الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ميادين الهداية
- أول ميدان: " النهار ":
قال تعالى: مخبراً عن نوح عليه السلام {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً} (1) وقال الله عز وجل لحبيبه محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (2).
قم فأنذر .. قم للأمر العظيم الذى ينتظرك، قم للجهد والتعب والكد وعظم ربك وخصه بالتمجيد والتقديس وأفرده بالعظمة والكبرياء فليس هناك من هو أكبر من الله تعالى (3) ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُرى إلا غادياً أو رائحاً يقول للناس .. قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ..
(1) سورة نوح - الآية 5.
(2)
سورة المدثر - الآيات 1: 7
(3)
صفوة التفاسير - 3/ 473.
وقد قيل أنه لما أنزلت هذه الآيات قال المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم .. اطوى الفراش يا خديجة، فقد انتهى عهد الراحة .. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الفكرة، متواصل الأحزان، ليس له راحة .. (1)
وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً} (2).
فمكة ليس فيها نهر يسبح فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعه ولكن يسبح فى قلوب الخلق يكلمهم عن عظمة الله وقدرته وأسمائه وصفاته وبره وعطفه وجوده وكرمه وعن اليوم الآخر والجنة والنار ..
فالداعى مثل السابح فى النهر فالذى يسبح فى النهر لا يغفل دقيقة واحدة وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعوة إلى الله.
- الميدان الثانى: الليل:
(1) الترمذى فى الشمائل.
(2)
سورة المزمل - الآية 7.
(3)
سورة المزمل - الآيات 1: 7.
فالله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقوم فى الليل بين يدى الله عز وجل يدعوه جلا وعلا ينزل رحمته على عباده الذين يقوم بدعوتهم فى النهار {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} (1) لذلك فقيام الليل يقّوم اللسان أثناء الدعوة فى النهار.
ورضى الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسارعون فى امتثال أوامر الله عز وجل حتى ذكرهم الله عز وجل فى قرآن يتلى إلى يوم الدين .. {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون} (2)، وقال الله عز وجل فى موضع آخر {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (3).
وعن أبى أراكة يقول: صليت مع على رضي الله عنه صلاة الفجر فلما انفتل عن يمينه مكث كأن عليه كآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح صلى ركعتين ثم قلب يده فقال: والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلما أرى اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون صفراً شعثاً غبراً، بين أعينهم كأمثال ركب المعزى، قد باتوا لله سجد .. قيام .. يتلون كتاب الله يتراوحون
(1) سورة المزمل - الآية 6.
(2)
سورة الذاريات – الآيتان 17، 18.
(3)
سورة السجدة - الآية 16.
بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر فى يوم الريح هملت أعينهم حتى تبل ثيابهم والله فكأن القوم باتوا غافلين ثم نهض فما رؤى بعد ذلك مفتراً يضحك حتى قتله ابن ملجم عدو الله الفاسق. (أخرجه ابن أبى الدنيا)(1).
بل إن الأمر ازداد وضوحاً إلى أن شهد به أعدائهم بأنهم يقومون الليل ويصومون النهار (فرسان بالنهار ورهبان بالليل) والفضل ما شهد به الأعداء.
- الميدان الثالث: الدعاء فى كل وقت وكل حين:
يقول الله عز وجل لنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (2) أى فارغب إلى الله فى الدعاء بعد أن قال عنه فى سورة الضحى {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (3) وقال الله عز وجل {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (4).
(1) حياة الصحابة – باب الآثار فى صفة الصحابة الكرام رضى الله عنهم – 1/ 19.
(2)
سورة الشرح - الآيتان 7، 8.
(3)
سورة الضحى - الآية 11.
(4)
سورة العنكبوت - الآية 69.
وعلى الداعى أن:
• يدعو حتى تتنزل الهداية على المدعو.
• يدعو فى سبيل الله حتى يموت المدعو (كما حدث مع عم النبى صلى الله عليه وسلم أبو طالب) .. وأن يستمر فى الدعوة حتى الموت.