المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل ننصر بدون الدعوة - كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله

[محمد علي محمد إمام]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدمة

- ‌البشارة بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلموأمته فى الكتب المتقدمة

- ‌الإعدادلبعثة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم

- ‌إمام الدعاة صلى الله عليه وسلميتحدث عن نفسه

- ‌الحبيب صلى الله عليه وسلميصفه أصحابه

- ‌الجاهلية الأولىوالحاجة إلى بعثة نبى

- ‌موازنةبين الجاهلية الأولى وجاهلية اليوم

- ‌إفتقار العباد إلى الهداية

- ‌ميادين الهداية

- ‌منعلامات الهداية

- ‌وجوب الدعوة إلى الله عز وجلعلى الأمة المحمدية فى ضوءالكتاب والسنة

- ‌عظم المسئولية

- ‌الإحساس بمسئولية الدعوة

- ‌بعثة المسلم

- ‌عالمية الرسالة والدعوة

- ‌شرفالأمة المسلمة وعزها

- ‌رحماء بينهم

- ‌الدين النصيحة

- ‌وتعاونوا

- ‌ أنصر أخاك

- ‌حقائق فى الدعوة إلى الله

- ‌منمرتبة الحسن إلي الأحسن

- ‌الموعظة فى آيات

- ‌أحوال الناس أمام الدعاة

- ‌من أنوار القرآن

- ‌القدوة

- ‌الحكمة والموعظة الحسنة

- ‌من الصفاتالتى يجب أن يتحلى بها الداعىإلى الله

- ‌بركات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌عاقبةترك الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌الله جل جلالهيحذر هذه الأمة من ترك الدعوة إلى الله

- ‌لماذا يتكررقصص الأنبياء فى القرآن

- ‌هل تجب الدعوة إلى الله عز وجلعلى المقصر

- ‌مع آية الخيرية

- ‌شروط إنكار المنكر

- ‌الباعث علىالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

- ‌نصاب جهد الدين

- ‌هل تقدم الدعوة على القتال

- ‌هل هناك فرقبين لفظ الجهاد ولفظ الدعوة

- ‌ما هى مراتب الجهاد

- ‌الرباط

- ‌أقوالالسلف فى آية المجاهدة

- ‌مزاجالنبوة فى الدعوة إلى الله

- ‌مقصد الأمة

- ‌النبوة والخلافة والنيابة

- ‌العقيدة أولاً أم الحاكمية

- ‌هل ننصر بدون الدعوة

- ‌الدعوة طريق العودة

- ‌الداعى إلى الله مؤيد من الله

- ‌إيمان الجند سبيل النصر

- ‌الأفراح

- ‌الابتلاءطريق الدعاة إلى الله

- ‌صيحة إلى كل داعى

- ‌ما هو الترقى

- ‌قطوفمن بستان الدعوة إلى الله

- ‌الدين

- ‌وصية الصديق رضي الله عنه

- ‌وصية جندب رضي الله عنه

- ‌أذهله أمر آخرته

- ‌عبرة

- ‌صلاح الأحوال

- ‌المنافع مع الدين الكامل

- ‌الحقائق الغيبية

- ‌التكاليف والأوامر

- ‌مصحة إيمانية

- ‌هل أنت مؤمن

- ‌من أجود جوداً

- ‌سنة الحركة والترك

- ‌من جميل ما يروى فى الحلم

- ‌حديث قدسى

- ‌رسالة عبد الله بن المباركإلى فضيل ابن عياض

- ‌جهد الأعلى وجهد الأدنى

- ‌الأسباب للاختبار والامتحان

- ‌هل نترك الأسباب

- ‌الجهد سبباً للورع والتقوى

- ‌عاطفة نشر الدين

- ‌الصفات

- ‌صفة الإتباعمحمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌صفة الصلاةذات الخشوع والخضوع

- ‌العلم الحقيقي

- ‌الفقه

- ‌مقصود العلم إحياء الإسلام

- ‌الدعاة هم أولياء الله عز وجل

- ‌الذكر

- ‌الإيثار والإكرام

- ‌تصحيح النيةوإخلاصها لله عز وجل

- ‌الدعوة إلى الله عز وجلوالتضحية لدين الله عز وجل

- ‌ملخص الصفات الطيبة

- ‌المحبة

- ‌أيها الدعاة إلى اللهأخلصوا

- ‌من أفواه الدعاة

- ‌الدعوة مصنع الرجال

- ‌رجال أدهشوا التاريخ

- ‌الدعوة إلى اللهمن البداية إلى النهاية

- ‌حال العالم قبل ظهور الأمة المحمدية:

