الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البشارة بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم
وأمته فى الكتب المتقدمة
عن عطاء بن يسار قال، لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقلت أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم فى التوراة قال: أجل والله إنه لموصوف فى التوراة ببعض صفته فى القرآن {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} (1) وحرزاً للأميين أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخَّاب (2) فى الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله فيفتح بها أعيناً عُميا وآذاناً صُما وقلوباً غُلفا" (أخرجه البخارى والإمام أحمد)(3).
(1) سورة الأحزاب - الآية 45.
(2)
سخًّاب: أى كثير الصخب وهو الذى يرفع صوته فى الأسواق.
(3)
مشكاة المصابيح - باب فضائل سيد المرسلين 3/ 1602.
وقال وهب ابن منبه: إن الله تعالى أوحى إلى نبى من أنبياء بنى إسرائيل يقال له (شعياء) أن قم فى قومك بنى إسرائيل فإنى منطق لسانك بوحى وأبعث أمياً من الأميين أبعثه ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب فى الأسواق، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشى على القصب لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشراً ونذيراً لا يقول الخنا، أفتح به أعيناً كمهاً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً، أسدده لكل أمر جميل وأهب له كل خلقٍ كريم وأجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خُلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدى به بعد الضلال، وأعلَّم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأُعرف به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغنى به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين أمم متفرقة، وقلوب مختلفة وأهواء متشتتة، وأستنقذ به فئاماً من الناس عظيمة من الهلكة، وأجعل أمته خير أمه أُخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر موحدين مؤمنين مخلصين مصدقين لما جاءت به رسلى، ألهمهم التسبيح والتحميد والثناء والتكبير والتوحيد فى مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، يصلون لى قياماً وقعوداً، ويقاتلون فى سبيل الله صفوفاً وزحوفاً، ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتى ألوفاً يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدون الثياب فى
الأنصاف (1)، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم فى صدورهم، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، وأجعل فى أهل بيته وذريته السابقين والصديقين والشهداء والصالحين أمته من بعده، يهدون بالحق وبه يعدلون، وأعز من نصرهم، وأؤيد من دعا لهم، وأجعل دائرة السوء على من خالفهم أو بغى عليهم أو أراد أن ينتزع شيئاً مما فى أيديهم، أجعلهم ورثة لنبيهم، والداعية إلى ربهم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم، أختم بهم الخير الذى بدأته بأولهم ذلك فضلى أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم ". (أخرجه ابن أبى حاتم عن وهب)(2).
وذكر وهب بن منبه فى قصة داود عليه السلام وما أوتى إليه فى الزبور:
يا داود: " إنه سيأتى من بعدك نبى اسمه أحمد ومحمد صادقاً سيداً، لا أغضب عليه أبداً، ولا يغضبنى أبداً، وقد غفرت له قبل أن يعصينى ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أمته مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء وافترضت عليهم الفرائض التى افترضت على الأنبياء والرسل حتى يأتونى يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أنى افترضت عليهم أن
(1) إشارة إلى ما رواه أبو سعيد الخدرى رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل ذلك ففى النار - قال ذلك ثلاث مرات - ولا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً .. " رواه أبو داود وابن ماجة (مشكاة المصابيح - كتاب اللباس - 2/ 1243).
(2)
مختصر تفسير ابن كثير - سورة الأحزاب – 3/ 102.
يتطهروا إلى كل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم.
يا داود: إنى فضلت محمداً وأمته على الأمم كلها، أعطيتهم ست خصال لم أعطها غيرهم من الأمم:
- لا آخذهم بالخطأ والنسيان.
- وكل ذنب ارتكبوه على غير عمد إن استغفرونى منه غفرته لهم.
- وما قدموا لآخرتهم من شئ طيبة به أنفسهم جعلته لهم أضعافاً مضاعفة وأفضل من ذلك.
- وأعطيهم على المصائب فى البلايا إذا صبروا وقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات النعيم، فإن دعونى استجبت لهم فإما أن يروه عاجلاً وإما أن أصرف عنهم سوءاً وإما أن أدخره لهم فى الآخرة.
