الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين النصيحة
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنهم قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم. متفق عليه (1).
وعن أبى رقية تميم بن أوس الدارى رضي الله عنهم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الدين النصيحة (ثلاثاً) قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم (2).
عن أنس رضي الله عنهم يرفعه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم يهتم بأمر المسلمين ومن لم يصبح ويمسى ناصحاً لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منا "(رواه البيهقى والطبرانى)(3).
وعن أبى أمامه رضي الله عنه عن النبى المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: أحب ما تعبدنى به عبدى النصح لى .. وفى رواية لكل مسلم (رواه أحمد والحكيم وأبو نعيم)(4).
(1) رياض الصالحين - باب النصيحة.
(2)
المرجع السابق.
(3)
جامع العلوم والحكم - لابن رجب.
(4)
الاتحافات السنية للمناوى.
وقيل " لا خير فى قوم لا يتناصحون فيما بينهم ولا خير فى قومٍ لا يقبلون النصيحة ".
وقال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير.
قال المازرى: نصيحة مشتقة من نصحت العسل أى صفيته. يقال نصح الشىء إذا خلص ونصح له القول إذا أخلص. أو مشتقة من النصح وهى الخياطة بالمنصحة وهى الإبرة.
والمعنى أنه يلم شعث أخيه بالنصح كما تلم المنصحة الثوب ومنه التوبة النصوح كأن الذنب يمزق الدين والتوبة تخيطه.
وقال الخطابى: النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له.
النصيحة لله:
1) وصفة بما هو له أهل.
2) الخضوع له ظاهراً وباطناً.
3) الرغبة فى محابه بفعل طاعته.
4) الجهاد فى رد العاصين إليه.
قال الحواريون لعيسى عليه السلام: يا روح الله من الناصح لله؟
قال: الذى يقدم حق الله على حق الناس.
النصيحة لكتاب الله:
وتتم بتعلمه وتعليمه وإقامة حروفه فى التلاوة وتحريرها فى الكتابة وتفهم معانيه، والعمل بما فيه وذب تحريف المبطلين عنه.
النصيحة لرسوله صلى الله عليه وسلم:
وذلك يتحصل بتعظيمه ونصره حياً وميتاً وإحياء سنته وتعليمها والإقتداء به فى أقواله وأفعاله ومحبته ومحبة أتباعه.
النصيحة لأئمة المسلمين:
1) إعانتهم على ما حملوا القيام به.
2) تنبيههم عند الغفلة.
3) سد خلتهم عند الهفوة.
4) جمع الكلمة عليهم.
5) رد القلوب النافرة إليهم.
6) ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتى هى أحسن.
ومن جملة أئمة المسلمين:
أئمة الاجتهاد وتقع النصيحة لهم .. ببث علومهم، ونشر مناقبهم، وتحسين الظن بهم.
النصيحة لعامة المسلمين:
1) الشفقة عليهم.
2) السعى فيما يعود عليهم بالنفع.
3) تعليمهم ما ينفعهم.
4) كف وجوه الأذى عنهم.
5) يحب لهم ما يحب لنفسه.
6) ويكره لهم ما يكره لنفسه.
والدين النصيحة .. يحتمل أن يحمل على المبالغة أى معظم الدين النصيحة كما قيل فى الحديث الشريف (الحج عرفه (1)، ويحتمل أن يحمل على ظاهره لأن كل عمل لم يرد به عامله الإخلاص فليس فى الدين (2).
ولذلك كانت عاطفة كل الأنبياء عليهم السلام: الشفقة والرحمة والنصح لأقوامهم، ولهذا أخبر الله سبحانه وتعالى عن حبيبه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم {
(1) رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم والدارقطنى.
(2)
فتح البارى شرح صحيح البخارى - لابن حجر العسقلانى – 1/ 137.
لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (1).
وقال الله جل ثناؤه إخباراً:
عن نوح عليه السلام: {وَأَنْصَحُ لَكُم} (2)
وعن هود عليه السلام: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (3)، وهذا نبى الله صالح عليه السلام قد ذكر الله نصحه لقومه فقال الله سبحانه وتعالى {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} (4).
وعن صاحب ياسين: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (5).
(1) سورة التوبة - الآية 128.
(2)
سورة الأعراف - الآية 62.
(3)
سورة الأعراف - الآية 68.
(4)
سورة الأعراف – الآيتان 78، 79.
(5)
سورة يس – الآيات 20: 27.
ومع هموم إبراهيم الخليل عليه السلام مع أبيه الكافر .. قال تعالى {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ
(1) سورة غافر – الآيات 38: 44.
لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً} (1).
وننتقل من ابن مع أبيه .. إلى والدين مع ابنهما الملحد الذى ينكر البعث حرصاً منهما على هدايته: وإليك حوار الدعوة المملوء بالشفقة والرحمة كما يصوره الله عز وجل: قال تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} (2).
وتأمل معنى قول الله عز وجل: {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ} أى يطلبان من الله الهداية لولدهما الضال (بِهَم .. حُرقة .. حزن .. شفقة) ويلك آمن إن وعد الله حق .. نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الشفقة والرحمة التى كانت فى قلوب الأنبياء عليه السلام
* * * *
(1) سورة مريم - الآيات 41: 48.
(2)
سورة الأحقاف - الآية 17.