- ‌ظهور الأمة المحمدية:

- ‌وهل بعثت الأمة للتجارة

- ‌وهل بعثت الأمة للصناعة

- ‌وهل بعثت الأمة لتنضم إلى الحكومات

- ‌وهل بعثت الأمة للتوسع في الشهوات والملذات

- ‌ وهل تريد ملكا

- ‌لقد بعثت الأمة لغرض سام جداً

- ‌في أي مكان ظهرت هذه الأمة

- ‌مجابهه قريش لها:

- ‌ غزوة بدر وبيان مهمة الأمة:

- ‌شرط بقاء الأمة:

- ‌ربعي بن عامر رضي الله عنه يبين لرستم قائد الفرس مقصد بعثة الأمة:

- ‌عتاب الله لمن تلكأ عن المهمة:

- ‌حال الأمة اليوم:

- ‌حجة ظاهرة علي المسلمين:

- ‌لماذا كتب الله لنا الخلود والظهور

- ‌ تخلف الأمة عن الأمم المعاصرة:

- ‌ما الذي يقهر المادة

- ‌العالم بأسرة ينتظر رسل المسلمين:

- ‌انحراف المسلمين عن المثل الكامل:

- ‌ماذا كان يفعل الصحابة إذا أسفر النهار

- ‌ماذا إذا أذن المؤذن

- ‌مجالس الذكر والعلم:

- ‌حال القراء

- ‌المعرفة بالحلال والحرام:

- ‌التبليغ:

- ‌الحب .. التضحية .. الإيثار:

- ‌وضع كل شيء في محله:

- ‌ماذا لو نادي منادي الجهاد:

- ‌يسيحون في الأرض:

- ‌كيف السبيل إلى عودة هذه الحياة:

- ‌الكلمة وتغيير منهاج الحياة:

- ‌وما الذي يساعد علي التغيير

- ‌الصلاة:

- ‌العلم:

- ‌الذكر:

- ‌الدعوة والتبليغ:

- ‌الخروج في سبيل الله:

- ‌الشيخ إلياس وفكرة في الإصلاح:

- ‌تأسيس المدارس والكتاتيب:

- ‌الفرق بين المعلمين والمرسلين:

- ‌فراسة إيمانية:

- ‌النتيجة والثمرة:

- ‌وقبل الختام

- ‌الختام

- ‌المراجع

الفصل: ‌هل ننصر بدون الدعوة

‌هل ننصر بدون الدعوة

؟

إذا جاءت التعليمات الإلهية ينقسم الناس إلى 4 طبقات:

الأولى: المؤمنون بالتعليمات الإلهية ويطبقونها ثم يجتهدون لنشر هذه التعليمات فى المجتمع الإسلامى.

الثانية: مؤمنون بالتعليمات ويطبقونها ولكن لا همَّ لهم بنشرها.

الثالثة: مؤمنون بالتعليمات الإلهية ولكن لا يطبقونها ولا ينشرونها.

الرابعة: الكافرون .. بالتعليمات الإلهية.

الله سبحانه وتعالى قسم هذه الأقسام وبين لكل قسم حكمه:

فالقسم الأول: هم الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم وأصحابهم والله عز وجل يبين فى محكم كتابه:

قال تعالى {الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (1).

وقال تعالى {الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ

(1) سورة التوبة - الآية 112.

ص: 263

} (1).

وقال تعالى {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (2).

وقال تعالى {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (3).

وهذه الأمة التي ذكره الله فيكتابه هى أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (4).

هذا القسم: وعدهم الله عز وجل بالغلبة على أعدائهم سواء كانوا بالعدة أو بغيرها، فالله سبحانه وتعالى جعل لهم الغلبة على المخالفين:

قال تعالي: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} (5).

وقال تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} (6).

(1) سورة آل عمران - الآية 21.

(2)

سورة الأعراف - الآية 159.

(3)

سورة الأعراف - الآية 181.

