمير. فقال له: أنت صاحب النقب؟ قال: أنا أخبركم عنه. فأتى مسلمة فأخبره عنه فأذن له. فقال لمسلمة: إن صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثاً (2):

ألا تسود اسمه فى صحيفة إلى الخليفة.

ولا تأمروا له بشئ.

ولا تسألوا ممن هو؟

قال: فذاك له.

قال: أنا صاحب النقب.

(1) سورة يوسف _ الأية 104.

(2)

سورة الحج - الآية 78.

ص: 413

فكان مسلمة لا يصلى بعدها صلاة إلا قال: اللهم اجعلنى مع صاحب النقب (1).

قال الشيخ / محمد يوسف الكاندهلوي – رحمه الله: علامات الإخلاص المداومة على الأعمال حتى الموت.

لما يأتى الإخلاص عند الإنسان .. يأتى عنده التمييز .. فسيدنا على رضي الله عنه عندما أراد أن يقتل الذى قتل تسعة وأوجع فى المسلمين .. فالتفت وبصق فى وجه الإمام على كرم الله وجهه، فتركه بعد أن ظفر به فسأله الرجل: لماذا تركتنى؟! قال: كنت أريد أن أقتلك أولاً لله .. ثم تغيرت النية للثأر لنفسى .. فأسلم الرجل.

أستغفرك من كل عملٍ عملته لك ثم خالطته النية لغيرك .. (دعاء).

نجعل حال سر وحال علن.

هناك شيطان يخرج العمل من السر إلى العلن .. فإذا خرج للعلن يباهى به يخرجه من ديوان السر للعلن حتى يبطله.

الثلاثة الذين دخلوا الغار وأطبقت عليهم الصخرة وقالوا .. أدعو الله عز وجل بصالح أعمالكم .. فلولا الإخلاص .. كيف يكون مصيرهم.

(1) عيون الأثر لابن قتيبة.

ص: 414

يكون لنا عمل فى السر ولا حرج أن يكون لنا عمل فى العلن .. فقد سئل الشيخ العز بن عبد السلام الدمشقى: عن العمل الذى ينبغى تركه خوف الشهرة؟

فأجاب رحمه الله: الأعمال ثلاثة أقسام:

أحدهما: ما شرع فى السر والخفاء: كقيام الليل وإسرار الذكر والدعاء فهذا لا يظهره ولا يجهر به لأنه إذا أظهره فقد خالف سنته مع تعريضه

للسمعة والرياء.

الثانى: ما شُرع علانية كالأذان وتشييع الجنائز والجهاد والحج والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والولايات الشرعية (كالقضاء والإمامة) فهذا لا يتركه خوف الرياء والفتنة بل يأتى به ويجاهد نفسه فى دفع الفتنة والرياء وعلى هذا أدرج السلف والخلف.

الثالث: ما خير الشرع فيه بين الإظهار والإخفاء: كالصدقات فإنه قال جل وعلا {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (1).

(1) سورة البقرة – من الآية 271.

ص: 415

فهذا إخفاؤه خير من إظهاره لما فيه من الحزم، وحفظ الأجر، عن خواطر الرياء، إلا أن يكون مظهره ممن يقتدى به فيه إذا أظهره وهو قوى على ضبط نفسه وحفظها من الشبهة والرياء كمن تصدق بدرهم على فقير مثلاً فاقتدى به فى التصدق عليه فهذا إظهاره أفضل لأنه أمن من الرياء فتسبب إلى التوسعة على الفقراء وإلى مثوبة من تصدق عليهم من الأغنياء وفى الحديث من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها (1).

وأخيراً: نختم باب الإخلاص .. بقول الحق سبحانه وتعالى {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الارْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (2).

*****

(1) فتاوى العز بن عبد السلام.

(2)

سورة يونس – الآية 61.

ص: 416