يا داود: من لقينى من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له صادقاً بها فهو معى فى جنتى وكرامتى، ومن لقينى وقد كذب محمداً أو كذب بما جاء به واستهزأ بكتابى صببت عليه فى قبره العذاب صبا، وضربت
الملائكة وجهه ودبره عند منشره من قبره ثم أدخله فى الدرك الأسفل من النار " (1).
وعن كعب يحكى عن التوراة قال: " نجد مكتوباً محمدٌ رسول الله عبدى المختار لا فظ ولا غليظ ولا سخاب فى الأسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر مولده فى مكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام وأمته الحمادون، يحمدون الله فى السراء والضراء، يحمدون الله فى كل منزلة، ويكبرونه على كل شرف، رعاة الشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها، يأتزرون على أنصافهم، ويتوضئون على أطرافهم، مناديهم ينادى فى جو السماء، صفهم فى القتال وصفهم فى الصلاة سواء، لهم بالليل دوى كدوى النحل ". (هذا لفظ المصابيح ورواه الدارمى بتغيير يسير)(2).
وروى الحافظ البيهقى بسنده عن وهب بن منبه اليمانى قال: إن الله عز وجل لما قرب موسى نجيا، قال: رب! إنى أجد فى التوراة أمة خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، فاجعلهم أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب! إنى أجد فى التوراة أمة هم خير الأمم السابقون يوم القيامة فاجعلهم أمتى، قال تلك أمة أحمد، قال: رب! إنى أجد فى التوراة أمة أناجيلهم فى صدورهم
(1) البداية والنهاية - 6/ 63.
(2)
مشكاة المصابيح – باب فضائل سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم 3/ 1606.
يقرؤونها وكان من قبلهم يقرءون كتبهم نظراً ولا يحفظونها، فاجعلهم أمتى، قال تلك أمة أحمد، قال: رب! إنى أجد فى التوراة أمة يؤمنون بالكتاب الأول والآخر، ويقاتلون رؤوس الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب فاجعلهم أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب! إنى أجد أمة يأكلون صدقاتهم فى بطونهم وكان من قبلهم إذا أخرج صدقته بعث الله عليها ناراً فأكلتها، فإن لم تقبل لم تقربها النار، فاجعلهم أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال رب! إنى أجد فى التوراة أمة إذا همَّ أحدهم بسيئة لم تكتب عليه فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة، وإذا همَّ بحسنه ولم يعملها كتبت له حسنة كاملة فإن عملها كتبت له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، فاجعلهم أمتى، قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب! إنى أجد فى التوراة أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم أمتى، قال: تلك أمة أحمد " (1).
وعن مقاتل بن حيان قال: أوحى الله عز وجل إلى عيسى ابن مريم .. جد فى أمرى ولا تهزل، واسمع وأطع يابن الطاهر البتول، إنى خلقتك من غير فحل، وجعلتك آية للعالمين، فإياى فاعبد وعلى فتوكل، فبين لأهل سوران أنى أنا الحق القائم الذى لا أزول، صدقوا بالنبى العربى صاحب الجمل والمدرعة والعمامة والنعلين والهراوة، الجعد الرأس، الصلت الجبين، المقرون الحاجبين، الأدعج العينين، الأقنى الأنف، الواضح الخدين، الكث
(1) البداية والنهاية لابن كثير – المجلد 6/ 62.
اللحية، عرقه فى وجهه كاللؤلؤ، ريحه المسك ينفح منه، كأن عنقه إبريق فضه، وكأن الذهب يجرى فى تراقيه له شعرات من لبته إلى سرته، تجرى كالقضيب، ليس على صدره ولا بطنه شعر غيره، ششن الكفين والقدم، إذا جامع الناس غمرهم، وإذا مشى كأنما ينقلع من الصخر وينحدر من صبب، ذو النسل القليل (1)(2).
* * * * *
(1) المرجع السابق.
(2)
كل هذه الآثار عن بنى إسرائيل الذين أسلموا كما فى البخارى (وحدثوا عن بنى إسرائيل
…
ولا حرج) ونستثنى ما خالف صريح القرآن والسنة المحمدية فلا نصدقه لقول النبى صلى الله عليه وسلم لا تصدقوهم ولا تكذبوهم أى نرفض فقط ما خالف الوحيين.