(4)

سورة آل عمران - الآية 110.

(5)

سورة غافر - الآية 51.

(6)

سورة الصافات - الآيات 71: 73.

ص: 264

الأنبياء كانوا أصحاب دعوة وكانوا يغلبون على أعدائهم لأنهم ليسوا فقط من العبَّاد والزهَّاد بل فى الحقيقة مبعوثون من الله عز وجل وسفراء لله عز وجل ولذلك جعل نصرهم مؤكد لأنهم سفراء من الله سبحانه وتعالى ومن مد يده إلى السفير بالشر كأنه مد يده على كرامة الحكومة .. لذا فهى تعاقبه أشد العقاب .. وهؤلاء هم سفراء لله عز وجل ومن مد يده إلى أحدهم فكأنه مد يده إلى الله عز وجل ولذا قال الله سبحانه وتعالى لموسى {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (1) قال موسى أنت ترسلنى إلى جبار وعنيد وليس معى قوة .. قال الحق سبحانه وتعالى {قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (2).

فالدعوة أمر الله إلى النواب والله وعدهم بالغلبة .. فهذا القسم يكون فى جميع الأحوال غالباً على غيره ومن خالفهم أو حاربهم أو مد يده إليهم بالسوء .. لا يتركهم الله عز وجل ولكن ينتقم منهم ..

الله جعل أمر الدعوة إلى الأنبياء وبعد خاتم النبيين انتقلت هذه الوظيفة إلى هذه الأمة بجميع الوعود وجميع العهود

ولكن الفرق أن كل واحد منهم كان داعياً ورسولاً وسفيراً عن النبى صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الأمة إذا قامت بهذه الوظيفة

(1) سورة طه - الآيتان 43، 44.

(2)

سورة طه - الآيتان 45، 46.

ص: 265

أعطاهم الله الغلبة، فالله سبحانه وتعالى ما جعل هذه الوظيفة لأى أمة قبل الأمة المحمدية، لكن كان عليهم العبودية والدعوة إلى أنبيائهم ولذا فإذا احتاجت الأمة شئ كانوا يذهبون إلى أنبيائهم ويقولون:

يا موسى ادعُ لنا ربك

يا عيسى ادعُ لنا ربك

ومن طريق أنبيائهم ينصرون، فمن تعلم وتبحر يجد أنه لا يقوم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى الأمم السابقة إلا أشخاص معدودون

القسم الثانى .. يتحصلون على الجنة بأعمالهم وإن حوسبوا على التقصير ولكن ليس لهم الموعود الذى وعده الله سبحانه وتعالى للقسم الأول.

القسم الثالث .. الذين آمنوا ولم يطبقوا .. لهم النجاة فى الآخرة بعد شفاعة الأنبياء ولهم الخزى والعار فى الدنيا.

القسم الرابع .. يكون لهم الغلبة فى الدنيا إن لم يوجد القسم الأول .. وتكون لهم جهنم يوم القيامة.

ولحماية القسم الثانى .. لابد من القسم الأول، ولإخراج القسم الثالث من الأهواء إلى الأعمال لابد من القسم الأول، ولإخراج القسم الرابع من الكفر إلى الإيمان لابد من القسم الأول.

فبسبب هذا القسم يكون النصرة، ولذا فالله عز وجل نقل هذا القسم إلى هذه الأمة ووعدهم بما وعد به الأنبياء .. ويتضح ذلك جلياً فيما أخرجه بن ماجة وابن حبان

ص: 266

عن عائشة رضى الله عنها قالت: دخل علىَّ النبى صلى الله عليه وسلم فعرفت فى وجهه أنه قد حضره شئ فتوضأ وما كلَّم أحداً فلصقت بالحجرة أستمع ما يقول فقعد على المنبر فحمد الله سبحانه وتعالى وأثنى عليه وقال: " .. يا أيها الناس إن الله يقول لكم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا أجيبكم وتسألونى فلا أعطيكم وتستنصرونى فلا أنصركم .. فما زاد عليهن حتى نزل. " كذا فى الترغيب (1).

