الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما هى مراتب الجهاد
؟!
للجهاد أربعة مراتب:
1) جهاد النفس.
2) جهاد الشيطان.
3) جهاد الكفار والمشركين.
4) جهاد المنافقين وأهل البدع والزيغ.
أولاً: جهاد النفس:
وذلك بحثها على تعلم الدين .. وكأن طلب العلم جهاد .. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " من خرج فى طلب العلم فهو فى سبيل الله حتى يرجع "(1).
مجاهدة النفس للعمل بما علمت من أوامر الله عز وجل.
مجاهدة النفس للدعوة إلى ما علمت من أوامر الله عز وجل.
مجاهدة النفس على تحمل الأذى الذى ينال الإنسان من دعوة الغير إلى الله عز وجل.
ثانياً: جهاد الشيطان:
(1) رياض الصالحين - باب العلم.
الشيطان عدو للإنسان .. ويصرف الإنسان عن الدين بطريقين:
1) طريق الشبهات.
…
2) طريق الشهوات.
ويشكك الإنسان فى عقيدته ويلقى له الشبهات حتى ينصرف عن دينه، ثم يلقى أمامه الشهوات حتى يضيع فيها ماله .. وقته .. فكره .. وعواطفه .. فلا يبقى له شئ من الدين.
ومجاهدة الشيطان فى دفع الشبهات لا يكون إلا باليقين .. وهو قوة الإيمان وصدقه فى القلب والوجدان .. فباليقين تدفع الشبهات .. ودفع الشهوات يكون بالصبر عن المعاصى والمخالفات والإغراءات وكل ما يفتن به الإنسان فى هذه الدنيا، وبهذا الصبر واليقين يتحصل الإنسان على الإمامة فى الدين .. قال الله عز وجل {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} (1).
ثالثاً: جهاد الكفار والمشركين:
ويكون هذا الجهاد باليد لقول النبى صلى الله عليه وسلم " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " رواه أبو داود والنسائى والدارمى (2)، ولا يتم قتال المشركين إلا بعد الدعوة .. لقول ابن عباس رضي الله عنه ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً حتى دعاهم .. (رواه الحاكم فى مستدركه وقال حديث صحيح الإسناد
(1) سورة السجدة - الآية 24.
(2)
مشكاة المصابيح – كتاب الجهاد – 2/ 1124.
) (1) وكان إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه فى خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال اغزوا باسم الله فى سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعوهم إلى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم .. ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعوهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين واخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا (يعنى عن ديارهم ويجاهدوا) فأخبرهم أنهم يكونوا كأعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله الذى يجرى على المؤمنين ولا يكون لهم فى الغنيمة والفيئ شئ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم (رواه مسلم)(2) فيدفعون الجزية ويكونوا فى حماية المسلمين.
وتتطلب هذه الحماية وجود المسلمين بين ظهرانى المشركين، فيرى صفات المسلمين وأخلاقهم (العفة، الأمانة، الصدق، الحلم، الرحمة، .. الخ) فيتأثروا بأخلاق المسلمين .. فيدخلوا فى دينهم .. لما يروا فى دينهم من الصفات .. والأعمال التى يرونها لصلاح حياتهم ..
(1) وعبد الرازق فى مصنفه وأحمد فى مسنده والطبرانى فى معجمه والبيهقى فى سننه وابن النجار (حياة الصحابة – باب الدعوة إلى الله تعالى فى القتال – 1/ 86).
(2)
مشكاة المصابيح – باب الكتاب إلى الكفار ودعائهم إلى الإسلام – 2/ 1150.
ولذلك كثير من الناس دخلوا فى الإسلام بعدما فرض عليهم الجزية، بعد أن رأوا أخلاق وصفات المسلمين .. وكأن الجزية صورة عملية للدعوة، فإذا رفضوا كلا الأمرين (الدعوة، الجزية) حينئذٍ يقول الله عز وجل: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (1).
ومن هنا يتبين أن النصر لا يأتى للمسلمين إلا بعد أن يقوموا بالدعوة لهؤلاء الكفار قبل أن يقاتلوهم.
ورفض الكفار للدعوة كأنهم رفضوا الرحمة الموجهة إليهم من الله عز وجل ولما رفضوا هذه الرحمة برفض الدعوة حينئذٍ يحل عليهم العذاب .. يقول الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين " قاتلوهم " رفضوا رحمتى إذاً يستحقوا القتل .. وكأن المرحلة الأخيرة من مراحل الدعوة هى القتال.
ولهذا لا نشعر أن هناك فرق كبير بين عمل الدعوة وعمل القتال فى سبيل الله عز وجل ولهذا نستشهد بالآيات والأحاديث التى جاءت فى الجهاد نستشهد بها فى عمل الدعوة إلى الله عز وجل وهذا استشهاد صحيح.
وحينما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لغدوة فى سبيل الله أو روحه خير من الدنيا وما فيها .. هل هذه الروحه فقط فى القتال .. ؟ لا .. بل إن الإمام
(1) سورة التوبة – الآيتان 14، 15.
البخارى أورد فى باب المشى إلى المساجد .. " عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له فى الجنة نزلاً كلما غدا أو راح. متفق عليه (1).
وفى صحيح الإمام البخارى فى باب المشى إلى الجمعة عن عباية بن رافع قال: أدركنى أبو عبس وأنا أذهب إلى الجمعة فقال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: " من أغبرت قدماه فى سبيل الله حرمه الله على النار " وقد نقل الإمام ابن حجر العسقلانى فى شرحه لهذا الحديث عن ابن بطال أنه قال: والمراد فى سبيل الله كل طاعة (2).
ولهذا تعتبر الغدوة إلى المسجد والروحة منه جهاداً فى سبيل الله، وطالب العلم كالغادى الرائح فى سبيل الله. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه من رأى الغدو والرواح إلى العلم ليس بجهاد فقد نقص فى عقله ورأيه (3).
رابعاً: جهاد المنافقين وأهل البدع والزيغ:
وهذا الجهاد .. يكون باليد .. فإن عجز فبلسانه .. فإن عجز فبقلبه .. وذلك أضعف الإيمان.
فأكمل الخلق عند الله عز وجل، من كمل مراتب الجهاد كلها، والخلق متفاوتون فى منازلهم عند الله، تفاوتهم فى مراتب الجهاد، ولهذا كان أكمل
(1) رياض الصالحين - باب فضل المشى إلى المساجد.
(2)
فتح البارى شرح صحيح البخارى لابن حجر العسقلانى – 6/ 36.
(3)
المتجر الرابح فى ثواب العمل الصالح – باب العلم – الدمياطى.
الخلق وأكرمهم على الله خاتم أنبيائه ورسله، فإنه كمل مراتب الجهاد، وجاهد فى الله حق جهاده وشرع فى الجهاد من حيث بعث إلى أن توفاه الله عز وجل، فإنه لما نزل عليه {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (1) شمر عن ساق الدعوة وقام فى ذات الله عز وجل أتم قيام ودعا إلى الله ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً، ولما نزل عليه {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (2).
…
فصدع بأمر الله عز وجل لا تأخذه فيه لومة لائم فدعا إلى الله الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، والأحمر والأسود، والجن والأنس (3).
…
ويحسن بنا أن نختم هذا الباب بالحديث الشريف الذى رواه الإمام مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق "(4).
* * * * *
(1) سورة المدثر – الآية 1.
(2)
سورة الحجر – الآية 94.
(3)
انظر زاد المعاد لابن القيم - 2/ 72.
(4)
رياض الصالحين - كتاب الجهاد.