الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موازنة
بين الجاهلية الأولى وجاهلية اليوم
ليست الجاهلية الأولى بأحوج إلى الإصلاح الدينى من الجاهلية الأخرى، بل ربما كانت هذه أحوج من تلك إليه .. فقد كانت الجاهلية الأولى تعبد الأوثان لتقربها إلى الله زلفى بينما جاهليتنا تعبد الأحجار والأشجار والأحياء والأموات والأبواب تبركاً وتقرباً (والدرهم والدينار والقطيفة والخميصة والموضة والسفور والخلاعة والمجون وقلة الحياء والتكالب على الدنيا
…
)
(وإن كانت الجاهلية الأولى تنكر البعث بعد الموت وجاهليتنا أصبح فيها من يشك فى البعث بعد الموت).
وكانت الجاهلية الأولى متفرقة قبائل وشعوب وجاهليتنا متفرقة منازل وبيوت بل آحاداً وأفراداً .. فلا تراحم ولا تعارف ولا تعاطف
…
حتى بين الأخ وأخيه .. والأب وبنيه.
كانت جاهليتهم تسفك الدماء فى طلاب الأوتار وجاهليتنا تسفكها فى سبيل السرقات وقضاء الشهوات، وكان أفظع ما فى جرائمهم وأد البنات .. فصار فى جرائمنا الانتحار، وكان بعضهم يبغى على بعض بسرقة ماله أو
إستياق ماشيته .. ففعلنا مثلما فعلوا وفوق ما فعلوا، وليتنا إذ أخذنا جاهليتهم أخذناها كما هى رذائل وفضائل فيهون على المصلحين أمرها ولكن أسأنا الاختيار فلنا خرافتهم الدينية وأمراضهم الاجتماعية وليس لنا كرمهم ووفائهم وغيرتهم وحميتهم وعزتهم ومنعتهم
…
فكيف لا يكون الأمر خطير .. وكيف لا تكون الجاهلية الأخرى أحوج إلى دعوة كدعوة النبوة الأولى من الجاهلية الأولى (1).
* * * * *
(1) من كتاب النظرات - المنفلوطى - مع زيادة ما بين الأقواس.