وهذا يعنى أن العبَّاد والزهَّاد لا يستجاب لهم إذا لم يقوموا بهذه الوظيفة فالصحابة كانوا يفهمون هذا الأمر حتى أعدائهم كانوا يفهمون أن نصرة الصحابة بسبب الدعوة، وفى التاريخ لما كتب سعد بن أبى وقاص إلى سيدنا عمر رضي الله عنه بأموال القادسية وطلب منه المدد كتب له رسالة هى قانون لنصرة هذه الأمة .. أما بعد: فإنى آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال .. الخ (2).

ولما جيئ بالهرمزان أسيراً وسأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف رأيت وبال الغدر وعاقبة أمر الله؟ قال الهرمزان قول لا يستطيع أن يقوله أعلم الناس اليوم .. حين أمره عمر بالكلام بعد أن جاء أسيراً فقال يا عمر: إنا وإياكم فى الجاهلية كان الله خلا بيننا وبينكم فغلبناكم، إن لم يكن معنا ولا معكم، فلما كان معكم غلبتمونا. فقال عمر: إنما غلبتونا فى الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا (3).

وعندما ذهب ربعى بن عامر إلى رستم وقال إن الله إبتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله سبحانه وتعالى

الخ وعرض عليه قبول الإسلام أو الجزية

(1) حياة الصحابة - 3/ 414.

(2)

نقلاًً من كتاب فقه السنة - 2/ 642.

(3)

البداية والنهاية – 7/ 87.

ص: 267

أو السيف، ولما سمع رستم الكلام قال: أنظر .. حتى نتشاور .. فقال ربعى بن عامر: إن رسولنا أمرنا أن لا نترك عدونا فوق ثلاثة أيام، فأرسل رستم إلى سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه أن يرسل له رسول آخر فأرسل له المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فوجدوا كلام المغيرة مثل كلام ربعى بن عامر ..

المقصد .. أن الأمة فى ذلك الزمان كان يعرفون وظيفتهم، وبها كانت لهم الغلبة على أعدائهم.

وفى هذا الزمن .. لو سألت المسلم ما وظيفتك .. ؟ فما يعرف شئ .. ويقول التجارة .. الزراعة .. الوظيفة

الخ.

والصحابة رضي الله عنهم لما قاموا على وظيفة الدعوة غلبوا على البلاد .. لا بالعدد والعدة وإنما بمعية الله سبحانه وتعالى، ولما خلف من بعدهم خلفٌ ظنوا أن حرب الكفار يأتى بنصرة الله عز وجل والله عز وجل يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (1).

يعنى إن بقى التقوى .. يأتى النصر من الله سبحانه وتعالى.

انتقل المسلمون بالتدريج من حياة الدين إلى إتباع أعدائهم، ويريدون الغلبة على أعدائهم مع أن مزاجهم مثل مزاج أعدائهم، ولباسهم مثل لباسهم .. فى جميع ما يتعلق بشئون الحياة .. ثم يريدون الغلبة عليهم

!!.

وكيف تكون الغلبة للتابع على المتبوع؟.

(1) سورة التوبة - الآية 123.

ص: 268

وفى هذا الزمن نريد مجد الإسلام .. كان الشيخ يوسف رحمه الله (1) يقول: نريد شوكة الإسلام ومجد الإسلام، والله سبحانه وتعالى يقول:{وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2).

الآن لا يريدون الإسلام .. بل يريدون مجد الإسلام

!!!

ولحصول مجد الإسلام .. لا يأتى إلا بالدعوة إلى الله عز وجل فتتحقق العبودية وبالعبودية تأتى حياة التقوى والإيمان، فالله سبحانه وتعالى يكون معهم ويكون لهم الغلبة على أعدائهم.

ولذلك لابد للمسلم من المرور بأربع مراحل:

1) الدعوة إلى الله عز وجل.

2) العبودية لله عز وجل.

3) المعية الإلهية.

4) الخلافة: (وهي الغلبة والإقتدار علي الأعداء).

قال الله سبحانه وتعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ

(1) مؤلف كتاب حياة الصحابة.

(2)

سورة آل عمران - الآية 139.

ص: 269

دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (1).

الناس يريدون الخلافة أولاً .. ثم الدين .. (العبودية) .. ولكن لابد من أربع مراحل .. الدعوة .. التربية .. وهى تغيير الحياة إلى حياة الإسلام .. ثم ظهور النصرة من الله سبحانه وتعالى كما فعل مع بنى إسرائيل. فكان بعض الأنبياء يحب النصر على الأعداء. قال الله عز وجل {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} (2).

فالآن المسلمون يريدون المرحلتين الآخيرتين .. ظهور النصرة .. الخلافة

وأما مرحلة التربية والدعوة فلا يريدون.

وفى عام 1954م .. كنت خارجاً فى سبيل الله عز وجل فى سوريا فى حماه ووقتئذٍ .. كان اجتماع الملوك والسلاطين المسلمين .. فى مكة المكرمة، وكان هناك عالم يحاضر فى ساحة كبيرة فى حماه، وينادى بإقامة الدولة الإسلامية الكبرى والخلافة الإسلامية، فقال له أحد الحاضرين: ولكن .. هذا الشيخ يخالفك فى ذلك .. فالتفت إلىَّ الأستاذ المحاضر وقال لى: كيف تخالفنى يا شيخ .. القضية واضحة .. وساطعة ولم يكن الأمر يتحمل المناقشة .. والأخذ والرد فى

(1) سورة النور - الآية 55.

(2)

سورة الأعراف - الآية 89.

ص: 270

هذه القضية الهامة، فقلت له: اسمع يا شيخ .. أنت تريد خلافة إسلامية حقاً .. ؟ قال: نعم ولا شك .. فقلت له كلاماً مختصراً جداً:

لما وجد الدين .. وجدت الخلافة ..

ولما ضعف الدين .. ضعفت الخلافة ..

ولما ضاع الدين .. ضاعت الخلافة ..

فقال لى: نحن نريد الخلافة .. حتى يوجد بها الدين .. أنت تقول بالعكس .. نحن نريد الدين أولاً ثم تكون الخلافة، فعليك الدليل .. ؟ فقلت هذه الآية الكريمة {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (1). ثم قلت له: يا أخى الأمر يشبه أنك تريد بيتاً كاملا ً. فقال لك المهندس: أنت عليك القيام بالأساس والقواعد والأعمدة والجدران، وأنا أقوم بوضع السقف، ولكنك تقول: لا .. نريد السقف أولاً .. مما قد يؤدى للموت تحت أنقاضه ..

وكنت فى لبنان وقال عميد الكلية .. لابد من الجهاد وإقامة الدين .. قلت له: هل تستطيع أن تعطى الشهادة النهائية لمن هو فى المرحلة الإبتدائية.؟! قال: لا. قلت الخلافة .. هى المرحلة النهائية، فكان بعض الصحابة

(1) سورة النور – الآية 55.

ص: 271

عندهم هذا الفكر، فقال الله عز وجل لهم {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (1).

والله عز وجل بين لنا أنه ابتلى أهل الكتاب .. اليهود والنصارى .. ، اليهود بالمال .. والنصارى بالملك .. فاليهود تركوا حياة الدين لاشتغالهم بالأموال، والنصارى تركوا حياة الدين لانشغالهم بالملك.

والله عاقب اليهود بالذل والمسكنة والهوان .. وعاقب النصارى بالبغضاء والشحناء إلى يوم القيامة ..

والله عز وجل أكرم المسلمين بالإتباع والدين والأوامر .. وكأن الله يقول للمسلمين .. إن تركتم التعليمات الإلهية من أجل المال .. فسأعذبكم مثلهم .. وإن تركتم التعليمات الإلهية من أجل الملك فسأعذبكم مثلهم .. وكثير من المسلمين اليوم منهمكين فى كسب الأموال، وما فى أيدى المسلمين من أموال أكثر مما فى أيدى أعدائهم والله سبحانه وتعالى جعل بينهم الشحناء والبغضاء ..

يقولون التبليغ للكفار .. ولكن من يبلغ .. ؟ !

المسلم يقول .. ليس عندى وقت .. فنحن نأخذ وقت المسلمين حتى يتعلموا الدعوة ويتصلوا بالله عز وجل ويتحصلوا على الصفات ثم يمشوا بها بين الناس (2)

(1) سورة محمد - الآية 22.

(2)

محاضرة ألقاها الشيخ / أحمد الأنصارى - بمسجد كلية الطب بمدينة بهاول بور– باكستان، الخميس الموافق 19/ 11/1987م.

ص: 272